«النواب» الليبي يقر تعديلات «المفوضية» على قوانين الانتخابات

اتهام «الجيش الوطني» بمنع زيارة الدبيبة إلى مدينة غات

عماد السايح رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات (أ.ف.ب)
عماد السايح رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات (أ.ف.ب)
TT
20

«النواب» الليبي يقر تعديلات «المفوضية» على قوانين الانتخابات

عماد السايح رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات (أ.ف.ب)
عماد السايح رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات (أ.ف.ب)

أعلن مجلس النواب الليبي أنه وافق على تعديلات طالبت بها المفوضية العليا للانتخابات على قوانينها المنظمة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المرتقبة. وفي غضون ذلك، اضطر عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» الوطنية، إلى تأجيل زيارة كانت مقررة أمس إلى مدينة غات (جنوب)، بعد اعتراض الجيش الوطني عليها.
وصوت مجلس النواب بقبول التعديلات الواردة من المفوضية العليا للانتخابات، بشأن قانون انتخاب الرئيس، باستثناء النقطة السادسة بشأن إضافة مادة للقانون، وبقبول التعديلات الواردة منها بشأن انتخاب مجلس النواب، باستثناء النقطة رقم 4، الخاصة بتعديل المادة 24 من القانون بالسماح بالتصويت بالمراسلة.
وأكد عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم المجلس، عقب جلسته مساء أول من أمس بمقره في مدينة طبرق، أن المجلس استجاب لطلب المفوضية بضرورة تعديل الملاحظات الواردة حول قانوني انتخاب الرئيس، وانتخاب مجلس النواب «لكي لا تُصبح اللوائح التنظيمية، والإجراءات التنفيذية للمفوضية لإجراء الانتخابات عُرضة للطعن». وقال إنه بعد مناقشة المذكرة المُقدمة من رابطة الأحزاب الليبية بشأن قوانين الانتخابات، «تم التأكيد على بقائها وفقاً لما أقره المجلس».
بدوره، قال رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، خلال اجتماعه مساء أول من أمس مع نائب رئيس المجلس الأعلى للدولة، إنه سيواصل دعمه لإنجاح الاستحقاق الانتخابي، عبر العمل والتنسيق المباشر مع جميع المشاركين في العملية السياسية، وتقريب وجهات النظر بين كل الأطراف. موضحاً أن الاجتماع ناقش الآليات القانونية والدستورية للانتخابات، المقررة في نهاية العام الجاري، ووضع المقترحات العملية لإنجاحها، بما يلبي تطلعات الليبيين في إجراء انتخابات حرة ونزيهة، وتقبل بنتائجها جميع الأطراف.
كما أكد المنفي في لقائه بعضو مجلس النواب، فتح الله السعيطي، على عمل المجلس الرئاسي لحلحلة كل الإشكاليات، التي أدت لصدور بيان نائب رئيس الحكومة حسين القطراني، وعدد من وزراء ووكلاء الحكومة، وعمداء البلديات عن المنطقة الشرقية. وقال إنه على تواصل مستمر مع الحكومة، وجميع الأطراف لضمان سير العملية السياسية، وفق خارطة الطريق، ومخرجات الحوار السياسي الليبي، بما يساهم في تحقيق العدالة الاجتماعية بين أبناء الوطن الواحد، والوصول إلى إجراء الاستحقاقات الانتخابية في موعدها.
وكان القطراني قد حذر في تصريحات تلفزيونية، مساء أول من أمس، مما وصفه بـ«إجراءات لا تحمد عقباها» إذا استمر عدم تواصل الدبيبة معه، وقال إن هناك اتجاهاً لإنشاء حكومة في الشرق، باعتباره مطلباً جماهيرياً. وحمل الدبيبة المسؤولية في حال تشكيل هذه الحكومة الموازية.
إلى ذلك، اتهم أمس نصر اسرير، عضو مجلس النواب عن مدينة غات، ضمنياً الجيش الوطني، المتمركز في شرق البلاد وجنوبها، بمنع هبوط طائرة الدبيبة في مطار المدينة لحرمانه من زيارتها، وأعلن في بيان له أنه تم إلغاء استقبال الوفد الأمني واللوجيستي، الذي يسبق الزيارة التي جرى التحضير لها، تحت ذريعة عدم وجود تنسيق مسبق.
وبعدما قال إنه تم إلغاء زيارة رئيس حكومة الوحدة بـ«حجة أسباب واهية، القصد منها منع وإفشال الزيارة»، اعتبر أن «ما يحصل تجاذبات سياسية هدفها «تحقيق مصالح لجهات معينة، على حساب أبناء المنطقة»، الخاضعة لسيطرة «الجيش الوطني»، الذي أصبح تحت قيادة الفريق عبد الرزاق الناظوري، بعد تقاعد المشير حفتر من منصبه، استعداداً لخوض الانتخابات الرئاسية المرتقبة.
ولم يصدر على الفور أي بيان رسمي من «الجيش الوطني»، رداً على هذه الاتهامات، فيما التزم الدبيبة الصمت بشأنها.
من جهة ثانية، أعلنت السلطات الليبية أمس انتشال 25 جثة مجهولة الهوية من خمس مقابر جماعية في مدينة ترهونة غرب البلاد، حيث عُثر على عشرات المقابر الجماعية منذ منتصف العام الماضي.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.