الاتحاد الأوروبي يحث الرئيس التونسي على «الفصل بين السلطات»

بوريل طالب بـ«العودة إلى النظام الدستوري والحفاظ على المكتسبات الديمقراطية»

جانب من جلسة البرلمان الأوروبي في بروكسل أمس والتي خصصت لبحث الأزمة التونسية (أ.ب)
جانب من جلسة البرلمان الأوروبي في بروكسل أمس والتي خصصت لبحث الأزمة التونسية (أ.ب)
TT

الاتحاد الأوروبي يحث الرئيس التونسي على «الفصل بين السلطات»

جانب من جلسة البرلمان الأوروبي في بروكسل أمس والتي خصصت لبحث الأزمة التونسية (أ.ب)
جانب من جلسة البرلمان الأوروبي في بروكسل أمس والتي خصصت لبحث الأزمة التونسية (أ.ب)

دعا الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الرئيس التونسي قيس سعيد إلى الفصل بين السلطات، ووضع أجندة واضحة للعودة إلى النظام الدستوري في البلاد، والحفاظ على المكتسبات الديمقراطية.
وجاءت هذه الدعوة أثناء مكالمة هاتفية، جمعت بوريل بالرئيس التونسي في مسعى لإيجاد حلول للأزمة السياسية في تونس، بعد قرابة ثلاثة أشهر من إعلان سعيد التدابير الاستثنائية، ومن ثم تعليقه العمل بمعظم مواد الدستور.
وقال بوريل في بيان نشر على موقع الاتحاد الأوروبي أمس: «تحدثت مرة أخرى مع الرئيس قيس سعيد من واشنطن، قبل عودتي إلى أوروبا لتمرير رسالة واضحة حول أهمية الحفاظ على المكتسبات الديمقراطية، واحترام فصل السلطات، واستئناف الوضع المؤسسي الطبيعي».
وأضاف بوريل موضحاً: «نعم هناك رئيسة جديدة للحكومة (نجلاء بودن رمضان)، ومجموعة من الوزراء الجدد، لكن بصلاحيات مختلفة عن تلك التي يمنحها لهم الدستور». مشددا في إفادته: «نحن بحاجة إلى أجندة واضحة من أجل العودة إلى الأحكام الدستورية العادية، وسنتابع عن كثب تأثير القرارات، استنادا إلى وقائع ملموسة».
وتواجه تونس ضغوطاً من شركائها في الخارج، ومن بينهم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة من أجل استعادة النظام الدستوري، ووضع خارطة طريق بشأن الإصلاحات السياسية، وإطلاق حوار مع الشركاء السياسيين والمجتمع المدني بشأنها. وفي هذا السياق، خصص الكونغرس الأميركي في وقت سابق جلسة خاصة لمناقشة الوضع في تونس. كما اتخذ البرلمان الأوروبي الخطوة نفسها.
وعقد البرلمان الأوروبي بمدينة بروكسل البلجيكية، أمس، اجتماعاً تحت عنوان «تونس... حوار بناء من أجل تجاوز الأزمة السياسية»، وذلك بهدف ضبط السياسة الأوروبية تجاه تونس، والاتفاق حول توجهات الفترة المقبلة، في ظل تأزم علاقة الرئيس قيس سعيد بالأحزاب السياسية وبقية السلطات، وفي مقدمتها البرلمان، والسلطة القضائية.
كما بدأ أمس نيلس آنن، وزير الخارجية الألمانية، زيارة رسمية إلى تونس، أجرى خلالها محادثات مع كبار المسؤولين في البلاد، والتقى ممثلين عن الحكومة والمجتمع المدني التونسي، بالإضافة إلى ممثلين عن الأحزاب السياسية. وبحسب تصريح لمصدر من السفارة الألمانية في تونس لوكالة الأنباء الألمانية، فإن من بين أهداف زيارة الوزير الألماني مناقشة كيفية مساهمة الأطراف السياسية، وممثلي المجتمع المدني في البلاد في الخروج من الأزمة الحالية. كما سيكون الوضع الاقتصادي والمالي ضمن الموضوعات التي سيتطرق إليها آنن.
وتأتي هذه التحركات السياسية في ظل مخاوف داخلية وخارجية من هيمنة مؤسسة الرئاسة على السلطة التنفيذية بكاملها، بعد تعيين الرئيس سعيد رئيسة للحكومة، وأداء أعضاء الحكومة اليمين الدستورية أمامه، عوضاً عن مصادقة البرلمان كما جرت العادة، وإشرافه على أول اجتماع وزاري لها، وتدخله في ضبط سياسة الحكومة بنفسه، دون مشاركة سياسية من أي نوع.
وتترقب السلطات التونسية ما سيؤول إليه تصويت البرلمان الأوروبي، حول ضرورة إجراء حوار شامل لتجاوز الأزمة السياسية في تونس، وذلك بعد أن أكد البرلمان الأوروبي أن «رئيس الجمهورية حد بشكل كبير من صلاحيات الحكومة، وسيتولى الإدارة بنفسه»، معتبراً أن الديمقراطية التونسية اليوم «مهددة بسبب غياب الفصل بين السلط».
على صعيد آخر، دعت عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحر المعارض، رئيس الجمهورية إلى تحديد سقف زمني للوضع الاستثنائي في تونس، وإلى حل البرلمان وإجراء انتخابات تشريعية سابقة لأوانها، وذلك «بهدف تمكين الشعب من ممارسة سيادته». مطالبة بإحداث «آلية رقابة محايدة ومستقلة على قرارات الرئيس، وفتح باب التظلم طبقاً للقانون».
كما انتقدت موسي بشدة «الممارسات التي تقوم بها السلطة القائمة لعرقلة عمل الحزب، والتضييق على أنشطته ومصادرة حقه في إحياء المناسبات الوطنية». وعبرت عن استنكار حزبها لـ«تعمد الرئيس وضع كل الأحزاب والنواب والسياسيين في سلة واحدة، وتشويه دور المعارضة الذي قام به الحزب، ونكران المجهودات التي قامت بها الكتلة النيابية داخل البرلمان وخارجه، وتصديها لتمرير القرارات والقوانين المدمرة للدولة» على حد قولها.
في السياق ذاته، ندّدت موسي بما سمته «توظيف النفوذ المطلق لتحقيق منافع سياسية شخصية، وإفراغ الساحة لصالح دعاة الحملة التفسيرية لمشروع رئيس السلطة القائمة، المرتكز على إلغاء العمل الحزبي، وتغييب دور المنظمات، وإخراس صوت المعارضة الوطنية».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.