أنظار العالم تتجه نحو الهند بعد تطورات أفغانستان

بالتوازي مع القلق الجماعي من الصعود الصيني

أنظار العالم تتجه نحو الهند بعد تطورات أفغانستان
TT

أنظار العالم تتجه نحو الهند بعد تطورات أفغانستان

أنظار العالم تتجه نحو الهند بعد تطورات أفغانستان

منذ استيلاء جماعة «طالبان» على السلطة في أفغانستان وانسحاب القوات الأميركية السريع من البلاد، وتوقيع اتفاقية الدفاع الثلاثي التي عُرِفت باسم «أوكوس»، ساد التوتر البيئة الإقليمية والدولية، وأصبحت غير ودية وغير موثوق بها ويتعذر التنبؤ بتطورات أحداثها.
ثم إنه مع تكشف حقائق جيوسياسية وجغرافية اقتصادية جديدة، تحولت الهند الآن إلى عنصر محوري في الشبكة الناشئة من التحالفات المتغيرة في المنطقة. وتحمل هذه الديناميكيات المتغيرة فرصاً مهمة لنيودلهي، في ظل صياغة تحالفات جديدة. وربما لذلك، اختار رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي القيام بجولة داخل الولايات المتحدة وعبر أرجاء الأمم المتحدة، لشعوره بمدى أهمية كل اجتماع تعقده المنظمة الأممية، إلا أن مودي واجه جملة من التحديات في ظل الاجتماعات مع عدد من كبار المسؤولين الأميركيين وقادة الحوار الأمني الرباعي المعروف باسم «كواد»، وأيضاً كبار رجال الأعمال الأميركيين، بجانب إلقاء خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وعدد من الفعاليات الأخرى.
جدير بالذكر أنه خلال فترة توليه رئاسة الحكومة الهندية، زار مودي الولايات المتحدة سبع مرات خلال سبع سنوات: 2014 و2015 و(مرتين عام 2016) و2017 و2019 و2021. والتقى ثلاثة رؤساء مختلفين (باراك أوباما ودونالد ترمب وجو بايدن، الذي التقاه كذلك عندما كان نائباً للرئيس). ومع ذلك، حظيت هذه الزيارة باهتمام خاص. وفيما يتعلق بمودي، قد يكون هذه واحدة من أهم التي سيطرت على ذهنه خلالها مخاوف المتعلقة بالأمن، لكن يبدو أن المناقشات تحولت نحو التهديدات الأمنية غير التقليدية التي كانت هي الأخرى على جدول الأعمال.
تفاعلت القوى العالمية مع التطورات الأخيرة في أفغانستان بصور مختلفة، ويبدو أن باكستان والصين وتركيا على وجه التحديد تتخذ مساراً مغايراً لباقي القوى. وكانت روسيا هي الأخرى في التكتل ذاته الداعم لحركة «طالبان»، إلا أنه كما يبدو بدلت موقفها بعد اتصال هاتفي جرى بين الزعيم الهندي ناريندرا مودي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
بل كان من اللافت والاستثنائي أن يصل ممثلون عن وكالات الأمن والاستخبارات من الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا إلى نيودلهي في وقت واحد؛ إذ استضاف مستشار الأمن الوطني الهندي، أجيت دوفال، رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) ويليام بيرنز، وكذلك نيكولاي باتروشيف من الاستخبارات الروسية، وريتشارد مور من الاستخبارات البريطانية (إم آي 6)، ومع أي من الدول المشاركة أعلنت عن عقد هذه الاجتماعات، أكدت مصادر مطلعة جلوس مسؤولين روس وأميركيين معاً بوساطة الهند.
مثل هذا الاجتماع غير مسبوق، وهو يشير إلى مدى جدية رد فعل هذه القوى تجاه الأزمة الأفغانية، والدور المهم الذي تضطلع به الهند بجمعها الروس والأميركيين معاً. ومن بين الأمور التي تثير قلق واشنطن، الثروة المعدنية الهائلة وغير المستغَلّة عند أفغانستان، وبالتأكيد، لن يروق لواشنطن أن ترى هذه الثروة في يد الصين. ومن جانبها، لا ترغب روسيا هي الأخرى في ازدياد هيمنة الصين في المنطقة، ذلك أن أي صعود صيني في أفغانستان سيعني تمدّداً أكبر لـ«التنين الأصفر» داخل آسيا الوسطى، التي تمس حدودها سيبيريا الروسية، وهي منطقة شاسعة تتطلع الصين إلى الهيمنة عليها. وفي هذا السياق، من جهته، أعرب راجيف شارما، الدبلوماسي الهندي السابق في أفغانستان، عن اعتقاده بأن الصين، التي أعلنت عن حزمة مساعدات بقيمة 31 مليون دولار أميركي للنظام الجديد في كابل، كانت بمثابة المشكلة الأساسية في اجتماع قادة الوكالات الاستخباراتية من الدول الثلاث.
- الأهمية المحورية لـ«كواد»
