زعيمان جمهوريان في الكونغرس الأميركي: التطبيع مع الأسد خطأ

منظمات سورية معارضة تدعو عمّان إلى عدم التقارب مع دمشق

سوريون قرب صورة للرئيس بشار الأسد في حمص يوم 3 أكتوبر الحالي (رويترز)
سوريون قرب صورة للرئيس بشار الأسد في حمص يوم 3 أكتوبر الحالي (رويترز)
TT

زعيمان جمهوريان في الكونغرس الأميركي: التطبيع مع الأسد خطأ

سوريون قرب صورة للرئيس بشار الأسد في حمص يوم 3 أكتوبر الحالي (رويترز)
سوريون قرب صورة للرئيس بشار الأسد في حمص يوم 3 أكتوبر الحالي (رويترز)

انتقد الجمهوريون في الكونغرس مساعي «التطبيع مع النظام السوري»، التي قامت بها دول عربية في الفترة الأخيرة.
وأصدر كبير الجمهوريين في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ السيناتور جيم ريش وكبير الجمهوريين في اللجنة الموازية بمجلس النواب مايك مكول، بياناً شديد اللهجة بعنوان: «التطبيع مع الأسد خطأ». ويشير البيان إلى «العذاب الشديد الذي تسبب فيه الأسد للشعب السوري، عبر قتل مئات الآلاف من السوريين وارتكاب جرائم ضد الإنسانية بمساعدة روسيا وإيران».
وذكّر المشرعان البارزان بـ«قانون قيصر» الذي أقره الكونغرس بإجماع الحزبين والذي يهدف لمعاقبة كل من يساعد «حملة الأسد للقتل». ويعرب البيان عن خيبة أمل المشرعين من تخلي «بعض شركاء الولايات المتحدة؛ بمن فيهم أعضاء في الجامعة العربية»، لكن من دون تسميتهم، عن مساعيهم لـ«معاقبة الأسد، عبر خطوات تهدف إلى تطبيع العلاقات معه».
وأشار المشرعان إلى أن صفقات الطاقة الأخيرة التي أبرمت مع سوريا ستدر الأموال على النظام السوري، محذرين من أن تطبيع العلاقات معه سيؤدي إلى الاستمرار في زعزعة الاستقرار بالمنطقة. وتعهدا بالعمل جاهدين مع المجتمع الدولي للحرص على «حصول الشعب السوري على العدالة التي ينشدها».
ولا تتوقف انتقادات التطبيع على الجمهوريين فحسب؛ بل سبق أن تعاون الحزبان لإقرار مشروع قرار بالكونغرس في مارس (آذار) الماضي لإدانة «الفظاعات التي ارتكبها نظام الأسد بحق شعبه»، والتأكيد على التزام الولايات المتحدة بتحميل النظام وداعميه مسؤولية جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان.
وفي حين يشدد المشرعون من الحزبين على ضرورة تطبيق «قانون قيصر»، أعرب بعضهم؛ كرئيس لجنة العلاقات الخارجية السيناتور الديمقراطي بوب مننديز، عن انفتاحه على التغاضي عن فرض بعض هذه العقوبات لتسهيل مرور الغاز والكهرباء إلى لبنان في ظل الأزمة التي تمر بها البلاد.
لكن موقف مننديز هذا لا يعني مباركة السيناتور «جهود التطبيع» مع الأسد، وهذا ما أكده مصدر في مجلس الشيوخ لـ«الشرق الأوسط»، مذكراً بتصريحات للسيناتور الديمقراطي وصف فيها الأسد في أكثر من مناسبة بـ«الجزار الذي يفرض سيطرته وإرهابه بدعم من طهران وموسكو». كما أشار المصدر نفسه إلى أن هدف المشروع الذي أقره الكونغرس هو «توجيه رسالة واضحة للمجتمع الدولي تحذر من عودة العلاقات إلى طبيعتها مع النظام»، إضافة إلى التذكير بالدور الإيراني - الروسي في دعمه و«المشاركة في انتهاكات ضد المدنيين بهدف تقديم مصالحهم؛ الأمر الذي أدى إلى تقوية المجموعات المتشددة في سوريا».
وفي السياق نفسه، أصدرت مجموعة من المنظمات الأميركية - السورية بياناً مشتركاً يندد بالخطوات التي اتخذها الأردن لـ«التطبيع مع نظام الأسد»، عادّين أن تحركاً من هذا النوع يعني «تجاهل المجازر الجماعية التي ارتكبها النظام بحق الشعب السوري». وانتقد البيان؛ الذي وقعت عليه 10 منظمات من المعارضة السورية، الاتصال الهاتفي بين العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس السوري بشار الأسد، ووصفوه بـ«التحول الحاسم في سياسة الأردن تجاه نظام الأسد»، مذكرين بسياسة الأردن السابقة الداعمة لتحييد الرئيس السوري عن السلطة.
وحذرت المنظمات من أن هذا التغيير في موقف الأردن سيؤدي إلى تقوية النظام السوري وتهديد الجهود الرامية إلى محاسبته في المحاكم الدولية على «جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية» كما أنه قد يشجع دولاً أخرى على التطبيع معه.
وحثت المنظمات الإدارة الأميركية والكونغرس على الإعراب علناً عن معارضتهما التطبيع، مشيرين إلى أنه يتعارض مع السياسة الأميركية المعتمدة ويهدد مصالحها القومية الاستراتيجية.
وكانت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أكدت الأسبوع الماضي أنه ليس لديها «أي خطط لتطبيع العلاقات الدبلوماسية مع نظام الأسد أو رفع مستوى العلاقات الحالية». وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية لـ«رويترز» إن «الولايات المتحدة لن تطبع أو ترفع من مستوى العلاقات الدبلوماسية مع نظام الأسد، كما أنها لا تشجع بلداناً أخرى على القيام بذلك، نظراً للفظائع التي ارتكبها نظام الأسد بحق الشعب السوري». وأضاف المتحدث أن نظام الأسد لا يمتلك أي شرعية بالنسبة للولايات المتحدة، مؤكداً عدم وجود أي توجه نحو تطبيع العلاقات مع حكومته في الوقت الحالي.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.