مصر تطرح سندات بقيمة 1.5 مليار دولار لسد الفجوة التمويلية.. وتدرس إصدار صكوك دولارية

طرح المناقصات يتم من خلال مؤسسة «فاينانشيال تايمز»

مصر تطرح سندات بقيمة 1.5 مليار دولار لسد الفجوة التمويلية.. وتدرس إصدار صكوك دولارية
TT

مصر تطرح سندات بقيمة 1.5 مليار دولار لسد الفجوة التمويلية.. وتدرس إصدار صكوك دولارية

مصر تطرح سندات بقيمة 1.5 مليار دولار لسد الفجوة التمويلية.. وتدرس إصدار صكوك دولارية

أعلنت مصر أمس رسميا طرح سندات دولية بقيمة 1.5 مليار دولار لسد الفجوة التمويلية في ميزانيتها، مع سعي أكبر البلاد العربية سكانا إلى تقليل عجز الموازنة المتنامي مع تراجع الإيرادات وارتفاع المصروفات، بالإضافة إلى دراستها لإصدار صكوك دولارية بعد الانتهاء من قانون الصكوك.
وفي مؤتمر صحافي مساء أول من أمس، قال هاني قدري دميان، وزير المالية المصري، إن إعلان طرح المناقصات تم من خلال مؤسسة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، مشيرا إلى تقدم نحو 10 مكاتب عالمية للطرح ونحو 19 بنكا استثماريا تم قبول مكتبين و7 بنوك منها.
والعودة الحالية لمصر إلى أسواق السندات الدولية هي الأولى بعد غياب دام أربع سنوات مع هبوط احتياطياتها من النقد الأجنبي وارتفاع فجوتها التمويلية. ووفقا لبيانات رسمية فإن الطروحات المصرية في السوق العالمية بلغت نحو 3.75 مليار دولار من خلال 4 طروحات سابقة، يستحق منها 250 مليون دولار في سبتمبر (أيلول) المقبل 2015، ومليار دولار في يوليو (تموز) 2016، ومليار دولار في أبريل (نيسان) 2020، و500 مليون دولار في أبريل 2040. وأضاف الوزير أنه «تتم حاليا مناقشة تحديد أجل السندات، ومعدل العائد عليها مع مستشاري الطرح، وذلك طبقا لأوضاع السوق العالمية، والعرض والطلب». وتابع أن «الفجوة التمويلية لمصر على مدار 5 سنوات قدرت منذ فترة بقيمة 36 مليار دولار قبل تخفيض سعر الجنيه أمام الدولار في البنوك، ويتوقع أن تنخفض إلى حدود 32 مليار دولار بعد انخفاض قيمة الجنيه».
وسمحت مصر للجنيه بالهبوط في مطلع العام الحالي أمام الدولار، وهي الخطوة التي لاقت استحسان المنظمات الاقتصادية الدولية. ويحوم الجنيه حاليا حول مستوى 7.63 للدولار الواحد.
وكشف الوزير عن أن الحكومة تدرس إصدار صكوك دولارية في الأسواق العالمية بعد أن يتم الانتهاء من تعديل قانون الصكوك. وقال إن حكومته «تدرس إمكانية إصدار صكوك مقومة بالدولار، لكننا ننتظر أولا أن يتم تعديل قانون الصكوك».
وقال هاني عمارة، اقتصادي أول لدى «سي آي فاينانشيال سرفيس»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «العودة إلى أسواق الديون العالمية يعود إلى رغبة الحكومة بالأساس في سد الفجوة التمويلية بالموازنة بعيدا عن المعونات الخارجية».
وتتراوح الفجوة التمويلية خلال العام المالي الحالي الذي ينتهي في يونيو (حزيران) المقبل بين 11 مليارا و13 مليار دولار، وفقا لتصريحات دميان. والفجوة التمويلية هي الاحتياجات المطلوبة لمواجهة عجز الموازنة وتمويل الاستثمارات المطلوبة.
وآخر طرح لسندات دولية مصرية كان في أبريل من عام 2010، وذلك بقيمة مليار دولار لمدة 30 سنة تستحق في 2040، و500 مليون دولار لمدة 10 سنوات تستحق في 2020. ويصل العائد عليها في الوقت الحالي لنحو 4.5 في المائة، وفق بيانات مؤسسة «سي بوند» العالمية لتداول السندات. وأضاف عمارة أن «الوضع أيضا يختلف بعد المؤتمر الاقتصادي الذي نجحت مصر خلاله في تأمين قدر جيد من احتياجاتها من العملة الصعبة».
ونظمت مصر خلال الشهر الحالي مؤتمرا اقتصاديا أمنت من خلاله مساعدات واستثمارات خليجية تقدر بنحو 12.5 مليار دولار. واختتم عمارة قائلا «أعتقد أن العائد على تلك السندات قد يصل لحدود 6.5 في المائة وهو معدل جيد للغاية. التوقيت الذي اختارته مصر للطرح جيد قبل رفع أسعار الفائدة من (الفيدرالي الأميركي)، والذي سيصاحبه بكل تأكيد ارتفاع في أسعار الفائدة حول العالم». ويعتزم «الفيدرالي الأميركي» رفع أسعار الفائدة في النصف الثاني من العام الحالي بعد أن أظهر الاقتصاد الأميركي نموا قويا على مدى الربعين الماضيين.



