ضباط «سي آي إيه» وعملاء «إف بي آي» يعتمدون أكثر على دور محللي الاستخبارات

جمع المحللين والعملاء الميدانيين في 10 مراكز جديدة على غرار نموذج مركز الوكالة لمكافحة الإرهاب

مدخل مقر الاستخبارات الأميركية في لانغلي بفرجينيا (أ.ف.ب)
مدخل مقر الاستخبارات الأميركية في لانغلي بفرجينيا (أ.ف.ب)
TT

ضباط «سي آي إيه» وعملاء «إف بي آي» يعتمدون أكثر على دور محللي الاستخبارات

مدخل مقر الاستخبارات الأميركية في لانغلي بفرجينيا (أ.ف.ب)
مدخل مقر الاستخبارات الأميركية في لانغلي بفرجينيا (أ.ف.ب)

فلتسمها انتقام المهووسين على طريقة واشنطن، حيث يجري وبشكل متزايد دعوة عملاء المباحث الفيدرالية المدججين بالسلاح وضباط الاستخبارات المركزية المتبجحين لتقاسم نفوذهم وميزانياتهم وحتى تألقهم الهوليوودي مع محلل استخباري متواضع وحبيس مكتبه.
مع مواجهة الوكالتين للأخطار الإرهابية المتزايدة، وللهجمات الإلكترونية، وغير ذلك من التحديات، فإنهما تعملان على جهود إعادة التنظيم بطرق تهدف إلى زيادة تمكين المحللين. وينضوي ذلك على مهمة حساسة للربط بين مختلف الثقافات للعميل الميداني والمحلل الذكي، الذي يقرأ البرقيات السرية، ويبحث في الاتصالات المعترَضة، ويستوعب ويحتوي حسابات جميع وسائل الإعلام.
ويبقى التحدي الأكبر لازما لمكتب التحقيقات الفيدرالية، وهي مؤسسة إنفاذ القانون التقليدية التي تكافح منذ عام 2001 في مواجهة الهجمات الإرهابية من أجل إعادة تنظيم الذات كوكالة من وكالات الاستخبارات التي يمكنها الحيلولة دون وقوع الهجمات وليس مجرد التحقيق فيها. خلص تقرير صادر يوم الأربعاء حول أداء مكتب التحقيقات الفيدرالية إلى أنه رغم الخطوات الكبيرة التي حققها المكتب، فإنه في حاجة إلى تعزيز دور المحللين واحترام الموارد التي يحصلون عليها.
في حين أن مسؤولي المكتب قد عززوا من أهمية محللي الاستخبارات، إلا أن التقرير، الذي أشرفت عليه لجنة التحقيق في هجمات 11 سبتمبر (أيلول)، خلص إلى أن «المكتب حتى الآن لا يعترف، بما فيه الكفاية، بالمحللين بوصفهم قوة عمل مهنية ذات متطلبات متميزة للاستثمار في التدريب والتعليم». وقد أقر رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالية السيد جيمس بي. كومي بالمشكلة وقال إن تمكين المحللين كان أحد أبرز أهداف المكتب.
