إسرائيل «تتابع بدقة» الصراع الروسي ـ الإيراني على الجيش السوري

موسكو تركز على المنظومة الدفاعية لدمشق... وطهران تزود حليفها بمسيّرات وصواريخ

قوات سورية بين تل تمر ورأس العين في شمال شرقي سوريا في اكتوبر 2019 ( أ ف ب)
قوات سورية بين تل تمر ورأس العين في شمال شرقي سوريا في اكتوبر 2019 ( أ ف ب)
TT

إسرائيل «تتابع بدقة» الصراع الروسي ـ الإيراني على الجيش السوري

قوات سورية بين تل تمر ورأس العين في شمال شرقي سوريا في اكتوبر 2019 ( أ ف ب)
قوات سورية بين تل تمر ورأس العين في شمال شرقي سوريا في اكتوبر 2019 ( أ ف ب)

كشفت ورقة بحثية إسرائيلية تنافساً روسياً - إيرانياً على بنية الجيش السوري، وتحديد أولوياته بين تركيز موسكو على توفير «القدرات الدفاعية» بينها منظومات جوية متطورة، لدمشق مقابل تركيز طهران على تزيد النظام السوري بـ«إمكانات هجومية» مثل مسيّرات وصواريخ أرض - أرض. واقترحت استمرار الضغط على روسيا لمنع دمشق من السيطرة على قرار تشغيل منظومات الصواريخ واستمرار ضرب «مصانع الصواريخ والمواقع الإيرانية ومنع تشكيل بنية تحتية إيرانية في جنوب سوريا».
وجاء في ورقة للباحثة عنات بن خييم في «مركز الدراسات والأمن القومي الإسرائيلي»، أنه مع ثبات خطوط التماس منذ مارس (آذار) العام الماضي، انتقل «الانتباه في الجيش السوري من القتال إلى إعادة التأهيل، حيث برزت منافسة إيرانية - روسية كبيرة حول التأثير على بناء الجيش وأولوياته».
- اختلاف أولويات
وتركز اهتمام روسيا على بناء الجيش استراتيجياً، حيث أنشأت في بداية تدخلها في عام 2015، مقراً متعدد الجهات ومركزاً للعمليات المشتركة «ما ألغى دور هيئة الأركان العامة السورية»، علماً بأنه لم يتم تعيين قائد للأركان منذ 2018. ويشغل وزير الدفاع علي أيوب المنصبين معاً، في سابقة أولى منذ بداية الستينات.
في المقابل، «تعمل إيران و(حزب الله) أيضاً على كسب النفوذ في بناء الجيش، خصوصاً في نشر صواريخ أرض - أرض والطائرات المسيرة؛ ومشاركة الميليشيات تحت القيادة الإيرانية مع وحدات من الجيش السوري»، حسب الورقة. وقالت: «يعد الفيلق الأول في الجيش، المسؤول عن المنطقة الجنوبية الغربية والجبهة ضد إسرائيل، هدفاً رئيسياً لمشاركة إيران و(حزب الله)، من خلال دمج مستشارين وضباط مرتبطين بمقراته في مجالات متنوعة. كما منح النظام (حزب الله) الإذن ببناء بنية تحتية ومشاريع طويلة الأمد في الجنوب».
وإذ لاحظت الورقة «تغييراً في التهديد وطبيعة القتال» عبر التركيز على «التهديد الداخلي»، قالت إن «النيات الروسية تتجه نحو تحويل الموارد الرئيسية حالياً لتوسيع نطاق القيادة والسيطرة لوحدات الجيش والآليات الأمنية لإعادة احتكار استخدام القوة إلى الجيش. هذا، مع استيعاب الميليشيات المستسلمة في الجيش السوري»، مع الإشارة إلى «الميليشيات الموالية لإيران، المنخرطة في الحرب منذ عام 2012 لا تزال تعمل خارج إطار الجيش، مع غياب التنسيق العملياتي بينها أحياناً».
