الحوثيون يتأهبون للسيطرة على أموال 14 من كبار التجار اليمنيين

TT

الحوثيون يتأهبون للسيطرة على أموال 14 من كبار التجار اليمنيين

بدأت الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران خطوات الاستحواذ على أموال 14 شخصاً من كبار التجار في اليمن، والسيطرة على اثنين من البنوك التجارية التي يمتلكونها، ضمن سلوك تتبعه الجماعة منذ سنوات عدة لتقويض الجهاز المصرفي وتقييد أنشطته ومشاركته الأرباح، وابتزاز البنوك التجارية العاملة من خلال الادعاء بأن لديها متأخرات عن ضرائب أو رسوم منذ عشرات السنين. كما دأبت الميليشيات على توجيه اتهامات سياسية لكبار المساهمين في هذه البنوك بسبب رفض بعضهم دعم الحرب التي أشعلتها في البلاد منذ سبعة أعوام، أو رفض الرضوخ لطلبات قادتها بدفع جبايات شخصية أو منح قروض من دون ضمانات كافية. وبعد أن سيطرت الميليشيات على بنك سبأ الإسلامي، وعيّنت إدارة له من طرفها وجّهت عبر نيابة الأموال العامة التي تديرها في الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي بالحجز التحفظي على أرصدة 12 من كبار التجار يشكّلون مجلس إدارة بنك اليمن والخليج، بعد أن أقدمت وعبر فرع البنك المركزي اليمني في صنعاء على تشكيل لجنة لوضع اليد على البنك، وألغت كافة صلاحيات مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية، ونقل كل تلك الصلاحيات إلى لجنة وضع اليد التابعة لها. وبموجب مذكرة فرع البنك المركزي في صنعاء الذي تديره ميلشيات الحوثي، فقد أمرت بالحجز التحفظي على أموال أعضاء مجلس الإدارة الحالي، والذي يضم نائب وزير الخارجية والسفير السابق محيي الدين الضبي، وأحمد عبد الرحمن بانافع، وأحمد محمد الأصبحي، ومحسن حسن فريد العولقي، وأمين أحمد قاسم العبسي، وأحمد حسن الحداد، ونصر علي بن علي مقصع، إلى جانب أعضاء مجلس الإدارة السابق للبنك، والذي يضم كلاً من محمد حسن الزبيري، وأحمد بن فريد الصريمة، وإسماعيل الأكوع، ومحمد عبد الله اليماني، ومحمد عبد الوهاب الزبيري.
المذكرة الحوثية زعمت أن أعضاء مجلس الإدارة السابق والحالي ارتكبوا مخالفات مالية أدت إلى إضعاف المركز المالي للبنك والإضرار بأموال المودعين، وأمرت بحجز الأموال المنقولة وغير المنقولة لهؤلاء من نقد أو مركبات أو أسهم أو سندات أو عقارات ونحوها، ومنع التصرف فيها، مع أن الميليشيات كانت وعبر سيطرتها على فرع البنك المركزي في صنعاء قد وضعت الشهر الماضي يدها على بنك اليمن والخليج؛ بهدف الاستحواذ على أموال المودعين، ونهب كل موجوداته من أصول وسيولة نقدية ومستحقاته واحتياطاته القانونية لدى البنك المركزي.
وفي مذكرة حوثية أخرى في السابع من الشهر نفسه، وُصفت بالسرية والعاجلة، وجّهت وحدة جمع المعلومات في فرع البنك المركزي بصنعاء جميع الشركات ومنشآت الصرافة بالحجز التحفظي على أموال وممتلكات رئيس مجلس إدارة البنك الإسلامي اليمني عبد الله الأسودي، ونائب المدير التنفيذي لشؤون الائتمان مهيب عون. وزعمت الجماعة، أن الأمر جاء تنفيذاً لتوجيهات نيابة استئناف الأموال العامة، ويجب تنفيذه بالسرعة القصوى وإبلاغهم ما يثبت الحجز التحفظي على الأموال والممتلكات المنقولة وغير المنقولة والأرصدة والأسهم والسندات، دون أن تورد أي سبب لهذه الخطوة التي تستهدف أقدم البنوك الإسلامية في البلاد.
وبحسب مصادر مصرفية، فإن بنوك عديدة في العاصمة صنعاء، أصبحت شبه منهارة وشبه مغلقة؛ لعدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها والقيام بوظائفها الأساسية، جراء منع ميليشيات الحوثي وعبر فرع البنك المركزي بصنعاء هذه البنوك من استخدام أرصدتها، حيث تفرض الميليشيات قيوداً صارمة على القطاع المصرفي وإجراءات حدت من نشاطه، إضافة إلى الجبايات وتقاسم الأرباح؛ ما أوصل هذه البنوك إلى الإفلاس، وتراجع دور الجهاز المصرفي في تمويل التنمية وإيجاد فرص العمل والدخل في المجتمع.
وأكدت المصادر أن بنك «كاك بنك الإسلامي» أصبح في حكم المفلس، كما تعثر البنك الإسلامي اليمني، في حين أصبح فرع البنك الأهلي بصنعاء شبه مغلق على تحويلات المنظمات الإغاثية فقط، لكن ميليشيا الحوثي تتستر على إعلان إفلاس هذه البنوك؛ بهدف رسم صورة لدى الناس والمجتمع الدولي بتماسك الاقتصاد في مناطق سيطرتها.
وكان البنك المركزي اليمني، ومقره عدن، وجّه في مطلع أغسطس (آب) الماضي، جميع البنوك بسرعة نقل إداراتها من العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي الانقلابية إلى العاصمة المؤقتة عدن. وحمّل البنوك غير الملتزمة بتسليم بياناتها المالية، المسؤولية الكاملة عن أي تبعات قد تترتب عن إدراجها في القائمة الرسمية وتصنيفها كبنوك غير ملتزمة.
وأعلن البنك في تعميم أصدره حينها، إخلاء مسؤوليته عن أي أضرار ناتجة من تنفيذ عمليات مصرفية عبر البنوك غير الملتزمة، مشدداً على أنه سيعمل على ترحيل مبالغ النقد الأجنبي الخاصة بالبنوك التجارية والإسلامية المرخص لها والملتزمة فقط، لتغذية أرصدة حساباتها لدى البنوك في الخارج؛ بهدف تغطية اعتماداتها وتحويلاتها لأغراض عمليات الاستيراد.


مقالات ذات صلة

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

تواصل الجماعة الحوثية إجراء تغييرات في المناهج التعليمية، بإضافة مواد تُمجِّد زعيمها ومؤسسها، بالتزامن مع اتهامات للغرب والمنظمات الدولية بالتآمر لتدمير التعليم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

​الحوثيون يرفضون إطلاق قيادات من «المؤتمر الشعبي»

الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)
الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)
TT

​الحوثيون يرفضون إطلاق قيادات من «المؤتمر الشعبي»

الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)
الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)

بالتزامن مع الكشف عن وسائل تعذيب موحشة يتعرض لها المعتقلون في سجون مخابرات الجماعة الحوثية، أكدت مصادر حقوقية استمرار الجماعة في رفض إطلاق سراح مجموعة كبيرة من المعتقلين، في طليعتهم قيادات في حزب «المؤتمر الشعبي»، رغم انقضاء شهرين على إيداعهم السجن بتهمة التحضير للاحتفال بذكرى الثورة التي أطاحت أسلاف الجماعة.

وذكرت مصادر حقوقية يمنية لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أفرجوا أخيراً عن خمسة فقط من المعتقلين في مدينة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، لكنها مستمرة في رفض إطلاق سراح وكيل وزارة الشباب والرياضة والقيادي في حزب «المؤتمر الشعبي» أحمد العشاري وزميليه في الحزب أمين راجح وسعد الغليسي.

الحوثيون يرون قادة جناح «المؤتمر الشعبي» بصنعاء خصوماً لهم (إعلام محلي)

وقالت المصادر إن الجماعة تتهم المعتقلين بالتآمر مع الحكومة الشرعية لقيادة انتفاضة شعبية في مناطق سيطرتها تحت شعار الاحتفال بالذكرى السنوية لقيام «ثورة 26 سبتمبر» التي أطاحت نظام حكم الإمامة في شمال اليمن عام 1962.

ووفق هذه المصادر، فإن الاتصالات التي أجراها جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرة الحوثيين للمطالبة بالإفراج عن قياداته قوبلت بتعنت وتسويف.

وأشارت المصادر إلى أن مجموعة كبيرة من المعتقلين لا يُعرف مصيرهم، وأن كلّاً من فهد أحمد عيسى، وعمر أحمد منة، وأحمد البياض، وعبد الخالق المنجد، وحسين الخلقي لا يزالون رهن الاعتقال، إلى جانب الناشطة سحر الخولاني، والكاتبين سعد الحيمي، ومحمد دبوان المياحي، والناشط عبد الرحمن البيضاني، ورداد الحذيفي، وعبد الإله الياجوري، وغالب شيزر، وعبد الملك الثعيلي، ويوسف سند، وعبده الدويري، وغازي الروحاني.

شروط الإفراج

تقول مصادر سياسية في صنعاء إن «التحالف الشكلي» الذي كان قائماً بين جناح «المؤتمر الشعبي» والحوثيين قد انتهى فعلياً مع تشكيل حكومة الانقلاب الأخيرة، حيث تم استبعاد كل المحسوبين على هذا الجناح، وسيطرة الحوثيين على كل المناصب.

وبالتالي، فإن الحزب لا يعول على ذلك في تأمين إطلاق سراح المعتقلين، والذين لا يُعرف حتى الآن ما نيات الحوثيين تجاههم، هل سيتم الاحتفاظ بهم لفترة إضافية في السجون أم محاكمتهم؟

أكدت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية استخدام الحوثيين التعذيب لانتزاع الاعترافات (إعلام حوثي)

ووفق إفادة بعض المعتقلين الذين أفرج الحوثيون عنهم، فقد تم استجوابهم بتهمة الانخراط في مخطط تآمري للإطاحة بحكم الجماعة في صنعاء بدعم وتمويل من الحكومة الشرعية.

وبعد جلسات من التحقيق والاستجواب وتفتيش الجوالات، ومراجعة منشورات المعتقلين في مواقع التواصل الاجتماعي، أفاد المعتقلون المفرج عنهم بأنه يتم الموافقة على إطلاق سراحهم، ولكن بعد التوقيع على تعهد بعدم العودة للاحتفال بذكرى «ثورة 26 سبتمبر» أو أي فعالية وطنية أخرى، وأن يظلوا رهن الاستعداد للحضور متى ما طُلب منهم ذلك إلى جهاز المخابرات الحوثي.

ولا تقتصر شروط الإفراج على ذلك، بل يُلزم المعتقلون بإحضار ضامن من الشخصيات الاجتماعية، ويكون ملزماً بإحضارهم متى طُلب منهم ذلك، ومنعهم من مغادرة منطقة سكنهم إلا بإذن مسبق، وعدم تغيير رقم جوالاتهم أو إغلاقها، وأن يظل تطبيق «الواتساب» يعمل كما كان عليه قبل اعتقالهم. كما يلحق بذلك تهديدات شفهية بإيذاء أطفالهم أو أقاربهم إذا غادروا إلى مناطق سيطرة الحكومة، أو عادوا للنشر ضد الجماعة.

تعذيب مروع

بالتزامن مع استمرار الحوثيين في اعتقال المئات من الناشطين، كشف النائب اليمني المعارض أحمد سيف حاشد، عما سماها «غرف التعذيب» في سجون مخابرات الجماعة.

وقال حاشد إن هناك مسلخاً للتعذيب اسمه «الورشة» في صنعاء، وتحديداً في مقر سجن «الأمن والمخابرات» (الأمن السياسي سابقاً)، وإن هذا المسلخ يقع في الدور الثالث، وموزع إلى عدة غرف، وكل غرفة تحتوي على وسائل تعذيب تصنع في نفوس الضحايا الخوف المريع والبشاعة التي لا تُنسى.

الناشطة اليمنية سحر الخولاني انتقدت فساد الحوثيين وطالبت بصرف رواتب الموظفين فتم اعتقالها (إعلام محلي)

ووفق ما أورده حاشد، الذي غادر مؤخراً مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، توجد في هذا المكان سلاسل ترفع الشخص إلى الأعلى وتعيده إلى الأسفل بواسطة زر تحكم، حيث يُعلَّق الضحية ويُثبَّت بالطريقة التي يريد المحققون رؤيته عليها.

وذكر أن البعض من الضحايا يُعلق من يديه لساعات طويلة، وبعضهم يُعلق من رجليه، وبعد ذلك يتم إنزاله وقد صار عاجزاً أو محمولاً في بطانية.

ووفق هذه الرواية، فإن هذا القسم يشمل وسائل تعذيب متنوعة تشمل الكراسي الكهربائية، والكماشات لنزع الأظافر، والكابلات، والسياط، والأسياخ الحديدية، والكلاب البوليسية، وكل ما لا يخطر على البال من وسائل صناعة الرعب والخوف والألم.