دريان يخشى على «العيش المشترك» وقبلان يحمّل بيطار «مسؤولية» ما يحصل

TT

دريان يخشى على «العيش المشترك» وقبلان يحمّل بيطار «مسؤولية» ما يحصل

أبدى مفتي الجمهورية اللبنانية، الشيخ عبد اللطيف دريان، خشيته على العيش المشترك ووثيقة الوفاق الوطني والدستور في لبنان، محذراً من تسييس المسائل الكبرى وتطييفها، ومعتبراً أن حادثة الطيونة (التي قُتل فيها سبعة أشخاص برصاص مجهولين خلال مظاهرة معارضة لقاضي التحقيق في جريمة مرفأ بيروت طارق بيطار) معيبة، في وقت حمّل فيه المفتي الجعفري الممتاز أحمد قبلان بيطار «مسؤولية ما جرى»، معتبراً أن كل ما يحصل هدفه سلاح المقاومة «الذي لم ولن يوظف في الداخل أبداً».
وجاءت مواقف دريان وقبلان في رسالة كل منهما بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف، أمس (الاثنين)، حيث قال دريان «نحن نخشى على العيش المشترك، وعلى وثيقة الوفاق الوطني والدستور. وهي الثوابت التي لا يبدو أن أحداً يأبه لها وسط حمى الانتخابات، وحمم المرفأ». وسأل «من قال إننا لا نأبه للعدالة في جريمة العصر. إنما لذلك مسار واضح، ينبغي التزامه، لكي لا ينقسم الناس من حول العدالة، كما من حول المسار السياسي».
وكرر دريان تحذيره من «مخاطر التسييس والتطييف للمسائل الوطنية الكبرى». وسأل «ما هذا المسار الانتحاري الذي يقبل عليه الجميع بحماس؟ هو مناخ يذكر - للأسى والأسف - ببدايات الحرب الأهلية. وعلى كل لبناني عاقل، ألا يدخل في الانتحاريات، وأن يصرّ على الدستور والعيش المشترك، والسلم الأهلي. ولا شيء غير ذلك».
وعن حوادث الطيونة، قال «ما جرى كان مشيناً ومهيناً ومعيباً أن يحصل بين أبناء الوطن الواحد؛ فالخلاف في الرأي مشروع، أما الاقتتال في الشارع فمرفوض وممنوع أياً كان السبب، والحل يكون بالطرق السلمية، لا باستعمال السلاح المتفلت في الشوارع، خصوصاً في العاصمة بيروت، بقتل الناس وانتهاك حرماتهم، فالإنسان له احترامه وكرامته، سواء أكان مسلماً أو مسيحياً، فالمواطنة حق مشروع لكل من يعيش تحت سماء لبنان، وفي أي منطقة كان، فالسلاح لا يجوز أن يشهر بوجه بعضنا بعضاً؛ لأن هذا يؤسس لإشعال الفتنة الطائفية والمذهبية التي لا نسمح لأي كان بإيقاظها، نحن في لبنان دولة لها قوانينها ودساتيرها وقضاؤها وجيشها وقواها الأمنية التي ينبغي التمسك بها لأنها الملاذ الوحيد لحفظ أمن الوطن والمواطن».
من جهته، اعتبر قبلان «أن ما جرى في الطيونة أمر خطير جداً، وكارثة وطنية؛ قتل على الهوية، ومجزرة غادرة في سياق برنامج عمل، وخرائط تهدد وضع البلد وسلمه الأهلي، بما لها من أبعاد دولية وإقليمية».
وأضاف «الخطير بالأمر أنه كشف عن قدرات تجهيزية عسكرية محكمة، بعقلية خطوط حمراء طائفية؛ ولذلك فإن هذا الكمين المذبحة خطير بدلالته... ولذلك؛ إن هذا الأمر كارثي على البلد، ويحتاج إلى تحميل مسؤوليات وطنية، وإلا انزلق البلد إلى الهاوية». وأكد في الوقت عينه، أن «التجربة التاريخية تقول بأنه يمكننا العيش معاً»، مؤكداً أن «البلد صغير على التقسيم، والتقسيم يعني فوضى وأزمات ومتاريس ونحن لا نريدها... ومن يريد ذلك سيدفع البلد والطوائف نحو فتنة كأداء عمياء».
وتابع «هذا ما أقوله اليوم وأتوجه به إلى أخينا البطريرك بشارة الراعي، ولكل من يهمه أمر هذا البلد؛ لأن لبنان أصغر من أن يقسم، وأكبر من أن يقدم هدية لأحد، ونحن نقرأ بالسياسة جيداً، ولدينا معطيات وتفاصيل مشبعة، وما رأيناه على الأرض خير دليل، وما يقوم به القاضي البيطار (المحقق العدلي بانفجار المرفأ) يأتي في هذا السياق المخزي»، معتبراً «أن كل هذا موازاة مع حسابات دولية إقليمية بقيادة أميركية، تريد تمزيق لبنان، وتقسيمه على قاعدة: حين لا تستطيع السيطرة على بلد فمزقه وحوّله متاريس وحواجز ومذابح. وهو ما تفعله واشنطن عبر حلف دولي إقليمي، يريد تصفية البلد عبر تصفية السلم الأهلي ومشروع الدولة الوطني، عن طريق وضع الطوائف بوجه بعضها بعضاً، وهذا أمر خطير وكارثي للغاية، يجب علينا جميعاً منعه ومنع أي مجنون مغامر يريد ذبح البلد والطوائف والناس. وهنا أؤكد أن القبول بتقسيم البلد مستحيل».
واعتبر أن «كل ما يجري هدفه سلاح المقاومة، الذي يشكل كابوساً وطنياً على تل أبيب خاصة، هذا السلاح الذي لم ولن يوظف في الداخل أبداً رغم مرارة الطعن والشحن الخبيث والتلفيق والتوظيف السياسي والقضائي والشعبوي والإعلامي الانتقامي...».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».