بايدن يستقبل كينياتا... أول رئيس أفريقي يدعوه إلى البيت الأبيض

النفوذ الصيني في القارة السمراء وحقوق الإنسان والتجارة على طاولة المحادثات

TT

بايدن يستقبل كينياتا... أول رئيس أفريقي يدعوه إلى البيت الأبيض

استقبل الرئيس الأميركي مساء أمس الخميس الرئيس الكيني أوهورو كينياتا، وهو أول رئيس دولة أفريقية يزور البيت الأبيض منذ تولي الرئيس جو بايدن منصبه.
وتسعى إدارة بايدن لتعزيز نفوذها في القارة السمراء في مواجهة نفوذ الصين، كما يأمل الرئيس بايدن في الاعتماد على القيادة الإقليمية لكينيا للتأثير على الصراع في إقليم تيغراي، حيث تشن القوات الحكومية الإثيوبية هجوما متواصلا على جبهة تحرير تيغراي. وقد هدد بايدن بإلغاء الامتيازات التجارية لإثيوبيا بموجب قانون نمو الفرص الأفريقي، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها القوات الإثيوبية.
وتشترك إثيوبيا في الحدود مع كينيا، وشدد بايدن على أن الانتهاكات في إقليم تيغراي مروعة، وأن التقارير تتحدث عن القتل الجماعي والاغتصاب وإرهاب السكان، وطالب كافة الأطراف بالتوصل إلى حل سياسي.
وتولي إدارة بايدن اهتماما بملف السياسة الخارجية في أفريقيا، حيث تسعى إلى إعادة التركيز على الجهود السياسية في أفريقيا، وقد قام بايدن بتعيين جود ديفير مونت مستشارا خاصا لاستراتيجية أفريقيا في مجال الأمن القومي بالبيت الأبيض بهدف بدء نهج جديد تجاه القارة الأفريقية لتعزيز النفوذ الأميركي، بعد تراجعه بشكل كبير خلال إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب. وتشعر الإدارة بقلق من التأثير الاقتصادي المتزايد للصين في أفريقيا. وقال البيت الأبيض قبل اللقاء إن الرئيسين سيناقشان «العلاقة الثنائية الصلبة» بين البلدين، وكذلك «الحاجة إلى الشفافية والمحاسبة في الأنظمة المالية المحلية والدولية، إضافة إلى بحث جهود الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان ودفع السلم والأمن قدما وتسريع النمو الاقتصادي وتعزيز العلاقات التجارية، والتعامل مع تغير المناخ». ويأتي اللقاء بين الرئيس بايدن ونظيره الكيني بعد الكشف عن «وثائق باندورا»، التحقيق الواسع الذي أجراه الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين.
وجاء في هذه الوثائق أن كينياتا الذي يؤكد عزمه على محاربة الفساد، يملك بشكل سري مع ستة أفراد من عائلته شبكة مؤلفة من 11 شركة مسجلة «أوفشور»، إحداها تملك أسهماً تقدر قيمتها بثلاثين مليون دولار. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي الأربعاء إن «الرئيس بايدن لطالما ندد بالتفاوتات في النظام المالي الدولي. وأضافت «هذا لا يعني أننا لن نلتقي الأشخاص الذين نختلف معهم، وهناك عدد من المواضيع التي لدينا مصلحة في العمل عليها مع كينيا وهذا سيكون الهدف الرئيسي للاجتماع».
وقبل مجيئه إلى واشنطن، نفى كينيانا ارتكاب أي مخالفات وقال للصحافيين في نيويورك عقب اجتماع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حيث تتولى كينيا الرئاسة الحالية، أن اسمه لم يرد في تلك التحقيقات لوثائق باندورا.
ومن المحتمل أن تكون زيارة كينياتا إلى البيت الأبيض هي الأخيرة حيث يخرج من منصبه في العام المقبل وحدود فترة الولاية تمنعه من الترشح في الانتخابات مرة أخرى.
كانت إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب قد بدأت محادثات في عام 2018 مع كينيا بشأن اتفاق تبادل حر لكن فريق بايدن لم يستأنف هذه المفاوضات. ويسعى كينياتا إلى تعزيز هذه المحادثات مع إدارة بايدن، حيث تخشى كينيا اقتراب عام 2025، موعد انتهاء العمل باتفاق يعفي جزءا كبيرا من صادراتها إلى الولايات المتحدة من الرسوم الجمركية، دون إبرام اتفاق جديد.
وأثناء توقيعه في نيويورك الاثنين عقوداً مع جهات فاعلة اقتصادية خاصة، لم يخفِ كينياتا امتعاضه من هذا الموضوع. وقال في بيان نشره مكتبه الإعلامي: «أريد أن أقول لأصدقائنا الأميركيين إنه من غير الممكن البدء بقطع المحادثات مع شركائهم على أساس تغيير الإدارة».
من جهتها، ترى واشنطن بنظرة سلبية التأثير الاقتصادي المتزايد للصين في أفريقيا. لكن مع الدول التي أجرى معها سلفه ترمب مفاوضات تجارية ثنائية، أبدى بايدن حتى الآن انضباطاً كبيراً في هذه المسألة. فهو على سبيل المثال لم يعطِ أي ضمانة لبريطانيا التي ترغب كثيراً في توقيع اتفاق تبادل حر مع الولايات المتحدة بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي. وتعد كينيا خامس أكبر متلق للمساعدات الأميركية، حيث حصلت على ما يقرب من 540 مليون دولار من المساعدات في عام 2020، ورغم أن معظم هذا الإنفاق يمول البرامج الاقتصادية والصحية، فقد كانت كينيا أيضاً هدفاً للمساعدات العسكرية الأميركية: من عام 2010 إلى عام 2020 حيث أنفقت الولايات المتحدة ما يقرب من 400 مليون دولار لتدريب وتجهيز الجيش الكيني للتعامل مع تهديد جماعة الشباب المسلحة المتشددة، رغم الفساد ومخاوف حقوق الإنسان المحيطة بقوات الأمن الكينية.



تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
TT

تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)

كشفت مصادر أمنية رسمية تونسية عن أن قوات مكافحة الإرهاب والحرس الوطني أوقفت مؤخراً مجموعة من المتهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي» في محافظات تونسية عدة، دون توضيح هوية هذا التنظيم، وإن كان على علاقة بالموقوفين سابقاً في قضايا إرهابية نُسبت إلى فروع جماعتي «داعش» و«القاعدة» في شمال أفريقيا، مثل تنظيم «جند الخلافة» و«خلية عقبة بن نافع».

وحدات مكافحة الإرهاب التونسية ترفع حالة التأهب (صورة من مواقع وزارة الداخلية التونسية)

ووصف بلاغ الإدارة العامة للحرس الوطني في صفحته الرسمية الموقوفين الجدد بـ«التكفيريين»، وهي الصيغة التي تُعتمد منذ سنوات في وصف من يوصفون بـ«السلفيين المتشددين» و«أنصار» الجهاديين المسلحين.

من محافظات عدة

وأوضح المصادر أن قوات تابعة للحرس الوطني أوقفت مؤخراً في مدينة طبربة، 20 كلم غرب العاصمة تونس، عنصراً «تكفيرياً» صدرت ضده مناشير تفتيش صادرة عن محكمة الاستئناف بتونس بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي، ومحكوم غيابياً بالسجن لمدة 6 أعوام.

كما أعلن بلاغ ثانٍ صادر عن الإدارة العامة عن الحرس الوطني أن قواتها أوقفت مؤخراً في منطقة مدينة «مساكن»، التابعة لمحافظة سوسة الساحلية، 140 كلم جنوب شرقي العاصمة، متهماً بالانتماء إلى تنظيم إرهابي صدرت ضده أحكام غيابية بالسجن.

