ميركل تشدد للمنفي على انسحاب القوات الأجنبية و«المرتزقة» قبل الانتخابات

ميركل والمنفي يتحدثان إلى الصحافيين بعد لقائهما في برلين أمس (رويترز)
ميركل والمنفي يتحدثان إلى الصحافيين بعد لقائهما في برلين أمس (رويترز)
TT

ميركل تشدد للمنفي على انسحاب القوات الأجنبية و«المرتزقة» قبل الانتخابات

ميركل والمنفي يتحدثان إلى الصحافيين بعد لقائهما في برلين أمس (رويترز)
ميركل والمنفي يتحدثان إلى الصحافيين بعد لقائهما في برلين أمس (رويترز)

تعهدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بأن يبقى الملف الليبي أولوية لدى ألمانيا حتى بعد التغيير الحكومي. وشددت على ضرورة انسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة قبل الانتخابات المقررة في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وقالت ميركل لدى استقبالها رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي في برلين، أمس، إنه حتى «بعد أن تصبح لدينا حكومة جديدة في الأسابيع والأشهر المقبلة، فإن مسألة ليبيا ستبقى أولوية بالنسبة إلى ألمانيا، لذلك ستكون هناك استمرارية» في هذا الملف. ورغم انتهاء ولايتها وخسارة حزبها في الانتخابات العامة الأحد الماضي، فإن ميركل مستمرة في عملها بانتظار تشكيل الحكومة المقبلة. وحرصت من خلال استقبال المنفي في الأيام الأخيرة من عهدها، وحديثها قبل أيام عبر الهاتف مع رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، على إيصال رسالة بأن الجهود الألمانية التي بدأت مع مؤتمر «برلين 1» مطلع العام 2020 لإنهاء الصراع في ليبيا، لن تتوقف.
وجددت ميركل في بيان ألقته قبل اجتماعها بالمنفي في مقر المستشارية في برلين، على ضرورة تطبيق مقررات مؤتمر «برلين 2» الذي استضافته العاصمة الألمانية في يونيو (حزيران) الماضي. وذكرت ميركل بأنها ناقشت مع الدبيبة قبل أيام مسألة سحب المرتزقة والقوات الأجنبية، وأنها تريد الاستماع إلى وجهة نظر المنفي حول الموضوع. وشددت كذلك على ضرورة أن يتم الانسحاب قبل الانتخابات «لأن مستقبل ليبيا يجب أن يحدده الليبيون من دون أي تأثير خارجي». وأشارت إلى أنه ما زال هناك «الكثير الذي يجب إنجازه» قبل انتخابات 24 ديسمبر (كانون الأول).
ودعت المستشارة الألمانية إلى أن يتزامن انسحاب المرتزقة والقوات الأجنبية مع تعزيز الاقتصاد الليبي بهدف تأمين استقرار البلاد. وقالت إن ليبيا «بطبيعتها دولة غنية بسبب مخزونها من النفط الطبيعي، ومن الضروري أن تكون هذه الثروة متوافرة للشعب الليبي، وهذا يعني أن الأمر متعلق بالاستقرار الاقتصادي ومساعدة شركات أجنبية لليبيا، وألمانيا مستعدة لذلك».
من جهته، تعهد المنفي إكمال العمل لإجراء الانتخابات في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، على أساس القرارات التي تم الاتفاق عليها في مؤتمر «برلين 2»، وشكر ألمانيا على جهودها في المساعدة على حل أزمة ليبيا.
وكان مؤتمر «برلين 2» الذي شاركت فيه نحو 20 دولة، قد شدد على ضرورة إجراء الانتخابات في ديسمبر وانسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة قبل ذلك، إضافة إلى تثبيت وقف إطلاق النار وتوحيد المؤسسات العسكرية ووقف التدخلات الخارجية.
وأعلنت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش حينها، أن سحب المرتزقة سيبدأ في «الأيام القليلة المقبلة». لكن حتى الآن وبعد مرور أكثر من 3 أشهر، لم ينسحب أي مقاتل بعد. وقبل أيام أعلن المجلس الرئاسي الليبي أن هناك تقدماً تم إحرازه في هذا المجال وأن تركيا بدأت تتعاون لسحب آلاف المرتزقة الذين استقدمتهم من سوريا للقتال في ليبيا إلى جانب قواتها.
ورغم أن ميركل أطلقت مسار برلين في مطلع العام الماضي، فإنها تشدد على أنه ليس بديلاً لمسار الأمم المتحدة وللجهود التي تبذلها المنظمة الدولية، بل يسير في موازاتها. وتهدف ألمانيا إلى السيطرة على عمليات الهجرة غير الشرعية التي تحصل من الشواطئ الليبية باتجاه أوروبا، وهي تعتقد أنها لا يمكنها السيطرة على ذلك من دون وجود حكومة مستقرة موثوق بها في طرابلس.
وتتفادى ألمانيا التشديد في ضغوطها على تركيا لسحب قواتها من ليبيا والمرتزقة الذين أرسلتهم، تفادياً لأي تصعيد من الطرف التركي فيما يتعلق خصوصاً باللاجئين. ودائماً ما تهدد تركيا بوقف تعاونها مع أوروبا وفتح الطريق أمام اللاجئين الساعين للوصول إليها.
ومن المتوقع أن تكمل الخارجية الألمانية الجديدة اهتمامها بالملف الليبي، حتى لو لم يكن حزب ميركل هو من سيشكل الحكومة، خصوصاً أن وزارة الخارجية بيد الحزب الاشتراكي الذي على الأرجح سيرأس الحكومة المقبلة، وبالتالي سيكمل السياسة نفسها في ليبيا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.