أشتية يطالب بقاعدة بيانات أممية لمحاكمة المستوطنين

تصاعد عنفهم هذا العام يقلق الأمن الإسرائيلي

فلسطينيون قرب نقطة تفتيش إسرائيلية في الخليل للوصول إلى مزارعهم لقطف الزيتون (أ.ف.ب)
فلسطينيون قرب نقطة تفتيش إسرائيلية في الخليل للوصول إلى مزارعهم لقطف الزيتون (أ.ف.ب)
TT

أشتية يطالب بقاعدة بيانات أممية لمحاكمة المستوطنين

فلسطينيون قرب نقطة تفتيش إسرائيلية في الخليل للوصول إلى مزارعهم لقطف الزيتون (أ.ف.ب)
فلسطينيون قرب نقطة تفتيش إسرائيلية في الخليل للوصول إلى مزارعهم لقطف الزيتون (أ.ف.ب)

دعا رئيس الوزراء محمد أشتية، الأمم المتحدة، لإنشاء قاعدة بيانات خاصة بالمستوطنين، كأشخاص، من أجل محاكمتهم على أفعالهم الإرهابية وغير الشرعية وغير القانونية، في الأراضي الفلسطينية، في وقت تصاعد فيه عنف المستوطنين هذا العام، بما أقلق الأمن الإسرائيلي كذلك.
وقال أشتية في مستهل اجتماع مجلس الوزراء، أمس، إن إرهاب المزارعين ومنعهم من قطف ثمار زيتونهم، لن يثنيهم عن الوصول إلى أرضهم ولن يخيف أصحاب الأرض والحق والزيتون. وطالب طلبة الجامعات والشبيبة (التابعين لحركة فتح)، بالوجود مع المزارعين ومساعدتهم في قطف ثمار زيتونهم، مؤكداً أنه سيشارك مع عدد من الوزراء في قطف الزيتون في أراضي سلفيت الصامدة.
وجاءت مطالبات أشتية في وقت كثف فيه المستوطنون من حربهم السنوية التقليدية ضد موسم الزيتون بالضفة الغربية. وشن المستوطنون مزيداً من الهجمات على مزارعين فلسطينيين في شمال وجنوب الضفة، بشكل يومي، بهدف التنغيص على العملية التي تعد بالنسبة للكثيرين عملية مهمة لجني الأرباح.
ويخوض المستوطنون سنوياً ما يعرف بحرب الزيتون ضد الفلسطينيين، حيث أصبح هذا الاعتداء تقليداً لا بد منه في ظل تنامي قوتهم وتشكيلهم مجموعات شبابية إرهابية، وقلة حيلة الفلسطينيين في القرى القريبة من المستوطنات. وسجلت هجمات متنوعة، أمس وخلال الأيام القليلة الماضية، أيضاً، في مناطق متعددة. ويستغل المستوطنون أن كثيراً من القرى المنتجة للزيت، تقع بالقرب من المستوطنات وتحت سيطرة الجيش الإسرائيلي لينفذوا هجماتهم في كل وقت.
وأثار تصاعد الهجمة هذه العام قلقاً حتى في أوساط الأجهزة الأمنية الإسرائيلية. وأعربت مصادر أمنية إسرائيلية، بالأمس، عن قلقها إزاء تصاعد أعمال العنف من جانب المتطرفين اليمينيين في مناطق الضفة الغربية. وقالت هيئة البث الإسرائيلية: «إنه تم تسجيل 416 حادثة عنف في هذه المناطق منذ مطلع العام الحالي، مقارنة مع 224 حادثة خلال العام 2020. ومن بين هذه الأعمال، إتلاف الممتلكات ومواجهات يتخللها العنف الجسدي وإضرام النار في أراضٍ ومبانٍ تابعة لفلسطينيين».
وعزت المصادر هذا التصاعد إلى الصراع على المناطق المصنفة «سي»، التي تخضع لسيطرة إسرائيلية، حيث يحاول المتطرفون اليمينيون إقامة نقاط استيطانية عشوائية. كما تزداد أعمال العنف حدة خلال موسم قطف الزيتون، حيث يقوم النشطاء المتطرفون بالمساس بأشجار الزيتون التابعة لفلسطينيين وبالاحتكاكات مع قوات الأمن. ويستدل من معطيات الشرطة على أن منطقة الخليل تشهد أكبر عدد من هذه الأعمال، حيث سجل فيها 200 حادث عنف منذ مطلع العام الحالي.
وحملت وزارة الخارجية الفلسطينية، المجتمع الدولي، «المسؤولية عن الصمت المريب تجاه حرب الاحتلال الاستيطانية على الوجود الفلسطيني في القدس والمناطق المصنفة (ج)، والتخاذل المستمر تجاه نتائج وتداعيات هذه الحرب على مبدأ حل الدولتين، واعتبرت أن هذا الصمت مشاركة دولية في ارتكاب جريمة الاستيطان».
وأدانت الخارجية في بيان، أمس، القرار الذي اتخذته الحكومة الإسرائيلية بتخصيص ملايين الشواقل لما سمته «مُراقبة البناء الفلسطيني في المناطق المصنفة (ج)»، بحيث تُمنح تلك الملايين لجمعيات ومنظمات استيطانية تأخذ على عاتقها مراقبة ورصد أي بناء أو نشاط فلسطيني في المناطق المصنفة «ج».
أما أشتية فطالب بأن يكون رد العالم على المشروع الاستيطاني الذي يزداد كثافة بشكل يومي «بالاعتراف بدولة فلسطين».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».