تعهدت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، ببحث طرق أخرى للتعامل مع الملف النووي الإيراني، إذا فشل المسار الدبلوماسي والمحادثات غير المباشرة بين طهران والقوى العالمية في فيينا، بعد قلق أميركي وإسرائيلي من تطوير طهران قدراتها لجمع ما يكفي من اليورانيوم المخصب لصنع قنبلة نووية، وتقليص المدى الزمني لحصولها على القنبلة النووية إلى بضعة أشهر.
وكان الملف النووي الإيراني أبرز الملفات التي ناقشها مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان مع نظيره الإسرائيلي إيال هولتا في البيت الأبيض أمس (الثلاثاء)، خلال الاجتماع الأول للمنتدى الثنائي الذي تم إنشاؤه لمواجهة التهديد النووي الإيراني.
ووفقاً لمسؤولي البيت الأبيض، شهد الاجتماع نقاشات حول أفضل الطرق لوضع حد لتخصيب اليورانيوم، ووضع قيود على المخزونات التي تمتلكها إيران من اليورانيوم المخصب، ومناقشة تقييم استخباراتي من الجانبين حول مدى تقدم البرنامج النووي، وأين يتجه، وما نوع علامات الاختراق التي ستكون مثيرة للقلق، والجداول الزمنية. وقال مسؤول أميركي كبير: «سيكون من الصعب للغاية إيقاف المسار الإيراني إذا كانت طهران على عتبه الاختراق».
وعقد سوليفان وهولتا جلسة منفصلة لمناقشة القضايا الأخرى المتعلقة بالعلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، والمساعدة الأمنية الأميركية لإسرائيل، إلى جانب تعزيز وتوسيع اتفاقيات إبراهيم.
وشهد اللقاء بين سوليفان وهولتا اجتماع المجموعة الاستشارية الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل (SRG)، وهو منتدى ثنائي مشترك بين الوكالات تم إنشاؤه في مارس (آذار) لمناقشة إيران، وقضايا أمنية إقليمية أخرى، ويضم ممثلين عن الأوساط العسكرية والدبلوماسية والاستخباراتية في كل من إسرائيل والولايات المتحدة. وأتاح اللقاء -وفق مسؤولين- تبادل معلومات استخباراتية حول البرنامج النووي الإيراني للتوافق على تقييم لمدى تطور البرنامج.
وقال مسؤول أميركي كبير للصحافيين، مساء الاثنين، إن المنتدى عقد اجتماعات عدة مرات في الأشهر الأخيرة، لكن جلسة الثلاثاء الصباحية هي المرة الأولى التي يُعقد فيها شخصياً، ويأتي في أعقاب نقاشات الرئيس بايدن ورئيس الوزراء نفتالي بينت في أواخر أغسطس (آب) في البيت الأبيض. وخلال النقاشات، أكد بايدن لبينت أنه لن يسمح لإيران أبداً بامتلاك سلاح نووي، وأنه بينما تواصل إدارته الجهود الدبلوماسية للعودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، فإن الإدارة الأميركية ستكون مستعدة لبحث طرق أخرى، إذا فشلت الدبلوماسية. وقال المسؤول الأميركي للصحافيين: «ما زلنا نعتقد بقوة أن الطريق الدبلوماسي يظل أفضل طريق لحل هذه القضية. ومنذ دخولنا، لم نرفع أي عقوبات؛ لن ندفع مقدماً، وقد أوضحنا ذلك تماماً».
وأضاف المسؤول: «لقد انخرطنا في اتصالات منتظمة مع إدارة بينت بشأن التهديدات الكثيرة التي تشكلها إيران، بما في ذلك برنامجها النووي، وأنشطتها الإقليمية المزعزعة للاستقرار، وبرنامج الصواريخ الباليستية، ودعم الإرهاب، وشبكة الطائرات من دون طيار المدعومة من إيران». وتابع: «هناك قدر كبير من التوافق حول كيفية رؤيتنا للتحديات التي تمثلها إيران، وكيفية ضمان أننا نستخدم بشكل فعال مجموعة كاملة من الأدوات المتاحة لنا».
وعن الإجراءات التي تجري دراستها، وما إذا كانت تشمل خيارات عسكرية، قال المسؤول: «سنكون على استعداد لاتخاذ الإجراءات اللازمة».
وأضاف أن إيران «ترسل إشارات إلى عدد من الأطراف بأنها تستعد للعودة إلى فيينا»، حيث أجرت الولايات المتحدة وإيران محادثات غير مباشرة في وقت سابق هذا العام، لكنها توقفت. وأوضح: «لقد قمنا بجهود دبلوماسية بقيادة روب مالي، ونعتقد أننا شاركنا بشكل بناء بشأن الشكل الذي ستبدو عليه العودة إلى الامتثال من جانبنا، وحددنا أيضاً كيف ستبدو العودة إلى الامتثال من جانب إيران، ونعتقد أن العبء الآن يقع على عاتق الإيرانيين»
- تل أبيب
وفي تل أبيب، قالت مصادر إن الجانب الإسرائيلي يحمل ملفاً يحتوي على معلومات مستحدثة عن تقدم المشروع النووي، ورزمة اقتراحات حول الخطة التي ينبغي اتباعها، في حال فشل الجهود الدبلوماسية.
وأكدت المصادر أن أحد الأمور التي سيقولها رئيس وأعضاء الوفد الإسرائيلي لمضيفيهم أن ثمة حاجة ملحة لتنفيذ خطوات حازمة علنية ضد طهران، وأنه «من دون خطوات كهذه، لا يوجد أي احتمال للأميركيين لإملاء تنازلات في المحادثات النووية على الإيرانيين».
وكان مسؤول أميركي كبير، طلب عدم الكشف عن هويته، قد صرح في مقابلة هاتفية مع الصحافيين، بأن واشنطن ستبلغ الوفد الإسرائيلي بأنها «تأمل أن تتمكن من العودة إلى فيينا بسرعة إلى حد ما، حتى ترى نوايا الوفد الإيراني»، وأن «واشنطن ملتزمة بالدبلوماسية مع إيران فيما يتعلق بالمفاوضات النووية، لكنها ستسلك سبلاً أخرى، إذا فشلت هذه المحادثات».
وأفاد مسؤول أميركي آخر، فإن واشنطن تشعر بالقلق بشكل خاص من تكديس إيران لليورانيوم المخصب. وفي إشارة إلى الوقت الذي ستستغرقه نظرياً طهران للحصول على المواد اللازمة لصنع قنبلة نووية، قدّر أن تكون تلك الفترة تقلصت بشكل كبير من «اثني عشر شهراً إلى بضعة أشهر فقط، وهو أمر مقلق جداً».
وأضاف المسؤول الأميركي أن الولايات المتحدة ما زالت تعطي فرصاً للدبلوماسية في تعاطيها مع إيران، إلا أن هذا الأمر لن يطول، وستبحث إدارته أيضاً خطة بديلة عن الدبلوماسية الهادئة، في حال فشل التوصل إلى اتفاق.
وعد الإسرائيليون هذه التصريحات التي صدرت عشية لقاء سوليفان مع نظيره الإسرائيلي هولتا رسالة ذات دلالة تؤكد صحة قرار الحكومة الإسرائيلية الجديدة، بقيادة نفتالي بنيت، تغيير التوجه الإسرائيلي الذي قاده رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، والتنسيق مع البيت الأبيض، بدلاً من المواجهة ضده.
يذكر أن أوساطاً إسرائيلية قد دعت الحكومة الإسرائيلية إلى تعلم الدروس من السياسة الأميركية المتعقلة التي لا تغلق باب الدبلوماسية. ونقل المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، عن هذه الأوساط، أمس، انتقاداً للحكومة والقيادات العسكرية على ما تسمعه من تهديدات لإيران من دون فتح أي باب للحوار.
وقال إن «التصريحات الإسرائيلية المتكررة حول هجمات ضد أهداف إيرانية، والتباهي بها، تستدرج إيران إلى تنفيذ هجمات مضادة ضد أهداف إسرائيلية. وقد برزت هذه التهديدات، أمس وأول من أمس، على خلفية الادعاءات بأن إيران تحاول اغتيال رجال أعمال إسرائيليين في قبرص.
وكتب هرئيل أن «السلوك الإسرائيلي يقود إلى دفع خطط انتقامية إيرانية. وبالإمكان تبرير جزء كبير من الخطوات الهجومية الإسرائيلية، في محاولة لعرقلة تقدم البرنامج النووي، وتقليص المساعدات الإيرانية لأنشطة إرهابية في أنحاء المنطقة، ولكن ما الحاجة إلى التباهي بهذه الأفعال (الإسرائيلية) في أي مناسبة إلى درجة الاستفزاز المتعمد لإيران؟ وما الحكمة في النشر عن استهداف ناقلات النفط الإيرانية أو التسريبات المتكررة حول تفاصيل عمليات ضد البرنامج النووي؟».
ورأى أن «طوفان التقارير هذا يكاد يرغم إيران على الرد، ومشكلة إسرائيل هي عدم وجود أي طريقة لنشر مظلة حماية على جميع الأهداف الإسرائيلية، ولو جزئياً، في خارج البلاد، من السفن حتى رجال الأعمال».
وعد هرئيل أن هذه التصريحات بمثابة «ثرثرة إسرائيلية باتت تقليدية، فبدأت في عهد بنيامين نتنياهو، ولكن خلفه، رئيس الحكومة نفتالي بنيت، لا يتورع عن تكرارها»، وحذر من أن «الخطوات الإسرائيلية تواجه رئيساً جديداً (صقرياً) في طهران، وليس صدفة أن حكومة إبراهيم رئيسي أعلنت في الأسبوع الماضي عن مناورة عسكرية كبيرة عند الحدود مع أذربيجان، يبدو أن غايتها ردع الأخيرة، على خلفية علاقاتها الوثيقة مع إسرائيل».
اجتماع أميركي ـ إسرائيلي يناقش التقييمات الاستخباراتية لقدرات إيران النووية
واشنطن تدرس طرقاً أخرى إذا فشلت الدبلوماسية مع طهران
اجتماع أميركي ـ إسرائيلي يناقش التقييمات الاستخباراتية لقدرات إيران النووية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة