أنظار العالم تتجه نحو الهند بعد تطورات أفغانستان

بالتوازي مع القلق الجماعي من الصعود الصيني

أنظار العالم تتجه نحو الهند بعد تطورات أفغانستان
TT

أنظار العالم تتجه نحو الهند بعد تطورات أفغانستان

أنظار العالم تتجه نحو الهند بعد تطورات أفغانستان

منذ استيلاء جماعة «طالبان» على السلطة في أفغانستان وانسحاب القوات الأميركية السريع من البلاد، وتوقيع اتفاقية الدفاع الثلاثي التي عُرِفت باسم «أوكوس»، ساد التوتر البيئة الإقليمية والدولية، وأصبحت غير ودية وغير موثوق بها ويتعذر التنبؤ بتطورات أحداثها.
ثم إنه مع تكشف حقائق جيوسياسية وجغرافية اقتصادية جديدة، تحولت الهند الآن إلى عنصر محوري في الشبكة الناشئة من التحالفات المتغيرة في المنطقة. وتحمل هذه الديناميكيات المتغيرة فرصاً مهمة لنيودلهي، في ظل صياغة تحالفات جديدة. وربما لذلك، اختار رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي القيام بجولة داخل الولايات المتحدة وعبر أرجاء الأمم المتحدة، لشعوره بمدى أهمية كل اجتماع تعقده المنظمة الأممية، إلا أن مودي واجه جملة من التحديات في ظل الاجتماعات مع عدد من كبار المسؤولين الأميركيين وقادة الحوار الأمني الرباعي المعروف باسم «كواد»، وأيضاً كبار رجال الأعمال الأميركيين، بجانب إلقاء خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وعدد من الفعاليات الأخرى.
جدير بالذكر أنه خلال فترة توليه رئاسة الحكومة الهندية، زار مودي الولايات المتحدة سبع مرات خلال سبع سنوات: 2014 و2015 و(مرتين عام 2016) و2017 و2019 و2021. والتقى ثلاثة رؤساء مختلفين (باراك أوباما ودونالد ترمب وجو بايدن، الذي التقاه كذلك عندما كان نائباً للرئيس). ومع ذلك، حظيت هذه الزيارة باهتمام خاص. وفيما يتعلق بمودي، قد يكون هذه واحدة من أهم التي سيطرت على ذهنه خلالها مخاوف المتعلقة بالأمن، لكن يبدو أن المناقشات تحولت نحو التهديدات الأمنية غير التقليدية التي كانت هي الأخرى على جدول الأعمال.
تفاعلت القوى العالمية مع التطورات الأخيرة في أفغانستان بصور مختلفة، ويبدو أن باكستان والصين وتركيا على وجه التحديد تتخذ مساراً مغايراً لباقي القوى. وكانت روسيا هي الأخرى في التكتل ذاته الداعم لحركة «طالبان»، إلا أنه كما يبدو بدلت موقفها بعد اتصال هاتفي جرى بين الزعيم الهندي ناريندرا مودي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
بل كان من اللافت والاستثنائي أن يصل ممثلون عن وكالات الأمن والاستخبارات من الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا إلى نيودلهي في وقت واحد؛ إذ استضاف مستشار الأمن الوطني الهندي، أجيت دوفال، رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) ويليام بيرنز، وكذلك نيكولاي باتروشيف من الاستخبارات الروسية، وريتشارد مور من الاستخبارات البريطانية (إم آي 6)، ومع أي من الدول المشاركة أعلنت عن عقد هذه الاجتماعات، أكدت مصادر مطلعة جلوس مسؤولين روس وأميركيين معاً بوساطة الهند.
مثل هذا الاجتماع غير مسبوق، وهو يشير إلى مدى جدية رد فعل هذه القوى تجاه الأزمة الأفغانية، والدور المهم الذي تضطلع به الهند بجمعها الروس والأميركيين معاً. ومن بين الأمور التي تثير قلق واشنطن، الثروة المعدنية الهائلة وغير المستغَلّة عند أفغانستان، وبالتأكيد، لن يروق لواشنطن أن ترى هذه الثروة في يد الصين. ومن جانبها، لا ترغب روسيا هي الأخرى في ازدياد هيمنة الصين في المنطقة، ذلك أن أي صعود صيني في أفغانستان سيعني تمدّداً أكبر لـ«التنين الأصفر» داخل آسيا الوسطى، التي تمس حدودها سيبيريا الروسية، وهي منطقة شاسعة تتطلع الصين إلى الهيمنة عليها. وفي هذا السياق، من جهته، أعرب راجيف شارما، الدبلوماسي الهندي السابق في أفغانستان، عن اعتقاده بأن الصين، التي أعلنت عن حزمة مساعدات بقيمة 31 مليون دولار أميركي للنظام الجديد في كابل، كانت بمثابة المشكلة الأساسية في اجتماع قادة الوكالات الاستخباراتية من الدول الثلاث.
- الأهمية المحورية لـ«كواد»
ستظل النتائج الاستراتيجية لنشاط ناريندرا مودي المزدوج في واشنطن ملموسة لفترة طويلة، والمقصود هنا اجتماعه بالرئيس الأميركي جو بايدن، قبل مشاركته الشخصية لأول مرة في قمة «كواد» بمشاركة رئيسي وزراء أستراليا واليابان. واللافت هنا أنه جرى إغفال ذكر الصين في البيانين الصادرين عن الاجتماعين؛ إذ أشارت كل البيانات الافتتاحية التي أدلى بها الرئيس ورؤساء الوزراء المشاركون في قمة «كواد» إلى أنه جرى الدفع بالجانب الأمني إلى أولوية متأخرة، في إطار المناقشات التي دارت.
وفي هذا الصدد، أشار الكاتب الصحافي الهندي براتاب بانو ميهتا إلى أن «تعزيز وحدة الصف داخل (كواد) محور سياسي مهم في خضم جهود إعادة تشكيل النظام الآسيوي. وفيما يخص الولايات المتحدة، فإن ذلك يشير إلى التزامها بالبقاء على اتصال مع المحيطين الهندي والهادي، وقيادة جهود تتميز بدرجة أكبر من التنسيق لاحتواء الصين. أما بالنسبة للهند، فإن الإشارة السياسية الكبرى من وراء ذلك أنها مستعدة لأن تكون جزءاً من مجموعة ستحرم الصين من فرصة قلب ما تعتقد هذه المجموعة أنه نظام عالمي قائم على مبادئ الديمقراطية، ومنطقة محيطين هندي وهادي تتميز بالحرية والانفتاح. أما فيما يتعلق بأستراليا، فإنها إشارة واضحة على أنها قد حسمت موقفها، إذ إن التحركات القوية من جانب الصين لم يترك خياراً آخر لهذه الدول».
وللعلم، تعد مجموعة «كواد» جزءاً من إعادة ترتيب الهيكل الأمني في آسيا. والمعتقد أن المجموعة ستتخذ توجهاً أكثر تصادمية، مع كل ما يحمله هذا من مخاطر. ولكن في غمرة الابتهاج بهذه الإشارات السياسية حول هذه التجربة الجديدة «لا يجوز إغفال حقائق مهمة، أبرزها أن (كواد) وُلدت على خلفية تناقض وفشل ذريع، بجانب الصعود الصيني. وبالتالي، سيتعين على (كواد) التغلب على ظلال هذه الإخفاقات»، حسب ميهتا.
ومع ذلك، فإن الوجود المتزامن لرؤساء استخبارات دول «كواد» في واشنطن، وبدء المجموعة في العمل المشترك بمجال التكنولوجيا الناشئة يشير إلى أن الصين كانت دوماً في أذهان المشاركين.
من ناحيته، أشار الكاتب سيما غوها إلى أن «القمة الأولى لقادة (كواد) تحمل رمزية هائلة، خاصة بالنسبة لرئيس الوزراء مودي، لأن هذا جاء بالتزامن مع اجتماعه مع الرئيس بايدن. والمعروف أن مجموعة (كواد) تركز على منطقة المحيطين الهندي والهادي، وليس لأي الدول الثلاث الأخرى حدود طويلة مع الصين كحال الهند التي تشترك مع الصين بحدود تمتد لمسافة 3488 كلم. وفي حين تتمتع أستراليا بحماية المظلة النووية الأميركية، كما خدم التحالف الأمني بين الولايات المتحدة واليابان كلا البلدين على نحو جيد منذ الحرب العالمية الثانية، تظل هناك مخاوف إزاء الدخول في تحالف وثيق مع الولايات المتحدة... التي من الطبيعي أن تسعى لتعزيز مصالحها الخاصة. وهذا أمر تجلّى تماماً في ضوء خروجها الفوضوي من أفغانستان بنحو يكاد يتعذر تصديقه. وبالتالي، تقديمها البلاد إلى (طالبان) على طبق من فضة». وهنا يتساءل غوها: «هل يمكن بعد الآن الوثوق بالولايات المتحدة؟ لقد كانت حكومة أشرف غني دونما شك فاسدة وتفتقر إلى الكفاءة، ومع ذلك تظل الحقيقة أن إبقاءها خارج اتفاق السلام مع (طالبان) وإطلاق سراح 500 من سجناء (طالبان) المتشددين كان خطوة تفتقر إلى الحكمة». بل ويذهب الدبلوماسي الهندي السابق نافتيج سإرنا، الذي أمضى ثلاث سنوات في الولايات المتحدة قبل التقاعد، أبعد ليقول «اليوم، يدفع المدنيون الأفغان، خاصة النساء، ثمن هذه السياسة (الأميركية) المعيبة.
- بين «كواد» و«أوكوس»
من جهة ثانية، سعت الهند لفصل دورها داخل «كواد» عن شراكة «أوكوس» المعلنة قريباً بين أستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة. والمؤكد أن بناء أسطول أسترالي من الغواصات النووية في إطار «أوكوس» سيحمل دلالات إيجابية ومهمة فيما يخص الحسابات الاستراتيجية الهندية داخل منطقة المحيطين الهندي والهادي. وحول هذا الأمر شرح سارنا: «الوقت الحالي مناسب كي تسعى الهند بسرعة نحو تعميق المبادرات التعاونية مع الولايات المتحدة لضمان حصولها على عتاد المستقبل، مثل الطائرات من دون طيار (المسيّرات) وأشباه الموصلات والألواح الشمسية المتخصصة، والتعاون مع دول (كواد) بنشاط من أجل تعزيز الاستقرار الإقليمي. وتُعدّ هذه الاستراتيجية المثلى للمضي قدماً عبر النظام البيئي العالمي المقلقل الذي تجد نفسها اليوم فيه».