أما في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، حيث يحتل المحللون دورا مركزيا منذ تاريخ تأسيسها، فإنهم ولمدة طويلة ظلوا يعملون بمعزل عن العناصر الميدانية الذين يعملون في الميادين بالخارج ويقومون بتجنيد العملاء. خلال هذا الشهر، أعلن السيد جون أو. برينان مدير وكالة الاستخبارات المركزية أنه سوف يجري جمع المحللين والعملاء الميدانيين في 10 مراكز جديدة للمهام، على غرار نموذج مركز الوكالة لمكافحة الإرهاب. مما يمنح المحللين تأثيرا ونفوذا يوميا وكبيرا على مختلف العمليات.
تستمر التحركات الأخيرة في تعظيم وتعزيز الدور المطرد لمحللي الاستخبارات، حتى إن الثقافة الشعبية قد ساهمت في ذلك، حيث أصبح المحللون من نجوم الأفلام الحديثة والبرامج التلفزيونية.
كانت الشخصية المحورية في الفيلم الأميركي الشهير عن ملاحقة واغتيال أسامة بن لادن المعنون «زيرو دارك ثيرتي» أو «نصف ساعة بعد منتصف الليل»، هي «مايا» محللة الاستخبارات المركزية التي قامت بدورها الممثلة الأميركية جيسيكا شاستين. ومع اقتراب ميعاد العملية، برزت عناصر قوية ومدججة بالسلاح من نخبة القوات الخاصة الأميركية على وشك الانتقال إلى باكستان، غير أن مايا النحيفة لم تكن على متن المروحيات معهم.
«بن لادن هناك، وإنكم سوف تقتلونه لأجلي».. قالتها مايا بمنتهى الثقة مخاطبة رجال الصاعقة البحرية الأميركية.
ساعد الفشل في منع وقوع هجمات 11 سبتمبر مع التركيز اللاحق على التهديدات الإرهابية المحتملة في إبراز المكانة المهمة للمحللين، حيث أنشئ المركز القومي لمكافحة الإرهاب (وهو مركز مختلف عن مركز مكافحة الإرهاب التابع لوكالة الاستخبارات المركزية) عقب هجمات سبتمبر كإدارة للتحليلات من أجل ضمان تجميع كل إشارة من المعلومات حول التهديدات المحتملة مع البيانات الأخرى المتحصل عليها من أجل كشف المؤامرات.
وهناك عامل آخر، ألا وهو انفجار البيانات في عصر الهواتف الذكية والإنترنت، كما أكدت وثائق وكالة الأمن القومي الأميركي التي سربها العميل السابق المنشق عنها إدوارد جيه. سنودن. وفي حين أن وكالة الأمن القومي الأميركية تعتمد عملياتها دائما على البيانات، فإن الوكالات الأخرى تسعى لأن يمتلك موظفوها نفس المهارات لفرز سيل المعلومات الهادر وفحصها وتنقيحها، أو سوف يغرقون في خضمها.
يقول جون إي. ماكلولين، وهو النائب السابق والقائم بأعمال وكالة الاستخبارات المركزية: «عندما يكون هناك خطأ ما في الاستخبارات اليوم فإن ذلك يرجع في العادة إلى فقدان المعلومات الحساسة وسط سيل عارم من البيانات».
وأضاف أنه رغم القيمة المرتفعة دائما للمحللين داخل وكالة الاستخبارات المركزية، فإنهم كانوا معزولين ولفترات طويلة داخل هيئة الاستخبارات، ومنفصلين عن إدارة العمليات، التي تشرف على أعمال الجاسوسية. ولعدة السنوات، كانت الأبواب الدوارة ونقاط التفتيش على أبواب مقر وكالة الاستخبارات المركزية في لانغلي بولاية فيرجينيا، تفصل المحللين عن ضباط العمليات، على حد قوله. يقول السيد ماكلولين، وهو من قدامى محللي الاستخبارات، إن بعض قدامى ضباط العمليات قد يشعرون بالقلق حيال إعادة التنظيم الذي سوف يجمعهم مع المحللين، ولكن هذا هو المغزى من وراء ذلك. وأضاف يقول: «إن دور المحلل الذي يجمع كل القطع معا صار أكثر حسما وأهمية، نظرا لوجود المزيد من القطع هناك».
عقب هجمات 11 سبتمبر، أقرضت وكالة الاستخبارات المركزية مكتب التحقيقات الفيدرالية نحو 40 محللا للمعلومات في محاولة لإطلاق عملية إعادة توجيه المكتب، على حد قول السيد ماكلولين. وقبل عام 2001، وفقا للجنة التحقيق في هجمات 11 سبتمبر، كان 66 محللا من مكتب التحقيقات الفيدرالية «غير مؤهلين بدرجة كافية لتنفيذ المهام التحليلية المكلفين بها». وكان بعض موظفي السكرتارية تجري ترقيتهم إلى وظيفة المحلل، ليضطلعوا بمهام تتضمن إفراغ سلال المهملات والرد على الهواتف.
أما العملاء الخواص الفخورون فلم يكونوا يرون من قيمة للمحللين الذين لا يدخل ضمن عملهم بناء القضايا الجنائية، وهو المقياس التقليدي للنجاح في مكتب التحقيقات الفيدرالية. يقول جاك كلونان، وكان عميلا لدى مكتب التحقيقات الفيدرالية في الفترة بين 1976 و2002: «بنهاية حياتي المهنية، كانت هناك حالة من التوتر الخفيف بين العملاء والمحللين حول من يدير القضايا؟».
وأضاف السيد كلونان يقول إن المحللين لم تكن لديهم «حالة الصداقة الحميمة وروح العمل الجماعي» التي يتمتع بها العملاء بعضهم مع بعض؛ فالعملاء الميدانيون لا يتغيرون، مضيفا أنه لا يزال يستمع إلى شكاوى من زملاء المكتب السابقين حول بعض المحللين الذين يتكسبون رواتب شهرية أكثر منهم.
يقول فيليب مود، وهو محلل قديم لدى وكالة الاستخبارات المركزية وانتقل للعمل على رأس إدارة مكافحة الإرهاب في مكتب التحقيقات الفيدرالية في عام 2005، إن التباين في الثقافات كان كبيرا ولافتا للنظر ويسهل التنبؤ به. وتذكر قضية ديفيد سي. هيدلي، وهو مواطن أميركي كان على صلة بجماعة «عسكر طيبة» الباكستانية المتطرفة، الذي اعترف بمراقبته ورصده للأهداف لصالح هجمات 2008 التي وقعت في مومباي بالهند.
ألقي القبض على السيد هيدلي، وحوكم وتلقى حكما بالسجن لمدة 35 عاما. أما المهمة الجديدة والعسيرة التي واجهها مكتب التحقيقات الفيدرالية، والتي كان المحللون عنصرا حاسما فيها، فكانت تحديد ما إذا كانت جماعة «عسكر طيبة» وغيرها من النشطاء لهم وجود في الولايات المتحدة الأميركية من عدمه.