ستظل النتائج الاستراتيجية لنشاط ناريندرا مودي المزدوج في واشنطن ملموسة لفترة طويلة، والمقصود هنا اجتماعه بالرئيس الأميركي جو بايدن، قبل مشاركته الشخصية لأول مرة في قمة «كواد» بمشاركة رئيسي وزراء أستراليا واليابان. واللافت هنا أنه جرى إغفال ذكر الصين في البيانين الصادرين عن الاجتماعين؛ إذ أشارت كل البيانات الافتتاحية التي أدلى بها الرئيس ورؤساء الوزراء المشاركون في قمة «كواد» إلى أنه جرى الدفع بالجانب الأمني إلى أولوية متأخرة، في إطار المناقشات التي دارت.
وفي هذا الصدد، أشار الكاتب الصحافي الهندي براتاب بانو ميهتا إلى أن «تعزيز وحدة الصف داخل (كواد) محور سياسي مهم في خضم جهود إعادة تشكيل النظام الآسيوي. وفيما يخص الولايات المتحدة، فإن ذلك يشير إلى التزامها بالبقاء على اتصال مع المحيطين الهندي والهادي، وقيادة جهود تتميز بدرجة أكبر من التنسيق لاحتواء الصين. أما بالنسبة للهند، فإن الإشارة السياسية الكبرى من وراء ذلك أنها مستعدة لأن تكون جزءاً من مجموعة ستحرم الصين من فرصة قلب ما تعتقد هذه المجموعة أنه نظام عالمي قائم على مبادئ الديمقراطية، ومنطقة محيطين هندي وهادي تتميز بالحرية والانفتاح. أما فيما يتعلق بأستراليا، فإنها إشارة واضحة على أنها قد حسمت موقفها، إذ إن التحركات القوية من جانب الصين لم يترك خياراً آخر لهذه الدول».
وللعلم، تعد مجموعة «كواد» جزءاً من إعادة ترتيب الهيكل الأمني في آسيا. والمعتقد أن المجموعة ستتخذ توجهاً أكثر تصادمية، مع كل ما يحمله هذا من مخاطر. ولكن في غمرة الابتهاج بهذه الإشارات السياسية حول هذه التجربة الجديدة «لا يجوز إغفال حقائق مهمة، أبرزها أن (كواد) وُلدت على خلفية تناقض وفشل ذريع، بجانب الصعود الصيني. وبالتالي، سيتعين على (كواد) التغلب على ظلال هذه الإخفاقات»، حسب ميهتا.
ومع ذلك، فإن الوجود المتزامن لرؤساء استخبارات دول «كواد» في واشنطن، وبدء المجموعة في العمل المشترك بمجال التكنولوجيا الناشئة يشير إلى أن الصين كانت دوماً في أذهان المشاركين.
من ناحيته، أشار الكاتب سيما غوها إلى أن «القمة الأولى لقادة (كواد) تحمل رمزية هائلة، خاصة بالنسبة لرئيس الوزراء مودي، لأن هذا جاء بالتزامن مع اجتماعه مع الرئيس بايدن. والمعروف أن مجموعة (كواد) تركز على منطقة المحيطين الهندي والهادي، وليس لأي الدول الثلاث الأخرى حدود طويلة مع الصين كحال الهند التي تشترك مع الصين بحدود تمتد لمسافة 3488 كلم. وفي حين تتمتع أستراليا بحماية المظلة النووية الأميركية، كما خدم التحالف الأمني بين الولايات المتحدة واليابان كلا البلدين على نحو جيد منذ الحرب العالمية الثانية، تظل هناك مخاوف إزاء الدخول في تحالف وثيق مع الولايات المتحدة... التي من الطبيعي أن تسعى لتعزيز مصالحها الخاصة. وهذا أمر تجلّى تماماً في ضوء خروجها الفوضوي من أفغانستان بنحو يكاد يتعذر تصديقه. وبالتالي، تقديمها البلاد إلى (طالبان) على طبق من فضة». وهنا يتساءل غوها: «هل يمكن بعد الآن الوثوق بالولايات المتحدة؟ لقد كانت حكومة أشرف غني دونما شك فاسدة وتفتقر إلى الكفاءة، ومع ذلك تظل الحقيقة أن إبقاءها خارج اتفاق السلام مع (طالبان) وإطلاق سراح 500 من سجناء (طالبان) المتشددين كان خطوة تفتقر إلى الحكمة». بل ويذهب الدبلوماسي الهندي السابق نافتيج سإرنا، الذي أمضى ثلاث سنوات في الولايات المتحدة قبل التقاعد، أبعد ليقول «اليوم، يدفع المدنيون الأفغان، خاصة النساء، ثمن هذه السياسة (الأميركية) المعيبة.
- بين «كواد» و«أوكوس»
من جهة ثانية، سعت الهند لفصل دورها داخل «كواد» عن شراكة «أوكوس» المعلنة قريباً بين أستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة. والمؤكد أن بناء أسطول أسترالي من الغواصات النووية في إطار «أوكوس» سيحمل دلالات إيجابية ومهمة فيما يخص الحسابات الاستراتيجية الهندية داخل منطقة المحيطين الهندي والهادي. وحول هذا الأمر شرح سارنا: «الوقت الحالي مناسب كي تسعى الهند بسرعة نحو تعميق المبادرات التعاونية مع الولايات المتحدة لضمان حصولها على عتاد المستقبل، مثل الطائرات من دون طيار (المسيّرات) وأشباه الموصلات والألواح الشمسية المتخصصة، والتعاون مع دول (كواد) بنشاط من أجل تعزيز الاستقرار الإقليمي. وتُعدّ هذه الاستراتيجية المثلى للمضي قدماً عبر النظام البيئي العالمي المقلقل الذي تجد نفسها اليوم فيه».
ومن التطورات الأخرى الإيجابية، إعادة المجموعة التأكيد على رغبتها في العمل مع الشركاء ذوي التفكير المماثل. ومع التأكيد على محورية منظمة «آسيان»، اختارت القوى الأربع كذلك التأكيد على دعم استراتيجية التعاون الجديدة التي أعلنها الاتحاد الأوروبي مع دول منطقة المحيطين الهندي والمحيط الهادي. وفتحت هذه الوثيقة الجديدة آفاقاً جديدة من خلال تنديدها مباشرة بالإجراءات الصينية في بحر الصين الجنوبي وانتهاكات حقوق الإنسان في إقليم سنكيانغ - ويغور. أيضاً، وتدعو الاستراتيجية الجديدة إلى شراكات موسعة مع الاتحاد الأوروبي في مجالات الأمن والتكنولوجيا والاستراتيجية الاقتصادية مع مجموعة من الشركاء الجدد، مثل الهند وكوريا الجنوبية. ومع هذا التقارب في المصالح، نتوقع المزيد من التعاون بين مجموعة «كواد» والاتحاد الأوروبي في المنطقة.
«كواد» أعلنت أيضاً عن تشكيل مجموعة لتنسيق البنية التحتية لتوجيه استثمارات البنية التحتية للمجموعة بشكل أفضل داخل البلدان النامية. ويشير هذا التطور إلى أن «كواد» عقدت العزم بالفعل على إنهاء التردد والصمت الذي اتسمت به استجابتها حتى الآن لـ«مبادرة الحزام والطريق» الصينية. ومن خلال إنشاء آلية التنسيق هذه، أظهرت «كواد» جاهزيتها لتوفير وضع رأس المال الاستثماري والسياسي المطلوب للتنافس مع مبادرات تطوير البنية التحتية العملاقة التي تطرحها الصين.
- «منظمة شنغهاي للتعاون»
أخيراً، وقبل أيام قلائل من مغادرة مودي نيودلهي متجهاً إلى الولايات المتحدة، وجَّه رئيس الوزراء الهندي كلمة إلى أعضاء «منظمة شنغهاي لتعاون»، الذين يضمون رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، والرئيس الصيني شي جينبينغ. وكان هذا الاجتماع العشرين لقيادات الدول الأعضاء، الذي انعقد على خلفية عدد من التطورات الإقليمية والعالمية الرئيسية. كذلك كانت هذه المرة الأولى التي يلتقي مودي وجينبينغ وجهاً لوجه، وإن على نحو افتراضي، منذ حالة التأزُّم بين قوات البلدين على طول «خط السيطرة الفعلية»، في مايو (أيار). ولقد وجه مودي انتقادات إلى الصين، معتبراً أن تعزيز الترابط بين دول المنظمة يستدعي «أن نمضي قدماً مع مراعاة احترام سيادة بعضنا البعض وسلامته الإقليمية».
ومن دون ذكر باكستان بالاسم، وجه مودي توبيخاً لزعيمها عمران خان «لسعيه إلى طرح قضايا ثنائية (مثل كشمير) أمام منظمة شنغهاي للتعاون».
- مودي يرسل من نيويورك إشارات وتحذيرات إلى باكستان
> حمّل رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الخطاب، الذي ألقاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، رسالة موجهة بوضوح إلى باكستان، قال فيها: «من الضروري للغاية ضمان عدم استخدام الأراضي الأفغانية لنشر الإرهاب والأنشطة الإرهابية»، ومن ثم أعرب الزعيم الهندي القومي اليميني عن مخاوف الهند بخصوص أفغانستان. واللافت أنه تطرق في كلمته «إلى تفاقم التفكير الرجعي والتطرف في العالم»... واستطرد: «في ظل هذه الظروف، يتعيّن على العالم بأسره أن يجعل التفكير العلمي والعقلاني والتقدمي أساس برامجهم التنموية»، معرباً عن اعتقاده بأن التقدم الاجتماعي والتكنولوجي يساعد في التغلب على الآيديولوجيات المتطرفة.
من ناحية، صرح اللفتنانت جنرال متقاعد من الجيش الهندي سيد عطا حسنين بأن «واحدة من أكبر الأفكار التي طرحتها الهند في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، العزلة الكاملة لباكستان على المسرح العالمي. وعلى مدار فترة طويلة، لعبت باكستان عن طيب خاطر دور المنطقة العازلة الغربية للحد من الطموحات الإقليمية للهند». وحسب كلام حسنين «انتهت اللعبة الكبرى أخيراً، تاركة إسلام آباد للتعامل مع شياطين الإرهاب التي أثارتها. ولقد أشارت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس (وهي هندية الأم) نفسها إلى ملاذات الإرهاب في باكستان أثناء لقائها مع مودي، ما يشير إلى تغيُّر المزاج العام في واشنطن. ومن المحتمل أن تكون جولة مودي قد حققت كل ذلك بكثير من البراعة والشعور بالتوازن»، وفق تعبير الجنرال الهندي.
- أضواء على حقيقة الخلاف حول «أوكوس»
> وقعت أستراليا والمملكة المتحدة (بريطانيا) والولايات المتحدة اتفاقية عسكرية عرفت باسم «أوكوس» (الأحرف الأولى من أسماء الدول الثلاث AUKUS)، التي بمقتضاها ستبني أستراليا أسطولاً من الغواصات النووية بمعاونة الدولتين الأخريين. وهذا ما أدى إلى إلغاء عقد كانت أستراليا قد وقَّعته مع فرنسا لشراء غواصات تقليدية، الأمر الذي أشعل خلافاً مع فرنسا التي شكت من أن الاتفاقية أُبرمت من وراء ظهرها، وأن حليفاً رئيسياً في «ناتو» (حلف شمال الأطلسي) لا تجوز معاملته بمثل هذه «القسوة».
وبينما كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي على وشك الصعود للطائرة التي ستقله إلى الولايات المتحدة لحضور اجتماع «كواد» والجمعية العامة للأمم المتحدة، تلقى اتصالاً هاتفياً من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تناول خلاله تعزيز التعاون في منطقة المحيطين الهندي والهادي، وكذلك تعزيز الاستقلال الاستراتيجي للهند، وفق بيان من مكتب ماكرون. ونظر مراقبون إلى هذه المكالمة على أنها رسالة من قبل فرنسا الغاضبة، التي لطالما اعتبرتها الهند لفترة طويلة شريكاً استراتيجياً جديراً بالاعتماد عليه، موجهة إلى واشنطن وغيرها ممن يعتبرون الهند أحد أهم شركائهم في منطقة المحيطين الهندي والهادي. كذلك رأوا فيها تعبيراً عن استياء باريس من استبعادها من اتفاقية «أوكوس»، رغم الوجود الفرنسي القوي في المنطقة.b ومن جانبه، دعم الاتحاد الأوروبي الموقف الفرنسي، مؤكداً على أن منطقة المحيطين الهندي والهادي بحاجة لمزيد من التعاون و«قدر أقل من التشرذم».
السؤال المطروح هنا هو: إذا كان من الممكن التعامل مع فرنسا على هذا النحو، فكيف سيكون الحال مع شركاء أقل أهمية، مثل الهند؟
وكيل وزارة الخارجية الهندي السابق كانوال سيبال قال معلقاً: «شعارنا التعامل مع الإيجابيات وحماية مصالح الهند بأفضل ما نستطيع». ويقر سيبال بأن كون دولة ما صديقة لواشنطن يحمل مزايا كثيرة. وعلى سبيل المثال، فإن الاتفاق النووي المدني المُبرم بين الهند والولايات المتحدة عام 2006 أنهى اعتبار الهند دولة منبوذة نووياً، وسمح لها بخيار التجارة النووية، والوصول إلى أحدث التقنيات. لكنه، مع ذلك، نبه إلى ضرورة أن تحتاط الهند إزاء رهاناتها والتأكد من أن لديها خيارات أخرى. ويشار هنا إلى أنه سيجري نشر ثماني غواصات نووية أسترالية في مياه المحيطين الهندي والهادي بمقتضى اتفاقية «أوكوس»، وذلك بهدف احتواء الصين بصورة أساسية.
ورغم امتلاك الصين صواريخ تمكّنها من استهداف سفن السطح الأميركية، فإنه لم نجح بعد في تطوير تقنية قادرة على التصدّي للغواصات داخل المياه العميقة.
وفي هذا الشأن يوضح وكيل وزارة الخارجية هارش شرينغلا قائلاً: «تختلف (كواد) و(أوكوس) في طبيعتيهما، ذلك أن (كواد) مجموعة متعددة الأطراف من البلدان ذات الرؤية والقيم المشتركة. كما أن لدينا أيضاً رؤية مشتركة تجاه منطقة المحيطين الهندي والهادي وضرورة العمل على جعلها منطقة تتميز بالشفافية والانفتاح والشمول». أما سلفه الوكيل السابق كانوال سيبال، فيعتقد أنه «في الوقت الحالي، لن تكون الهند رافضة لـ(أوكوس)، بل ستنظر إليها باعتبارها قوة مضاعفة في منطقة المحيطين الهندي والهادي. وإن أي تحرك لاحتواء الصين يمثل خطوة مرحب بها. كما أن اليابان، عضو (كواد) التي تدخل في نزاعات بين الحين والآخر مع الصين، راضية بالتأكيد عن الاتفاق الجديد».
ومعلوم أن نيودلهي تعتمد على تأكيدات واشنطن بأن «أوكوس» لن تتداخل مع «كواد»، ثم إنها تعي جيداً الثقل الأميركي والمكاسب الاقتصادية المترتبة على الدخول معها في علاقات وثيقة. وكذلك، يمكن لنيودلهي أن تضطلع بدور إيجابي في الأزمة الدبلوماسية المتعلقة بـ«أوكوس».


مقالات ذات صلة

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

حصاد الأسبوع Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

منذ فترة ولايته الأولى عام 2014، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكبر مناصر للعلاقات بين الهند وأفريقيا.

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

سطرت نيتومبو ناندي ندايتواه، 72 عاماً، اسمها في التاريخ بوصفها أول امرأة تتولى رئاسة ناميبيا منذ استقلال البلاد عام 1990، بعدما حصدت 57 في المائة من الأصوات في

فتحية الدخاخني ( القاهرة)
رياضة سعودية السعودية تستمر في تشكيل خريطة مختلف الرياضات العالمية بتنظيم واستضافات غير مسبوقة (الشرق الأوسط)

السعودية ستُشكل خريطة الرياضة العالمية في 2025

شارف عام حافل بالأحداث الرياضية بما في ذلك الألعاب الأولمبية التي حظيت بإشادة واسعة وأربع بطولات قارية لكرة القدم على الانتهاء ومن المتوقع أن يكون عام 2025 أقل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
حصاد الأسبوع فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية بقيادة ميشال بارنييه في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)،

أنيسة مخالدي (باريس)
حصاد الأسبوع خافيير ميلي (أ.ب)

خافيير ميلي... شعبية «المخرّب الأكبر» لا تعرف التراجع

في المشهد الشعبوي واليميني المتطرف، المتنامي منذ سنوات، يشكّل الصعود الصاعق لخافيير ميلي إلى سدّة الرئاسة في الأرجنتين، حالة مميّزة، لا بل فريدة، من حيث الأفكار

شوقي الريّس (مدريد)

يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط
تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط
TT

يون سوك ــ يول... رئيس كوريا الجنوبية أثار زوبعة دعت لعزله في تصويت برلماني

تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط
تحت ضغط الفضائح والخلافات انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أن شعبيته انخفضت إلى 19 % فقط

تشهد كوريا الجنوبية، منذ نحو أسبوعين، تطورات متلاحقة لا تلوح لها نهاية حقيقية، شهدت اهتزاز موقع رئيس الجمهورية يون سوك - يول بعد إعلانه في بيان تلفزيوني فرض الأحكام العرفية، وتعليق الحكم المدني، وإرساله قوة عسكرية مدعومة بالهيلوكوبترات إلى البرلمان. ثم اضطراره للتراجع عن قراره في وجه معارضة عارمة. بيد أن تراجع الرئيس خلال ساعات قليلة من هذه المغامرة لم يزد المعارضة إلا إصراراً على إطاحته، في أزمة سياسية غير مسبوقة منذ التحوّل الديمقراطي في البلاد عام 1980 بعد فترة من الحكم التسلطي. ولقد تطوّرت الأوضاع خلال الأيام والساعات الأخيرة من الاحتجاجات في الشوارع إلى تصويت برلماني على عزل يون. وبعدما أقر البرلمان عزل الرئيس ردّ الأخير بتأكيد عزمه على المقاومة والبقاء... في أزمة مفتوحة لا تخلو من خطورة على تجربة البلاد الديمقراطية الطريّة العود.

دبلوماسي مخضرم خدم في كوريا الجنوبية قال، قبل بضعة أيام، معلقاً على الأزمة المتصاعدة: «إذا تم تمرير اقتراح العزل، يمكن وقف (الرئيس) يون (سوك - يول) عن مباشرة مهام منصبه لمدة تصل إلى 180 يوماً، بينما تنظر المحكمة الدستورية في القضية. وفي هذا (السيناريو)، يتولى رئيس الوزراء هان دوك سو منصب الرئيس المؤقت، وتُجرى انتخابات جديدة في غضون 60 يوماً».

وبالفعل، دعا هان دونغ - هون، زعيم حزب «قوة الشعب»، الحاكم، إلى تعليق سريع لسلطات الرئيس مستنداً - كما قال - إلى توافر «أدلة موثوقة» على أن يون سعى إلى اعتقال القادة السياسيين بعد إعلانه الأحكام العرفية الذي لم يدُم طويلاً. ومما أورده هان - الذي كان في وقت سابق معارضاً للمساعي الرامية إلى عزل يون - إن «الحقائق الناشئة حديثاً قلبت الموازين ضد يون، بالتالي، ومن أجل حماية كوريا الجنوبية وشعبنا، أعتقد أنه من الضروري منع الرئيس يون من ممارسة سلطاته رئيساً للجمهورية على الفور». وتابع زعيم الحزب الحاكم أن الرئيس لم يعترف بأن إعلانه فرض الأحكام العرفية إجراء غير قانوني وخاطئ، وكان ثمة «خطر كبير» من إمكانية اتخاذ قرار متطرف مماثل مرة أخرى إذا ظل في منصبه.

بالتوازي، ذكرت تقارير إعلامية كورية أن يون يخضع حالياً للتحقيق بتهمة الخيانة إلى جانب وزير الدفاع المستقيل كيم يونغ - هيون، (الذي ذُكر أنه حاول الانتحار)، ورئيس أركان الجيش الجنرال بارك آن - سو، ووزير الداخلية لي سانغ - مين. وحقاً، تمثل الدعوة التي وجهها هان، وهو وزير العدل وأحد أبرز منافسي يون في حزب «قوة الشعب»، تحولاً حاسماً في استجابة الحزب الحاكم للأزمة.

خلفية الأزمة

تولى يون سوك - يول منصبه كرجل دولة جديد على السلطة، واعداً بنهج عصري مختلف في حكم البلاد. إلا أنه في منتصف فترة ولايته الرئاسية الوحيدة التي تمتد لخمس سنوات، شهد حكمه احتكاكات شبه دائمة مع البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة، وتهديدات «بالإبادة» من كوريا الشمالية، ناهيك من سلسلة من الفضائح التي اتهم وعائلته بالتورّط فيها.

وعندما حاول يون في خطابه التلفزيوني تبرير فرض الأحكام العرفية، قال: «أنا أعلن حالة الطوارئ من أجل حماية النظام الدستوري القائم على الحرية، وللقضاء على الجماعات المشينة المناصرة لنظام كوريا الشمالية، التي تسرق الحرية والسعادة من شعبنا»، في إشارة واضحة إلى الحزب الديمقراطي المعارض، مع أنه لم يقدم أي دليل على ادعائه.

إلا أن محللين سياسيين رأوا في الأيام الأخيرة أن الرئيس خطّط على الأرجح لإصدار مرسوم «الأحكام العرفية الخرقاء» أملاً بحرف انتباه الرأي العام بعيداً عن الفضائح المختلفة والإخفاق في معالجة العديد من القضايا المحلية. ولذا اعتبروا أن عليه ألا يطيل أمد حكمه الفاقد الشعبية، بل يبادر من تلقاء نفسه إلى الاستقالة من دون انتظار إجراءات العزل، ومن ثم، السماح للبلاد بانتخاب رئيس جديد.

بطاقة هوية

ولد يون سوك - يول، البالغ من العمر 64 سنة، عام 1960 في العاصمة سيول لعائلة من الأكاديميين اللامعين. إذ كان أبوه يون كي - جونغ أستاذاً للاقتصاد في جامعة يونساي، وأمه تشوي سيونغ - جا محاضرة في جامعة إيوها للنساء قبل زواجها. وحصل يون على شهادته الثانوية عام 1979، وكان يريد في الأصل أن يدرس الاقتصاد ليغدو أستاذاً، كأبيه، ولكن بناءً على نصيحة الأخير درس الحقوق، وحصل على شهادتي الإجازة ثم الماجستير في الحقوق من جامعة سيول الوطنية - التي هي إحدى «جامعات النخبة الثلاث» في كوريا مع جامعتي يونساي وكوريا - وأصبح مدّعياً عاماً بارزاً قاد حملة ناجحة لمكافحة الفساد لمدة 27 سنة.

ووفق وسائل الإعلام الكورية، كانت إحدى محطات حياته عندما كان طالب حقوق عندما لعب دور القاضي في محاكمة صورية للديكتاتور (آنذاك) تشون دو - هوان، الذي نفذ انقلاباً عسكرياً وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة. وفي أعقاب ذلك، اضطر يون إلى الفرار إلى الريف مع تمديد جيش تشون الأحكام العرفية ونشر القوات والمدرّعات في الجامعة.

بعدها، عاد يون إلى العاصمة، وصار في نهاية المطاف مدعياً عاماً، وواصل ترقيه الوظيفي ما يقرب من ثلاثة عقود، بانياً صورة له بأنه حازم وصارم لا يتسامح ولا يقدّم تنازلات.

مسيرته القانونية... ثم الرئاسة

قبل تولي يون سوك - يول رئاسة الجمهورية، كان رئيس مكتب الادعاء العام في المنطقة المركزية في سيول، وأتاح له ذلك محاكمة أسلافه من الرؤساء. إذ لعب دوراً فعالاً في إدانة الرئيسة السابقة بارك غيون - هاي التي أُدينت بسوء استخدام السلطة، وعُزلت وأودعت السجن عام 2016. كذلك، وجه الاتهام إلى مون جاي - إن، أحد كبار مساعدي خليفة الرئيسة بارك، في قضية احتيال ورشوة.

أما على الصعيد السياسي، فقد انخرط يون في السياسة الحزبية قبل سنة واحدة فقط من فوزه بالرئاسة، وذلك عندما كان حزب «قوة الشعب» المحافظ - وكان حزب المعارضة يومذاك - معجباً بما رأوه منه كمدّعٍ عام حاكم كبار الشخصيات، وأقنع يون، من ثم، ليصبح مرشح الحزب لمنصب رئاسة الجمهورية.

وفي الانتخابات الرئاسية عام 2022 تغلّب يون على منافسه الليبرالي لي جاي - ميونغ، مرشح الحزب الديمقراطي، بفارق ضئيل بلغ 0.76 في المائة... وهو أدنى فارق على الإطلاق في تاريخ الانتخابات في البلاد.

الواقع أن الحملة الانتخابية لعام 2022 كانت واحدةً من الحملات الانتخابية القاسية في تاريخ البلاد الحديث. إذ شبّه يون غريمه لي بـ«هتلر» و«موسوليني». ووصف حلفاء لي الديمقراطيون، يون، بأنه «وحش» و«ديكتاتور»، وسخروا من جراحة التجميل المزعومة لزوجته.