ومن التطورات الأخرى الإيجابية، إعادة المجموعة التأكيد على رغبتها في العمل مع الشركاء ذوي التفكير المماثل. ومع التأكيد على محورية منظمة «آسيان»، اختارت القوى الأربع كذلك التأكيد على دعم استراتيجية التعاون الجديدة التي أعلنها الاتحاد الأوروبي مع دول منطقة المحيطين الهندي والمحيط الهادي. وفتحت هذه الوثيقة الجديدة آفاقاً جديدة من خلال تنديدها مباشرة بالإجراءات الصينية في بحر الصين الجنوبي وانتهاكات حقوق الإنسان في إقليم سنكيانغ - ويغور. أيضاً، وتدعو الاستراتيجية الجديدة إلى شراكات موسعة مع الاتحاد الأوروبي في مجالات الأمن والتكنولوجيا والاستراتيجية الاقتصادية مع مجموعة من الشركاء الجدد، مثل الهند وكوريا الجنوبية. ومع هذا التقارب في المصالح، نتوقع المزيد من التعاون بين مجموعة «كواد» والاتحاد الأوروبي في المنطقة.
«كواد» أعلنت أيضاً عن تشكيل مجموعة لتنسيق البنية التحتية لتوجيه استثمارات البنية التحتية للمجموعة بشكل أفضل داخل البلدان النامية. ويشير هذا التطور إلى أن «كواد» عقدت العزم بالفعل على إنهاء التردد والصمت الذي اتسمت به استجابتها حتى الآن لـ«مبادرة الحزام والطريق» الصينية. ومن خلال إنشاء آلية التنسيق هذه، أظهرت «كواد» جاهزيتها لتوفير وضع رأس المال الاستثماري والسياسي المطلوب للتنافس مع مبادرات تطوير البنية التحتية العملاقة التي تطرحها الصين.
- «منظمة شنغهاي للتعاون»
أخيراً، وقبل أيام قلائل من مغادرة مودي نيودلهي متجهاً إلى الولايات المتحدة، وجَّه رئيس الوزراء الهندي كلمة إلى أعضاء «منظمة شنغهاي لتعاون»، الذين يضمون رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، والرئيس الصيني شي جينبينغ. وكان هذا الاجتماع العشرين لقيادات الدول الأعضاء، الذي انعقد على خلفية عدد من التطورات الإقليمية والعالمية الرئيسية. كذلك كانت هذه المرة الأولى التي يلتقي مودي وجينبينغ وجهاً لوجه، وإن على نحو افتراضي، منذ حالة التأزُّم بين قوات البلدين على طول «خط السيطرة الفعلية»، في مايو (أيار). ولقد وجه مودي انتقادات إلى الصين، معتبراً أن تعزيز الترابط بين دول المنظمة يستدعي «أن نمضي قدماً مع مراعاة احترام سيادة بعضنا البعض وسلامته الإقليمية».
ومن دون ذكر باكستان بالاسم، وجه مودي توبيخاً لزعيمها عمران خان «لسعيه إلى طرح قضايا ثنائية (مثل كشمير) أمام منظمة شنغهاي للتعاون».
- مودي يرسل من نيويورك إشارات وتحذيرات إلى باكستان
> حمّل رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الخطاب، الذي ألقاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، رسالة موجهة بوضوح إلى باكستان، قال فيها: «من الضروري للغاية ضمان عدم استخدام الأراضي الأفغانية لنشر الإرهاب والأنشطة الإرهابية»، ومن ثم أعرب الزعيم الهندي القومي اليميني عن مخاوف الهند بخصوص أفغانستان. واللافت أنه تطرق في كلمته «إلى تفاقم التفكير الرجعي والتطرف في العالم»... واستطرد: «في ظل هذه الظروف، يتعيّن على العالم بأسره أن يجعل التفكير العلمي والعقلاني والتقدمي أساس برامجهم التنموية»، معرباً عن اعتقاده بأن التقدم الاجتماعي والتكنولوجي يساعد في التغلب على الآيديولوجيات المتطرفة.
من ناحية، صرح اللفتنانت جنرال متقاعد من الجيش الهندي سيد عطا حسنين بأن «واحدة من أكبر الأفكار التي طرحتها الهند في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، العزلة الكاملة لباكستان على المسرح العالمي. وعلى مدار فترة طويلة، لعبت باكستان عن طيب خاطر دور المنطقة العازلة الغربية للحد من الطموحات الإقليمية للهند». وحسب كلام حسنين «انتهت اللعبة الكبرى أخيراً، تاركة إسلام آباد للتعامل مع شياطين الإرهاب التي أثارتها. ولقد أشارت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس (وهي هندية الأم) نفسها إلى ملاذات الإرهاب في باكستان أثناء لقائها مع مودي، ما يشير إلى تغيُّر المزاج العام في واشنطن. ومن المحتمل أن تكون جولة مودي قد حققت كل ذلك بكثير من البراعة والشعور بالتوازن»، وفق تعبير الجنرال الهندي.
- أضواء على حقيقة الخلاف حول «أوكوس»
> وقعت أستراليا والمملكة المتحدة (بريطانيا) والولايات المتحدة اتفاقية عسكرية عرفت باسم «أوكوس» (الأحرف الأولى من أسماء الدول الثلاث AUKUS)، التي بمقتضاها ستبني أستراليا أسطولاً من الغواصات النووية بمعاونة الدولتين الأخريين. وهذا ما أدى إلى إلغاء عقد كانت أستراليا قد وقَّعته مع فرنسا لشراء غواصات تقليدية، الأمر الذي أشعل خلافاً مع فرنسا التي شكت من أن الاتفاقية أُبرمت من وراء ظهرها، وأن حليفاً رئيسياً في «ناتو» (حلف شمال الأطلسي) لا تجوز معاملته بمثل هذه «القسوة».
وبينما كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي على وشك الصعود للطائرة التي ستقله إلى الولايات المتحدة لحضور اجتماع «كواد» والجمعية العامة للأمم المتحدة، تلقى اتصالاً هاتفياً من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تناول خلاله تعزيز التعاون في منطقة المحيطين الهندي والهادي، وكذلك تعزيز الاستقلال الاستراتيجي للهند، وفق بيان من مكتب ماكرون. ونظر مراقبون إلى هذه المكالمة على أنها رسالة من قبل فرنسا الغاضبة، التي لطالما اعتبرتها الهند لفترة طويلة شريكاً استراتيجياً جديراً بالاعتماد عليه، موجهة إلى واشنطن وغيرها ممن يعتبرون الهند أحد أهم شركائهم في منطقة المحيطين الهندي والهادي. كذلك رأوا فيها تعبيراً عن استياء باريس من استبعادها من اتفاقية «أوكوس»، رغم الوجود الفرنسي القوي في المنطقة.b ومن جانبه، دعم الاتحاد الأوروبي الموقف الفرنسي، مؤكداً على أن منطقة المحيطين الهندي والهادي بحاجة لمزيد من التعاون و«قدر أقل من التشرذم».
السؤال المطروح هنا هو: إذا كان من الممكن التعامل مع فرنسا على هذا النحو، فكيف سيكون الحال مع شركاء أقل أهمية، مثل الهند؟
وكيل وزارة الخارجية الهندي السابق كانوال سيبال قال معلقاً: «شعارنا التعامل مع الإيجابيات وحماية مصالح الهند بأفضل ما نستطيع». ويقر سيبال بأن كون دولة ما صديقة لواشنطن يحمل مزايا كثيرة. وعلى سبيل المثال، فإن الاتفاق النووي المدني المُبرم بين الهند والولايات المتحدة عام 2006 أنهى اعتبار الهند دولة منبوذة نووياً، وسمح لها بخيار التجارة النووية، والوصول إلى أحدث التقنيات. لكنه، مع ذلك، نبه إلى ضرورة أن تحتاط الهند إزاء رهاناتها والتأكد من أن لديها خيارات أخرى. ويشار هنا إلى أنه سيجري نشر ثماني غواصات نووية أسترالية في مياه المحيطين الهندي والهادي بمقتضى اتفاقية «أوكوس»، وذلك بهدف احتواء الصين بصورة أساسية.
ورغم امتلاك الصين صواريخ تمكّنها من استهداف سفن السطح الأميركية، فإنه لم نجح بعد في تطوير تقنية قادرة على التصدّي للغواصات داخل المياه العميقة.
وفي هذا الشأن يوضح وكيل وزارة الخارجية هارش شرينغلا قائلاً: «تختلف (كواد) و(أوكوس) في طبيعتيهما، ذلك أن (كواد) مجموعة متعددة الأطراف من البلدان ذات الرؤية والقيم المشتركة. كما أن لدينا أيضاً رؤية مشتركة تجاه منطقة المحيطين الهندي والهادي وضرورة العمل على جعلها منطقة تتميز بالشفافية والانفتاح والشمول». أما سلفه الوكيل السابق كانوال سيبال، فيعتقد أنه «في الوقت الحالي، لن تكون الهند رافضة لـ(أوكوس)، بل ستنظر إليها باعتبارها قوة مضاعفة في منطقة المحيطين الهندي والهادي. وإن أي تحرك لاحتواء الصين يمثل خطوة مرحب بها. كما أن اليابان، عضو (كواد) التي تدخل في نزاعات بين الحين والآخر مع الصين، راضية بالتأكيد عن الاتفاق الجديد».
ومعلوم أن نيودلهي تعتمد على تأكيدات واشنطن بأن «أوكوس» لن تتداخل مع «كواد»، ثم إنها تعي جيداً الثقل الأميركي والمكاسب الاقتصادية المترتبة على الدخول معها في علاقات وثيقة. وكذلك، يمكن لنيودلهي أن تضطلع بدور إيجابي في الأزمة الدبلوماسية المتعلقة بـ«أوكوس».


مقالات ذات صلة

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

حصاد الأسبوع شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت

فاضل النشمي (بغداد)
حصاد الأسبوع ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين

كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

رجل واحد حمله المستشار الألماني أولاف شولتس مسؤولية انهيار حكومته، وما نتج عن ذلك من فوضى سياسية دخلت فيها ألمانيا بينما هي بأمس الحاجة للاستقرار وتهدئة

راغدة بهنام ( برلين)
حصاد الأسبوع شيل

ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

مع أن «الحزب الديمقراطي الحر»، الذي يعرف في ألمانيا بـ«الحزب الليبرالي»، حزب صغير نسبياً، مقارنةً بالقطبين الكبيرين «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (المحافظ)

«الشرق الأوسط» (برلين)
حصاد الأسبوع لقاء ترمب وبوتين على هامش "قمة العشرين" عام 2017 (آ ف ب)

موسكو تترقّب إدارة ترمب... وتركيزها على سوريا والعلاقة مع إيران

لم تُخفِ موسكو ارتياحها للهزيمة القاسية التي مُنيت بها الإدارة الديمقراطية في الولايات المتحدة. إذ في عهد الرئيس جو بايدن تدهورت العلاقات بين البلدين إلى أسوأ

رائد جبر (موسكو)
حصاد الأسبوع يأتي انتخاب «عرّو» في وقت حرج لإقليم أرض الصومال لا سيما مع تحديات استمرار رفض مقديشو توقيع الإقليم مذكرة تفاهم مع إثيوبيا

عبد الرحمن محمد عبد الله «عرّو»... دبلوماسي يقود «أرض الصومال» في «توقيت مصيري»

حياة مغلفة بـ«هم الاستقلال»، سواءً عن المستعمر القديم في السنوات الأولى، أو تشكيل «الدولة المستقلة» طوال فترتَي الشباب والشيخوخة، لم تثنِ عبد الرحمن محمد عبد

محمد الريس (القاهرة)

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».