باريس تدعو طهران لإظهار نيتها في التفاوض «فعلاً لا قولاً»

دعت فرنسا أمس (الجمعة)، إيران لأن تُظهر نيتها في التفاوض حول البرنامج النووي «فعلاً لا قولاً»، ودعتها إلى الإسراع في وضع حد لجميع انتهاكاتها «ذات الخطورة غير المسبوقة» للاتفاق الدولي في شأن برنامجها النووي، في وقت تلوّح الولايات المتحدة باللجوء إلى الخيار العسكري ضد طهران، بينما قال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي إنه «مستعد» للقاء الإيرانيين لكنه يحذّر من أن «الوقت ينفد».
وأوضح مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، أمس، أن إيران تريد عقد اجتماع في بروكسل مع مسؤولي الاتحاد الذين ينسّقون المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران إضافة إلى بعض الأطراف الأخرى في الاتفاق النووي المبرم عام 2015. وأعرب بوريل أمام الصحافيين في واشنطن عن استعداده لاستقبال الإيرانيين، لكنه قال إنه لا يستطيع تحديد موعد عقد الاجتماع.
وسيدعو بوريل إلى اجتماع للمفاوضين بشأن الاتفاق النووي الإيراني بمجرد أن تتفق جميع الأطراف، وهو في انتظار رد من واشنطن وطهران، وفق ما أعلن المتحدث باسم المسؤول الأوروبي. وفي رد على سؤال بشأن ما إذا كان الإيرانيون يرغبون في مناقشة مسودات النصوص مثلما حدث عندما عقدت المحادثات الأخيرة في فيينا في يونيو (حزيران) ومن هم الأعضاء الإضافيون الذين يرغبون في الاجتماع معهم رد قائلاً: «يؤسفني القول إنني لا أعرف».
من جانبها، قالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية إن «هناك حاجة ملحّة لأن تستأنف إيران بسرعة التعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وأن تضع حداً لجميع الأنشطة ذات الخطورة غير المسبوقة التي تواصلها في انتهاك لخطة العمل الشاملة المشتركة»، وهذا هو الاسم الرسمي للاتفاق النووي. ولوّحت الولايات المتحدة (الأربعاء)، باللجوء إلى الخيار العسكري ضد إيران إذا فشلت المساعي الدبلوماسية، مرددةً بوضوح لأول مرة التهديدات الإسرائيلية.
وأضافت آن كلير لوجوندر، خلال مؤتمر صحافي عبر الإنترنت، أن الأطراف الموقِّعة على الاتفاق (فرنسا وألمانيا وبريطانيا وروسيا والصين) وكذلك الولايات المتحدة التي انسحبت منه عام 2018 «تدعو إيران إلى العودة من دون تأخير إلى مفاوضات فيينا». وتتعلق المفاوضات باستئناف إيران احترام التزاماتها وعودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق.
وينصّ الاتفاق النووي على رفع جزء من العقوبات الغربية والأممية على إيران مقابل التزامها عدم تطوير أسلحة ذرية وفرض قيود صارمة على برنامجها النووي وإخضاعه لرقابة الأمم المتحدة. لكن بعد الانسحاب الأميركي الأحادي من الاتفاق إثر ثلاث سنوات من إبرامه وإعادة فرضها عقوبات على طهران، تخلّت الأخيرة تدريجياً عن معظم التزاماتها.
وبدأت مفاوضات في أبريل (نيسان) في فيينا بمشاركة أميركية غير مباشرة، لإنقاذ الاتفاق من خلال إعادة الولايات المتحدة إليه، لكن تم تعليقها منذ يونيو، مع انتخاب الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي. وشددت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية على أن «الوقت ضد اتفاق محتمل، لأن إيران تستخدمه لتصعيد انتهاكاتها النووية، ما يلقي بظلال شكّ متزايدة على العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة». وتابعت آن كلير لوجوندر: «على إيران أن تثبت من خلال الأفعال أن لديها الإرادة نفسها للعودة إلى طاولة المفاوضات في فيينا وإبرام اتفاق بشأن معاودة الامتثال لخطة العمل الشاملة المشتركة في أقرب وقت ممكن».
من جانبها، انتقدت إيران بشدة أمس، موقف الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي اتهمتها بـ«الازدواجية» في تعاملها مع إيران من جهة وإسرائيل من جهة أخرى.
وكتب سفير إيران لدى وكالة الطاقة الذرية كاظم غريب آبادي، في تغريدة، أن «الصمت والتغافل تجاه برنامج إسرائيل النووي يبعث برسالة سلبية لأعضاء معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية». وتابع أن هذا يعني بنظره أن «العضوية في هذه المعاهدة تساوي القبول بأقوى إجراءات التحقق والرقابة في حين أن البقاء خارجها يعني التحرر من أي التزام وانتقاد وحتى الحصول على مكافأة».
وأدلى السفير الإيراني بتصريحاته رداً على مقابلة مع المدير العام للوكالة رافائيل غروسي، نشرتها مجلة «إينيرجي إنتيليجنس» في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول). وقال غروسي خلال المقابلة معلقاً على سؤال حول السبب خلف تخصيص الكثير من الوقت للبرنامج النووي الإيراني وليس لبرنامج إسرائيل: «علاقاتنا مع إسرائيل هي علاقة نقيمها مع دولة غير موقّعة على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، إسرائيل لم توقّعها حتى. ولست بصدد تقييم الأمر ما إذا كان جيداً أم لا».