البرلمان اللبناني يحدد موعداً مبكراً للانتخابات على وقع سجال بين بري وباسيل

الرئيس نبيه بري مترئساً جلسة مجلس النواب أمس (رويترز)
الرئيس نبيه بري مترئساً جلسة مجلس النواب أمس (رويترز)
TT
20

البرلمان اللبناني يحدد موعداً مبكراً للانتخابات على وقع سجال بين بري وباسيل

الرئيس نبيه بري مترئساً جلسة مجلس النواب أمس (رويترز)
الرئيس نبيه بري مترئساً جلسة مجلس النواب أمس (رويترز)

حدد البرلمان اللبناني أمس موعد إجراء الانتخابات النيابية في 27 مارس (آذار) المقبل، في وقت مبكر يسبق ما كان يجري تداوله لإجرائها في أواخر مايو (أيار)، وأسقط تحديد ستة مقاعد للمغتربين والكوتا النسائية، وسط سجالات متكررة بين رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الذي هدد بالطعن بموعد الانتخابات أمام المجلس الدستوري.
وأقر مجلس النواب في جلسته العامة أمس موعد إجراء الانتخابات، وأبقى على اقتراع المغتربين على أن يكون للنواب الـ128، مسقطا بذلك الفقرة التي تحدد 6 مقاعد للمغتربين، يشغلون دائرة تضاف إلى الدوائر الـ15، وهو ما كان مقررا اعتماده في انتخابات العام 2022. وتعهد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال الجلسة «القيام بكل جهدنا للعمل على إجراء الانتخابات ضمن المهل التي قررها مجلس النواب وتأمين الأمور اللوجيستية، وبإذن الله ستكون شفافة وسليمة». واعترض باسيل على تحديد موعد الانتخابات في شهر مارس بسبب الطقس وأيضاً بسبب مصادفة هذا التاريخ مع الصوم عند المسيحيين. وقال: «سنطعن بتغيير موعد الانتخابات»، فرد عليه بري محتدا «ما حدا يهددني كل شي بسمح فيه إلا التهديد». وعندما طالب باسيل بري بإعادة التصويت بالمناداة على إلغاء اقتراع المغتربين لـ6 نواب حصل هرج ومرج، وأعيد التصويت سريعاً بالمناداة، وصدق القانون، وقال بري: «خلص خلصنا كأن أول مرة منعمل جلسة»، فصفق نواب «القوات» على وقع اعتراض باسيل على أن التصويت بالمناداة لم يكن واضحاً وشفافاً. كما سُجل توتر بين بري وباسيل حول موضوع «الميغاسنتر» فتدخل ميقاتي معلنا تكليف وزير الداخلية بدراسة إمكانية تطبيقه.
من جهته، أكد النائب هادي أبو الحسن أن تصويت المغتربين حق وواجب على الدولة أن تؤمن هذا الحق فهؤلاء رئة وروافد لبنان وملتزمون بكل واجباتهم الوطنية، ومن حقهم أن يختاروا من يرونه مناسبا لتمثيلهم. وتابع ردا على باسيل: «صوتنا على موعد لإجراء الانتخابات وسمعنا كلاما من زملاء يعترضون وهناك تلويح باللجوء للمجلس الدستوري، وأحذر من أن أي محاولة لإعادة النظر بموعد الانتخابات سيؤدي لتأجيلها ونأمل أن نلتزم بموعد 27 مارس، وألا نقوم بأي خطوة تؤجل».
واعترض رئيس الحكومة على مشروع قانون للكوتا النسائية، قائلا إن إقرار الكوتا النسائية يعقد الأمور بالنسبة لقانون الانتخاب، لذلك أقترح أن تقتصر الكوتا بالترشح أي عبر اللوائح. وتم إسقاط صفة العجلة عن اقتراح قانون الكوتا النسائية، أي إعادة إرساله إلى اللجان عبر الوسائل التقليدية قبل رفعه إلى الهيئة العامة. وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري، خلال مداخلة له في الموضوع: «كأن هناك من لا يريد لهذا البلد أن يتخلص من مشاكله، لقد تقدمنا في كتلة التنمية والتحرير منذ ثلاث سنوات باقتراح قانون على أساس النسبية ولبنان دائرة انتخابية واحدة، على أساس مع مجلس الشيوخ مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، وصولا إلى الدولة المدنية، وكان بالإمكان الانتقال بلبنان إلى مرحلة جديدة، ومن جملة ما يتضمنه اقتراح القانون الكوتا النسائية بنسبة 20 سيدة وهذا ما هو معروض اليوم في الاقتراح الحالي».
واعتبر باسيل بعد انتهاء الجلسة العامة لمجلس النواب أن تحديد 27 مارس كموعد للانتخابات النيابية «تلاعب في ظل أحوال الطقس من جهة والصوم من جهة أخرى ولم نحصل على جواب حول موجب تعريض العملية الانتخابية لهكذا خطر». وقال: «من المعيب وصف المنتشرين بأنهم يعرفون عن لبنان (الصفيحة والكبة) فلا يجوز التعاطي معهم على أساس أنهم (زينة). وهذا التلاعب السياسي في موضوع اقتراع المغتربين لن نسكت عنه وسنطعن فيه خصوصا مع وجود مبدأ دستوري واضح». من جانبه قال النائب جورج عدوان بعد انتهاء الجلسة العامة في مجلس النواب: «حققنا لغير المقيمين خطوة مهمة فبدل أن نحصر خيارهم بعدد مقاعد قلنا لهم إنهم قادرون على المشاركة في الانتخابات لاختيار مناطقهم والأشخاص الذين يعرفونهم وهذا أمر عملي ومحق ويسمح لهم بالمساهمة فعليا بما يحصل في لبنان».



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.