كان لاعب كرة القدم روجر هانت، الذي توفي عن عمر يناهز 83 عاماً، أحد العناصر الأساسية للمنتخب الإنجليزي الفائز بكأس العالم عام 1966. وشارك في جميع المباريات الست في نهائيات المونديال وسجل ثلاثة أهداف خلال البطولة. كما كان أحد أعظم لاعبي ليفربول على الإطلاق، حيث قاد الريدز للفوز بلقب الدوري الإنجليزي مرتين وكأس الاتحاد الإنجليزي مرة واحدة في أوائل الستينيات من القرن الماضي وأصبح الهداف التاريخي للنادي في بطولة الدوري - وهو الإنجاز الذي ما زال يحتفظ به حتى الآن، وإن كان إيان راش قد تفوق عليه في عدد الأهداف مع ليفربول في جميع البطولات.
ومع ذلك، ورغم كل إنجازاته، كان هانت في بعض الأحيان هدفاً للانتقادات من جمهور كرة القدم، لعدة أسباب من بينها أنه كان السبب في استبعاد جيمي غريفز من المباراة النهائية لكأس العالم عام 1966. لقد كان غريفز أفضل فيما يتعلق بالقدرة على إحراز الأهداف من أنصاف الفرص، لكن هانت كان هو اللاعب الذي تم اختياره لقيادة خط هجوم المنتخب الإنجليزي على ملعب ويمبلي. وبعد فوز إنجلترا على ألمانيا الغربية بأربعة أهداف مقابل هدفين، انتقده البعض لإهدار بعض الفرص السهلة التي كان بإمكان غريفز أن يحولها إلى أهداف لو شارك في تلك المباراة، لكن المدير الفني البراغماتي للمنتخب الإنجليزي آنذاك، ألف رامزي، ظل مؤمناً بقدرات هانت، وأكد على أن الطريقة التي كان يتحرك بها قد «خلقت مساحات» لزملائه الآخرين داخل الملعب، حتى وإن لم يتمكن هو شخصياً من هز الشباك.
وكان قائد المنتخب الإنجليزي، بوبي مور، واثقاً أيضاً من قدرات وإمكانيات هانت، وقال ذات مرة إنه «يلعب من أجل زملائه في الفريق». وقال هانت: «أنا معتاد على الانتقادات، وكنت أتعرض للكثير منها. في وقت من الأوقات كان هذا يزعجني، لكن مع مرور الوقت تعلمت قبول ذلك. ما يقوله الناس عني لا يجعلني غير قادر على النوم ليلاً. أنا أعلم جيداً أنني لن أرضي بعض الناس أبداً. لكن هذا لا يمنعني أبداً من أن أبذل قصارى جهدي». لم يمنح قصر باكنغهام وسام الفروسية لروجر هانت رغم فوزه بكأس العالم مع منتخب إنجلترا، لكنه على أي حال كان يعتز كثيراً بهذا الإنجاز الاستثنائي. وقال روجر بشأن ما إذا كان ينبغي منح وسام الفروسية لجميع اللاعبين الفائزين بمونديال 1966: «لم أكن في حاجة إلى مثل هذا الوسام أبداً. لقد حصلت على كل الأوسمة والإشادات من جمهور ليفربول على ملعب أنفيلد، وهذا يعني الكثير بالنسبة لي».
وبعد مرور عقود من الزمان وظهور العديد من المواهب العالمية، لم يتمكن أي لاعب من تسجيل أهداف في الدوري مع ليفربول أكثر من هانت. لقد سجل هذا المهاجم الفذ 245 هدفاً في الدوري، و285 هدفاً في 492 مباراة مع النادي في جميع المسابقات. ورغم أن إيان راش ربما تجاوز سجله التهديفي الإجمالي مع ليفربول، فلا يزال هانت يحتفظ بمكانة استثنائية بين جمهور النادي، كما لا يزال اسمه محفوراً بأحرف من ذهب في سجلات تاريخ كرة القدم الإنجليزية.
وعلى المستوى الدولي، سجل 18 هدفاً في 34 مباراة مع المنتخب الإنجليزي، الذي لم يخسر سوى مباراتين فقط من هذه المباريات: أمام أسكوتلندا في عام 1964، وأمام يوغوسلافيا في عام 1968. لقد كان بإمكان هانت أن يلعب مزيداً من المباريات مع المنتخب الإنجليزي، لكن بعد تعادل إنجلترا مع رومانيا على ملعب ويمبلي في يناير (كانون الثاني) عام 1969. قرر هانت اعتزال اللعب الدولي.
وُلد هانت في مدينة غلازبوري بمقاطعة لانكشاير، لعائلة تعمل في مجال النقل والشحن. وبدأ مسيرته الكروية مع نادي ستوكتون هيث للهواة (والذي يحمل الآن اسم وارينغتون تاون)، حتى انتقل إلى ليفربول في عام 1959. حقق هانت نجاحاً فورياً مع الريدز، حيث سجل 21 هدفاً في 36 مباراة بدوري الدرجة الثانية في موسم 1959 - 1960. وعندما صعد ليفربول لدوري الدرجة الأولى (الدوري الإنجليزي الممتاز حالياً) كبطل لدوري الدرجة الثانية في موسم 1961 - 1962. كان هانت أحد الأسباب الرئيسية وراء ذلك بتسجيله 41 هدفاً في 41 مباراة.
