الجزائر: قلق حقوقي من تزايد أعداد ركاب «قوارب الموت»

مهاجرون غير نظاميين تم إنقاذهم من طرف خفر السواحل الإسباني (أ.ب)
مهاجرون غير نظاميين تم إنقاذهم من طرف خفر السواحل الإسباني (أ.ب)
TT

الجزائر: قلق حقوقي من تزايد أعداد ركاب «قوارب الموت»

مهاجرون غير نظاميين تم إنقاذهم من طرف خفر السواحل الإسباني (أ.ب)
مهاجرون غير نظاميين تم إنقاذهم من طرف خفر السواحل الإسباني (أ.ب)

أكدت وزارة الدفاع الجزائرية أن السلطات اعترضت أربعة آلاف و704 جزائريين منذ بداية العام، أكثر من نصفهم خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وهو ما يثير قلق عدد من الجمعيات الحقوقية والمراقبين السياسيين في البلاد. وفي غضون ذلك تجري منذ أسبوع أشغال البحث عن 12 مهاجرا غير نظامي جزائري، فقدوا في عرض البحر المتوسط، بينما كانوا يحاولون الوصول إلى الساحل الإسباني.
ونقل صيادون بميناء غرب العاصمة عن خفر السواحل الجزائري أن أمل العثور عليهم أحياء بات ضئيلا، فيما تداول ناشطون يتابعون ما يسمى «ملف الحرقة» (الهجرة عبر القوارب التقليدية)، أنباء عن وفاة لاعب كرة قدم يوجد بين المهاجرين.
وانطلق المهاجرون غير النظاميين من شاطئ بشمال غربي البلاد، بواسطة قارب صغير، بحسب أفراد عائلاتهم أبلغوا الشرطة في وهران (450 كلم غرب) عن فقد الاتصال بهم، وقدموا لهم بياناتهم. وتم إطلاق مساع مع حرس السواحل الإسباني بغرض البحث عنهم.
ونقلت الصحيفة الإلكترونية الإخبارية «مهاجر نيوز»، أمس، أن زورقا شراعيا نرويجيا أنقذ مهاجرا جزائريا على بعد أميال قليلة من ساحل مقاطعة ألميريا الإسبانية. مشيرا إلى أن السلطات الإسبانية شرعت بعدها في البحث عن مهاجرين آخرين، بعد تعطل محرك القارب قبل انقلابه. كما قالت إن مروحية تابعة لحرس السواحل الإسباني أُرسلت إلى المنطقة رصدت مهاجرا آخر في البحر وأنقذته.
وقال المهاجران لفريق الإنقاذ، حسب «مهاجر نيوز»، إنهما صعدا مع 12 شخصا آخرين من شاطئ قرب وهران، شمال غربي الجزائر الأسبوع الماضي، لكن بعد تعطل المحرك انقلب القارب صباح الأحد الماضي.
وتتعامل السلطات الجزائرية مع هذه القضية بتكتم شديد، وتتحاشى التواصل مع الإعلام المهتم بها. وقال لاعبون بنادي «وداد بوفاريك» قرب العاصمة، الذي ينشط في المستويات الدنيا من دوري كرة القدم، إن زميلهم العشريني سيد علي بوكابوس كان من بين «الحراقة» الـ12. وأكد أحد اللاعبين، مفضلا عدم نشر اسمه، أن سيدي علي «لم يتقاض أجره منذ التحاقه بالفريق قبل عام، مثل كل زملائه اللاعبين، وقد قرر المخاطرة بحياته على أمل أن يجد فرصة للعب في إسبانيا». مشيرا إلى أنه «كان مطلعا على قصص العديد من المهاجرين غير النظاميين الأفارقة، الذين انتسبوا إلى نواد إسبانية وإيطالية، وكان شديد التأثر بمساراتهم».
وأعلنت وزارة الدفاع الجزائرية الأحد الماضي أن خفر السواحل انتشل أربع جثث لمهاجرين، واعترض 13 آخرين كانوا على متن مركب.
ومنذ بداية العام وحتى سبتمبر الماضي، وصل أكثر من ستة آلاف و173 مهاجرا جزائريا إلى إقليم الباسك الإسباني، وفق مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ووفقاً لمنظمة «أبطال البحر» غير الحكومية، فإن إنقاذ المهاجرين على متن قوارب صغيرة تصل إلى الشواطئ الإسبانية، بات أمرا يوميا.
واللافت بحسب مراقبين أن أعداد «الحراقة» تراجع مع بداية الحراك الشعبي مطلع 2019، وتفسير ذلك، حسبهم، أن الشباب المتظاهر كان يأمل في تغير أوضاعه المعيشية، لكن هذا الأمل تلاشى مع مرور الوقت، خاصة بعد الاعتقالات التي طالت المئات منهم. وتفيد تقارير حقوقية بأن العديد من «الحراقة» ناشطون بالحراك.
وحسب صحف إسبانية، فقد شكل عدد «الحراقة» الجزائريين، أكثر من 70 في المائة من العدد الإجمالي للمهاجرين غير الشرعيين، الذين وصلوا إلى شبه جزيرة أيبريا، وجزر البليار في النصف الأول من 2021. ويقول ناشطون جزائريون بتهكم إن عدد الجزائريين «الحراقة»، الذين هاجروا إلى أوروبا الصيف الماضي أكبر من عدد المسافرين على طائرات شركة الجوية الحكومية.
إلى ذلك، غادر رابح كراش، مراسل صحيفة «ليبرتيه» الفرنكفونية بتمنراست (جنوب)، السجن المحلي أمس، بعد أن قضى عقوبة 6 أشهر سجنا مع التنفيذ، بسبب مقالات كتبها، عدتها النيابة ومصالح الأمن «تحريضا على التمييز والعنف والتفرقة».
وتناولت كتابات الصحافي استياء السكان المحليين على تقسيم إداري حكومي جديد، يلحق مناطق غنية بالمعادن بمحافظة مجاورة. واحتج الصحافيون والحقوقيون على سجن كراش لأن دستور البلاد يمنع متابعة الصحافيين بسبب مقالات. غير أن القضاء أدانه برغم ذلك.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.