اتجه الوضع الوبائي في روسيا نحو تدهور حاد جديد خلال الأيام الأخيرة، مع تزايد أعداد الإصابات اليومية بشكل حاد، وتسجيل أعلى معدل للوفيات منذ تفشي الوباء العام الماضي.
ومع ميل التوقعات الحكومية لاحتمال مواجهة فترة قاسية جديدة، برزت المخاوف مجدداً على وضع القطاع الصحي، بعدما دلت معطيات رسمية إلى أن نحو ثلثي الأسرة في المستشفيات باتت مشغولة حالياً، على الرغم من أن البلاد لم تقترب بعد من ذروة الانتشار الجديدة.
وأعلنت غرفة العمليات الحكومية الخاصة بمواجهة الوباء، أمس، أنها رصدت أكثر بقليل من 25 ألف إصابة جديدة خلال اليوم الأخير، مشيرة إلى أن المنحى التصاعدي للإصابات تواصل خلال الأيام الماضية. وعكست حصيلة الوفيات اليومية جراء فيروس كورونا مستوى غير مسبوق، في مؤشر إلى خطورة التدهور الحاصل، إذ تجاوزت روسيا لأول مرة عتبة الـ900 حالة وفاة.
ووفقاً للمعطيات، فقد سجلت خلال الساعات الـ24 الماضية 929 وفاة (مقابل 895 وفاة في اليوم السابق)، ما يمثل أكبر زيارة في عدد ضحايا الوباء منذ بداية الجائحة لليوم الثاني على التوالي. وكانت الموجة الجديدة من الانتشار قد أثارت قلقاً واسعاً، على خلفية بطء عمليات التلقيح في البلاد. ورأى خبراء أن واحداً من أسباب الموجة الجديدة التي يتوقع أن تبلغ ذروتها مع حلول نهاية العام الفعاليات الكبرى التي شهدتها المدن الروسية بعد تخفيف تدابير الحظر، خصوصاً الانتخابات العامة التي جرت في الفترة بين 17 و19 سبتمبر (أيلول) الماضي، وشارك فيها ما لا يقل عن 50 مليون روسي، غالبيتهم الساحقة صوتوا في مراكز الاقتراع، وليس عبر تقنيات التصويت عن بعد.
وعقد الرئيس فلاديمير بوتين، أول من أمس، اجتماعاً موسعاً للحكومة والفريق المعني بمتابعة تداعيات الوباء، برز خلاله حجم المخاوف من التأثيرات المحتملة في المرحلة المقبلة. وأعلنت نائبة رئيس الوزراء، تاتيانا غوليكوفا، عن توقعات متشائمة، وقالت إن عدد الحالات الجديدة من الإصابات اليومية قد يتجاوز قريباً عتبة الـ30 ألف مصاب، مشيرة إلى أن الآلية الوحيدة لوقف التدهور تكمن في تسريع وتيرة التلقيح.
وتلقى 42.2 مليون شخص اللقاح بشكل كامل في الاتحاد الروسي حتى الآن. ويقول خبراء إن هذا المعدل ما زال بعيداً جداً من تحقيق مستوى المناعة الجماعية، وإن على روسيا توسيع حجم متلقي اللقاح، ليصل إلى نحو 80 مليون نسمة في غضون أشهر معدودة لمواجهة الموجة الجديدة وتأثيراتها.
لكن على الرغم من القلق المتصاعد، بدا خلال الاجتماع الحكومي أن السلطات الروسية لا تميل لاتخاذ إجراءات على صعيد فرض قيود صارمة أو تدابير احترازية واسعة النطاق. وبدلاً من ذلك، اقترح مجلس الوزراء اتخاذ «إجراءات محددة هادفة»، بينها منح الأقاليم صلاحيات واسعة، وإعلان مناطق «خالية من فيروس كورونا» في الدولة، وعدم السماح بالدخول إليها إلا لمتلقي اللقاح.
ولفت عمدة موسكو، سيرغي سوبيانين، الأنظار في هذا الإطار إلى وضع القطاع الصحي. وقال إنه على الرغم من أن معدلات الانتشار الحالية ما زالت بعيدة عن الذروة، فإن ما يقرب من ثلثي الأسرة المخصصة لمرضى «كوفيد - 19» باتت مشغولة بالفعل في العاصمة الروسية.
ووضعت غوليكوفا مقارنة بين معدلات الانتشار الحالية والموجات السابقة التي واجهتها البلاد، لافتة إلى أن المعدلات اليومية يمكن أن تتجاوز قريباً عتبة الـ30 ألف مصاب. وأضافت أن الزيادة في حالات الإصابة بالفيروس بلغت منذ بداية سبتمبر (أيلول) الماضي قرابة 31 في المائة، وارتفعت من 88 حالة لكل 100 ألف نسمة إلى ما يزيد قليلاً على 115 حالة. والأسوأ أنه قياساً بالعام الماضي، فقد تضاعف معدل الإصابة بين الأطفال في روسيا.
ووفقاً لهذا المؤشر، تظل روسيا واحدة من أكثر الدول تضرراً في العالم، حيث تحتل المرتبة الخامسة، بعد الولايات المتحدة والبرازيل والهند والمكسيك.
وحذرت آنا بوبوفا، رئيسة هيئة الرقابة ورعاية المستهلك، من أن الوضع يزداد تعقيداً وسط انتشار موسم الإنفلونزا. وقالت إنه مع موسم الوباء، سيواجه الروس سلالتين جديدتين في وقت واحد، وأشارت إلى أن الأشخاص المصابين بفيروس كورونا أكثر عرضة للإصابة بالإنفلونزا.
وعلى صعيد التدابير المتخذة لتشجيع الروس على الإقبال لتلقي التطعيم، أعلنت الحكومة أنها تخطط لإجراء سحب مالي خاص بحلول نهاية العام، لتحفيز الروس على المشاركة في حملة وطنية شاملة، علماً بأن الجولة الأولى من هذا اليانصيب جرت أواسط الشهر الماضي، وبموجبها حصل 495 شخصاً على مكافأة مالية قدرها 100 ألف روبل.
ولفت الرئيس فلاديمير بوتين خلال الاجتماع الانتباه إلى ضرورة «ضمان شفافية هذه الحملة، بحيث لا يفوز سوى أولئك الذين حصلوا على اللقاح بحسن نية».
روسيا تواجه موجة «حادة» من انتشار الوباء
سجّلت معدل الوفيات الأعلى... وتحذير من ضعف الإقبال على اللقاح
روسيا تواجه موجة «حادة» من انتشار الوباء
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة