التعامل برقّة ولين مع اللاعبين أحد مشكلات سولسكاير في مانشستر يونايتد

فيرغسون المعلّم العظيم لتلميذه النرويجي كان بارعاً في اتباع سياسة العصا والجزرة أو الترهيب والترغيب

TT

التعامل برقّة ولين مع اللاعبين أحد مشكلات سولسكاير في مانشستر يونايتد

يمكن وصف المدير الفني لمانشستر يونايتد أولي غونار سولسكاير بأنه ذلك «السيد اللطيف» الذي يقف بأناقة بجوار خط التماس، لكن هذا السلوك الهادئ للغاية يؤدي إلى نتائج عكسية، فلا يمكنك مثلاً أن تتذكر أي موقف لسولسكاير وهو يوبخ فيه أحد لاعبيه بسبب عدم قيامه بواجبه أو ارتكابه خطأ خلال إحدى المباريات. لكن ما أهمية ذلك؟ الإجابة بسيطة للغاية؛ وهي أن هذا السلوك يجعل اللاعبين - حتى من دون وعي - يتعاملون مع الأمور باستخفاف بعض الشيء، أو لا ينفذون التعليمات بالشكل المطلوب، لأنهم يعرفون في قرارة أنفسهم أنه لن يلومهم أحد. لكن من الضروري أن يقوم أي مدير فني بإلقاء محاضرة قوية بين شوطي المباراة أو أن يتحدث بقوة ليثير الحماس والغضب في نفوس لاعبيه، وإلا سيتراجع الأداء.
لقد كان المعلم العظيم لسولسكاير، وهو السير أليكس فيرغسون، بارعاً جداً في اتباع سياسة العصا والجزرة، أو الترهيب والترغيب، لمساعدة لاعبيه في تقديم أفضل ما لديهم داخل الملعب، ولوضع اللاعبين المغرورين تحت السيطرة، للدرجة التي جعلته يُلقب بـ«مجفف الشعر» بسبب تعنيفه الشديد للاعبين في حال الخسارة أو ارتكاب أخطاء داخل الملعب. لقد كان المدير الفني الاسكوتلندي يعرف جيداً أنه إذا لم يتبع تلك الطريقة في التعامل مع لاعبيه وقت الحاجة فإنه قد يفقد السيطرة على الأمور: أولاً من اللاعبين، ثم من أعضاء مجلس الإدارة الذين سيبدأون في التفكير فيما إذا كان هو الرجل المناسب لهذا المنصب أم لا.
ويعد هذا الأمر مهماً للغاية بالنسبة لسولسكاير في الوقت الحالي، لأن مانشستر يونايتد قبل فترة التوقف الدولي قدم مستويات سيئة للغاية وخسر ثلاثاً من مبارياته الست السابقة؛ أمام يانغ بويز السويسري في دوري أبطال أوروبا، ثم أمام وستهام وأستون فيلا، كما تعادل مع إيفرتون، قبل أن يخسر مباراته الأخيرة أمام ليستر سيتي بأربعة أهداف مقابل هدفين.
وحمّل سولسكاير نفسه مسؤولية الأداء المتواضع أمام ليستر سيتي والبقاء دون فوز للمباراة الثالثة على التوالي في الدوري الإنجليزي. وكانت هذه أول خسارة ليونايتد خارج أرضه في الدوري بعد 29 مباراة متتالية، لتحوم الشكوك حول إمكانية المنافسة على لقب الدوري لأول مرة منذ 2013 عندما توج آنذاك مع المدرب المخضرم فيرغسون. وقال سولسكاير بعد مباراة ليستر: «عندما تنظر إلى المباراة، استقبلنا الأهداف الأربعة بشكل سيئ. بالنظر إلى طريقة لعبنا، فنحن لا نستحق مواصلة الحفاظ على السجل الخالي من الهزيمة خارج الأرض». وأضاف: «أنا أختار التشكيلة. هاري مغواير لم يكن يعاني من أي آثار للإصابة، وأنا أتحمل المسؤولية في حال أن الاختيار لم ينجح. من المحتمل أكون قد اتخذت بعض القرارات الخاطئة». وتابع: «في الفترة الأخيرة مستوانا ليس جيداً، وفقدنا كثيراً جداً من النقاط، وهذا الشيء يجب أن نحاول إصلاحه. ربما ينبغي علينا إجراء تغييرات، فهل نحتاج إلى مزيد من اللاعبين؟ ماذا نحتاج؟». وكان مغواير، الذي تعرض لإصابة في الساق خلال الخسارة أمام أستون فيلا الشهر الماضي، مرشحاً للغياب عن مواجهة ليستر، لكنه عاد إلى التشكيلة الأساسية وظهر بشكل متواضع ضد فريقه السابق.
ولم يظهر كريستيانو رونالدو بشكل جيد أيضاً وافتقر للمسة الحاسمة، كما أخفق جادون سانشو المنضم في صفقة ضخمة هذا الموسم في ترك بصمة، وخرج في الشوط الثاني واشترك ماركوس راشفورد بدلاً منه. ويعتقد سولسكاير أن صاحب الأرض استحق بالفعل الفوز. وقال المدرب النرويجي: «لن أتقدم بأي أعذار للفريق الذي أشركته. هم لاعبون من الطراز الرفيع ونحن لم نلعب بالشكل المطلوب. لم يكن الأداء جيداً ومن المحبط استقبال هدفين من ركلتين ثابتتين».
وفي مباراة إيفرتون، سجل أندروس تاونسند هدف التعادل بعد أخطاء دفاعية فادحة من كل من فريد ولوك شو وفيكتور ليندلوف وآرون وان بيساكا. ورغم ذلك، التقطت عدسات التلفزيون سولسكاير وهو يبتسم قرب نهاية هذه المباراة التي كانت نتيجتها سيئة، والتي جاءت أيضاً بعد الخسارة أمام أستون فيلا على ملعب «أولد ترافورد» بهدف دون رد، وهي النتائج التي ستؤثر كثيراً في قدرة الفريق على المنافسة على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز، إذا كان يسعى حقاً لذلك!
وبعد ذلك، وجه سولسكاير الانتقادات للاعبيه، عندما قال إن مانشستر يونايتد كانت لديه «أعداد كافية» من اللاعبين (شو وليندلوف ووان بيساكا وفريد) لإيقاف تاونسند، معترفاً بأن فريقه افتقر أيضاً إلى الشراسة الهجومية. لقد كان المدير الفني النرويجي محقاً تماماً في ذلك، لكن لماذا لم يُظهر سولسكاير قلقه وانزعاجه خلال المباراة لكي يبعث برسالة واضحة للاعبيه بأنه لا يمكن القيام بهذا وأنهم المسؤولون عن هذا الهدف؟ لكن في هذه المباراة - كما الحال في جميع المباريات الأخرى - يظل سولسكاير جالساً في مقعده ولا يظهر أي رد فعل لبث الحماس في نفوس لاعبيه.
هذا لا يعني أنه لا يهتم بما يحدث داخل الملعب، لكنه يظل هادئاً طوال المباراة، ويجب أن يعرف أن أفضل المديرين الفنيين هم الذين يعرفون كيف يتعاملون مع كل موقف على حدة وقت حدوثه ولا يكون رد فعلهم ثابتاً في جميع المواقف. ومع ذلك، لا يبدو سولسكاير مرتاحاً في الملعب، ولا يبدو قادراً على توجيه لاعبيه وقت اللزوم، على غرار ما يقوم به المدير الفني لليفربول، يورغن كلوب، أو المدير الفني لمانشستر سيتي، جوسيب غوارديولا، على سبيل المثال.
ويعود السبب في ذلك إلى الطبيعة الشخصية للمدير الفني النرويجي، حيث تعتمد طريقته في التعامل مع لاعبيه على فكرة أنه من الممكن تحقيق أقصى استفادة ممكنة من إمكانات اللاعبين إذا لعبوا بأريحية وبعيداً عن الضغوط. لقد أتت هذه الطريقة بثمارها مع كثير من لاعبي مانشستر يونايتد (بالإضافة إلى أولئك الذين لعبوا في السابق تحت قيادة سولسكاير في مولده النرويجي وكارديف سيتي)، وكانت النتيجة الطبيعية هي أن هؤلاء اللاعبين يحبون سولسكاير ويريدون القيام بأي شيء من أجله.
لكن المستويات والنتائج الأخيرة لمانشستر يونايتد تشير بوضوح إلى أن سولسكاير يجب أن يكون أكثر شراسة في التعامل مع لاعبيه. وهناك مثال آخر على ذلك في المباراة التي فاز فيها مانشستر يونايتد على فياريال على ملعب «أولد ترافورد»، قبل ثلاثة أيام من مواجهة إيفرتون، عندما تلاعب لاعب فياريال، أرنو دانغوما، بديوغو دالوت خلال الشوط الأول للمباراة.
لقد كان من الواضح للجميع أنه يجب استبدال دالوت بين شوطي المباراة بعد هذا الأداء الكارثي، لكن سولسكاير فاجأ الجميع بإشراك دالوت في الشوط الثاني، قبل أن يتلاعب به دانغوما مرة أخرى ويصنع هدفاً لباكو ألكاسير. إن عدم اتخاذ سولسكاير قراراً بإخراج دالوت من الملعب وتركه بهذا المستوى السيئ طوال المباراة، لا يقل سلبية عن إحجامه عن تعنيف لاعبيه في حال ارتكابهم أي أخطاء، وهي الأمور التي من المؤكد أن لاعبي الفريق يلاحظونها ويفهمونها جيداً.
من المؤكد أن سولسكاير شخص ماهر وذكي، وأن فيرغسون اختاره من بين عدد كبير من اللاعبين المميزين الذين تولى تدريبهم ورأى أنه الشخص القادر على قيادة نادٍ عملاق بحجم مانشستر يونايتد. لكن يبدو أنه يفتقد عنصراً حيوياً من شخصية المدير الفني الاسكوتلندي العظيم، وهي أن يتعامل مع اللاعبين بشراسة وقت اللزوم وأن ينفجر في وجوههم في بعض الأوقات حتى يقدمون الأداء المطلوب. وإذا كان سولسكاير قادراً حقاً على القيام بذلك، فربما يفعل ذلك في المنزل أو داخل غرفة خلع الملابس ولا نعلم نحن شيئاً عن ذلك! إننا لا نطالب سولسكاير بأن يغضب دائماً وأن يعامل لاعبيه بعصبية مفرطة، لكننا نطالبه بأن يقف في المنطقة الفنية ويوجه لاعبيه، كما يفعل كلوب وغوارديولا، لأن ذلك جزء أساسي من أسلحة أي مدير فني ناجح.
من المؤكد أن جميع مشاكل مانشستر يونايتد لن تحل إذا استمع سولسكاير إلى هذه النصيحة وقام بذلك، لكن بعد الخسارة أمام ليستر سيتي سيلعب الفريق مواجهات من العيار الثقيل على مدار ثلاثة أسابيع أمام أتالانتا وليفربول وتوتنهام وأتالانتا مرة أخرى ومانشستر سيتي. قد يفكر سولسكاير في هذا الأمر في مرحلة ما، لكن يتعين عليه أن يعرف أنه إذا لم يغير من طريقة إدارته للمباريات بمرور الوقت فإننا قد لا نرى هذا «السيد اللطيف» على رأس القيادة الفنية للشياطين الحمر قريباً!


مقالات ذات صلة

غوندوغان: على الجميع تقديم أفضل أداء لتبديل حظوظنا

رياضة عالمية غوندوغان نجم السيتي خلال مواجهة اليوفي بدوري أبطال أوروبا (أ.ف.ب)

غوندوغان: على الجميع تقديم أفضل أداء لتبديل حظوظنا

اعترف الألماني إلكاي غوندوغان، لاعب وسط مانشستر سيتي الإنجليزي، بأن فريقه "لم يعد جيدا بشكل كاف"، في الوقت الذي فشل فيه في إيجاد حل لتبديل حظوظه بالموسم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية كايل ووكر (أ.ف.ب)

سيتي يدين الإساءة العنصرية ضد قائده ووكر

أدان مانشستر سيتي الإساءات العنصرية، عبر الإنترنت، التي استهدفت قائد فريقه كايل ووكر بعد الخسارة 2 - صفر أمام يوفنتوس الإيطالي في دوري أبطال أوروبا.

«الشرق الأوسط» (مانشستر )
رياضة عالمية رحل أشوورث عن يونايتد يوم الأحد الماضي بموجب اتفاق بين الطرفين (رويترز)

أموريم: أهداف مانشستر يونايتد لن تتغير برحيل أشوورث

قال روبن أموريم، مدرب مانشستر يونايتد، إن رحيل دان أشوورث عن منصب المدير الرياضي يشكل موقفاً صعباً بالنسبة للنادي لكنّ شيئاً لم يتغير فيما يتعلق بأهدافه.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية غوارديولا (أ.ب)

غوارديولا: «سُنة الحياة» هي السبب فيما يجري لمانشستر سيتي

رفض المدرب الإسباني لمانشستر سيتي الإنجليزي بيب غوارديولا اعتبار الفترة الحالية التحدي الأصعب في مسيرته.

رياضة عالمية نونيز متحسراً على إضاعة فرصة تهديفية في إحدى المواجهات بالدوري الإنجليزي (رويترز)

نونيز يرد على الانتقادات بهدوء: معاً... نستعد لما هو قادم

رد داروين نونيز مهاجم فريق ليفربول الإنجليزي على الانتقادات لأدائه برسالة هادئة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«البريميرليغ»: بعشرة لاعبين... سيتي يتعادل من جديد

مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)
مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)
TT

«البريميرليغ»: بعشرة لاعبين... سيتي يتعادل من جديد

مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)
مانشستر سيتي اكتفى بنقطة التعادل أمام مستضيفه كريستال بالاس (رويترز)

سجَّل ريكو لويس لاعب مانشستر سيتي هدفاً في الشوط الثاني، قبل أن يحصل على بطاقة حمراء في الدقائق الأخيرة ليخرج سيتي بنقطة التعادل 2 - 2 أمام مستضيفه كريستال بالاس في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، السبت.

كما سجَّل إرلينغ هالاند هدفاً لسيتي بقيادة المدرب بيب غوارديولا، الذي ظلَّ في المركز الرابع مؤقتاً في جدول الدوري برصيد 27 نقطة بعد 15 مباراة، بينما يحتل بالاس المركز الـ15.

وضع دانييل مونوز بالاس في المقدمة مبكراً في الدقيقة الرابعة، حين تلقى تمريرة من ويل هيوز ليضع الكرة في الزاوية البعيدة في مرمى شتيفان أورتيغا.

وأدرك سيتي التعادل في الدقيقة 30 بضربة رأس رائعة من هالاند.

وأعاد ماكسينس لاكروا بالاس للمقدمة على عكس سير اللعب في الدقيقة 56، عندما أفلت من الرقابة ليسجِّل برأسه في الشباك من ركلة ركنية نفَّذها ويل هيوز.

لكن سيتي تعادل مرة أخرى في الدقيقة 68 عندما مرَّر برناردو سيلفا كرة بينية جميلة إلى لويس الذي سدَّدها في الشباك.

ولعب سيتي بعشرة لاعبين منذ الدقيقة 84 بعد أن حصل لويس على الإنذار الثاني؛ بسبب تدخل عنيف على تريفوه تشالوبا، وتم طرده.