الراعي: لا نستطيع القبول بتعددية السلاح وبجيش تابع لدولة أجنبية

الراعي في قداس الأحد (الوكالة الوطنية)
الراعي في قداس الأحد (الوكالة الوطنية)
TT

الراعي: لا نستطيع القبول بتعددية السلاح وبجيش تابع لدولة أجنبية

الراعي في قداس الأحد (الوكالة الوطنية)
الراعي في قداس الأحد (الوكالة الوطنية)

جدد البطريرك الماروني بشارة الراعي انتقاده لـ«حزب الله» وسلاحه «الخارج عن الشرعية وبناء جيش تابع لدولة أجنبية»، داعياً إلى الحفاظ على السيادة، ومتمنياً على الحكومة أن تقوم بأداء رائد لإيجاد حلول لأزمات لبنان المتفاقمة.
وقال الراعي في عظة الأحد: «لبنان بحاجة إلى التحرر من المضللين والكذبة الذين يستغلون طيبة الشعب بالكلام المعسول فيما هم يمعنون في الفساد، ونهب مال الدولة، والتفلت من الضرائب، فإذا بالدولة تنهار والشعب يئن تحت ثقل الفقر. فنقول إن المرحلة الحالية تستلزم من الحكومة الجديدة الصراحة والإقدام في المواقف حيال جميع القضايا التي يشكو منها الشعب، وأن توفر الأسباب الوجيهة لكي تحوز تأييد الناس لها».
وعن حكومة نجيب ميقاتي، قال: «أيدنا جميعاً هذه الحكومة وتمنينا لها النجاح وما زلنا، ويبقى عليها أن تؤيد ذاتها بأداء رائد وبإبراز قدرة وزرائها على الاضطلاع بمهامهم. لذا، ينبغي لها أن تتخطى انتماءات أعضائها وتعلو فوق الأحزاب والطوائف، وتصد القوى التي تسعى إلى الهيمنة على مسارها وقراراتها، فتتمكن من إثارة القضية اللبنانية في اتصالاتها العربية والدولية، وطرح موضوع حيادية لبنان الذي يبقى الضامن لنجاح جميع الحلول».
وأكد على أهمية معالجة القضايا الحياتية، قائلاً: «ما يضاعف الحاجة إلى معالجة القضايا الحياتية والاجتماعية أن الإضرابات تعم غالبية القطاعات والنقابات طلباً لزيادة الأجور. الشعب لم يعد يتحمل تدوير الزوايا بين الحق والباطل، وبين السيادة والإذعان، وبين القاتل والضحية».
وعن علاقات لبنان مع الدول العربية والغربية والمساعدات المرتبطة بالإصلاحات، قال: «أصدقاء لبنان العرب والدوليون ينتظرون التزام سياسة واضحة، وأداءً مستقيماً لكي يشاركوا في نهضته الاقتصادية والمالية، بعيداً عن الازدواجية الممقوتة. فلا نستطيع أن ندعي الحفاظ على السيادة وندع المعابر الحدودية مشرعة، والمواقف الغريبة المسيئة إلى السيادة من دون رد. لا نستطيع تأييد الشرعية والقبول بتعددية السلاح وازدراء المؤسسات، وبإنشاء جيش تابع لدولة أجنبية على حد اعتراف أحد كبار المسؤولين في تلك الدولة. لا نستطيع الحديث عن تأمين العام الدراسي، ولا نوفر للمدارس والجامعات المساعدات والظروف المناسبة للانطلاق بشكل طبيعي. لا نستطيع رفع شعار النأي بالنفس ونبقى منحازين إلى محاور إقليمية تتنافى مع مصلحة لبنان. لا نستطيع الوعد بمجيء المساعدات والاختلاف على أرقام العجز وعلى كيفية التفاوض مع صندوق النقد الدولي».
وانتقد ما يتعرض له المحقق العدلي في قضية انفجار المرفأ من ضغوط، قائلاً: «لا نستطيع الإصرار على التحقيق في جريمة المرفأ، ونمتنع عن الدفاع عن المحقق العدلي والقضاء». وأضاف «صحيح أنه لا يجوز للحكومة التدخل في شؤون القضاء، لكن واجبها التدخل لوقف كل تدخل في شؤون القضاء. إن التدخلات التي يتعرض لها المحقق العدلي من شأنها أن تؤثر على مواقف الدول الصديقة تجاه لبنان، بالإضافة إلى أنها تضعف هيبة القضاء عندنا. ونتوجه إلى المرجعيات القضائية لكي تتحرك بجرأة، وتدافع عن ذاتها والقضاة، وتضع حداً للخلافات بين القضاة، وتحصن الجسم القضائي ضد أي تدخل سياسي أو حزبي أو مالي أو طائفي».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.