السلطات تتعامل بحذر مع عرض النفط والغاز الإيراني

مساعدة وزير الخارجية الأميركية في بيروت بعد أسبوع على زيارة عبد اللهيان

TT

السلطات تتعامل بحذر مع عرض النفط والغاز الإيراني

تتعامل السلطات اللبنانية بحذر مع العروض التي قدمها وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، لتزويد لبنان بالنفط والغاز ومساعدته في مجالات النقل وتوفير الأدوية، من خلال اتفاقات اقتصادية وتجارية بين البلدين، وسط انقسام سياسي بين مؤيد ورافض لتلك العروض، وذلك قُبيل زيارة مساعدة وزير الخارجية ​فيكتوريا نولاند، إلى بيروت، المزمعة يوم الجمعة المقبل.
وأعلنت ​وزارة الخارجية الأميركية، أمس، أن نولاند​ ستتوجه إلى ​موسكو​ يوم الاثنين المقبل، ثم تنتقل بعدها إلى ​بيروت​، حيث من المقرر أن تصل لبنان الجمعة المقبل، ومن ثم إلى لندن.
وأوضحت الخارجية الأميركية، في بيان، أن نولاند ستلتقي في بيروت مع ممثلين عن ​المجتمع المدني​ وسلطات البلاد، لمناقشة الإصلاحات الاقتصادية والانتخابات العام المقبل. بعد ذلك، ستسافر إلى لندن لبحث عدد من القضايا العالمية مع الحكومة البريطانية.
وتأتي زيارة نولاند بعد أسبوع على زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، إلى بيروت، التي اختتمها أول من أمس الجمعة، وقدم خلالها عروضاً للتعاون الاقتصادي مع الجانب اللبناني، واقترح على المسؤولين اللبنانيين مطالبة واشنطن باستثناءات من العقوبات الأميركية للتعاون الاقتصادي مع طهران، وهو ما لم يحسمه لبنان.
وقالت مصادر وزارية قريبة من شخصيات رسمية لبنانية ستلتقي بها نولاند لـ«الشرق الأوسط»، إن نقاط البحث بين نولاند والمسؤولين اللبنانيين «لم تتحدد بعد»، مشيرة إلى أن لبنان «ينتظر ما ستطرحه المسؤولة في الخارجية الأميركية بالنظر إلى أن الضيف هو عادة من يحدد أجندته». وأكدت المصادر أنه «في حال تطرقت نولاند للموضوع، سنجيب»، مضيفة أنه من السابق لأوانه الحديث ما إذا كان المسؤولون اللبنانيون سيفاتحون المسؤولة الأميركية بالعرض الإيراني لجهة الاستثناءات من عدمه «لأنه أمر متروك للأجندة التي تحملها».
والواضح أن لبنان يتعامل بحذر مع العرض الإيراني للتعاون الاقتصادي، بالنظر إلى أن أي خطوة من هذا النوع «تحتاج إلى دراسة لجهة ارتداداتها السياسية وجوانبها القانونية» على ضوء العقوبات المفروضة على إيران والمتعاونين معها، في وقت «لا يزال عرض الوزير الإيراني عبارة عن موقف سياسي، لم يترجم باقتراحات عملية أو آليات تنفيذية، كي يتم تحديد موقف لبنان الرسمي منه»، حسب ما قالت المصادر التي أكدت أن العروض جاءت في معرض محادثات عبد اللهيان مع الجانب اللبناني.
وقالت المصادر: «ستتم دراسة الموقف عندما يسلك الاقتراح مساراً عملياً وتنفيذياً ويتم تقديم صيغ واقتراحات»، مشددة على أن «الموقف اللبناني الرسمي يتحدد على ضوء المعطيات التي تأخذ بالاعتبار كل ما يحيط بالعروض من النواحي القانونية والسياسية».
كان عبد اللهيان أعلن في ختام زيارته إلى لبنان عن عروض إيرانية للتعاون الاقتصادي في مجال الطاقة، واقترح بناء طهران معملي كهرباء في البلاد، وبناء شبكة مترو أنفاق في لبنان، كما أعرب عن استعداد بلاده «للوقوف إلى جانب لبنان في اتفاقية تعاون في المواد الغذائية أو الأدوية الطبية أو أي سلع أخرى».
وفي مقابل العروض الإيرانية، تمضي وزارة الطاقة اللبنانية في خطة استجرار الغاز والكهرباء من مصر والأردن عبر سوريا، بتسهيل أميركي، ووضع وزير الطاقة والمياه وليد فياض، بعد ظهر الجمعة، سفيرة الولايات المتحدة في لبنان دوروثي شيا، في أجواء نتائج الزيارات الأخيرة التي قام بها لكل من مصر والأردن. وشاركت السفيرة الوزير فياض بالأجواء الإيجابية الهادفة للإسراع في إنجاز الاتفاق مع مصر والأردن من أجل استجرار الغاز والكهرباء إلى لبنان، وإمكانية تسريع تأمين التمويل اللازم لإبرام الاتفاق، حسب ما ورد في بيان صادر عن وزارة الطاقة.
وانقسم اللبنانيون، أمس، بين مؤيد ورافض للعروض الإيرانية. ووقف حزب «القوات اللبنانية» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» في صدارة الرافضين، إذ رأى عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل أبو فاعور، في تصريح، أن «زيارة وزير خارجية إيران إلى لبنان هي لإظهار تمدد النفوذ السياسي الإيراني، ولن تجلب الترياق لمشكلاتنا الاقتصادية والاجتماعية، بل ستزيد من صعوبة مهمات الحكومة الإنقاذية، وستضفي المزيد من التعقيدات على علاقات لبنان العربية والدولية»، فيما رأى النائب أكرم شهيب، «إننا نحتاج إلى قاطرة عربية ودولية لتخرجنا من عصر العتمة»، مضيفاً أن عبد اللهيان «يلهي اللبنانيين بالمترو».
من جانبه، سخر رئيس جهاز العلاقات الخارجية في «القوات اللبنانية» الوزير السابق ريشار قيومجيان، من العرض الإيراني، قائلاً: «عرضك مردود ولو أنك ستجد من يقبل باغتصاب سيادة بلده وكرامته».
وفي المقابل، نوه تكتل نواب بعلبك الهرمل الذي يضم نواباً يمثلون «حزب الله» و«حركة أمل» بعروض التعاون الإيرانية، ودعا الحكومة إلى «التعاطي بمسؤولية مع هذه العروض ودرسها»، كما دعا الأفرقاء كافة إلى «التعاطي مع هذا العرض الكريم بكل إيجابية وحسن نية، بعيداً من منطق النكايات السياسية».



