مسيرة مناهضة لـ«التدابير الرئاسية» في تونس

سعيّد انتقد وصفها بـ«مظاهرة النفير» واتهم المطالبين بالتدخل الخارجي بالخيانة

اشتباكات بين متظاهرين مناهضين لـ«التدابير الرئاسية» والأمن في العاصمة تونس أمس (رويترز)
اشتباكات بين متظاهرين مناهضين لـ«التدابير الرئاسية» والأمن في العاصمة تونس أمس (رويترز)
TT

مسيرة مناهضة لـ«التدابير الرئاسية» في تونس

اشتباكات بين متظاهرين مناهضين لـ«التدابير الرئاسية» والأمن في العاصمة تونس أمس (رويترز)
اشتباكات بين متظاهرين مناهضين لـ«التدابير الرئاسية» والأمن في العاصمة تونس أمس (رويترز)

شهدت العاصمة التونسية أمس، مظاهرات ضد التدابير التي أعلنها الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو (تموز)، وسط تباين في تقدير عدد المشاركين. وجاءت مظاهرة أمس بعد أسبوع من أخرى مساندة للرئيس، شارك فيها آلاف في أنحاء البلاد، وفق تقدير مصادر أمنية.
ورغم القيود التي فرضت، احتشد أكثر من 5 آلاف شخص، وفق تقديرات إعلامية، في شارع الحبيب بورقيبة للتظاهر تلبية لدعوة أحزاب معارضة للرئيس، بينها «حزب النهضة». وقدّر مصدر أمني أن عدد المشاركين راوح بين 6 آلاف و8 آلاف خلال ذروة المظاهرة. وقال رجل خمسيني، وهو يشتري علماً صغيراً من بائع قبل الانضمام إلى التظاهرة: «جئت لأنني ديمقراطي».
وتدفق المحتجون على شارع الحبيب بورقيبة، وسط العاصمة، مرددين شعار «يا للعار يا للعار المسيرة في حصار»، احتجاجاً على غلق وحدات الأمن لعدد من المنافذ باستعمال الحواجز المعدنية. وطالبت يمينة الزغلامي، النائبة بالبرلمان المجمد عن «حركة النهضة»، بنزع الحواجز من أمام المتظاهرين والسماح لهم بالالتحاق بالمسيرة الاحتجاجية.
وشهد الشارع الرئيسي للعاصمة حالة من التدافع بين المحتجين وعناصر الأمن التي أغلقت جل المنافذ، ومنعت المحتجين من المرور، وهو ما أدى إلى إطلاق وحدات الأمن الغاز المسيل للدموع ضد المحتجين عندما حاولوا بالقوة تجاوز الحواجز الأمنية للالتحاق بالمسيرة المنتظمة أمام المسرح البلدي.
وفي محاولة للمحافظة على الطابع السلمي للمسيرة الاحتجاجية، دعا جوهر بن مبارك الناشط السياسي التونسي، المتظاهرين ضد إجراءات الرئيس سعيّد، إلى الانسحاب بعد تجدد المواجهات مع الأمنيين، وذلك إثر محاولتهم التقدم في اتجاه شارع الحبيب بورقيبة، وقال بن مبارك إن المسيرة انطلقت سلمية، ويجب أن تنتهي سلمية ويجب ألا تتجه إلى مربع العنف، على حد قوله.
من جانبه، فنّد خالد الحيوني، المتحدث باسم وزارة الداخلية التونسية، ما تم تداوله بخصوص  «تضييقات أمنية» على وصول المحتجين إلى شارع بورقيبة، وفسّر في تصريح إعلامي «الإجراءات الأمنية المشددة بأن هدفها حماية المتظاهرين»، على حد تعبيره. وأشار إلى أن الوحدات الأمنية المكلفة بالسهر على سلامة المحتجين، عمدت إلى انتهاج نفس الخطة الأمنية التي تم تطبيقها في جميع الوقفات الاحتجاجية الموالية لما بعد 25 يوليو، وإن نفس الفضاء خصص لكل الأطراف. وشدّد الحيوني على أن وزارة الداخلية تقف على نفس المسافة من كل المتظاهرين، وأنها معنية بالجانب الأمني فقط من خلال تأمين دخول وخروج المحتجين، على حد قوله.
في السياق ذاته، كان تعليق الرئيس التونسي عن المسيرة الرافضة للتدابير الاستثنائية التي أقرها قبل نحو شهرين ونصف شهر، بقوله: «إن هذه المسيرة استعملت المال لتعبئة المحتجين»، وشبّهها بـ«طواف الوداع». وخلال استقباله رضا لغرسلاوي المكلف وزارة الداخلية التونسية، اتهم الرئيس أولئك الذين يطلبون التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية لتونس بـ«الخيانة»، قائلاً إن التاريخ سيلفظهم، على حد تعبيره. وانتقد وصف المحتجين للمسيرة التي شهدتها العاصمة التونسية أمس بـ«مظاهرة النفير»، وقال إن الوقفة المساندة للتدابير الرئاسية التي نظمت في الثالث من الشهر الحالي، كانت «نفيراً لرجم الشياطين... الشيطان الأكبر والشيطان المتوسط والشيطان الأصغر»، على حد تعبيره. وتابع قائلاً: «بعد طواف القدوم وطواف الإفاضة حان وقت طواف الوداع». واتهم الرئيس التونسي منظمي مسيرة أمس باستعمال المال للتعبئة، وقال هناك من سافر إلى باريس لإفشال القمة الفرنكوفونية المزمع تنظيمها الشهر المقبل في تونس لأنه يعتقد وجود خصومة شخصية والحال أن القضية تتعلق بتونس وسيادتها، على حد قوله.
وكانت نجلاء بودن رئيسة الحكومة المكلفة قد عرضت يوم الجمعة الماضي على رئيس الجمهورية قائمة الشخصيات المقترحة  لتولي حقائب وزارية في الحكومة الجديدة، وهو ما قد يساهم في تخفيض التوتر السياسي في تونس ويقضي على جانب من الضبابية السياسية المسيطرة على المشهد.
وذكرت مصادر مقربة من قصر قرطاج أن الرئيس سعيّد اعترض على شخصيتين مقترحتين لتولي حقيبتين وزاريتين وطلب من بودن تعويضهما، وهو ما ينبئ بأن مسار تشكيل الحكومة يمر بخطواته الأخيرة ومن المرتقب أن يتم الاعلان عن تركيبتها النهائية بعد نحو 12 يوماً من تكليف نجلاء بودن بهذه المهمة.
في غضون ذلك، تم الاعلان أمس عن إلغاء الإقامة الإجبارية عن عدد من الشخصيات السياسية. وشمل الأمر أنور معروف القيادي في «حركة النهضة» ويسري الدالي القيادي في حزب «ائتلاف الكرامة» وشوقي الطبيب الرئيس السابق لهيئة مكافحة الفساد.
وكانت مجموعة من المنظمات الحقوقية التونسية والدولية قد نددت بقرارات الإقامة الإجبارية التي شملت مسؤولين سابقين في الدولة، علاوة على منع كثير من نواب البرلمان ورجال الأعمال ووزراء سابقين من السفر، معتبرة أنها إجراءات تعسفية تمس جوهر حقوق الإنسان.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».