* خدمة «نيويورك تايمز»



بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
TT

بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، إلى كولومبيا في مستهل جولة تشمل أيضاً تشيلي والبيرو، في محاولة لترسيخ شراكات الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية التي تعد فناءها الخلفي الجيوسياسي، في مواجهة الطموحات الصينية المتزايدة في منطقة شهدت انتخاب عدد من الرؤساء اليساريين أخيراً.
وخلال جولته التي تستمر أسبوعاً في الدول الثلاث، سيحضر كبير الدبلوماسيين الأميركيين أيضاً قمة وزارية. ويقر المسؤولون في واشنطن بأن هناك ضرورة لإظهار اهتمام الولايات المتحدة بجيرانها الجنوبيين، «باعتبارهم أولوية سياسية رغم التركيز على قضايا جيوسياسية كبرى، مثل الحرب الروسية في أوكرانيا، وتهديد الصين لتايوان». وتأمل إدارة الرئيس جو بايدن في أن يحافظ الزعماء اليساريون الجدد في أميركا اللاتينية «على نهج صديق للمشروعات الحرة وتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، وألا يجنحوا إلى الشغب الآيديولوجي في حكمهم».
وأفاد مساعد وزير الخارجية الأميركي براين نيكولز، في إحاطة للصحافيين، بأن بلينكن يزور ثلاث دول «كانت منذ فترة طويلة شريكة تجارية حيوية للولايات المتحدة، ولديها اتفاقات تجارة حرة مع الولايات المتحدة (…). نحن نركز على تعزيز علاقاتنا مع تلك الحكومات». وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن بلينكن سيلتقي في بوغوتا الرئيس اليساري غوستافو بيترو، وهو متمرد سابق، ووزير الخارجية ألفارو ليفا لمناقشة الأولويات المشتركة بين البلدين، بما في ذلك «الدعوة إلى ديمقراطيات قوية في كل أنحاء المنطقة، ودعم السلام والمصالحة المستدامين، والتصدي للهجرة غير النظامية كأولوية إقليمية، ومكافحة الاتجار بالمخدرات، وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، ومعالجة أزمة المناخ».
وأضافت أن بلينكن سيجدد دعم الولايات المتحدة لاتفاق السلام الكولومبي لعام 2016 خلال مناسبة مع نائبة الرئيس فرانسيا ماركيز، على أن يزور مركزاً لدمج المهاجرين في سياق دعم سياسة الوضع المحمي المؤقت في كولومبيا للمهاجرين الفنزويليين، الذي يعد نموذجاً في المنطقة. وكان بيترو، سخر خلال حملته، من الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على المخدرات، معتبراً أنها «فاشلة»، علماً بأن هذه الدولة في أميركا الجنوبية هي أكبر منتج للكوكايين في العالم، ولطالما واجهت ضغوطاً من واشنطن للقضاء على محاصيل المخدرات. كما تحرك بيترو لإعادة التعامل دبلوماسياً واقتصادياً مع حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، رغم جهود الولايات المتحدة لعزل الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).
واستخدم مسؤولو إدارة بايدن نبرة تصالحية في الغالب حيال بيترو، مركزين على مجالات الاتفاق في شأن قضايا مثل تغير المناخ واستشهدوا بمناشداته لمادورو للعودة إلى المحادثات مع المعارضة الفنزويلية. وفيما يتعلق بدعوات بيترو لإنهاء الحرب على المخدرات، قال نيكولز إن واشنطن تدعم بقوة «النهج القائم على الصحة والعلم» لمكافحة المخدرات، مضيفاً أن هذا «ينعكس في سياستنا لدعم التنمية الريفية والأمن الريفي في كولومبيا. ونعتقد أن الرئيس بيترو يشارك بقوة في هذا الهدف». لكنّ مسؤولاً أميركياً أكد أن واشنطن تراقب عن كثب، ما إذا كان تواصل كولومبيا مع السلطات في فنزويلا المجاورة يخالف العقوبات الأميركية على حكومة مادورو.
وتأتي جولة بلينكن أيضاً، بعد عملية تبادل أسرى بين الولايات المتحدة وفنزويلا، ما يعكس تحسناً حذراً للعلاقات بين الدولتين، رغم عدم اعتراف واشنطن بإعادة انتخاب مادورو رئيساً لفنزويلا عام 2018... وقال نيكولز: «نحن لا نحكم على الدول على أساس موقعها في الطيف السياسي، بل على أساس التزامها بالديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان».
ويحمل كبير الدبلوماسيين الأميركيين في رحلته هذه، جدول أعمال مثقلاً لمنظمة الدول الأميركية. ويتوجه الأربعاء إلى سانتياغو، حيث سيعقد اجتماعاً مع رئيس تشيلي اليساري غابرييل بوريتش البالغ 36 عاماً من العمر، الذي تولّى منصبه في مارس (آذار) الماضي. وأخيراً، يتوجه إلى ليما الخميس والجمعة، للقاء الرئيس الاشتراكي بيدرو كاستيو الذي ينتمي لليسار الراديكالي والمستهدف بتحقيقات عدة بشبهات فساد واستغلال السلطة منذ وصوله إلى الرئاسة قبل أكثر من عام. وسيشارك في الجمعية العامة السنوية لمنظمة الدول الأميركية. وسيدرس المجتمعون قراراً يطالب بإنهاء «العدوان الروسي على أوكرانيا»، رغم أن بعض الدول الأميركية اللاتينية عبرت عن تحفظها، بالإضافة إلى قرارات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في نيكاراغوا والوضع الاقتصادي والسياسي المتردّي في هايتي.