قلق محلي ودولي من أحداث بيروت ودعوات لـ«ضبط النفس»

المفتي دريان طالب القوى الأمنية بوقف الاشتباكات... ومقتدى الصدر دعا إلى «وقف الاقتتال الداخلي»

TT

قلق محلي ودولي من أحداث بيروت ودعوات لـ«ضبط النفس»

أعرب مسؤولون دوليون عن قلقهم من التطورات الأمنية في لبنان، وحثوا جميع الأطراف على ضبط النفس، فيما دعا مسؤولون محليون الحكومة للحد من «التفلت الأمني الخطير».
وفي الداخل اللبناني، أثار الحدث الأمني مخاوف من انزلاقات إلى تطورات أخطر، إذ دعا مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، في بيان، «قيادة الجيش والقوى الأمنية اللبنانية كافة إلى ضبط الوضع وإيقاف الاشتباكات». وأكد أن «ما تشهده بيروت مرفوض ومدان والاعتداء على الناس وإزهاق أرواحهم وإنزال الإضرار بممتلكاتهم يزيد من مآسيهم، ويعمق الجراح بدلاً من بلسمتها». وطالب الحكومة اللبنانية بـ«عقد اجتماع عاجل وطارئ للحد من التفلت الأمني الخطير، الذي إن تطور لا ينذر إلا بالسوء».
وأكد أن «البلد يمر بمرحلة خطيرة تحتاج إلى وقفة وطنية جامعة للبنانيين جميعاً دون استثناء، من أجل إنقاذ لبنان، والقضاء على الفتنة والتركيز على وحدة الموقف اللبناني لمواجهة المخاطر الداهمة التي تهدد لبنان».
من جهته، وصف الحزب التقدمي الاشتراكي عودة مشاهد إطلاق النار والقنص بـ«المؤسفة والخطيرة جداً». وإذ أكد «أحقية التظاهر السلمي في إطار حرية التعبير عن الرأي ضمن الأصول والقوانين»، شدد على أن المظاهر المسلحة وإطلاق الرصاص «مرفوضة جملة وتفصيلاً من أي جهة كانت»، كما شدد على «ضرورة إيلاء الجيش والقوى الأمنية الدعم الكامل لضبط الوضع واستتباب الأمن». ودعا «الاشتراكي» إلى «أعلى درجات الهدوء وضبط النفس ومنع الفوضى، وإلى تفويت الفرصة على المتربصين بأمن البلاد، وأن يبقى الحوار وحده الطريق لمعالجة كل القضايا المطروحة مهما كانت تعقيداتها، لكي لا يقع لبنان في المحظور».
وأعلن المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، في بيان، أن «كل دم وفتنة وتهديد للسلم الأهلي وفلتان أمني وقع اليوم على المحتجين العزل أو سيقع هو بعنق السفارة الأميركية والقاضي طارق البيطار الذي يجب عزله وتوقيفه ومساءلته بشدة، فضلاً عن طوابير الإرهاب الأميركي. والفتنة بدأت بالقاضي البيطار ويجب إقالته فوراً، وكمين القتل البارد في الطيونة خطير جداً ودلالته الأمنية والسياسية بالغة وأخطر من أي وصف. وعلى مجلس الوزراء ومجلس القضاء الأعلى انتشال لبنان من فتنة البيطار وطوابير الأميركان قبل خراب البلد».
وفي المواقف الخارجية، عبّرت فرنسا عن قلقها إزاء أعمال العنف الدامية التي جرت في لبنان على خلفية التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، ودعت جميع الأطراف إلى التهدئة. وقالت وزارة الخارجية، في بيان، إن «فرنسا تشعر بقلق بالغ إزاء العرقلة الأخيرة لحسن سير التحقيق... وأعمال العنف التي وقعت في هذا السياق. إن فرنسا تدعو جميع الأطراف إلى التهدئة».
وأعربت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا عن قلقها من أحداث العنف التي شهدتها بيروت أمس. ورأت فرونتسكا أنه «في هذا المنعطف من المهم ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وضمان عودة الهدوء وحماية المواطنين».
وصرّح المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، أحمد حافظ، بأن مصر تتابع بقلق بالغ تطورات الوضع في لبنان، وتأسف لما شهدته الساحة اللبنانية من أحداث. وأضاف أن مصر تدعو الأطراف اللبنانية كافة إلى ضبط النفس، والابتعاد عن العنف تجنباً لشرور الفتنة، وإعلاء المصلحة الوطنية العليا للبنان وشعبه، كما أكد أن على الحكومة ومؤسسات الدولة الاضطلاع بمسؤولياتها في إدارة البلاد وحل الأزمات واستعادة الاستقرار.
ودعا الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر، الطوائف اللبنانية إلى ضبط النفس وترك الخلافات والاقتتال الداخلي. وقال الصدر، في تغريدة عبر حسابه الشخصي على «تويتر»: «على الإخوة في حركة أمل وحزب الله والطوائف اللبنانية ترك الخلافات والاقتتال الداخلي، لأن في ذلك إضعافاً للصف الوطني وقوة للاستعمار». وخاطب الأطراف اللبنانية قائلاً: «عليكم بضبط النفس والتحلي بحب الوطن لأن لبنان أغلى من المصالح».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).