وحدات مكافحة الإرهاب التونسية ترفع حالة التأهب (صورة من مواقع وزارة الداخلية التونسية)

بالتوازي مع ذلك، أعلنت المصادر نفسها أن الحملات الأمنية التي قامت بها قوات النخبة ومصالح وزارة الداخلية مؤخراً براً وبحراً في محافظات عدة أسفرت عن إيقاف مئات المتهمين بالضلوع في جرائم ترويج المخدرات بأنواعها من «الحشيش» إلى «الحبوب» و«الكوكايين».

في السياق نفسه، أعلنت مصادر أمنية عن إيقاف ثلاثة متهمين آخرين بـ«الانتماء إلى تنظيم إرهابي» من محافظة تونس العاصمة وسوسة وبنزرت سبق أن صدرت ضدهم أحكام غيابية بالسجن في سياق «الجهود المتواصلة للتصدي للعناصر المتطرفة» وتحركات قوات مصالح مكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية ووحدات من الحرس الوطني.

المخدرات والتهريب

وفي سياق تحركات خفر السواحل والوحدات الأمنية والعسكرية المختصة في مكافحة تهريب البشر والسلع ورؤوس الأموال، أعلنت المصادر نفسها عن إيقاف عدد كبير من المهربين والمشاركين في تهريب المهاجرين غير النظاميين، وغالبيتهم من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، وحجز عشرات مراكب التهريب ومحركاتها.

كما أسفرت هذه التدخلات عن إنقاذ نحو 83 مهاجراً غير نظامي من الموت بعد غرق مركبهم في السواحل القريبة في تونس؛ ما تسبب في موت 27 ممن كانوا على متنهما.

في الأثناء، استأنفت محاكم تونسية النظر في قضايا عشرات المتهمين في قضايا «فساد إداري ومالي» وفي قضايا أخرى عدّة، بينها «التآمر على أمن الدولة». وشملت هذه القضايا مجموعات من الموقوفين والمحالين في حالة فرار أو في حالة سراح، بينهم من تحمل مسؤوليات مركزية في الدولة خلال الأشهر والأعوام الماضية.

وفي سياق «الإجراءات الأمنية الوقائية» بعد سقوط حكم بشار الأسد في سوريا والمتغيرات المتوقعة في المنطقة، بما في ذلك ترحيل آلاف المساجين المغاربيين المتهمين بالانتماء إلى تنظيمات مسلحة بينها «داعش» و«القاعدة»، تحدثت وسائل الإعلام عن إجراءات «تنظيمية وأمنية جديدة» في المعابر.

في هذا السياق، أعلن عن قرار مبدئي بهبوط كل الرحلات القادمة من تركيا في مطار تونس قرطاج 2، الذي يستقبل غالباً رحلات «الشارتير» و«الحجيج والمعتمرين».

وكانت المصادر نفسها تحدثت قبل أيام عن أن وزارة الدفاع الأميركية أرجعت إلى تونس الاثنين الماضي سجيناً تونسياً كان معتقلاً في غوانتانامو «بعد التشاور مع الحكومة التونسية».

وأوردت وزارة الدفاع الأميركية أن 26 معتقلاً آخرين لا يزالون في غوانتانامو بينهم 14 قد يقع نقلهم، في سياق «تصفية» ملفات المعتقلين خلال العقدين الماضيين في علاقة بحروب أفغانستان والباكستان والصراعات مع التنظيمات التي لديها علاقة بحركات «القاعدة» و«داعش».

حلول أمنية وسياسية

بالتوازي مع ذلك، طالب عدد من الحقوقيين والنشطاء، بينهم المحامي أحمد نجيب الشابي، زعيم جبهة الخلاص الوطني التي تضم مستقلين ونحو 10 أحزاب معارضة، بأن تقوم السلطات بمعالجة الملفات الأمنية في البلاد معالجة سياسية، وأن تستفيد من المتغيرات في المنطقة للقيام بخطوات تكرّس الوحدة الوطنية بين كل الأطراف السياسية والاجتماعية تمهيداً لإصلاحات تساعد الدولة والمجتمع على معالجة الأسباب العميقة للازمات الحالية.