السيسي يدعو للحفاظ على الأمن المائي المصري

وسط أنباء عن تصدير تركيا طائرات مسيرة لإثيوبيا

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (أ.ف.ب)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (أ.ف.ب)
TT

السيسي يدعو للحفاظ على الأمن المائي المصري

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (أ.ف.ب)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (أ.ف.ب)

جدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تأكيده اليوم «أهمية التوصل إلى اتفاق (قانوني عادل ومتوازن) حول ملء وتشغيل (سد النهضة)، وذلك على نحو يحفظ الأمن المائي المصري، ويحقق مصالح جميع الأطراف، ويحافظ على الاستقرار الإقليمي». في وقت تحدثت أنباء عن «تصدير تركيا طائرات مسيرة لإثيوبيا». وبينما رفض مصدر مصري «التعليق على تلك الأنباء». قال خبراء مصريون، إن «ما يحدث هو سلوك دبلوماسي (غير مرغوب) فيه دولياً في ظل ما تشهده إثيوبيا من انقسامات». وأضافوا، أن «ما تردد بشأن تصدير تركيا طائرات مسيرة لإثيوبيا سوف يقابل بعدم ارتياح من قبل المجتمع الدولي». ونقلت وكالة «رويترز» أمس عن ما قالت عنهما مصادر مطلعة، إن «تركيا وسّعت نطاق صادراتها من الطائرات المسيّرة المسلحة من خلال التفاوض على صفقات مع المغرب وإثيوبيا». كما نقلت «رويترز» عن مصدرين مصريين قولهما، إن «القاهرة طلبت من الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية مساعدتها على تجميد أي صفقة». في حين تحدث مصدر ثالث بقوله، إن «أي اتفاق يتعين أن يطرح ويوضح في محادثات بين القاهرة وأنقرة». وبحسب «رويترز»، فإن «تركيا وإثيوبيا والمغرب لم تعلن رسمياً عن أي اتفاق بخصوص طائرات مسيّرة مسلحة». وقال عضو مجلس النواب المصري (البرلمان) اللواء يحيى كدواني، إن «ما يحدث هو سلوك دبلوماسي (غير مرغوب) فيه دولياً؛ فالعالم كله ضد الانتهاكات التي تجري على الأراضي الإثيوبية، والتي تؤجج الانقسام والفوضى في إثيوبيا القرن الأفريقي»، لافتاً إلى أن «ما تردد عن هذه الصفقة أمر مرفوض، وسيقابل بعدم ارتياح من المجتمع الدولي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»، أن «العالم كله يرفض ما يحدث في إقليم (تيغراي) من انتهاكات». من جهته، قال الخبير الأمني المصري، اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، عضو مجلس الشيوخ، إنْ «صحت هذه الأبناء، فإن تركيا بمساندتها إثيوبيا تساهم في اشتعال الصراع في المنطقة، وهذا أمر لا يكون مقبولاً»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»، أن «مصر من حقها حينها أن تلجأ إلى جميع الوسائل، والتي من بينها طلب مساعدتها لتجميد الصفقة»؛ لكنه عاد وقال «إذا كانت تلك الأنباء صحيحة»، لافتاً إلى أن «إثيوبيا تعاني من مشاكل مالية كثيرة». في حين شكك مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير جمال بيومي، في «هذه الأنباء»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط»، أن «مصر ليس لديها أي حساسية في امتلاك إثيوبيا طائرات مسيرة»، لافتاً إلى أنه «لم يحدث وأن تحدث أحداً عن أن أزمة (سد النهضة) سوف تحل بالقوة العسكرية».