إضافة إلى ذلك، شنّ يون حملته الانتخابية بناء على إلغاء القيود المالية والموقف المناهض للمرأة. لكنه عندما وصل إلى السلطة، ألغى وزارة المساواة بين الجنسين والأسرة، قائلاً إنها «مجرد مقولة قديمة بأن النساء يُعاملن بشكل غير متساوٍ والرجال يُعاملون بشكل أفضل». وللعلم، تعد الفجوة في الأجور بين الجنسين في كوريا الجنوبية الأسوأ حالياً في أي بلد عضو في «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية».

أيضاً، أدى استخدام يون «الفيتو» تكراراً إلى ركود في العمل الحكومي، بينما أدت تهم الفساد الموجهة إلى زوجته لتفاقم السخط العام ضد حكومته.

تراجع شعبيته

بالتالي، تحت ضغط الفضائح والخلافات، انخفضت شعبية يون، وقبل أقل من شهر أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «غالوب كوريا» أن شعبيته انخفضت إلى 19 في المائة فقط. وتعد «كارثة» الأحكام العرفية الحلقة الأخيرة في سلسلة من الممارسات التي حددت رئاسة يون وأخطائها.

إذ ألقي باللوم على إدارة يون في التضخم الغذائي، وتباطؤ الاقتصاد، والتضييق المتزايد على حرية التعبير. وفي أواخر 2022، بعدما أسفر تدافع حشود في احتفال «الهالوين» (البربارة) في سيول عن سقوط 159 قتيلاً، تعرضت طريقة تعامل الحكومة مع المأساة لانتقادات واسعة.

زوجته في قلب مشاكله!

من جهة ثانية، كانت كيم كيون - هي، زوجة الرئيس منذ عام 2012، سبباً آخر للسخط والانتقادات في وسائل الإعلام الكورية الجنوبية. فقد اتهمت «السيدة الأولى» بالتهرب الضريبي، والحصول على عمولات لاستضافة معارض فنية عن طريق عملها. كذلك واجهت اتهامات بالانتحال الأدبي في أطروحتها لنيل درجة الدكتوراه وغيرها من الأعمال الأكاديمية.

لكن أكبر فضيحة على الإطلاق تورّطت فيها كيم، كانت قبولها عام 2023 هدية هي حقيبة يد بقيمة 1800 جنيه إسترليني سراً من قسيس، الأمر الذي أدى إلى مزاعم بالتصرف غير اللائق وإثارة الغضب العام، لكون الثمن تجاوز الحد الأقصى لما يمكن أن يقبله الساسة في كوريا الجنوبية وشركاؤهم قانونياً لهدية. لكن الرئيس يون ومؤيديه رفضوا هذه المزاعم وعدوها جزءاً من حملة تشويه سياسية.

أيضاً أثيرت تساؤلات حول العديد من القطع الثمينة من المجوهرات التي تملكها «السيدة الأولى»، والتي لم يعلَن عنها كجزء من الأصول الرئاسية الخاصة. وبالمناسبة، عندما فُتح التحقيق في الأمر قبل ست سنوات، كان زوجها رئيس النيابة العامة. أما عن حماته، تشوي يون - سون، فإنها أمضت بالفعل حكماً بالسجن لمدة سنة إثر إدانتها بتزوير وثائق مالية في صفقة عقارية.

يُضاف إلى كل ما سبق، تعرّض الرئيس يون لانتقادات تتعلق باستخدام «الفيتو» الرئاسي في قضايا منها رفض مشروع قانون يمهد الطريق لتحقيق خاص في التلاعب المزعوم بالأسهم من قبل زوجته كيم كيون - هي لصالح شركة «دويتشه موتورز». وأيضاً استخدام «الفيتو» ضد مشروع قانون يفوّض مستشاراً خاصاً بالتحقيق في مزاعم بأن مسؤولين عسكريين ومكتب الرئاسة قد تدخلوا في تحقيق داخلي يتعلق بوفاة جندي بمشاة البحرية الكورية عام 2023.

وهكذا، بعد سنتين ونصف السنة من أداء يون اليمين الدستورية عام 2022، وعلى أثر انتخابات رئاسية مثيرة للانقسام الشديد، انقلبت الأمور ضد الرئيس. وفي خضم ارتباك الأحداث السياسية وتزايد المخاوف الدولية يرزح اقتصاد كوريا الجنوبية تحت ضغوط مقلقة.

أمام هذا المشهد الغامض، تعيش «الحالة الديمقراطية» في كوريا الجنوبية أحد أهم التحديات التي تهددها منذ ظهورها في أواخر القرن العشرين.