لعل أوضح تعبير عن مستوى التوتر الحاصل بين طهران وباكو، إعلان أنقرة أمس أن قواتها ستبدأ اليوم مع جيش أذربيجان مناورات عسكرية في إقليم ناجشفان التابع لباكو قرب حدود تركيا.
سيكون هذا الاستعراض العسكري الثالث في هذه المنطقة خلال أقل من شهر. سبقته مناورات نفذها الجيش الإيراني قرب حدود أذربيجان، بعد التدريبات المشتركة التي نفذتها تركيا وباكستان وأذربيجان في باكو الشهر الماضي.
ويتضمن سباق المناورات تعبيراً عن التطورات الجيوسياسية في هذا الإقليم بعد الحرب الأخيرة بين أذربيجان وأرمينيا في إقليم ناغورني قره باخ قبل سنة.
وحسب مصادر دبلوماسية عربية في إحدى عواصم المنطقة، فإن باكو «تشعر بمرارة» من موقف طهران التي قدمت في البداية الدعم السري للجيش الأرميني في القتال، ثم تأخرت كثيراً قبل أن تعلن تأييدها حق باكو في استعادة أراضيها في إقليم ناغورني قره باخ، بعد مظاهرات مؤيدة لباكو من الأذريين في إيران.
وأضافت: «باكو تتعامل مع جميع الأطراف من منطلق موقفها في الحرب»؛ الأمر الذي يفسر موقفها الإيجابي من إسرائيل وباكستان وتركيا، بوصف أن هذه الدول قدمت دعماً كبيراً لأذربيجان في معركتها بالإقليم.
وأسفر الاتفاق الروسي - الأذربيجاني - الأرمني عن ترتيبات عسكرية واقتصادية، وضعت موسكو حكماً ومراقباً عسكرياً للتوازن الجديد، الذي شمل فتح ممر في موازاة حدود إيران، بين أذربيجان وإقليم ناجشفان ما يوصل تركياً إلى بحر قزوين، إضافة إلى مد طريق لاتشين بين يريفان والأقلية الأرمينية في قره باخ.
وقالت المصادر: «إسرائيل قدمت دعماً عسكرياً نوعياً لباكو، وهي تريد ثمناً لذلك عبر تعزيز وجودها في أذربيجان، مما يعني أن إسرائيل باتت لأول مرة قرب حدود إيران». وأضاف: «المعركة انتقلت من الشرق الأوسط إلى هذه المنطقة. جبهة جديدة».
وفي مقابل تعزيز مواقف تركيا وإسرائيل، تجد إيران نفسها «مهمشة في الترتيبات الإقليمية الجديدة، لذلك أرادت عبر المناورات العسكرية إيصال رسالة عدم رضا عن هذا الوضع وأنها قادرة على الضغط عسكرياً»، حسب المصادر. وقالت: «روسيا التي تضبط الإيقاع بين الأطراف المختلفة، لن تسمح بانزلاق الأمور إلى مواجهة مباشرة شاملة».
«الشرق الأوسط» تفتح اليوم ملف التصعيد الإيراني - الأذربيجاني وأبعاده الجيوسياسية في هذه المنطقة ومنطقة الشرق الأوسط وما وراءهما، عبر ثلاث مقالات:
توترات لا يجب أن تتحول إلى مشكلة أكبر
روسيا وصعوبة الحفاظ على دور الوسيط
العلاقة بين مناورات إيران ومفاوضات «النووي»