الجيش الإسرائيلي يعترض باليستياً حوثياً

حريق بالقرب من يافا ناجم عن صاروخ حوثي سبتمبر الماضي (د.ب.أ)
حريق بالقرب من يافا ناجم عن صاروخ حوثي سبتمبر الماضي (د.ب.أ)
TT

الجيش الإسرائيلي يعترض باليستياً حوثياً

حريق بالقرب من يافا ناجم عن صاروخ حوثي سبتمبر الماضي (د.ب.أ)
حريق بالقرب من يافا ناجم عن صاروخ حوثي سبتمبر الماضي (د.ب.أ)

أعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، اعتراضَ صاروخ أطلقته الجماعة الحوثية، بعد وقت من دوي صفارات الإنذار في عدد من المناطق وسط إسرائيل إثر رصد إطلاق الصاروخ من اليمن.

وقال يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة، في بيان له، إن الجماعة نفذت عملية استهداف لهدف حيوي في منطقة يافا بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين2».

وبينما زعم سريع أن الصاروخ أصاب هدفه بنجاح، أكد بيان الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ خارج المجال الجوي الإسرائيلي.

وتوعد سريع بمضاعفة الجماعة عملياتها العسكرية بالصواريخ والطائرات المسيرة، ضمن ما سماه «نصرة وإسناد المجاهدين في قطاع غزة والضفة الغربية»، وهدد بعدم توقف العمليات العسكرية الموجهة ضد إسرائيل حتى يتوقف العدوان على قطاع غزة ورفع الحصار عنه.

في سياق متصل، كشفت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية عن تعرض سفينة تجارية لهجوم، قبالة سواحل مدينة عدن اليمنية.

وذكرت الهيئة، في بيان لها، أنها تلقت تقريراً عن حادث على بعد 80 ميلاً بحرياً جنوب مدينة عدن الواقعة على سواحل خليج عدن، دون إيضاح حول ما أصاب السفينة من أضرار أو خسائر بشرية أو مادية بسبب الهجوم.

وأكدت الهيئة أن «السلطات تقوم بالتحقيق حول الحادثة»، داعية السفن إلى المرور بحذر، والإبلاغ عن أي نشاط مشبوه.

تعهدات بالتصعيد

منذ اندلاع الحرب في غزة قبل أكثر من عام، شنت الجماعة المدعومة من إيران هجمات صاروخية وأخرى بطائرات مسيرة على إسرائيل، كما باشرت هجماتها في البحر باختطاف سفينة زعمت تبعيتها لجهات إسرائيلية، لتواصل بعدها تنفيذ هجمات بالطائرات والزوارق المسيرة والصواريخ البالستية مستهدفة السفن وحركة الملاحة في البحر، ضمن ما تقول إنه تضامن مع الفلسطينيين، وانتصار لمظلوميتهم.

وتأتي هاتان الحادثتان بعد أيام من تعهدات أطلقها زعيم الجماعة الحوثية عبد الملك الحوثي باستمرار دعم «حزب الله» اللبناني وقطاع غزة، واستمرار العمليات العسكرية «بالصواريخ والمسيّرات» ضد إسرائيل، وتهديده بتصعيد الهجمات، برغم وقف إطلاق النار بين الحزب اللبناني والجيش الإسرائيلي.

مجسم طائرة بدون طيار خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل نظمتها الجماعة الحوثية في صنعاء منذ شهرين (إ.ب.أ)

وساهمت الهجمات الحوثية على إسرائيل، وفي البحر الأحمر، بتصاعد التوترات الإقليمية في الشرق الأوسط، مثيرة المزيد من المخاوف من تأثيرات الهجمات العابرة للحدود على الاستقرار في المنطقة.

وتعدّ الهجمات الإسرائيلية على مواقع الجماعة الحوثية أحد الردود العسكرية على الجماعة الحوثية، ضمن تحركات دولية عديدة، أهمها تشكيل «تحالف الازدهار» بقيادة الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، الذي أُعلن قبل نهاية العام الفائت بنحو أسبوعين.

ورد الجيش الإسرائيلي على هجمات الجماعة الحوثية بغارات جوية، مرتين؛ الأولى في يوليو (تموز) والثانية في سبتمبر (أيلول) الماضيين، استهدف خلالهما مواقع ومنشآت حيوية في مدينة الحديدة الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية على الساحل الغربي لليمن.

وتسبب الهجومان الإسرائيليان بدمار في منشآت تابعة لميناء الحديدة واحتراق خزانات وقود وتدمير محطتين للكهرباء.

حريق ضخم في خزانات الوقود جوار ميناء الحديدة اليمني بعد ضربات إسرائيلية في يوليو الماضي (أ.ف.ب)

ورد الجيش الإسرائيلي في الهجوم الأول في يوليو على وصول طائرة مسيرة حوثية إلى تل أبيب، وتسببها بمقتل شخص وإصابة آخرين، أما الهجوم الثاني في سبتمبر فكان رداً على وصول صاروخ حوثي إلى مناطق وسط إسرائيل، وتسببه بحرائق في مناطق غير مأهولة حسب ما أعلنه الجيش الإسرائيلي نفسه.

مخاوف من التصعيد

تزامن الهجوم الصاروخي الحوثي في سبتمبر 2024، والرد عليه، مع بداية التصعيد بين الجيش الإسرائيلي و«حزب الله» اللبناني، واغتيال عدد كبير من قادة الحزب، بينهم أمينه العام حسن نصر الله، واستهداف مواقع ومنشآت تابعة له في الجنوب اللبناني.

وأثارت الهجمات المتبادلة بين الجماعة الحوثية وإسرائيل مخاوف من احتمال توسع المواجهات والتصعيد غير المحدود، ما يهدد بمزيد من تدهور الأوضاع المعيشية في اليمن.

ويتوقع خبراء وباحثون سياسيون واقتصاديون، استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم في وقت سابق، أن تسعى الجماعة الحوثية إلى الاستفادة من الضربات التي تعرض لها «حزب الله» اللبناني، لتحويل نفسها إلى أهم ذراع لما يُسمى «محور الممانعة» الذي تتزعمه إيران، ويمثل «حزب الله» رأس الحربة فيه.

مخاوف يمنية من نتائج كارثية على البلاد جراء التصعيد الحوثي مع إسرائيل (رويترز)

ويتهم اليمنيون الجماعة الحوثية باستخدام العدوان الإسرائيلي على غزة ذريعةً للتهرب من جهود السلام في البلاد، ومن مطالب تحسين الأوضاع المعيشية، ودفع رواتب الموظفين العموميين التي أوقفتها منذ ما يزيد عن 8 أعوام.

وقُوبلت الهجمات الإسرائيلية على مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بتنديد إقليمي ودولي، خصوصاً وأنها استهدفت منشآت حيوية في البلد الذي يعاني من حرب طويلة أدخلتها في أزمة إنسانية معقدة، ولم يتبين أن تلك الهجمات أثرت على القدرات العسكرية للجماعة الحوثية.

ويعود آخر هجوم بحري حوثي، قبل هجوم الأحد، إلى 21 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، واستهدف سفينة قبالة سواحل عدن اليمنية بـ12 قارباً صغيراً.

وأصدرت الجماعة الحوثية حينها بياناً حول استهداف سفينة تجارية أثناء مرورها في البحر الأحمر، بعدد من الصواريخ الباليستية والصواريخ البحرية.

أكثر من 200 سفينة يقول الحوثيون إنهم استهدفوها خلال عام (أ.ف.ب)

وخلال الشهر ذاته أعلنت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية تعرض عدد من السفن التجارية لهجمات عسكرية بالصواريخ والقذائف والطيران المسيّر، قبالة سواحل الحديدة والمخا وعدن بالبحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، وذلك بعد أيام من إعلان الجماعة الحوثية مسؤوليتها عن استهداف 3 سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب، بالصواريخ والطائرات المسيّرة.

وفي إحصائية خاصة بها، تقول الجماعة إنها استهدفت خلال عام منذ أولى هجماتها أكثر من 200 سفينة.

ويواصل «تحالف الازدهار» توجيه ضرباته على مواقع تابعة للجماعة الحوثية التي تفيد المعلومات بأنها لجأت إلى إخفاء أسلحتها ومعداتها العسكرية في مخابئ جديدة في الجبال والكهوف.