تونس: دعوات لحل البرلمان والذهاب لانتخابات مبكرة

مدخل البرلمان التونسي المجمد بأمر رئاسي (أ.ف.ب)
مدخل البرلمان التونسي المجمد بأمر رئاسي (أ.ف.ب)
TT

تونس: دعوات لحل البرلمان والذهاب لانتخابات مبكرة

مدخل البرلمان التونسي المجمد بأمر رئاسي (أ.ف.ب)
مدخل البرلمان التونسي المجمد بأمر رئاسي (أ.ف.ب)

دعا محمد القوماني، القيادي في حركة النهضة، إلى حل البرلمان التونسي، الذي تم تجميده بقرار رئاسي منذ أكثر من شهرين، وقال إن تعليق نشاط البرلمان «لا يصح، والحل هو حل البرلمان، والذهاب إلى انتخابات برلمانية مبكرة في حال أصبحت عودة هذا البرلمان مستحيلة، أو معطلة»، على حد تعبيره.
وأكد القوماني أن حركة النهضة «طرقت جميع أبواب الحوار، وحاولت تنظيم جلسات حوارية لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد. غير أن رئيس الجمهورية قيس سعيد أغلق نهائياً باب الحوار، بعد الأمر الرئاسي الذي أصدره يوم 22 سبتمبر (أيلول) الماضي، معتبراً أن الحل الأفضل هو «الجنوح للسلم والحوار السياسي، وليس لمنطق الشوارع»، في إشارة إلى الوقفات المساندة للتدابير الاستثنائية التي اتخذها الرئيس سعيد، والمظاهرات الرافضة لها.
وألقى القرار الرئاسي بتعليق أجور البرلمانيين ومنح حوافز لهم بظلاله على نواب البرلمان، بعد أن وجدوا أنفسهم في وضعية مبهمة، واصطدامهم بإجراءات قانونية لتقديم استقالاتهم، والعودة لوظائفهم الأصلية. وبهذا الخصوص، دعت ليلى الحداد، القيادية في حركة الشعب، إلى إصدار أمر رئاسي ينهي مهام نواب البرلمان، ويضمن عودتهم إلى وظائفهم الأصلية في وظائف حكومية، أو في أنشطة خاصة، على اعتبار أن جل نواب البرلمان هم في الأصل موظفون في القطاعين العام والخاص، لكن بسبب الأمر الرئاسي وجدوا أنفسهم في وضعية لا تسمح لهم بالاستقالة من البرلمان، لأنهم مطالبون في هذه الحالة بتقديم الاستقالة عبر مكتب ضبط البرلمان، لكنه مجمد منذ عدة أسابيع.
وللخروج من هذه الإشكالية تقدم عدد من المختصين في القانون بحل يقضي باعتماد الظروف الاستثنائية، واقترحوا أن يوجه النواب استقالاتهم إلى مكتب ضبط المجلس. لكن هذا الرأي يصطدم هو الآخر بإشكالية عدم وجود مكتب الضبط بالبرلمان المغلق.
في غضون ذلك، أعلنت فضيلة القرقوري، القاضية بمحكمة المحاسبات، إصدار أكثر من 350 حكماً ابتدائياً ضد قوائم شاركت في الانتخابات التشريعية لسنة 2019، ومن بينها أحكام تتعلق بعدم إيداع الحساب المالي، وتجاوز سقف الإنفاق الانتخابي، والحصول على تمويلات غير شرعية، إضافة إلى عدم احترام مبدأ الشفافية.
كما أوضحت القرقوري أن محكمة المحاسبات أحالت أكثر من 30 ملفاً على أنظار النيابة العامة لدى القضاء المختص في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، تتعلق بشبهات حدوث مخالفات انتخابية، على غرار الإشهار السياسي والتمويلات المشبوهة، ودعت إلى مراجعة الإجراءات والآجال، وإيجاد آليات للتنسيق بين مختلف هياكل القضاء.
على صعيد آخر، قالت قناة «الزيتونة» الخاصة، المقربة من حركة النهضة، إن قوات الأمن داهمت أمس مقر القناة، معززة بأعضاء من الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهايكا)، واقتحمت استوديوهات التصوير، وشرعت في إتلاف التجهيزات.
وقال نوري اللجمي، رئيس «الهايكا»، إنه لا علاقة لقرار تنفيذ الحجز ضد قناة «الزيتونة» بالتدابير الاستثنائية الحالية التي تمر بها تونس، وأرجع ذلك «لعدم حصول القناة على الرخصة القانونية، وتجاهل دعوة تسوية وضعيتها»، مشيراً إلى أن «الهايكا» دعت القناة في مرات سابقة إلى التوقف الفوري عن البث، كان آخرها في 11 أغسطس (آب) الماضي، بسبب عدم حصولها على إجازة البث التلفزي.
وتأتي هذه المداهمة إثر صدور أمر بسجن عامر عياد، المنشط التلفزي بنفس القناة، إثر انتقاده الشديد قبل ثلاثة أيام للقرارات الرئاسية، واعتماده على قصيدة شعرية لاذعة لأحمد مطر.
تجدر الإشارة إلى أن قناة «الزيتونة» هي واحدة من بعض محطات تلفزيونية تعمل لسنوات دون ترخيص من الهيئة التنظيمية، وهو أمر خلّف انتقادات واسعة في تونس، باعتبار أنها وسائل غير مشروعة للتأثير السياسي.
لكن بعض المعارضين لاستئثار الرئيس سعيد بالسلطة التنفيذية في يوليو (تموز) الماضي، قد يرون أن التحركات ضد وسائل الإعلام التي تعارضه محاولة لتقويض حرية الصحافة المتاحة بشكل كبير في تونس منذ انتفاضة 2011، التي أطاحت بالرئيس الراحل زين العابدين بن علي.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.