ولم تقل شراسة وفعالية هانت عندما انتقل للعب في الدوري الإنجليزي الممتاز. وعندما فاز ليفربول، الذي كان يقدم مستويات ممتازة تحت قيادة بيل شانكلي، بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز في موسم 1963 - 1964. سجل هانت 31 هدفاً في 41 مباراة، وقدم شراكة هجومية قوية للغاية مع المهاجم الأسكوتلندي إيان سانت جون. لعب هانت أول مباراة دولية مع المنتخب الإنجليزي في عام 1962، وهي المباراة التي فازت فيها إنجلترا على النمسا بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد على ملعب ويمبلي، وسجل هانت هدفاً في تلك المباراة. اختير هانت ضمن قائمة المنتخب الإنجليزي المشاركة في نهائيات كأس العالم 1962 في تشيلي، لكنه لم يشارك في أي مباراة. ولم يحجز مكانه في التشكيلة الأساسية للمنتخب الإنجليزي إلا مع بداية موسم 1965 - 1966، وتوج مسيرته الدولية بالمشاركة في نهائيات كأس العالم عام 1966.
وفي مرحلة المجموعات التمهيدية لنهائيات كأس العالم، سجل هانت هدف إنجلترا الثاني في المباراة الثانية ضد المكسيك. لم يقدم هانت أداءً جيداً في تلك المباراة، لكن بحلول الدقيقة 76 سدد غريفز كرة قوية بقدمه اليسرى لم يتمكن حارس مرمى المكسيك، إغناسيو كالديرون، من الإمساك بها وسقطت منه ليجدها هانت ويسددها في المرمى. وأمام فرنسا في المباراة التالية، سجل هانت هدفي إنجلترا. جاء الهدف الأول بعد 40 دقيقة، وكان سهلاً مثل هدفه في مرمى المكسيك، حيث ارتقى جاك تشارلتون ليلعب الكرة الركنية التي لعبها غريفز على القائم البعيد، ولعبها برأسه لتجد هانت الذي وضع الكرة بسهولة داخل الشباك. أما هدفه الثاني فكان بضربة رأس قوية بعدما قابل كرة عرضية متقنة لعبها إيان كالاهان من الناحية اليمنى.
خرج غريفز مصاباً من مباراة الدور ربع النهائي ضد الأرجنتين، وشارك بدلاً منه جيف هيرست الذي أحرز هدف الفوز. لذلك، أصبح هيرست وهانت هما ثنائي خط هجوم المنتخب الإنجليزي في مباراة الدور نصف النهائي ضد البرتغال. ورغم أن غريفز استعاد عافيته وكان قادراً على المشاركة في المباراة النهائية، فإن رامزي قرر الدفع بكل من هانت وهيرست في الخط الأمامي. لقد فشل هانت في التسجيل في المباراة النهائية، وفي الدقيقة 42 أهدر فرصة سهلة للغاية وسدد كرة ضعيفة بقدمه اليسرى ليمسكها حارس المنتخب الألماني، هانز تيلكوفسكي، وهو الأمر الذي عرضه للكثير من الانتقادات وجعل جماهير المنتخب الإنجليزي تتساءل عما كان يمكن أن يفعله غريفز لو شارك في تلك المباراة.
لكنه كان لا يتوقف عن الحركة داخل الملعب وكان يعمل بكل فعالية مع هيرست، الذي سجل ثلاثة أهداف بمفرده. وكثيراً ما يؤكد هيرست على أن احتفال هانت السريع بالهدف الثاني المثير للجدل الذي أحرزه هيرست، والذي لم يكن واضحاً مما إذا كان قد تجاوز خط المرمى أم لا، هو الذي ساعد في إقناع الحكم بأن الكرة قد دخلت المرمى. وعندما عاد هانت إلى منزله في ذلك الوقت في قرية كولشث، وجد حديقته الأمامية قد تجاوزها مئات المشجعين السعداء الذين تجمعوا لتهنئته على الأداء الذي قدمه.
وفي مايو (أيار) 1965. سجل هانت هدف ليفربول الأول في مرمى ليدز يونايتد في المباراة النهائية لكأس الاتحاد الإنجليزي على ملعب ويمبلي، وهي المباراة التي فاز فيها ليفربول بهدفين مقابل هدف وحيد. كما سجل هدفاً لليفربول بعد عام عندما خسر الريدز المباراة النهائية لكأس الكؤوس الأوروبية أمام بوروسيا دورتموند بهدفين مقابل هدف. لكن معدل إحرازه للأهداف بدأ يتراجع بشكل ملحوظ، وفي عام 1969. وبعد أن سجل ستة أهداف في 16 مباراة، باعه ليفربول في صفقة مثيرة للجدل إلى بولتون واندرارز، الذي لعب معه لمدة ثلاثة مواسم.
لقد كان هانت لاعباً منضبطاً وشجاعاً بشكل مثير للإعجاب، ورغم أنه تلقى العديد من الضربات القوية داخل الملعب، فإنه لم يحصل على البطاقة الصفراء سوى مرتين فقط طوال مسيرته الكروية. وبعد اعتزاله كرة القدم في عام 1972، انتقل للعمل بشركة العائلة. وفي عام 2000 حصل هانت على وسام الإمبراطورية البريطانية، لكن جمهور ليفربول كان قد منحه وساماً أعلى منذ فترة طويلة، عندما كان يشدو باسمه ويغني له أغنية «السير روجر» على مدار ربع قرن أو أكثر في مدرجات ملعب أنفيلد.
روجر هانت... أحد أعظم مهاجمي ليفربول على مر العصور
أصبح الهداف التاريخي للنادي... ولعب دوراً رئيسياً في فوز إنجلترا بكأس العالم عام 1966
روجر هانت... أحد أعظم مهاجمي ليفربول على مر العصور
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة