الدبلوماسيون الأميركيون يستخدمون «تويتر» بشكل متزايد لتوصيل رسائل سريعة

كيري احتفى بعامه الأول كوزير بتغريدة.. ومسؤولو الخارجية يراجعون ما يكتبه قبل نشره

الصفحة الخاصة بوزير الخارجية الأميركي على موقع «تويتر»
الصفحة الخاصة بوزير الخارجية الأميركي على موقع «تويتر»
TT

الدبلوماسيون الأميركيون يستخدمون «تويتر» بشكل متزايد لتوصيل رسائل سريعة

الصفحة الخاصة بوزير الخارجية الأميركي على موقع «تويتر»
الصفحة الخاصة بوزير الخارجية الأميركي على موقع «تويتر»

احتفل جون كيري وزير الخارجية الأميركي يوم الثلاثاء بمرور عام على توليه منصب وزير الخارجية بإعادة تنشيط حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر». وقال كيري «لقد استغرق الأمر عاما كاملا، لكن حساب وزارة الخارجية على موقع (تويتر) سمح لي أخيرا باستخدام حسابي الشخصي على (تويتر)» وقد نشر كيري تلك التغريدة على هاشتاغ «#JKTweetsAgain» كما لو كان يريد القول بأنه حرم من استخدام هاتف «بلاك بيري» الخاص به طوال العام الماضي.
ولم يهدر كيري المزيد من الوقت حيث سارع إلى تنشيط حسابه على «تويتر» من خلال نشر تغريدة صريحة تتألف من 106 أحرف تدين قصف الحكومة السورية لبعض المنازل وأحد المساجد في حلب بالبراميل المتفجرة. وبعد تلك التغريدة بساعات قليلة، أصدر كيري بيانا بنفس المضمون، لكن البيان ظهر في ثلاث فقرات بدلا من 106 أحرف.
لقد دخلنا عصرا جديدا من دبلوماسية «تويتر»، ذلك النوع من الدبلوماسية الذي يتضمن في ثناياه تعزيز – وفي بعض الأحيان استبدال – اللغة النصية المعدة بحرص، التي تميز بيانات وزارة الخارجية والبيت الأبيض، باللهجة العامية المستخدمة على «تويتر».
وتقوم مستشارة الأمن القومي، سوزان رايس، وسفيرة الولايات المتحدة الأميركية للأمم المتحدة، سامنتا باور، بنشر تغريدات بشكل منتظم على حسابهما على «تويتر» للرد على القضايا المهمة والمثارة على الساحة السياسية العالمية، من سجن الباحث القانوني الصيني إلى الانتهاكات التي تقع في جمهورية أفريقيا الوسطى.
أما مايكل ماكفول - أحد المساعدين السابقين في البيت الأبيض ورائد استخدام موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» كأداة دبلوماسية عندما تولى منصب سفير الولايات المتحدة إلى روسيا عام 2011 – فقد أعلن مغادرته لمنصبه كسفير لبلاده في موسكو يوم الثلاثاء عبر تغريدة، ثم قضى باقي يومه يتلقى تعليقات الأمنيات الطيبة على «تويتر».
وعلى حسابه على «تويتر»، علق كيري على تغريدة ماكفول بقوله «لا تعتقد أن العودة إلى كاليفورنيا ستمنعني من طلب النصيحة منك». ويعود ماكفول، الذي كان أستاذا للعلوم السياسية في جامعة ستانفورد، للعيش مجددا مع أسرته في كاليفورنيا.
وكانت تغريدات ماكفول على «تويتر» قد عرضته للدخول في متاعب مع حكومة روسيا في بداية فترة عمله كسفير في موسكو، عندما دافع عن المحتجين وعبر عن شكوكه في أن السلطات الروسية تضعه تحت المراقبة. غير أن ماكفول واصل نشر تغريداته باللغتين الإنجليزية والروسية. وقد صرح ماكفول بأن «تويتر» سمح له بالتفاعل الآني واللحظي مع طلاب المدارس الثانوية في مدينة فلاديفوستوك أو مع وزير في الحكومة الروسية، من دون الحاجة إلى اللجوء لعمل بيانات تنشرها وسائل الإعلام الإخبارية الروسية.
وقد حذا الكثير من السفراء حذو ماكفول، لا سيما كارولين كينيدي، سفيرة أميركا في اليابان، التي أثارت موجة من الغضب بين الشعب الياباني عندما نشرت تغريدة تنتقد الممارسات الدموية – التقليدية - لصيد الدلافين هناك.
وفي الوقت الذي صار لجوء السفراء لبث آرائهم من خلال حساباتهم على «تويتر» شيئا تقليديا – حتى أن وزارة الخارجية الأميركية صارت تتوقع من مبعوثيها نشاطا دبلوماسيا على شبكة الإنترنت – تعطي ظاهرة نشر المسؤولين الكبار لآرائهم في السياسة الأميركية، فيما يخص القضايا الحساسة، زخما جديدا للدبلوماسية الرقمية وترفع من مستوى وأهمية ذلك المنفذ الدبلوماسي الجديد. لكن ذلك يزيد من مخاطر المجال الدبلوماسي، فقد تسبب تغريدة لكيري عن شؤون الشرق الأوسط صداعا أكبر بكثير من تغريدة كينيدي عن آرائها في قضية صيد الدلافين في اليابان.
يقول دوغلاس فرانتز، مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون العامة، «لن تكون تغريدات (تويتر) بديلا عن عقد الاجتماعات أو اتصال هاتفي. دبلوماسية أميركا الخارجية شديدة التعقيد ولا يمكن شرح قضية بعينها في جملة تتألف من 140 حرفا. غير أنه يمكن اللجوء لتغريدات (تويتر) لإيصال رسائل سريعة وشرح وتعليق على رسائل أخرى موجودة بالفعل».
ويشير بي. جاي. كروالي، أحد المسؤولين الذين سبق لهم تولي منصب فرانتز، إلى أن الدبلوماسيين، الذين يستخدمون موقع «تويتر»، لن يفقدوا مكانتهم على المستوى الخارجي، مضيفا «(لا شك أن) هناك قيمة محتملة في قيام جون كيري وسوزان رايس بنشر تغريدات على موقع (تويتر) باستخدام أسمائهم الحقيقة. وربما لا تكون لكلماتهم نفس القدر من الأهمية التي تتوفر عندما يتعاملون شخصيا مع قضية محددة».
ويوضح كراولي أن التحدي الأكبر الذي يواجه الدبلوماسية الرقمية هو محاولة اكتشاف غرض استراتيجي لتلك التغريدات، مضيفا «أنه سيكون من المهم أن نعرف ما هي الدروس التي تعلمتها كارولين كينيدي من تغريداتها حول صيد الدلافين، والتي تعكس بدقة الموقف الدبلوماسي الأميركي، كما أنها أثارت بالتأكيد حوارا جادا بين الطرفين عن تلك القضايا، مما أثار، في الوقت نفسه، الكثير من المتاعب».
ويقول مسؤولون إنه «رغم أن كيري يكتب تغريداته بنفسه، فإنه لا ينشرها من دون مراجعة رأي مسؤولي وزارة الخارجية فيها. وهناك بروتوكول مماثل لتغريدات سوزان رايس في البيت الأبيض، على الرغم من عدم حاجتها لنشر توضيحات عن بعض ملاحظاتها الشخصية، مثل تغريدتها مثلا عن سوبر بول (المباراة النهائية في دوري كرة القدم الأميركية) والتي قالت فيها الجميع يبحثون عن (فريق سياتل) سي هوكس في منزلي».
وكانت رايس، التي شرعت في نشر تغريداتها الدبلوماسية عندما تولت منصب سفيرة بلدها في الأمم المتحدة، قد أبدت قلقها في بادئ الأمر حول ممارسة السياسة الخارجية من خلال نشر رسائل قصيرة. لكنها اكتشفت فيما بعد أن الطبيعة المختصرة، التي تتمتع بها تغريدات «تويتر»، أجبرتها على إيجاز رسالة الحكومة الأميركية في جمل قصيرة مكثفة المعنى. كما أن تغريدات «تويتر» عملت أداة دبلوماسية مكافئة للردود الدبلوماسية الرسمية السريعة.
يقول باتريك فنتريل، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، «عندما يواجه المرء قضية جديدة، يجد أنه من الأفضل أن يتعامل بشكل مباشر مع تلك القضية. فتغريدات (تويتر) ليست مجرد رسائل يجري إطلاقها في لحظة انفعال عابرة».
وكان قد أثير الكثير من الجدل يوم الاثنين مساء عندما أطلقت رايس سلسة من التغريدات المدافعة عن كيري، الذي تعرض لهجوم من المسؤولين الإسرائيليين عندما لمح إلى أن فشل مفاوضات السلام الإسرائيلية - الفلسطينية من الممكن أن يؤدي إلى تفاقم الاتجاه المتزايد نحو مقاطعة المنتجات الإسرائيلية ونزع الشرعية عنها.
وقالت رايس في إحدى تغريداتها «الهجوم الشخصي في إسرائيل ضد وزير الخارجية كيري غير مبرر وغير مقبول».
كما أضافت رايس في تغريدة أخرى «سجل كيري فيما يخص دعم أمن وازدهار إسرائيل ثابت وراسخ».
ويقول أليك جاي. روس، الذي ساعد في وضع مبادرات دبلوماسية رقمية لوزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، إن «قيمة (تويتر) الحقيقية بالنسبة لكبار المسؤولين تكمن في الحصول على معلومات استخباراتية وليس بعث رسائل».
مهما كانت المخاطر، قد يشعر المسؤولون الأميركيون بأنهم ليس لديهم خيار في قضية نشر تغريدات على موقع «تويتر»، حيث يقوم الكثير من نظرائهم الأجانب باستخدام تلك الوسيلة. فقد سبق الرئيس الإيراني حسن روحاني البيت الأبيض عندما نشر تغريدة عن المكالمة الهاتفية التاريخية مع الرئيس أوباما في الخريف الماضي. وكان كيري، الذي يمتلك حسابا على «تويتر» تحت اسم «سيناتور»، يود لو كان باستطاعته مواصلة استخدام ذلك الحساب. غير أن مساعديه أقنعوه باستخدام حساب وزارة الخارجية الرسمي خلال السنة الأولى من تولي منصبه، مع توقيع التغريدات بالأحرف الأولى، حسبما قال فرانتز.
والسؤال الآن: ما الخطورة التي قد تنجم عن إطلاق العنان لكيري لاستخدام حسابه الشخصي على «تويتر»؟ يجيب فرانتز بقوله «الكثير من وزراء الخارجية سيعرفون الكثير عن فريق بوسطن بروينز لهوكي الجليد أكثر مما كانوا يتخيلون أنهم سيعرفونه في يوم من الأيام».

* خدمة «نيويروك تايمز»



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.


بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.


واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
TT

واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)

قالت الولايات المتحدة اليوم (الثلاثاء)، إنها ما زالت ترفض اعتبار نيكولاس مادورو الرئيس الشرعي لفنزويلا، وتعترف بسلطة الجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015 بعد أن حلت المعارضة «حكومتها المؤقتة».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحافيين: «نهجنا تجاه نيكولاس مادورو لا يتغير. إنه ليس الرئيس الشرعي لفنزويلا. نعترف بالجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015»، وفق ما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.
ولدى سؤاله عن الأصول الفنزويلية، ولا سيما شركة النفط الفنزويلية في الولايات المتحدة، قال برايس إن «عقوباتنا الشاملة المتعلقة بفنزويلا والقيود ذات الصلة تبقى سارية. أفهم أن أعضاء الجمعية الوطنية يناقشون كيف سيشرفون على هذه الأصول الخارجية».