ستانلي توتشي... الممثل الأميركي الذي تحول شغفه إلى الطعام بعد إصابته بالسرطان

قصة حياة ستانلي توتشي وعشقه للطعام في كتاب - الممثل الأميركي ستانلي توتشي (إ.ب.أ)
قصة حياة ستانلي توتشي وعشقه للطعام في كتاب - الممثل الأميركي ستانلي توتشي (إ.ب.أ)
TT

ستانلي توتشي... الممثل الأميركي الذي تحول شغفه إلى الطعام بعد إصابته بالسرطان

قصة حياة ستانلي توتشي وعشقه للطعام في كتاب - الممثل الأميركي ستانلي توتشي (إ.ب.أ)
قصة حياة ستانلي توتشي وعشقه للطعام في كتاب - الممثل الأميركي ستانلي توتشي (إ.ب.أ)

قبل نحو ثلاث سنوات، تم ربط الممثل الأميركي ستانلي توتشي بلوح في أحد مستشفيات نيويورك بينما كان يتلقى العلاج الإشعاعي للتخلص من ورم أسفل لسانه.
بعد ذلك وضع على وجهه قناع جراحي مصنوع خصيصاً له، لذلك لم يتمكن من الحركة، وتم إدخال كتلة بلاستيكية في فمه يتخللها ثقب صغير ليتنفس من خلاله، وهو ما وصفه توتشي في مقابلة الشهر الماضي بالأمر «المروع».
بعد ثلاث جلسات إشعاعية، بدأ توتشي يعاني الدوار وفقد شهيته، وبعد أسبوع فقد حاسة التذوق لأي شيء يتناوله، وكان يشعر بأن أي شيء في فمه بات بمذاق الورق المقوى المبتل، وبعدها امتلأ فمه بالقرح.
قال توتشي إنه لم يخش الموت خلال تلك التجربة المروعة وإن أكثر ما يخشاه كان أن يفقد حاسة التذوق، وهو ما برره بقوله: «أقصد أنه إذا كنت لا تستطيع أن تأكل وتستمتع بالطعام، فكيف ستستمتع بأي شيء آخر؟».
يروي توتشي هذه القصة في كتابه الجديد «المذاق: حياتي من خلال الطعام» قائلاً إنها مذكرات غير تقليدية عن حبه - وكراهيته في بعض الأحيان - للأكل واسترجاع ذكريات طبخ والدته، «دليل على أن إبداع الطهي قد يكون الشكل الفني الأكثر كمالاً» بالإضافة إلى الطعام السيئ الذي يتناوله في مواقع التصوير.
سرد توتشي تفاصيل معاناته مع السرطان بشكل مفاجئ في نهاية الكتاب، حيث صور غالبية ما تبقى من الكتاب شخص ستانلي توتشي الذي أصبح أحد أشهر قصص نجاح التصدي للمرض اللعين في سلسلة الحلقات التي عرضتها شبكة «سي إن إن» المكونة من ستة أجزاء والتي حملت عنوان «ستانلي توتشي: البحث عن إيطاليا» حيث كان يتجول في موطن أجداده.
كتبت هيلين روزنر في صحيفة «نيويوركر» تقول إن «الأمر برمته بدا بشعاً» بعد أن كان توتشي يصف «النشوة الحسية» التي تنتابه بعد شم رائحة جبن «بارميجيانو - ريجيانو».
ورغم ذلك، عندما قدم توتشي هذه الحلقات كان لا يزال في طور التعافي من السرطان، على حد قوله، عندما قال: «كان الأمر صعباً لأنني كنت أتذوق كل شيء لكنني لم أستطع بالضرورة ابتلاعه».
وذكر توتشي الذي يعيش في لندن مع زوجته، فيليسيتي بلانت، وكيله الأدبي، وأطفاله، بمن في ذلك ابنتهم إميليا، التي ولدت في منتصف رحلة علاجه إنه لم يفكر ملياً في تقديم البرنامج. وقال: «لم يكن هناك أي تفكير لدي للتراجع عن ذلك. كنت أرغب منذ فترة طويلة في سرد قصة إيطاليا والأطباق المختلفة في كل منطقة».
كتب توتشي، الذي نشأ في كاتونا، نيويورك، كتباً عن فن الطهي من قبل حيث يحتوي كتابه «المذاق» على العديد من الوصفات، بما في ذلك وصفة بسيطة لطبق «نيغروني» وأخرى أكثر تعقيداً عبارة عن فطيرة خبز محشوة بالمعكرونة والصلصة مع كرات اللحم والبيض وغيرها من الأطعمة الشهية التي ظهرت في فيلمه «Big Night» إنتاج عام 1996.
الكتاب مليء بالحنين إلى المطاعم الصينية الكوبية المفقودة وبذكريات تناوله لوجبة من حوت المنك في آيسلندا، لكن تركيزه ينصب على الدور الذي لعبه الطعام في حياته.
ومن الغريب أن الكتاب بالكاد يمس مسيرة توتشي التمثيلية التي استمرت لعقود، والتي تضمنت أدواره في أفلام «جولي وجوليا» و«ألعاب الجوع» و«الشيطان يرتدي براداً».
يواصل توتشي وصفه لحبه للطعام في عائلته قائلاً إن والدته كانت طاهية ممتازة، ترسله إلى المدرسة مع سندويشات الباذنجان التي صنعتها الليلة الماضية، بينما كان ينظر بغيرة إلى زبد الفول السوداني وشطائر الجيلي التي أحضرها أصدقاؤه.
لكن شغفه لم يزدهر حقاً إلا بعد أن بدأ العمل في فيلم «بيج نايت» الذي يدور حول مهاجرين إيطاليين يحاولان إنقاذ مطعم فاشل في نيوجيرسي. أثناء رحلة البحث عن المطعم، عمل توتشي في مطبخ يديره الشيف جياني سكابين وأدرك أنه لا يمكنه التوقف عن طرح الأسئلة حول كيفية صنع الأطباق والمكونات التي تدخل فيها.
قال سكابين إنه في ذلك الوقت لم يكن لديه أي فكرة عمن كان توتشي وكيف سمح له بالدخول إلى مطبخه. وأضاف سكابين: لكن سرعان ما أظهر توتشي أن لديه موهبة حقيقية.
استطرد بقوله: «لقد كان شديد التركيز، فقد كان يشاهد كل شيء: كيف أقطع بصلة، وكيف أصنع طبق «فريتاتا». وبمجرد أن رأيته يحدق إلى هذه الخرقة التي قمت بتثبيتها على مريولتي لتنظيف يدي كنت أفكر ملياً: «لماذا يحدق هذا الرجل بي؟» وظهرت قطعة القماش في فيلم «الليلة الكبيرة».
يحاول توتشي جلب حبه للطعام الجيد والشراب إلى عمله اليومي، ويأخذ اثنتين من آلات القهوة «نسبريسو» إلى عمله: واحدة لمقطورته، والأخرى لشاحنة المكياج. ويضع الطعام المطبوخ في المنزل في أكياس مبردة. وفي الليل يقوم بدعوة زملائه لتناول العشاء.
يبدو أن التعافي من الورم قد أثر على بعض تلك الطقوس. فقد طبخ طبق «ريزوتو ميلانو» للنجم كولين فيرث عندما عملا معاً في فيلم «سوبر نوفا» الذي عرض في وقت سابق من العام الجاري. وفي رسالة بالبريد الإلكتروني، قال فيرث إنها كانت من أفضل ما صنع على الإطلاق، لكن توتشي «كان مقتنعاً بأن طعمها كان سيئاً وكان متضايقاً».
وقال فيرث: «إنه ببساطة لم يكن يتذوق طعم الطبق الحقيقي. تخيل كم كان هذا مؤلماً، لأنه في معظم الوقت كان يرتدي وجهاً شجاعاً للغاية وواقعياً».
وقال إن العلاج كانت له فائدة في الطهي. ففي العشرينات من عمره، اكتشف أنه يعاني من عدم تحمل اللاكتوز ولا يستطيع هضم السكر جيداً أيضاً. يبدو أن هذه المشاكل قد اختفت.
عندما يشعر بالتحسن، وعندما لا يشعر بأنه يرغب في العمل، فإنه يحلم بتناول شرائح اللحم والشرائح التايلاندية، و«الدال»، و«السوشي». كانت حلقاته التي تذاع على شبكة «سي إن إن» قد عُرضت للموسم الثاني وكان من المفترض إعداد العشاء، وكان يعرف بالفعل ما الذي سيفعله.
قال توتشي وهو ينظر إلى السقف كما لو كان يتخيل الوجبة القادمة: «فقط بعض المعكرونة، مع الطماطم والروبيان الطازج، وقليل من مرق الجمبري، وبعض الريحان، ويمكننا وضع سلطة على الجانب»، قالها وتوهجت عيناه.
- خدمة نيويورك تايمز


مقالات ذات صلة

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)
مذاقات فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

الفول المصري... حلو وحار

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً

جوسلين إيليا (لندن)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».