تقلبات اليورو تهدد الاستقرار العالمي

مسؤول في البنك المركزي النمساوي يتسلم أوراقاً نقدية جديدة من فئة 200 يورو (رويترز)
مسؤول في البنك المركزي النمساوي يتسلم أوراقاً نقدية جديدة من فئة 200 يورو (رويترز)
TT

تقلبات اليورو تهدد الاستقرار العالمي

مسؤول في البنك المركزي النمساوي يتسلم أوراقاً نقدية جديدة من فئة 200 يورو (رويترز)
مسؤول في البنك المركزي النمساوي يتسلم أوراقاً نقدية جديدة من فئة 200 يورو (رويترز)

مع اقتراب اليورو من أسوأ شهر له منذ أوائل 2022، يحذر المحللون من أن التقلبات الحادة في العملة قد تصبح المصدر القادم لعدم الاستقرار في الأسواق العالمية، خاصة بعد أن أحدثت تقلبات الين الياباني، في أغسطس (آب) الماضي، اضطرابات عبر الأصول المختلفة.

وانخفض اليورو بنحو 3.8 في المائة أمام الدولار، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وهو الآن يقترب من مستوى 1 دولار الرئيسي، تحت ضغط عدة عوامل تشمل خطط الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لفرض تعريفات تجارية، وضعف الاقتصاد في منطقة اليورو، وتصاعد النزاع بين روسيا وأوكرانيا. وفي الوقت نفسه، تسهم رهانات النمو الأميركي في تقوية الدولار والأسواق الأميركية، وفق «رويترز».

ورغم ذلك، يبقى المستثمرون والمتداولون في العملات منقسمين حول المسار القادم للعملة الأوروبية، حيث يُعدّ الدولار نفسه مهدَّداً بتداعيات التضخم الناجم عن التعريفات وزيادة الديون الحكومية التي قد تُزعزع الثقة في الأسواق والاقتصاد الأميركي.

وقد تتصاعد حالة عدم اليقين إذا استمر اليورو في التراجع، مما يزيد من احتمالية حدوث تحولات مفاجئة قد تؤدي إلى تأثيرات غير متوقعة على الاستراتيجيات الاستثمارية المرتبطة بسياسات ترمب، مثل تلك التي تراهن على انخفاض اليورو وارتفاع الأسهم الأميركية، وفقاً لما أشار إليه المحللون.

في هذا السياق، قال كيت جاكس، رئيس استراتيجية العملات الأجنبية في «سوسيتيه جنرال»: «نحن نشهد تقلبات هائلة، حيث بدأ المتداولون التساؤل: هل نتجاوز سعر صرف اليورو مقابل الدولار أم يعود إلى مستوياته السابقة؟». وأضاف: «الخلاصة هي أننا سنرى مزيداً من المناقشات الساخنة في كلا الاتجاهين بشأن اليورو، وأنا شخصياً لا أعتقد أن هذه الارتباطات العالية بين الأصول سوف تستمر».

وبدأت أزمة السوق، في أغسطس، بتقلبات الين مقابل الدولار، والتي فاجأت صناديق التحوط التي كانت تراهن ضد العملة اليابانية، وتحولت إلى بيع الأسهم لتمويل طلبات الهامش.

وحذّرت الجهات التنظيمية من أن الأسواق قد تصبح عرضة لمثل هذه الأحداث، عندما تتغير الروايات الاقتصادية بسرعة، وخاصة في ضوء المستويات العالية من الاستدانة في النظام.

وأضاف جاكس: «إذا تجاوزنا نقطة تكافؤ اليورو مع الدولار، فسنبدأ مواجهة المخاوف التي شهدناها من قبل في الأسواق».

التداعيات المحتملة

يُعد زوج اليورو/الدولار الأميركي هو الزوج الأكثر تداولاً في الأسواق العالمية. والتغيرات السريعة في سعر صرفه يمكن أن تعطل أرباح الشركات المتعددة الجنسيات، فضلاً عن التأثير على آفاق النمو والتضخم في البلدان التي تعتمد على استيراد أو تصدير السلع بالدولار.

وقال ثيموس فيوتاكيس، رئيس استراتيجية النقد الأجنبي في «باركليز»، إن «اليورو هو معيار رئيسي»، مما يعني أن الدول الحساسة للتجارة مثل الصين وكوريا الجنوبية وسويسرا قد تسمح لعملاتها بالضعف مقابل الدولار، إذا استمر اليورو في الانخفاض؛ من أجل الحفاظ على قدرة صادراتها على المنافسة مقابل منتجات منطقة اليورو.

وأشار فيوتاكيس إلى أن الجنيه البريطاني، الذي انخفض بنحو 2 في المائة أمام الدولار في نوفمبر ليصل إلى نحو 1.26 دولار، سيكون حساساً جداً تجاه أي تقلبات في تحركات اليورو.

وأصبحت الأسواق أيضاً أكثر حساسية لتحركات اليورو/الدولار، بعد أن لاحظ خبراء استراتيجيات العملة تدفقاً من المتداولين على عقود الخيارات التي تجمع الرهانات على النتائج المرتبطة بسياسات ترمب، مثل ضعف اليورو، وارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز».

وقال فيوتاكيس: «لقد رأينا كثيراً من المستثمرين يحاولون الاستثمار في هذه النتائج المشروطة»، منوهاً بالارتباطات بين تحركات العملة والأسواق الأوسع.

انقسام الآراء بشأن المستقبل

في الوقت نفسه، يبدو أن مديري الأصول على المدى الطويل منقسمون بشكل كبير بشأن الاتجاه المستقبلي لليورو والدولار، مما يشير إلى أن هذا الزوج من العملات قد يشهد تقلبات ملحوظة في الأشهر المقبلة.

وقال ويليم سيلز، كبير مسؤولي الاستثمار في وحدة الخدمات المصرفية الخاصة والثروات ببنك «إتش إس بي سي»: «نتوقع أن يهبط اليورو إلى 99 سنتاً، بحلول منتصف العام المقبل».

في المقابل، اقترح كبير مسؤولي الاستثمار في «أموندي»، أكبر مدير للأصول في أوروبا، فينسنت مورتييه، أن انخفاض أسعار الفائدة في منطقة اليورو قد يعزز النشاط الاقتصادي والإنفاق الاستهلاكي، وهو ما قد يساعد في رفع اليورو إلى 1.16 دولار، بحلول أواخر عام 2025.

وفي سوق خيارات العملة السريعة، كان المتداولون في أواخر يوم الثلاثاء يقدّرون احتمالات بنسبة 56 في المائة بأن ينتهي العام باستعادة اليورو بعض الأرض فوق مستواه الحالي عند نحو 1.047 دولار، على الرغم من أن البنوك الكبرى، مثل «جيه بي مورغان»، و«دويتشه بنك»، قالت إن التحرك إلى دولار واحد قد يحدث، خاصة إذا كان مرتبطاً بمزيد من التعريفات الجمركية.

وقد أدى ازدياد الرهانات على أن البنك المركزي الأوروبي سيخفض أسعار الفائدة بنصف نقطة مئوية إلى 2.75 في المائة، الشهر المقبل، إلى إضعاف اليورو بشكل كبير.

لكن الرواية السائدة بأن سياسات ترمب الاقتصادية، مثل ارتفاع التضخم الناجم عن الرسوم الجمركية، سوف تُبقي أسعار الفائدة مرتفعة والدولار قوياً، بدأت تتعرض لبعض الضغوط.

في هذا السياق، قال ستيفن جين، الرئيس التنفيذي لشركة «يوريزون إس جيه إل كابيتال»، إن الولايات المتحدة قد تواجه ما يسمى «لحظة يقظة السندات»، إذا قام المقرضون في سوق سندات الخزانة الأميركية التي تبلغ قيمتها 27 تريليون دولار، برفع تكلفة الديون؛ في محاولة للحد من التخفيضات الضريبية المموَّلة بالديون المفرطة. وأضاف: «من المحتمل أن يسمح هذا بالتيسير المالي، مما يسمح بهبوط هادئ للاقتصاد الأميركي، وخفض أسعار الفائدة طويلة الأجل، ومن ثم جعل الدولار مُبالغاً في قيمته».