انفراجة وشيكة في الكويت مع قرب صدور العفو الأميري

40 نائباً ناشدوا الأمير إقرار قانون العفو كـ«أولى خطوات المصالحة الوطنية الشاملة»

أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح
أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح
TT

انفراجة وشيكة في الكويت مع قرب صدور العفو الأميري

أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح
أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح

تتزايد التوقعات في الكويت بقرب صدور عفوٍ أميري، بمرسوم يصدره أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح يطوي صفحة الخلاف السياسي مع المعارضة وبينهم ناشطون ونوابٌ سابقون وخصوصاً المتهمين في قضية اقتحام مجلس الأمة عام 2011.
وقالت مصادر مطلعة إن العفو الأميري، تمت الموافقة عليه، وسيعلن قريباً متوقعة أن يكون يوم الاثنين المقبل موعداً له. وأجرى أمير الكويت أمس مروحة مشاورات شملت رئيسي السلطتين التشريعية مرزوق الغانم والتنفيذية صباح الخالد الحمد الصباح. وقالت مصادر إن الأمير يستعد لإصدار عفو شامل، وإنه دعا للتوسع في عدد المشمولين بهذا العفو.
وأمس، ناشد 40 نائباً في مجلس الأمة الكويتي (البرلمان)، في بيان تلاه النائب عبيد الوسمي، أمير البلاد بإقرار قانون العفو، كـ«أولى خطوات المصالحة الوطنية الشاملة».
وقال البيان: «إن ما يشهده العالم والإقليم من تغيرات متسارعة ومستجدة وتحديات كبرى يوجب علينا جميعا نبذ الخلافات والعمل بروح الأسرة الواحدة».
ونشر موقع مجلس الأمة نصّ البيان الذي تلاه الوسمي، داعياً أمير الكويت، مشيراً إلى أن البيان صدر «بشأن التوجيه الأميري بحل جميع المشاكل العالقة بين السلطتين».
وناشد الموقعون على البيان الأمير الشيخ نواف الأحمد «التكرم بالموافقة على البدء بأولى خطوات المصالحة الوطنية الشاملة بإقرار العفو عن أبناء الكويت المحكومين لرأي أو موقف سياسي تحكمه ظروف حدوثه ووقتها، حتى لا تبقى هذه الملفات عائقاً دون خلق أرضية هادئة في فترة حساسة من تاريخ المنطقة والعالم».
وأكد الموقعون أن صدور مرسوم العفو سيؤدي «إلى استقرار سياسي دائم وقواعد سياسية جديدة وتعاون بناء بين كل الأطراف في البرلمان وخارجه لفتح صفحة بيضاء لكويت جديدة».
وكان أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد، دعا نهاية الشهر الماضي، وبمناسبة الذكرى الأولى لتوليه مقاليد الحكم، إلى حوار وطني بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في البلاد، داعياً الجميع العمل على حل المشاكل وتجاوز العقبات.
ووجه الأمير في بيان نقله وزير شؤون الديوان الأميري الشيخ محمد عبد الله المبارك الصباح «إلى حوار وطني يجمع السلطتين التشريعية والتنفيذية بغية تهيئة الأجواء من أجل توحيد الجهود وتعزيز التعاون وتوجيه كل الطاقات والإمكانيات لخدمة الوطن».
ويتوقع أن يشمل العفو مجموعة من أعضاء مجلس الأمة السابقين وبعض المواطنين الذين صدرت بحقهم أحكام بالسجن في قضية «دخول مجلس الأمة»، إضافة إلى بعض المغردين والنشطاء عبر مواقع التواصل.
وكان القضاء الكويتي قد حكم في 2017 بسجن 67 شخصاً بينهم نواب سابقون، حيث قضت بحبس 10 نواب، وبراءة اثنين، وشملت الأحكام سجن المعارض البارز مسلم البراك 9 سنوات، إضافة لثلاثة نواب، هم: جمعان الحربش ووليد الطبطبائي (7 سنوات لكل منهما)، والنائب محمد المطير (سنة واحدة)، كما شمل الحكم أيضاً النواب السابقين مبارك الوعلان وسالم النملان وفيصل المسلم وخالد الطاحوس خمس سنوات لكل منهم وثلاث سنوات للنائب السابق محمد الخليفة.
وكانت قضية العفو إحدى القضايا العالقة بين الحكومة والمعارضة داخل البرلمان، في حين كانت الحكومة تصر على طلب العفو الخاص الذي استفاد منه أعضاء بينهم وليد طبطبائي الذي سوّى ملفه منفرداً عن زملائه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019.
وكان وزير الداخلية الكويتي ثامر العلي، قد كلف أول من أمس، لجنة لوضع قواعد العفو الأميري برئاسة المحامي العام المستشار محمد الدعيج.
وتشمل اللجنة أعضاء بينهم مناير العجران من الديوان الأميري، ومن النيابة العامة مدير نيابة التنفيذ الجنائي مشعل الغنام، ونائبه ضاري المعجل، ومن «الداخلية» وكيل الوزارة المساعد لشؤون المؤسسات الإصلاحية وتنفيذ الأحكام اللواء طلال معرفي، ومن الإدارة العامة لتنفيذ الأحكام العميد ناصر اليحيى والعقيد حقوقي خالد الديحاني، ومن الإدارة العامة للشؤون القانونية العقيد حقوقي حمود الحميدي.
وأوكلت بهذه اللجنة وضع الضوابط والقواعد الخاصة بمرسوم العفو الأميري لعام 2022 عن المحكوم عليهم، استهداءً بمرئيات الجهات المعنية، وبما لا يخل بمقتضيات الأمن العام، ووفقاً لقواعد العدالة.
وقالت مصادر إنه من المتوقع أن يتضمن العفو إفراجاً فورياً وتخفيضاً للعقوبة، وإسقاط مديونيات عن بعض المدانين، وفي حين يتوقع أن يتم التوسع في عدد المشمولين بالعفو ليضم سجناء جنائيين يُقدر عددهم بـ600 سجين، يشمل العفو الإفراج عن عدد منهم وتخفيف عقوبات البعض، والإعفاء من الغرامات؛ استبعدت مصادر مطلعة أن تشمل قرارات العفو متهمين بارزين في قضايا فساد وغسل أموال، كما يستبعد أن تشمل متهمين في قضايا أمن الدولة، وبينهم أعضاء محكوم عليهم في قضية «العبدلي».
وفي تغريدة متطابقة، قال النواب بدر الملا، وحسن جوهر، وحمد أحمد روح الدين، ومهند الساير: «لحظة تاريخية تعيشها الكويت بانتظار التقاء الإرادة السامية والإرادة الشعبية... لتتوج بالمصالحة الوطنية. شكراً... يا صاحب السمو على عفوكم الكريم».
وقال النائب صالح محمد الملا، في تغريدة: «نبارك لكل المدانين بقضايا الرأي وقضايا سياسية ولأسرهم قرب صدور مرسوم العفو الأميري المستحق»، مضيفاً: «كل الشكر للقيادة السياسية ولكل من سعى واجتهد... آملين أن يتم طي هذه الصفحة الحزينة والمؤلمة من تاريخنا إلى الأبد بمعالجة الأسباب، الأمر الأهم والأكثر استحقاقاً».
وغيّر نواب بينهم رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، وعبيد الوسمي ومهلهل المضف خلفيات صفحاتهم في «تويتر»، لتحمل صورة أمير الكويت ممهورة بـ«أمير العفو».



الرياض تستضيف محادثات أميركية - روسية الثلاثاء

TT

الرياض تستضيف محادثات أميركية - روسية الثلاثاء

الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترمب يتصافحان في بداية اجتماع بفنلندا عام 2018 (أ.ب)
الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترمب يتصافحان في بداية اجتماع بفنلندا عام 2018 (أ.ب)

تواصلت في العاصمة السعودية الرياض، الاثنين، التحضيرات للمحادثات الأميركية - الروسية المزمع عقدها، الثلاثاء. ويفترض، في هذا الصدد، وصول وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ومساعد الرئيس فلاديمير بوتين، يوري أوشاكو، للمشاركة في المحادثات، حسبما أعلن الكرملين.

وكان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو قد وصل أيضاً إلى الرياض، في أول زيارة له منذ توليه المنصب، في إطار جولته الإقليمية التي استهلها بإسرائيل. انضم روبيو وفقاً لتقارير إعلامية إلى المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، ومستشار الأمن القومي، مايك والتز، ومن المنتظر أن يلتقي المسؤولون الأميركيون بولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان.

وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان يلتقي نظيره الأميركي ماركو روبيو في الرياض اليوم (أ.ف.ب)

وكان وزيرا الخارجية الأميركي والروسي قد أجريا مباحثات هاتفية، السبت، في متابعة للاتصال الهاتفي الذي جمع الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين، الأسبوع الماضي. ونقلت مواقع إخبارية عن مصادر أن مسؤولين بارزين من الولايات المتحدة وروسيا سيلتقون في السعودية، الثلاثاء. وأفاد موقع «أكسيوس» الإخباري بأن المحادثات الأميركية - الروسية في الرياض ستبحث سبل إنهاء الحرب الأوكرانية - الروسية، والإعداد لقمة بين الرئيسين الأميركي والروسي. وسيضم الوفد الأميركي كلاً من الوزير روبيو ووالتز وويتكوف، حسب الموقع نفسه.

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الرياض في ديسمبر 2023 (واس)

من جهتها، تحدثت وزارة الخارجية السعودية، في بيان، عن الاتصال الذي جمع الرئيسين الأميركي والروسي، وإمكانية عقد قمة بينهما في السعودية، معربة عن ترحيبها بذلك، ومؤكدة استمرارها في بذل جهودها لتحقيق سلام دائم منذ بدء الحرب في أوكرانيا، حيث أبدى الأمير محمد بن سلمان، خلال اتصاله في 3 مارس (آذار) 2022 بكل من الرئيس الروسي والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، استعداد الرياض لبذل مساعيها الحميدة للوصول إلى حل سياسي يفضي إلى سلام دائم.

وأشار مراقبون إلى دلالة اختيار السعودية مكاناً لهذه المباحثات المفصلية، مؤكدين الدور الاستراتيجي السعودي الذي تصاعد مؤخراً لجهة التأثير على المشهد العالمي وحل الصراعات الدولية.

وذكر المحلل السياسي هاني الجمل أن استضافة الرياض لهذه المباحثات التمهيدية لقمة الرئيسين ترمب وبوتين تشير إلى مكانة السعودية وثقلها الاستراتيجي، ضمن إطار العلاقات مع روسيا من جهة ومع الولايات المتحدة من جهة أخرى. وأضاف الجمل خلال اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أن الرياض يمكنها أن تلعب، من خلال العلاقة الاستراتيجية مع روسيا على قاعدة 2+2، وبحكم العلاقة «الكلاسيكية» مع واشنطن، دوراً في تحقيق نتيجة إيجابية في المحادثات الأميركية - الروسية.

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في لقاء سابق مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب عام 2017 (أ.ب)

أما المحلّل السياسي منيف الحربي فركز، في حديث له مع «الشرق الأوسط»، على العلاقات السعودية - الأميركية التي من شأنها أن تدعم موقف السعودية خلال احتضانها لهذه المباحثات، ورأى أن هناك 10 ملفات تاريخية يتعاون فيها الجانبان، من السياسة والاستثمار إلى الطاقة والدفاع، مروراً بالأمن والاستخبارات والصحة والثقافة والعلوم، وبالتالي ليس هناك مسار واحد في هذه العلاقات. وأفادت بأن العلاقات بين الجانبين ليست مرهونة بهوية من يحكم الولايات المتحدة.

وأشار الحربي بوضوح إلى عدد من المعطيات التي أفضت إلى الاتفاق على عقد المباحثات في الرياض، معتبراً أن العلاقة الشخصية القوية بين الأمير محمد بن سلمان، والرئيسين ترمب وبوتين لها تأثير أساسي بفضل تمتُّعها بالثقة والصداقة.

علاوةً على ذلك، يَبرز معطى «الحياد الإيجابي» الذي تتبناه السعودية، وساهم بالنتيجة في ترسيخ علاقاتها مع الولايات المتحدة الأميركية وروسيا. وفسّر الحربي ذلك بأنه ناجم عن «علاقة وثيقة مع الغرب والشرق لا تتضمّن اصطفافاً وتبتعد عن سياسة المحاور بين الجانبين». وشدّد على أن الحياد الإيجابي لا يعني الانعزال، وإنما «الانخراط الإيجابي مع الأطراف كافة». وساق مثالاً على ذلك بالمشاورات السياسية التي أجراها الأمير محمد بن سلمان، مع كل من الرئيسين الروسي والأوكراني في يوم واحد خلال شهر مارس (آذار)، بالإضافة إلى الدور الجوهري الذي لعبته الرياض في «أكبر عملية تبادل للسجناء منذ نهاية الحرب الباردة في أغسطس (آب) الماضي بإطلاق 24 مسجوناً بين موسكو والغرب».

وكنموذج على قدرة الرياض على جمع الأطراف كافة، نوّه الحربي بأن الرياض هي العاصمة الوحيدة التي نجحت في استضافة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن في يوليو (تموز) 2022، ثم الرئيس الصيني شي جينبينغ في ديسمبر (كانون الأول) 2022، فالرئيس الروسي بوتين في ديسمبر، بالإضافة إلى الدور الذي لعبته الرياض في قمة «مجموعة العشرين»، التي لعبت دوراً أساسياً لإنقاذ الاقتصاد العالمي وتمهيد الطريق لخروجه من أزمته بفعل «كوفيد-19». ونتيجة لتلك الأسباب، شدّد الحربي على أن «السعودية بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط تمثل قوة لا يمكن الاستغناء عنها».

من جانبه، يميل الكاتب والإعلامي إبراهيم ريحان إلى أن ابتعاد السعودية عن «الاستقطابات التقليدية» هو ما يجعلها من بين مجموعة قليلة من القوى الإقليمية القادرة على التأثير دولياً وخارج محيطها. أما عن كيفية ذلك، فلا يجد ريحان أفضل من الإشارة إلى اعتراف غير مسبوق من القوتين العظميين في العالم، بكون الرياض منصة موثوقة للحوار.

وتابع أنه بالنتيجة، فإن وجود مثل هذا الدور في المنطقة، يُعطي الرياض، في المدى المنظور والبعيد، نقاطاً إضافية على صعيد تأثيرها الإقليمي في ملفات المنطقة الشائكة. ولم ينسَ ريحان التأكيد على أن الأزمة متعلقة بإطفاء حرائق في العالم، وهو ما يكشف تصاعد النفوذ السعودي أمنياً واقتصادياً، وليس سياسياً فقط.

يُذكر أنه وسط التطوّرات الجارية، أعلنت الرئاسة الأوكرانية، الاثنين، أن الرئيس فولوديمير زيلينسكي سيزور السعودية، الأربعاء. وكشف الناطق باسم الرئيس الأوكراني، سيرغي نيكيفوروف، أن الأول سيزور السعودية مع زوجته كجزء من زيارة رسمية «مخطط لها منذ فترة طويلة»، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية».