«عدم التمثيل العادل» يوسّع الاحتجاجات على قانون الانتخاب الليبي

TT

«عدم التمثيل العادل» يوسّع الاحتجاجات على قانون الانتخاب الليبي

لم ينج قانون الانتخابات البرلمانية الذي أقره مجلس النواب الليبي مؤخراً من اعتراضات السياسيين، وملاحظاتهم حول عدم إجرائها في توقيت واحد مع انتخاب رئيس البلاد، كما تعللوا بأن القانون «اقتصر على النظام الفردي كأساس وحيد للعملية الانتخابية، وأغفل نظام القائمة الحزبية».
وكان المتحدث باسم مجلس النواب عبد الله بليحق، قد استبق هذه الاعتراضات، وتحدث عن آلية مشاركة الأحزاب السياسية في الانتخابات وفق قانون الانتخابات البرلمانية الجديد، وقال إن القانون «لم يحظر مشاركة الأحزاب السياسية في الانتخابات، ولكن ذلك سيكون من خلال المشاركة بأفراد من هذه الأحزاب وليس القوائم»، وهو الأمر الذي رفضته بعض القوى الحزبية.
وقال أبوبكر سعيد عضو مجلس النواب، إن إجراء الانتخابات البرلمانية «هو الأهم في الفترة الراهنة وليس العكس»، وأرجع ذلك لأن انتخاب مجلس نواب جديد «سوف ينهي الانقسام السياسي ونزاع السلطة بين مجلسي النواب و(الدولة)، ويسهم في توحيد مؤسسات الدولة التابعة للسلطة التشريعية»، وهي مصرف ليبيا المركزي وديوان المحاسبة وهيئة الرقابة الإدارية وهيئة مكافحة الفساد.
واعتراضاً على النظام الفردي، حذر سعيد، النائب عن مدينة ترهونة بـ(غرب ليبيا) من أن تكرار تجربة الانتخاب بالنظام الفردي في مجلس النواب المقبل تعد تكراراً للتجربة السابقة، و«نتوقع الحصول على نفس المخرجات، أي برلمان منقسم، يغلب عليه الطابع الجهوي والقبلي بامتياز»، متابعاً: «ما نشهده اليوم هو عِناد سياسي وفجور في الخصومة، لن يصل بنا لشيء إلا استمرار الأزمة السياسية وعرقلة الانتخابات».
ومضى سعيد يقول: «من يُريد السلطة عليه التوجه إلى الصندوق وتقديم نفسه من جديد وإن تم اختياره من الشعب، فهنيئاً له بذلك، هذه هي الديمقراطية التي يجب أن نرتضي بها جميعاً، غير ذلك فهي ديكتاتورية الأقلية على الأغلبية»، قبل أن ينتهي رافضاً «التمديد»، ومشدداً على ضرورة إجراء انتخابات رئاسية ونيابية متزامنة وفي موعدها المحدد.
وشن حزب «العدالة والبناء» الذراع السياسية لتنظيم «إخوان ليبيا» حملة على القانون، وقال إنه «أغفل نظام القائمة الحزبية»، ويفتقد أساساً قانونياً صحيحاً»، لكن بليحق، قال إن مجلس النواب صوَّت على مشروع القانون «مادة مادة»، في جلسة تم بثها مباشرة على الهواء، قبل أن يتم اعتماد بشكل نهائي، «وبذلك يكون أنجز التشريعات اللازمة لتنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية».
كثير من المتابعين للشأن الليبي عقبوا على القانون من اتجاهات عدة، أولها أنهم يرون أنه يخالف «التمثيل العادل» ويتعارض مع خريطة الطريق الأممية، غير أن الباحث جمال شلوف، قال: «أتفهم استعجال البرلمان في إصدار قانون انتخاب مجلس النواب الجديد بسبب اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، رغم تململ وتباطؤ المجلس عن مناقشته بشكل جدي الأشهر الأخيرة الماضية».
وذهب شلوف إلى أن هذا القانون «يلاقي الكثير من الاحتجاجات بسبب تنافيه مع مبدأ التمثيل العادل لكثير من المناطق والمدن»، كما أنه «يخالف مبدأ تمثيل المرأة بنسبة 30 في المائة التي أقرته خريطة الطريق وقرارات مجلس الأمن». ومنعاً للطعن في القانون، اقترح الباحث الليبي على اللجنة التشريعية بمجلس النواب إضافة المادة بالنص التالي «أو تعديله)، «يلتزم مجلس النواب المنتخب الجديد خلال 90 يوماً من عقد أول جلساته إجراء انتخابات مكملة لـ40 مقعداً إضافياً للمجلس، وإصدار ما يلزم من تشريعات، على أن يكون توزيع المقاعد الـ40 بمعيار الجغرافيا أولاً، ثم معيار السكان، وتكون هذه المقاعد مخصصة بأكملها لفئتي المرأة، وذوي الاحتياجات الخاصة فقط».
وتعقيباً على إجراء الانتخابات البرلمانية عقب الرئاسية بـ30 يوماً، قال رمضان التويجري مقرر لجنة صياغة مشروع الدستور، إن هذا يقودنا لتساؤلات ونتائج عدة، ماذا لو لم يحدد مجلس النواب الحالي موعداً للانتخابات البرلمانية بعد مُضي ثلاثين يوماً من انتخاب رئيس الجمهورية، خصوصاً لو حسمت الانتخابات الرئاسية من الجولة الأولى من سيقوم بإلزامه بذلك؟ وماذا لو لم ينجح رئيس مجلس أو من يناصره في الانتخابات الرئاسية هل ستكون هناك انتخابات برلمانية؟
وقال التويجري، إنه في حالة تعذر إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدد، فهذا سيقودنا وبنتيجة حتمية إلى عدم إقامة الانتخابات البرلمانية وفقاً لنص القانون.
ووصف «حزب التجديد» الليبي أن قرار إصدار قانون للانتخابات التشريعية المقبلة بفرض النظام الفردي واستبعاد الأحزاب من الانخراط في العملية من خلال القوائم الانتخابية، «تعسفياً ويهدد العملية الديمقراطية»، كما أنه يعزز «ثقافة إقصاء الأحزاب ويعطل من التنافس حول مشاريع إدارة الدولة، ليعيدنا لمربع التنافس بين الأفراد والمكونات، وهو ما ينذر بميلاد جسم تشريعي مشوه قد يؤدي بنا لانهيار مدمر للحياة السياسية».
ورغم ذلك، رحب الحزب بالقوانين الصادرة عن مجلس النواب، ودعا للبدء في العملية الانتخابية من خلال المفوضية العليا للانتخابات، لافتاً إلى أنه يعتزم خوض الانتخابات البرلمانية، وسيعلن عن مرشحيه فور بدء العملية الانتخابية.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.