- تغييرات بالجيش
وأضافت الورقة أنه بعد الانتخابات الرئاسية، «قرر الرئيس بشار الأسد إجراء تغييرات شخصية في الجيش، شملت تعيينات جديدة في نحو 20 منصباً رفيعاً في الجيش، تم تعيين بعضهم ضباطاً قبل أشهر قليلة. ومن هنا يأتي التفسير بأن روسيا تقف وراء التعيينات الجديدة في الجيش والأجهزة الأمنية لترقية الضباط العلويين، الذين سيكونون ماهرين بما فيه الكفاية في نظرها، ومخلصين لها وليس لإيران. من بين 152 ضابطاً رفيعاً في الجيش السوري، حوالي 124 من العلويين - 82 في المائة، مقابل 22 ضابطاً سنياً الذين يشكلون 14 في المائة فقط».
وأضافت أن روسيا «تساعد الجيش السوري في بناء منظومة الدفاع الجوي عبر دمج وتشغيل أنظمة أسلحة وصواريخ أرض جو متطورة لديها قادرة على اعتراض القذائف الموجهة التي تُطلق من مسافة بعيدة»، لكنها «تمتنع عن تسليم بطاريات صواريخ أرض - جو متطورة من طراز (إس 300 متطورة) أو (إس 400) التي تشكل تهديداً لطائرات سلاح الجو الإسرائيلي، لقوات الدفاع الجوي السورية».
في المقابل، أعلنت إيران «نقل أنظمة دفاع جوي متطورة إلى سوريا: صواريخ أرض - جو من نوع (باور 373)، وهي منظومة صواريخ أرض - جو بعيدة المدى تصل إلى (250 كلم)، وإعادة بناء إيرانية لمنظومة (300 – S) الروسية؛ ومنظومة «خرداد – 3» صواريخ أرض جو متوسطة المدى تصل إلى 50 - 75 كلم»، إضافة إلى «تصنيع صواريخ أرض - أرض، حيث تستثمر إيران وسوريا جهداً مشتركاً ومتوازياً في هذه الصواريخ وتحسين دقتها بشكل أساسي لتهديد الجبهة الداخلية الاستراتيجية لإسرائيل. كما نشرت إيران أنظمة طائرات مسيرة في سوريا، ولم يتم تحديد ما إذا كانت ستُنقل إلى الجيش السوري، أم سيتم تفعيلها أثناء المواجهات مع مبعوثين إيرانيين».
- موقف إسرائيل
بالنسبة لتداعيات ذلك على إسرائيل، أفادت الورقة بأنه من حيث «الهجوم يعتمد الجيش السوري اعتماداً كبيراً على إيران و(حزب الله)، خصوصاً فيما يتعلق بنقل وتجميع وسائل الهجوم، مثل أسلحة ذات مسار منحني وطائرات مسيرة هجومية، ما سيؤدي إلى تحسين قدرات إيران على ضرب معظم أراضي إسرائيل من سوريا»، مقابل تركيز روسي على «القدرات الدفاعية». وقالت: «التحدي العسكري الرئيسي الذي يمثله الجيش السوري للجيش الإسرائيلي يتمثل في قدرته الدفاعية الجوية، التي تعتمد على القدرات الروسية، ويتم تشغيلها بمشورة عسكرية روسية».
وتقترح «الاستمرار في ممارسة الضغط السياسي على روسيا لمنع تسليم بطاريات صواريخ أرض - جو متطورة للجيش السوري، وفي حال تم تسليمها إلى الدفاع الجوي السوري، فإن مهاجمتها الآن يشكل تهديداً لسلاح الجو الإسرائيلي. وبالمثل، يجب على إسرائيل العمل وتدمير بطاريات الدفاع الجوي الإيرانية، من أجل منع حدوث وضع تقوم فيه إيران بنقلها إلى الجيش السوري، أو نشرها في سوريا، واتخاذ إجراءات متنوعة ضد وجود إيران و(حزب الله) في منطقة الجنوب السوري».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».