إغلاق الموانئ يضاعف الأزمة المعيشية في السودان

نقص في الوقود والأدوية والسلع الاستراتيجية

سودانيون ينتظرون في طابور دورهم لشراء الخبز وسط الخرطوم (رويترز)
سودانيون ينتظرون في طابور دورهم لشراء الخبز وسط الخرطوم (رويترز)
TT

إغلاق الموانئ يضاعف الأزمة المعيشية في السودان

سودانيون ينتظرون في طابور دورهم لشراء الخبز وسط الخرطوم (رويترز)
سودانيون ينتظرون في طابور دورهم لشراء الخبز وسط الخرطوم (رويترز)

حذر مسؤولون سودانيون من نقص كبير ومحتمل في إمدادات البلاد من الوقود والقمح والأدوية، وبعض السلع الاستراتيجية جراء إغلاق الموانئ والطرق الرئيسية، التي تربط شرق البلاد بالعاصمة الخرطوم وبقية الولايات، وفي غضون ذلك اتهم المدنيون «الانقلابيين» في السلطة الانتقالية باستغلال قضية الشرق لخنق الحكومة بهدف «تهيئة المشهد لانقلاب على الحكم المدني».
ودخلت الأزمة في شرق السودان أسبوعها الرابع، دون أي بوادر للحل، وذلك بعدما أغلق زعيم أهلي من قبيلة «الهدندوة» الإقليم، احتجاجاً على مسار اتفاق السلام. ووصفت الحكومة هذا التصعيد بأنه جريمة تزيد من معاناة الشعب.
وتتخوف الحكومة السودانية من أن يؤدي استمرار إغلاق خطوط أنابيب نقل الوقود والموانئ والطرق إلى أزمة معيشية خانقة، وتجدد الأزمات بعد الاستقرار الكبير الذي شهدته البلاد في الأشهر الماضية بفضل توفير السلع والخدمات، وسط توقعات بتعرض الاقتصاد المحلي لخسائر فادحة تعطل حركة الصادرات والواردات، وتوقف انسياب حركة البضائع والسلع من ميناء بورتسودان إلى العاصمة الخرطوم، وبقية الولايات.
وعقدت الغرفة المركزية للسلع الاستراتيجية أمس اجتماعاً، حضره وزراء الاقتصاد، ووكلاء الوزارات لمناقشة إمداد السلع في ظل الأوضاع الأمنية والسياسية الاستثنائية التي تشهدها البلاد.
وقال وزير شؤون مجلس الوزراء، خالد عمر يوسف، في بيان صحافي، إن استمرار إغلاق الميناء أمام السفن المحملة بالوقود «سيلقي بأعباء ثقيلة على الموازنة العامة، وعلى إمداد الوقود في الأيام المقبلة، كما سيتسبب في تراكمات تصاعدية لمديونيات تأخير إفراغ البواخر في المواقيت المحددة»، مشيراً إلى تأثر إمداد الجازولين جراء ذلك.
وناقش الاجتماع الوزاري إمداد وتوزيع الوقود على الولايات، في ظل التحديات التي تواجه الغرفة الفرعية لإمداد الوقود، بعد إغلاق خط الأنابيب الناقل لمشتقات الوقود من مدينة بورتسودان شرق البلاد.
وأشار البيان إلى حجز كميات كبيرة من الوقود في ميناء بورتسودان، واعتماد خطة للاستفادة من فائض مخزون الدولة في الولاية الشمالية وتوزيعه على ولايات السودان المختلفة.
كما تطرق الاجتماع لوضع الأدوية، بعد فتح الطرق البرية والميناء أمام الأدوية المنقذة للحياة، والأدوية المخصصة للأمراض المزمنة بهدف سد الفجوة الدوائية، مؤكداً وصول دفعة من أصناف الأدوية المنقذة للحياة إلى ميناء بورتسودان تكفي لاستقرار إمداد الدواء لكافة ولايات السودان المختلفة.
وذكر البيان أن استمرار إغلاق الموانئ والطرق أدى إلى تأخر وصول قطع غيار الصيانة الدورية إلى محطات التوليد الحراري والمائي لمعالجة القطوعات المتكررة.
وكان مجلس الوزراء قد حذر الأسبوع الماضي من تبعات إغلاق الميناء ببورتسودان، والطرق القومية بما يعطل المسار التنموي، ويضر بمصالح البلاد.
وقال المجلس إن مخزون البلاد من الأدوية المنقذة للحياة والمحاليل الوريدية على وشك النفاد، بالإضافة لعدد من السلع الاستراتيجية كالوقود والقمح، مشيراً إلى أن استمرار الميناء والطريق القومي سيؤدي إلى انعدام تام للسلع، وإحداث تأثير سلبي كبير على توليد وإمداد الكهرباء بالبلاد.
وكان وزير شؤون مجلس الوزراء، خالد عمر يوسف، قد اتهم «الانقلابيين» ضمن مكونات السلطة، بأنهم يعملون على استغلال قضية شرق السودان لخنق الحكومة قصد تجهيز المسرح للانقلاب، مؤكداً أن القوى السياسية ستواجه هذا المخطط لوقف إعادة السودان للاستبداد.
وكانت دول الترويكا (النرويج، المملكة المتحدة والولايات المتحدة) قد أكدت في بيان أول من أمس، دعمها لجهود الحكومة السودانية حل الأزمة في شرق السودان، واصفة تأثير إغلاق الموانئ والطرق بأنه خطر يهدد اقتصاد وحياة السودانيين.
ومنذ 17 من سبتمبر (أيلول) الماضي، أغلق «المجلس الأعلى لنظارات البجا» كل الموانئ على البحر الأحمر، والطريق الرئيسي بين الخرطوم وبورتسودان شرق البلاد.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.