نظرة إلى صلاحيات رئيسة الحكومة التونسية في المرحلة الانتقالية الجديدة

تشق الطبقة السياسية في تونس خلافات في موقفها سواء من تعيين نجلاء بودن رمضان رئيسة للحكومة، أو القرارات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد يوم 22 سبتمبر (أيلول) المنصرم، التي أدت إلى تعليق العمل بالدستور ما عدا البابين الأول والثاني وبعض الفصول. وكذلك – كما هو معروف – أدت إلى تعليق عمل البرلمان المنتخب في 2019 نهائياً وإعادة تحديد دور الحكومة ومجلس الوزراء رغم اعتراضات عدة أحزاب وغالبية نواب البرلمان.
وفق الفصول 16 و17 و18 و19 في المرسوم الرئاسي 117 أصبح رئيس الجمهورية رئيساً لمجلس الوزراء، وهو الذي يعين رئيس الحكومة والوزراء وكتاب الدولة (وكلاء الوزارات)، وأحيلت صلاحيات البرلمان التشريعية إلى مجلس الوزراء. وأُسندت لرئيس الجمهورية صلاحية الإشراف على كل مؤسسات الدولة الداخلية والخارجية وإصدار «أوامر رئاسية» و«مراسيم» تعوض القوانين التي يصادق عليها البرلمان.
ونص الفصل 19 من المرسوم 117 على أن «رئيس الحكومة يسير الحكومة وينسق أعمالها ويتصرف في دواليب الإدارة لتنفيذ التوجهات والاختيارات التي يضبطها رئيس الجمهورية، وينوب عند الاقتضاء رئيس الجمهورية في رئاسة مجلس الوزراء أو أي مجلس آخر». كذلك، نص الفصل 14 من هذا المرسوم 117 المثير للجدل على أنه «عند شغور منصب رئيس الجمهورية بسبب الوفاة أو الاستقالة أو العجز التام يتولى رئيس الحكومة القيام بمهام رئيس الجمهورية إلى غاية تأمين عودة السير العادي لدواليب الدولة ويؤدي اليمين الدستورية أمام مجلس الوزراء».
ولقد أثار هذا الفصل جدلاً لأنه يعيد البلاد إلى مرحلة ما قبل 1987، عندما كان الدستور القديم ينص على أن رئيس الوزراء (أو «الوزير الأول») يخلف رئيس الجمهورية في حالة الشغور النهائي. وكان زين العابدين بن علي قد أقال الرئيس الحبيب بورقيبة يوم 7 نوفمبر (تشرين الثاني) 1987 بعد استصدار شهادة من أطبائه تؤكد مرضه وعجزه عن ممارسة مهامه.
وفي المقابل، نص دستور 2014 على أن رئيس البرلمان المنتخب يخلف رئيس الجمهورية لمدة 45 يوماً ثم تنظم انتخابات رئاسية جديدة. وفي انتظار حسم الخلافات بين صناع القرار السياسي من «الإجراءات الاستثنائية» والمراسيم الرئاسية الخاصة بـ«المرحلة الانتقالية الجديدة» و«القانون المؤقت المنظم للسلطات»، تبدو تونس أمام تحديات اقتصادية واجتماعية وسياسية وقانونية ودستورية ملحة، وسيكون على رأس أولويات المرحلة المقبلة تعديل القانون الانتخابي والدعوة لانتخابات مبكرة، قد تضع حداً لأزمات سياسية استفحلت بسبب مسلسل إسقاط الحكومات.
وللعلم، تداول على حكومات تونس منذ يناير (كانون الثاني) 2011 تسعة رؤساء حكومات شكل بعضهم أكثر من حكومة، هم على التوالي: محمد الغنوشي (2011)، والباجي قائد السبسي - رئيس الجمهورية فيما بعد - (2011)، وحمادي الجبالي (2012 - 2013)، وعلي العريض (2013) – وكل من الجبالي والعريض محسوبان على حزب «حركة النهضة» - والمهدي جمعة (2014)، والحبيب الصيد (2015 - 2016)، ويوسف الشاهد (2016 - 2019) وإلياس الفخفاخ (2020)، وهشام المشيشي (سبتمبر 2020 – 25 يوليو/تموز 2021).