بنيت: في شرق الجولان ينفذون أعمال قتل وقمع ونحن نبني ونزرع الخضار

مستوطنة «ترمب» في المرتفعات السورية المحتلة خطة لمضاعفة المستوطنين

أعمال البناء تجري على قدم وساق في مستوطنة {ترمب} في هضبة الجولان المحتلة (غيتي)
أعمال البناء تجري على قدم وساق في مستوطنة {ترمب} في هضبة الجولان المحتلة (غيتي)
TT

بنيت: في شرق الجولان ينفذون أعمال قتل وقمع ونحن نبني ونزرع الخضار

أعمال البناء تجري على قدم وساق في مستوطنة {ترمب} في هضبة الجولان المحتلة (غيتي)
أعمال البناء تجري على قدم وساق في مستوطنة {ترمب} في هضبة الجولان المحتلة (غيتي)

مع الاحتفال ببدء تسويق 99 وحدة سكنية في «مستوطنة ترمب» في المرتفعات السورية المحتلة، أمس (الاثنين)، التي كانت حكومة إسرائيل السابقة برئاسة بنيامين نتنياهو، قبل سنتين، أطلقت عليها اسم الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، أعلن رئيس الوزراء الحالي، نفتالي بنيت، أن «هضبة الجولان هي عبارة عن غاية استراتيجية» لحكومته، وأن هدفه العمل على مضاعفة عدد سكانها اليهود.
وكشف بنيت أن حكومته ستعقد، بعد 6 أسابيع من الآن، جلسة خاصة في الجولان، للمصادقة خلالها على ما أسماه «خطة وطنية لتغيير وجه هضبة الجولان». وقال: «نحن مصممون على مضاعفة عدد السكان وعلى إنشاء بلدتين جديدتين فيها، وتوفير المرافق الصناعية التي تنشئ فرص عمل، وضخ مزيد من الاستثمارات على البنى التحتية». وأكد بنيت أن «الحكومة الإسرائيلية تضع الموارد اللازمة لتحقيق هذا التصور، فنعمل حالياً على استكمال الخطة التي ستغير وجه الجولان. هذا هو التزام الحكومة التي أرأسها وسنفي به».
وتطرق رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى ما يجري وراء الحدود وعلى الجانب الآخر شرق الجولان، وفي سوريا بشكل عام، فقال: «نحن نتابع عن كثب ما يجري في سوريا وعلاقتها بإيران التي تسعى لتبعث بوكلائها وتقيم جيوشاً بهدف تطويق إسرائيل، لتشكيل جيش آخر على هضبة الجولان». وهدد: «سنواصل العمل أينما لزم الأمر، وكلما لزم الأمر، بشكل استباقي ويومي، من أجل طي الوجود الإيراني في سوريا».
وتابع بنيت القول إن «موقفنا من قضية هضبة الجولان لا يتعلق بالأوضاع في سوريا فحسب. فالفظائع التي تقع هناك منذ 10 سنوات أقنعت كثيرين حول العالم بضرورة سيطرة إسرائيل على هذه المنطقة الخلابة والاستراتيجية، التي يفضّل كونها خضراء ومزدهرة على كونها ساحة أخرى للقتل والقصف. لكن حتى في حال غيّر العالم موقفه من سوريا أو طريقة تعامله مع الرئيس بشار الأسد، وهو ما يُحتمل حدوثه، فإن ذلك لا يمت لهضبة الجولان بصلة. إن هضبة الجولان إسرائيلية. نقطة».
وكانت صحيفة اليمين الاستيطاني «مكور ريشون»، قد أقامت، أمس (الاثنين)، مؤتمراً بعنوان «تعزيز البناء الاستيطاني في هضبة الجولان»، بحضور وزير البناء والإسكان في حكومة بنيت، زئيف إلكين، الذي أطلق مشروعاً لتسويق 99 وحدة سكنية خلال العام الحالي في «مستوطنة ترمب».
ومستوطنة ترمب أقيمت في شهر يونيو (حزيران) من العام 2019 بقرار من حكومة بنيامين نتنياهو، تقديراً للرئيس الأميركي، ترمب، في حينه، على قراره الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان المحتل. وتبين، أمس، أنه رغم مرور سنتين على إعلان تأسيس هذه المستوطنة، فلم يقطن فيها سوى 20 عائلة يهودية، يعيش معظمهم في منازل متنقلة.
وأفادت صحيفة «يسرائيل هيوم»، بأن حكومة بنيت تعد خطة لمضاعفة عدد سكان الجولان بحلول 2026. ولهذا الغرض سيتم تسويق 7 آلاف وحدة سكنية استيطانية في المستعمرات البالغ عددها 21. وتشتمل الخطة على مشروعات بناء 4000 وحدة سكنية للمستوطنين، بحيث يصبح عددها 11800 وحدة. وتقرر منح امتيازات كبيرة وإعفاءات من الضرائب ومن تكلفة البنى التحتية لجذب اليهود للاستيطان هناك.
وقال الوزير إلكين إنه «في الوقت الذي نمنع فيه إيران والجماعات المسلحة من التموضع العسكري في الجولان بالجانب السوري، نحن في الجانب الإسرائيلي نستمر ونتعمق ونتوسع ونضاعف الاستيطان». وادعى إلكين أن حكومته تعمل أيضاً على توسيع البلدات العربية في الجولان.
يذكر أن إسرائيل احتلت الجولان في حرب 1967 وأقدمت على هدم جميع القرى هناك وترحيل سكانها باستثناء 5 قرى، هي مجدل شمس وبقعاثا ومسعدة وعين قنيا والغجر. وفي أعقاب حرب أكتوبر (تشرين الأول) واتفاق فصل القوات، انسحبت من مدينة القنيطرة وربع الأراضي المحتلة. وفي بداية الاحتلال تم بناء 21 مستوطنة، لكن مشروع الاستيطان في الجولان فشل. فقد وضعت حكومات إسرائيل عشرات المشروعات الاستيطانية، ولكن عدد المستوطنين بقي كما هو في الضواحي 20 ألفاً، بينما بلغ عدد السوريين فيه 24 ألفاً.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.