«الإشارات الكهربائية»... آلية النبات لمواجهة الهجمات الضارة

تتعرض النباتات باستمرار لتأثيرات وهجمات بيئية ضارة. ووصف فريق دولي بقيادة باحثين من جامعة دوسلدورف الألمانية، جزءاً مركزياً من آلية الإشارة التي تستخدمها النباتات للاستجابة للتهديدات، وبالتالي بدء استجابة دفاعية في الأجزاء غير المتضررة من النبات.
ويصف الباحثون في العدد الأخير من دورية «ساينس أدفانسيس» 8 سبتمبر (أيلول) الماضي، الدور الذي يلعبه البروتين (MSL10) في هذه الاستجابة الدفاعية.
وتشكل الظروف المناخية المتغيرة، وتناوب الجفاف والمطر، والآفات مثل الحشرات الآكلة للنباتات، تحديات للنباتات على أساس يومي، وتشير التقديرات إلى أن ما بين 5 و20 في المائة من المحاصيل العالمية تُفقد بسبب أضرار الحشرات وحدها كل عام، بينما تشير الدراسات إلى أن من المرجح أن يزداد هذا الاتجاه نتيجة للاحترار العالمي؛ وهذا يجعل من المهم معرفة كيفية استجابة النباتات للتهديدات المختلفة.
اكتشف اتحاد من الباحثين من ألمانيا وسويسرا والولايات المتحدة، مكوناً مركزياً تستخدمه النباتات «لإخطار» الأوراق غير المجروحة عند مهاجمتها، ويمكن أن تبدأ هذه الأوراق بعد ذلك في إنتاج مواد دفاعية لحماية الأنسجة المجاورة من الآفات.
وركز فريق البحث على نظام الأوعية للنبات، والذي ينقل الماء والمغذيات من الجذور إلى براعم النبات، كانت إحدى الأفكار التي أرادوا فحصها هي الافتراض القديم بأن نظام الأوعية هذا يساهم أيضاً في تشتت الإشارات الهيدروليكية والكيميائية والكهربائية، وأن الإشارات الهيدروليكية تقترن بالإشارات الكهربائية. ويؤدي التدفق المستمر للماء في أجزاء من أنسجة الأوعية إلى حدوث فراغ، وعند إصابة نبات، ينقطع تدفق المياه هذا فجأة؛ ما يؤدي إلى تغيرات في الضغط. وحدد الباحثون الآن قناة أيونية حساسة للميكانيكية تسمى البروتين (MSL10)، والتي تسجل امتداد غشاء الخلية والتغيرات المقابلة في الضغط، وعندما يتزامن هذا التغيير في الضغط مع ارتفاع في مادة الغلوتامات - وهي مادة يتم تحريرها عند إصابة النبات - يتلقى النبات تحذيراً سريعاً بأنه يتعرض للهجوم، ومع ذلك، فإن ارتفاع مستويات الغلوتامات المحيطة يمكن أن يشير أيضاً إلى تقلبات أيضية أخرى، وبالتالي، فإن تغيير الضغط يكون مهماً عندما يحدث جنباً إلى جنب مع زيادة مستويات الغلوتامات.
واستخدم الباحثون أقطاباً سطحية موضوعة على الأوراق المصابة وغير المجروحة من أجل قياس هذه الإشارة الكهربائية في شكل منحنيات جهد مميزة، وتضمنت إحدى التجارب الرئيسية منع تكوين بروتين MSL10.
ومن دون البروتين MSL10، يتم تقصير الإشارة الكهربائية التي يسببها حدوث أي جرح بالنبات، وتتشتت جزيئات الإشارة مثل أيونات الكالسيوم بشكل أقل فاعلية. والنباتات التي لا تحتوي على هذا البروتين تنتج أيضاً عدداً أقل من جزيئات الدفاع لمكافحة الأعداء الطبيعيين.
ويوضح الباحثان توماس كلايست ومايكل وديك من جامعة دوسلدورف الألمانية، واللذان لعبا دوراً رئيسياً بالمشروع في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة بالتزامن مع نشر الدراسة «نجح فريقنا الدولي في إثبات لأول مرة أن القناة الأيونية التي يتم تنشيطها بحساسية ميكانيكية بالتمدد ضرورية للإشارات التي يسببها الجرح في النباتات». وطور الفريق أيضاً نموذجاً يوضح كيفية تفاعل البروتين MSL10 مع البروتينات الأخرى التي تساهم أيضاً في إرسال الإشارات.
يقول وولف فرومر من معهد علم وظائف الأعضاء الجزيئي بجامعة دوسلدورف، والباحث المشارك بالدراسة، عن الجوانب بعيدة المدى لنتائجها «إنه لأمر مدهش أن نرى أن النباتات تستخدم الإشارات الكهربائية بالطريقة نفسها مثل الحيوانات والبشر». ويضيف «إذا فهمنا بشكل أفضل إشارات الجروح والعمليات والمكونات المتضمنة، فقد نتمكن من مساعدة النباتات على التعرف على التهديدات بشكل أسرع والدفاع عن نفسها ضدها، وهذا بدوره يمكن أن يساعد في منع فقدان المحاصيل بسبب غزو الآفات وتلف الحشرات».