فيضانات اليمن... دمار واسع وتشريد مئات الأسر

TT

فيضانات اليمن... دمار واسع وتشريد مئات الأسر

تسببت الفيضانات التي ضربت محافظات يمنية نتيجة الأمطار الغزيرة، في أضرار واسعة في الأراضي الزراعية والطرقات وتسببت في إيقاف حركة السير بين بعض المحافظات وإجلاء مجاميع من السكان في الحديدة وعدن، بعد أن جرّفت السيول بعض المنازل وسط تأكيدات بأن الموجة ستبدأ بالانحسار.
وذكر سكان ومسؤولون محليون، لـ«الشرق الأوسط»، أن السيول جرّفت وألحقت أضراراً بالغة بعدد من المنازل، خاصة في جنوب محافظة الحديدة، حيث يعيش أغلب السكان - وهم ممن شردتهم ميليشيات الحوثي - في بيوت مصنوعة من الطين والقش، ما جعل المئات منهم دون مأوى.
وحسب هذه المصادر، خلّفت السيول الناتجة عن الأمطار الغزيرة أضراراً مماثلة، حيث انهار منزل على أسرة مكونة من خمسة أفراد، في منطقة نجد قسيم التابعة لمديرية المسراخ، كما أُغلق الطريق الرابط بين محافظتي تعز وعدن، نتيجة جرف السيول لأجزاء من الطريق وانهيار أجزاء أخرى، وهذا الطريق هو الشريان الرئيسي الذي يربط محافظة تعز بالمحافظات الأخرى.
وفي محافظة أبين، أطلقت تحذيرات من كارثة قد تحدث بعد تدفق السيول على المحافظة بكميات كبيرة جداً تهدد بجرف حواجز وأراضٍ زراعية، كما تسببت في إغلاق الطريق الذي يربط المحافظة بمحافظتي شبوة وحضرموت، والأمر كذلك في محافظة لحج المجاورة، حيث تسبب تدفق السيول في إغلاق الطرقات وتوقف حركة السير وجرف مزارع.
وقال سكان في مديرية المسيمير بمحافظة لحج، إن مياه الأمطار والسيول التي تدفقت مؤخراً من وادي تبن إلى المديرية تسببت في جرف الأراضي الزراعية والأشجار المثمرة. وناشد السكان المحافظ أحمد التركي، والمنظمات العاملة في القطاع الزراعي، سرعة التدخل لإنقاذ أراضيهم الزراعية. وأوضحوا أن السيول تسببت بإتلاف المحاصيل التي يعتمدون عليها في توفير متطلبات حياتهم وإعالة أسرهم. كما طمرت عدداً من الآبار الواقعة بالقرب من مجرى الوادي، التي يعتمد عليها السكان في جلب مياه الشرب وري حقولهم الزراعية.
وفي مدينة عدن التي وصلت السيول إلى غربها، تولت قوات الأمن إجلاء عدد من السكان الذين تقع منازلهم في مجرى السيول في منطقة الحسوة التابعة لمديرية البريقة، حيث شهدت المدينة التي تتخذها الحكومة الشرعية عاصمة مؤقتة للبلاد، أمطاراً غزيرة خلال اليومين الماضيين، أدت إلى غرق بعض شوارع المديريات جراء انعدام مصارف المياه وانقطاع الكهرباء عن أجزاء واسعة من المدينة.
من جهته، قال الفلكي اليمني عدنان الشوافي إن الأمطار الغزيرة ستبدأ بالتراجع التدريجي، وإن نسبة الهطول المتوقعة على المرتفعات الغربية والجنوبية من 40 إلى 60 في المائة، في حين ستكون نسبة هطول الأمطار المتوقعة على السواحل الغربية والجنوبية من 30 إلى 50 في المائة، بينما ستكون نسبة الهطول على المرتفعات والهضاب الشرقية والسواحل الشرقية من 20 إلى 40 في المائة.
وكان مركز الأرصاد الجوية، توقع استمرار سقوط الأمطار الغزيرة المصحوبة بالعواصف الرعدية، ودعا إلى الابتعاد عن ممرات ومجاري السيول، وبطون الأودية أثناء وبعد هطول الأمطار. وتوقع هطول أمطار متفاوتة الشدة (متوسطة إلى غزيرة) تصاحبها العواصف الرعدية على المحافظات الجبلية من لحج جنوباً إلى صعدة شمالاً وكذلك الهضاب الداخلية لمحافظات (حضرموت وشبوة وأبين والضالع والبيضاء).
وأشارت النشرة الجوية للمركز إلى أن السواحل الغربية والجنوبية والمناطق الداخلية المقابلة لها ستشهد أمطاراً متفاوتة الشدة بعضها غزيرة قد يصاحبها الرعد أحياناً.
وفي المناطق الصحراوية، توقع المركز هطول أمطار على صحاري (الجوف ومأرب وشبوة وحضرموت). وأكد ضرورة الاحتماء من العواصف الرعدية وعدم استخدام الهواتف النقالة. ونبه مركز الأرصاد إلى أخذ الاحتياطات اللازمة من التدني في مدى الرؤية الأفقية من قبل سائقي المركبات في المنحدرات الجبلية بسبب هطول الأمطار أو تشكل الضباب.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم