تصاعد الخلافات بين حكومة الوحدة الليبية وممثلي برقة

مطالب بمحاسبة المتورطين بعد العثور على 35 جثة مجهولة في ترهونة

ليبيون يتظاهرون لمطالبة السلطات بمحاسبة المتورطين في مقابر ترهونة (رويترز)
ليبيون يتظاهرون لمطالبة السلطات بمحاسبة المتورطين في مقابر ترهونة (رويترز)
TT

تصاعد الخلافات بين حكومة الوحدة الليبية وممثلي برقة

ليبيون يتظاهرون لمطالبة السلطات بمحاسبة المتورطين في مقابر ترهونة (رويترز)
ليبيون يتظاهرون لمطالبة السلطات بمحاسبة المتورطين في مقابر ترهونة (رويترز)

في تصعيد جديد للخلافات بين عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الليبية، وممثلي إقليم برقة، حذر حسين القطراني نائب الدبيبة من تغيير مجلس إدارة الشركة القابضة للاتصالات، باعتبارها «إحدى المؤسسات السيادية الخدمية الحساسة».
واعتبر القطراني في رسالة وجهها إلى الدبيبة أن هذا الإجراء «سيكون آخر مسمار في نعش حكومة الوحدة»، وبداية لما وصفه بعملية الانقسام من جديد.
وقال إن «عماد السايح رئيس مفوضية الانتخابات قد يضطر لإعلان تأجيل الانتخابات، المقررة قبل نهاية العام الجاري بسبب خلاف مجلسي النواب والدولة، حول القوانين المنظمة للعملية الانتخابية». مضيفاً أن «كل من يجلس على كرسي لا يريد الانتخابات، فقط الشعب الليبي هو الذي يريدها، وهو ليس بيده شيء... ووفقاً للمعطيات التي أراها، فلن تكون هناك أي انتخابات».
ونفى القطراني مجدداً خلال اجتماعه مساء أول من أمس مع مشايخ قبائل غرب ليبيا، وجود أي نية لتشكيل حكومة موازية في بنغازي، لكنه اتهم الدبيبة مجدداً بتجاهل المشروعات المتوقفة في شرق البلاد.
في المقابل، تجاهل الدبيبة اتهامات القطراني ولم يعلق عليها، لكنه تابع أمس مع رئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك، تفعيل المشاريع التنموية التي انطلقت في عدد من المدن، والمشاريع المزمع تنفيذها ضمن خطة عودة الحياة، والعمل على وضع آليات متابعة تسهم في تسريع عجلة البناء.
وقال الدبيبة إن الاجتماع تطرق لملف العلاج بالداخل والخارج، والعمل على متابعة عمل اللجان المكلفة مراجعة الديون واعتمادها، مشيراً إلى أنه «تم الاتفاق على تفعيل لائحة حوكمة الشركات، التي لم يتم إصدار قراراتها التنظيمية».
إلى ذلك، استعد «اللواء 106 مُجحفل»، التابع للجيش الوطني المتمركز في شرق البلاد، لإجراء التمرين التعبوي الأكبر لعناصره، في ثالث تدريبات من نوعها على مستوى لواء مشاة، بينما أدى الفريق عبد الرازق الناظوري، القائد العام المكلف بقيادة الجيش الوطني، التحية العسكرية إلى المنفي، بوصفه القائد الأعلى للجيش، خلال اجتماعهما مساء أول من أمس في مدينة طبرق.
وقال المنفي إن «اللقاء تناول الخطوات المهمة، التي أنجزتها اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» في تثبيت وقف إطلاق النار، وفتح الطريق الساحلي، وإطلاق سراح الموقوفين من مختلف الأطراف»، مشيراً إلى أن الاجتماع بحث أيضاً مواصلة العمل على توحيد المؤسسة العسكرية للمساهمة في إجراء الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وضمان نجاحها، والوصول للاستقرار والأمن.
كما بحث المنفي مساء أول من أمس بطبرق مع طلال ميهوب، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، ملفات الانتخابات والمصالحة، وتوحيد المؤسسة العسكرية، وقال إن «ميهوب أطلعه على مهام اللجنة على صعيد ملف الدفاع والأمن القومي».
ومن جانبه، أكد عبد الله اللافي، نائب المنفي، على ضرورة إجراء الاستحقاق الانتخابي، وفق إطار قانوني ودستوري يكفل نجاح الانتخابات، وأن تقبل بنتائجه جميع الأطراف السياسية، التي ستريح البلاد من المراحل الانتقالية التي أثقلتها سياسياً، واقتصادياً، وأمنياً، واجتماعياً.
وقال اللافي لدى اجتماعه بطرابلس مع الأمين العام المساعد ومنسق بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ريزدون زينينغا، إن الأسابيع المقبلة تتطلب العمل من أجل الوصول إلى رؤية شاملة للوضع الراهن، باتخاذ قرارات تلبي المرحلة، وتضمن إجراء الانتخابات في موعدها. فيما نقل عن المسؤول الأممي تأكيده على حرص البعثة الأممية على إجراء الانتخابات في موعدها، بتوافق جميع الأطراف المعنية، مشيداً بدور المجلس الرئاسي لدعم سير العملية الانتخابية بطريقة سلسة، تضمن تداول السلطة بشخصيات يتوافق عليها كل الليبيين.
في سياق آخر، تمكن أعضاء الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين في ليبيا، من انتشال 35 جثة مجهولة الهوية من سبعة مواقع بـ«مكب القمامة العام في مدينة ترهونة». فيما طالب عدد من أقارب الضحايا والمفقودين السلطات بضرورة محاسبة المتورطين.
وأظهرت إحصائية صدرت مساء أول من أمس عن الهيئة تنفيذ 245 حقل اختبار بموقع «مكب القمامة العام بترهونة»، واكتشاف خمس مقابر جماعية ومقبرتين فرديتين.
وفي الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، قال رئيس بعثة تقصي الحقائق محمد أوجار إن «البعثة تؤكد جمع أدلة عن وقوع مجازر جماعية بحق المدنيين في ترهونة منذ عام 2016 وحتى 2020».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.