إجراءات مشددة واتهامات متبادلة مع اقتراب موعد الانتخابات العراقية

الكاظمي يرمي بكل ثقله لإنجاح الاقتراع... و«الحشد» خارج معادلة التصويت الخاص

محتجون يزيلون ملصقاً انتخابياً في النجف أول من أمس (أ.ب)
محتجون يزيلون ملصقاً انتخابياً في النجف أول من أمس (أ.ب)
TT

إجراءات مشددة واتهامات متبادلة مع اقتراب موعد الانتخابات العراقية

محتجون يزيلون ملصقاً انتخابياً في النجف أول من أمس (أ.ب)
محتجون يزيلون ملصقاً انتخابياً في النجف أول من أمس (أ.ب)

في الوقت بدل الضائع أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات عن استبعاد المرشح لخوض الانتخابات عن حزب تقدم حيدر الملا وهو نائب سابق في البرلمان العراقي. السبب الذي دفع المفوضية لاتخاذ هذا القرار قيام أحد المنافسين له في الدائرة الانتخابية مع مجموعة أخرى بتقديم شكوى إلى المفوضية يتضمن اتهام الملا وعبر تسجيل صوتي بأنه يؤيد فكرة «التطبيع» مع إسرائيل.
الملا وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» أعلن أنه قدم طعناً إلى القضاء يثبت من خلاله عدم صدقية مثل هذا الادعاء وبالأدلة قائلاً إن «الهدف من إثارة هذه القضية ضدي في هذا الوقت الحرج حيث لم يتبق على الانتخابات سوى أيام قليلة هو استبعادي من المشهدين السياسي والانتخابي نظراً لما بت أتمتع به من مكانة وحضور في الوسط الجماهيري في الدائرة الانتخابية التي أتنافس فيها مع آخرين يبدو أنهم شعروا بأنهم لا يمكنهم تحقيق ما كانوا يتوقعونه من نتائج». وبشأن حيثيات التسجيل الصوتي الذي استندت إليه المفوضية في قرار الاستبعاد، يقول الملا إن «التسجيل الصوتي مجتزأ من سياقه، وبالتالي تمت فبركته بشكل لا لبس فيه حيث إني قدمت التسجيل الأصلي إلى القضاء الذي أثبت من خلاله إن دلالة قولي كانت مختلفة تماماً لجهة السياق الذي جاءت به». وأوضح الملا أن «التسجيل المجتزأ كان في الشهر الخامس قبل الحملة الانتخابية بعدة شهور، فضلاً عن أنه كان في جلسة خاصة وليس أمام وسائل الإعلام وكان النص العام لكلامي في وقتها في تلك الجلسة الخاصة أن الأعداء يريدون من العراقيين إحباطهم بحيث يصلون إلى المرحلة التي يقبلون فيها بالتطبيع بينما التغيير الحقيقي الذي نؤمن به هو صناديق الاقتراع فقط».
وأثار قرار مفوضية الانتخابات باستبعاد الملا حملة تضامن معه في مواقع التواصل الاجتماعي لا سيما أنه يأتي بعد أيام من قرار مماثل باستبعاد المرشح عن محافظة صلاح الدين والنائب السابق شعلان الكريم الذي أعيد إلى السباق الانتخابي بقرار قضائي.
إلى ذلك، اتهم زعيم تحالف الفتح والأمين العام لمنظمة بدر هادي العامري جهات سياسية لم يسمها باستخدام المال السياسي في شراء الذمم للتصويت لقوائمها الانتخابية ومرشحيها للانتخابات التشريعية. وقال العامري في تجمع انتخابي لتحالف الفتح في كركوك، إن «المرجعية رسمت خريطة واضحة للانتخابات، وليس هناك كلام بعد كلام المرجعية»، داعياً إلى ضرورة المشاركة «المسؤولة والدقيقة» في الاقتراع، مبيناً أنه «مع الأسف اليوم المال السياسي يُستخدم في كثير من المناطق وفي كركوك بالذات لشراء الذمم».
في غضون ذلك، أعلنت المفوضية العليا للانتخابات أن منتسبي هيئة الحشد الشعبي سيكونون خارج معادلة التصويت يوم الاقتراع الخاص. وحملت المفوضية قيادة الهيئة المسؤولية بعدم إرسال أسماء منتسبي الهيئة في الوقت المقرر. وأعلنت المتحدثة باسم المفوضية جمانة الغلاي في بيان أن «هيئة الحشد لم تزود المفوضية بأسماء منتسبيهم لذلك فإن مفوضية الانتخابات شملتهم بالتصويت العام»، مبينة أن «المفوضية وجهت 4 كتب رسمية لهيئة الحشد الشعبي لغرض تزويدها ببيانات عن منتسبيهم لأجل المشاركة في التصويت الخاص».
من جهتها، أكدت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة جينين بلاسخارت أن الأمم المتحدة تقدم المساعدة الفنية من أجل ضمان عملية انتخابية نزيهة وشفافة وذات مصداقية يوم الاقتراع. وأضافت بلاسخارت خلال لقائها محافظ ذي قار أحمد الخفاجي أمس السبت في مدينة الناصرية جنوب العراق أن «الأمم المتحدة ستقوم بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي بنشر مراقبين دوليين لمراقبة هذه العملية».
في السياق نفسه، وضع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي كل ثقله من أجل إنجاح هذه الانتخابات برغم أنه ليس مرشحاً فيها ولا يدعم أي كتلة أو حزب لكن يتم تداول اسمه كواحد من أبرز المرشحين لتشكيل الحكومة المقبلة. ويواصل الكاظمي عقد الاجتماعات مع المسؤولين عن مفوضية الانتخابات وقيادة العمليات المشتركة والأجهزة الرسمية والأمنية الخاصة بتأمين الانتخابات معلناً أنه سوف يشرف بنفسه على الأمن الانتخابي.  



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.