معارك طاحنة بين رجال القبائل وجنوبيين ضد الحوثيين في ضالع

مئات القتلى والجرحى من المدنيين في انفجار مخازن للأسلحة في عدن

يمنيون خرجوا في مسيرات مؤيدة لـ«عاصفة الحزم» في تعز أمس (أ.ف.ب)
يمنيون خرجوا في مسيرات مؤيدة لـ«عاصفة الحزم» في تعز أمس (أ.ف.ب)
TT

معارك طاحنة بين رجال القبائل وجنوبيين ضد الحوثيين في ضالع

يمنيون خرجوا في مسيرات مؤيدة لـ«عاصفة الحزم» في تعز أمس (أ.ف.ب)
يمنيون خرجوا في مسيرات مؤيدة لـ«عاصفة الحزم» في تعز أمس (أ.ف.ب)

استمرت المواجهات العنيفة على عدة جبهات جنوبية وشرقية، أمس، في محافظات الضالع، وشبوة وأبين ومأرب، مع حشد الرئيس السابق علي عبد الله صالح والحوثيين بأرتالهم العسكرية القادمة من محافظات تعز، والبيضاء، كما تحركت الوحدات العسكرية الموجودة في الجنوب والتي أعلنت رفضها الخضوع للرئيس هادي، فيما تخوض المقاومة الجنوبية مواجهات طاحنة بقيادة العميد ثابت جواس، قائد قوات الأمن الخاصة (الأمن المركزي سابقا) في عدن، والمعين بقرار جمهوري من الرئيس هادي.
وقتل ما لا يقل عن 10 عناصر من جماعة الحوثيين أمس السبت في كمين مسلح نصبته اللجان الشعبية الموالية للرئيس هادي في محافظة الضالع جنوب البلاد، ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصادر قبلية قولها إن اللجان الشعبية و«المقاومة الجنوبية» الموالية لهادي نصبت كمينا مسلحا بين سناح، ومفرق خوبر في الضالع، مما أسفر عن مقتل 10 حوثيين وإصابة آخرين، مشيرة إلى أن حشودا من قبائل ردفان، والضالع، ويافع اتجهت إلى الضالع، للدفاع عنها، والوقوف إلى جانب المقاتلين لصد الهجمات.
وأكد مصدر محلي، أن الضالع تشهد في الوقت الراهن اشتباكات مسلحة بشكل متقطع ما بين اللجان الشعبية والمقاومة الجنوبية لمساندة لها من جهة، وجنود تابعين للواء 33 مدرع مسنودين بمسلحين حوثيين من جهة أخرى.
فيما ذكرت مصادر قبلية لـ«الشرق الأوسط»، أن القبائل في محافظة أبين مسقط رأس الرئيس هادي، تصدت لمسلحي الحوثي، المسنودين بوحدات لواء المجد الموالي للرئيس السابق، المرابط في مكيراس، مشيرة إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى من الطرفين، وانتشر عشرات المسلحين الحوثيين في منطقة شقرة الساحلية التي تعتبر أول منطقة ساحلية جنوبية يسيطرون عليها، كما شهدت جبهة محافظة شبوة تقدما ملحوظا للحوثيين، بعد تلقيهم دعما عسكريا من المعسكرات الموالية لصالح، وقالت مصادر محلية في شبوة، إن الحوثيين تمكنوا من السيطرة على منطقة بيحان، في محاولة للسيطرة على المثلث الذي يربط محافظات شبوة، والبيضاء، ومأرب، مضيفة بأن موازين القوة تسير لصالح الحوثيين وحلفائهم، بسبب افتقاد القبائل للأسلحة الثقيلة التي تتمتع بها قوات الحوثيين واعتمادهم على الأسلحة المتوسطة والخفيفة.
إلى ذلك، كشفت مصادر قبلية في مأرب عن حصولها على وثائق عسكرية مهمة وجدتها بحوزة قائد حوثي تم قتله في معارك منطقة «قانية» قبل يومين، وذكرت المصادر إلى أن الوثائق التي كانت بحوزة القيادي الميداني زكريا مطهر الحوثي، تحوي مستندات وخرائط عسكرية دقيقة وهامة، موضحة بأن الخرائط توضح سير خط حملتهم العسكرية للسيطرة على مأرب، مع تحديد مواقع لنصب نقاط تفتيش، وحصر لمراكز دينية ومنازل شخصيات قبلية بارزة، كما تضم الوثائق كشوفات بأسماء شخصيات متعاونة مع الحوثيين، وأسماء المعارضين لهم.
في غضون ذلك، أكدت مصادر طبية ومحلية في العاصمة الاقتصادية اليمنية عدن، سقوط عشرات القتلى والجرحى في انفجارات ضخمة لمخازن الأسلحة في جبل حديد بمديرية خور مكسر، الذي يعد من أكبر مخازن الأسلحة للجيش اليمني. وذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الحصيلة الأولية للانفجارات التي لم يعرف سببها، وصلت إلى أكثر من 300 قتيل وجريح من المدنيين بينهم نساء وأطفال، وأضافت المصادر أن الحصيلة قد ترتفع إلى الضعف بسبب وجود أشخاص ما زالوا تحت ركام بعض المنازل التي دمرت، واستمرار الانفجارات وتطاير عدد كبير من الصواريخ وشظايا الأسلحة التي كانت تضمها تلك المخازن، وأكدت المصادر أن بعض المنازل سويت بالأرض، وتشققت عدد من العمارات السكنية في كل من خورمكسر والمعلا، مشيرة إلى عجز المستشفيات والمراكز الصحية عن التعامل مع ضحايا الانفجارات، وهو ما دعاها إلى إطلاق نداء استغاثة لتزويدها بالمعدات الطبية وطلبت من المواطنين التبرع بالدم. وأوضحت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط»: «أن جبل حديد يضم مخازن متنوعة من ذخائر الأسلحة الثقيلة، والمتوسطة، من أهمها قذائف الدبابات وصواريخ الكاتيوشا، وقذائف مدفعية من مختلف العيارات»، وكانت المخازن تعرضت لأكثر من 3 أيام إلى أعمال نهب وسلب من قبل مسلحين، ومدنيين جنوبيين.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.