وأكد الرئيس السيسي خلال لقائه أمس، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي روبرت مينينديز «أهمية الالتزام بتطبيق ما ورد في البيان الرئاسي الأخير لمجلس الأمن، من امتثال الأطراف للتوصل لاتفاق (قانوني منصف وملزم) خلال فترة وجيزة يضمن قواعد واضحة لعملية ملء وتشغيل (السد) ويحقق المصالح المشتركة لجميع الأطراف». في حين أشار السيسي في اتصال مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، إلى «أهمية التوصل إلى اتفاق يحفظ الأمن المائي المصري، ويحقق مصالح جميع الأطراف، ويحافظ على الاستقرار الإقليمي، أخذاً في الاعتبار ضرورة استمرار المجتمع الدولي في الاضطلاع بدور جاد في هذا الملف، فضلاً عن إبراز حسن النية والإرادة السياسية اللازمة من الأطراف كافة في عملية المفاوضات، بما يتسق مع البيان الرئاسي الصادر في هذا الصدد عن مجلس الأمن الدولي». في غضون ذلك، أكدت مصر أنها «تدعم التنمية في دول حوض النيل والدول الأفريقية؛ لكن إنشاء (سد النهضة) من دون وجود اتفاق (قانوني، عادل وملزم)، وإدارته بشكل منفرد من جانب إثيوبيا، سيتسبب في حدوث (ارتباك) كبير في نظام النهر بأكمله». وتتفاوض مصر والسودان وإثيوبيا، بشكل متقطع منذ 10 سنوات، دون عائد، على أمل للوصول إلى اتفاق بشأن ملء وتشغيل السد المقام على الرافد الرئيسي لنهر النيل. واعتمد مجلس الأمن الدولي بياناً رئاسياً منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، يشجع الدول الثلاث على استئناف المفاوضات، برعاية الاتحاد الأفريقي للوصول لاتفاق مُلزم «خلال فترة زمنية معقولة». وقال وزير الري المصري محمد عبد العاطي خلال مشاركته أمس عبر «الفيديو كونفرانس» في جلسة «تأثير التغيرات المناخية على الموارد المائية في منطقة شرق المتوسط» وضمن فعاليات «المؤتمر الثاني الدولي لتغير المناخ في شرق المتوسط» والمنعقد تحت رعاية الرئيس القبرصي، أن «مصر ليست ضد التنمية في دول حوض النيل، بل على العكس، فمصر تدعم التنمية في دول حوض النيل والدول الأفريقية من خلال العديد من المشروعات التي يتم تنفيذها على الأرض، حيث قامت مصر بإنشاء العديد من سدود حصاد مياه الأمطار ومحطات مياه الشرب الجوفية لتوفير مياه الشرب النقية في المناطق النائية البعيدة عن التجمعات المائية»، مضيفاً أن «مصر وافقت على إنشاء العديد من السدود بدول حوض النيل مثل (خزان أوين) بأوغندا الذي قامت مصر بتمويله، والعديد من السدود في إثيوبيا مثل سدود (تكيزى) و(شاراشارا) و(تانا بلس) التي لم تعترض مصر على إنشائهم، ولكن إنشاء (سد النهضة) بهذا الحجم الضخم ومن دون وجود اتفاق (قانوني) لملء وتشغيل (السد) وإدارته بشكل منفرد من جانب إثيوبيا، سوف يتسبب في حدوث ارتباك كبير في نظام النهر بأكمله، وتتكلف دول المصب مبالغ ضخمة تقدر بمليارات الدولارات لمحاولة تخفيف الآثار السلبية الناتجة من هذه الإجراءات الأحادية، خاصة مع قيام الجانب الإثيوبي بإصدار العديد من البيانات والمعلومات المغلوطة التي تزيد من حالة الارتباك في منظومة النهر». ولفت وزير الري المصري، إلى أن «بلاده تعتمد بنسبة 97 في المائة على المياه المشتركة من نهر واحد فقط هو نهر النيل، في حين تتمتع دول منابع النيل بوفرة مائية كبيرة»، مؤكداً أن «مصر تعدّ من أكثر دول العالم التي تعانى من الشح المائي، حيث يصل نصيب الفرد من المياه في مصر إلى 570 متراً مكعباً في السنة، وهو ما يقترب من خط الفقر المائي».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.