المتحف البريطاني يعلن عن إنشاء جناح موسع للفن الإسلامي.. وشراكة مع المتاحف العراقية

يحمل اسم مؤسسة البخاري.. وسيتم افتتاحه في عام 2018

جناح الفن الإسلامي بالمتحف البريطاني ({ الشرق الأوسط})
جناح الفن الإسلامي بالمتحف البريطاني ({ الشرق الأوسط})
TT

المتحف البريطاني يعلن عن إنشاء جناح موسع للفن الإسلامي.. وشراكة مع المتاحف العراقية

جناح الفن الإسلامي بالمتحف البريطاني ({ الشرق الأوسط})
جناح الفن الإسلامي بالمتحف البريطاني ({ الشرق الأوسط})

لا شيء يعادل زيارة جناح الحضارة والفن الإسلامي في أي متحف في العالم، ففيها نعبر من عالمنا المعاصر إلى عوالم أخرى لها تقاليدها وفنونها وتراثها الشعبي والفني، وكلما زادت مساحة العروض كمية المعروض النادر ازدادت جاذبية المتحف للزوار وللباحثين أيضا.
وبالأمس وفي جناح الفن الإسلامي بالمتحف البريطاني كانت هناك أكثر من مفاجأة، ففي قاعة الفن الإسلامي في قبو المتحف عقد مؤتمر صحافي للإعلان عن إقامة جناح جديد للفن الإسلامي، وعلى الجانب وضعت بعض المعروضات المألوفة للعين، منها صورتان للمصور السعودي عادل قريشي تخطف الأبصار رأيناها من قبل في معرض «حروف وإضاءات» الذي أقيم في المدينة المنورة وعمل للفنانة السعودية منال الضويان إلى جانب عدة أعمال قدمها المتحف البريطاني ضمن أحد معارضه السابقة.
وأعلن نيل مكروغر، مدير المتحف العريق، عن تشييد الجناح الجديد باسم «جناح مؤسسة البخاري للعالم الإسلامي»، والذي يستفيد من منحة قدمتها مؤسسة البخاري في ماليزيا لإعادة عرض مجموعة المتحف من القطع الإسلامية في مساحة أكبر داخل المبنى الرئيسي للمتحف بدلا من موقعه الحالي. وسيتم افتتاح الجناح الجديد حسب ما أعلن مكروغر في أكتوبر (تشرين الأول) 2018.
وأشار مكروغر في المؤتمر الصحافي إلى أن منحة مؤسسة البخاري للمتحف تعد «أكبر منحة تلقاها المتحف البريطاني في تاريخه»، ولكنه رفض الإفصاح عن قيمتها. ومن جانبها، قالت فينيشيا بورتر، مسؤولة قسم الشرق الأوسط بالمتحف، إلى أن الجناح الجديد الذي سينقسم إلى قاعتين تسردان تاريخ الفن الإسلامي حسب التسلسل التاريخي.
وفي إجابة عن تساؤل عن نسبة القطع التي ستعرض في الجناح الجديد، سواء كانت من مجموعة المتحف أو من المقتنيات الحديثة، قالت بورتر إن المتحف البريطاني يضم بين جنباته واحدة من أعظم مجموعات الفن الإسلامي في العالم. وأضافت: «إلى جانب ذلك سنقوم بانتقاء بعض القطع لشرائها، وسنستفيد أيضا من الاستعارة من المتاحف الأخرى». وفي حديث خاطف مع «الشرق الأوسط» قالت بورتر، إن فريق الخبراء في المتحف استقى دروسا عدة من تجربة إقامة معرض «الحج.. رحلة في قلب العالم الإسلامي»، منها «مد الجسور بين المسلمين وغير المسلمين».
وأشارت الخبيرة البريطانية إلى أن الجناح الجديد سيكون في عمق المتحف بحيث يعد امتدادا تاريخيا لقاعات أخرى يستفيد من العلاقات التاريخية المتشابكة.. «على سبيل المثال كنا نعرض بعض القطع المرتبطة بالحروب الصليبية داخل القاعات المخصصة لأوروبا، بينما نعرض قطعا مرتبطة بها، ولكنها ضمن مرحلة الدولة الأيوبية». في القاعة الأولى يبدأ الزائر بمعلومات حول الإسلام ومذاهبه وطوائفه المختلفة، ثم يتبع ذلك بفنون إمبراطوريات القرون الوسطى. وتشير إلى أن الأحداث الواقعة حاليا في سوريا والعراق تبرز أهمية المعروضات التي تضمها هذه القاعة. القاعة الثانية سيتم استخدامها لعرض مجموعة المنسوجات من مجموعة المتحف لم يمكن عرضها من قبل بسبب عدم وجود الإضاءة المناسبة في القاعة القديمة. تضيف: «هناك الكثير من المواضيع التي نريد تسليط الضوء عليها مثل العلاقات التاريخية مع أوروبا وتأثير الحضارة الإسلامية على الحرفيين في أوروبا خلال القرن التاسع عشر وهناك أيضا الأقليات في المجتمعات الإسلامية».
وتشير بورتر بحماسة واضحة إلى «القاعة الدوارة»، كما تحب أن تصفها، وهي جانب من القاعة الثانية سيستغل «لإقامة معارض منفردة، يمكن عرض المقتنيات الجديدة أو التركيز على قصص معينة». ويتابع الزائر بعدها مطالعة فنون الإمبراطورية العثمانية، وخصوصا الخزفيات التي يضم المتحف البريطاني مجموعة نادرة منها يعرض بعضها للمرة الأولى للجمهور. وتضيف: «هناك إضافة مهمة، فسنستطيع عرض فنون جنوب شرقي آسيا، وهو ما سيعطي بعدا أوسع لقصة الفن الإسلامي».
الجزء الأخير من قاعات العرض مخصص للعصر الحديث، تقول: «هذا القسم برأيي بالغ الأهمية، فهو يمنحنا الفرصة لمتابعة ما حدث ويحدث في منطقة الشرق الأوسط، فعادة تتوقف أقسام الفن الإسلامي في المتاحف الأخرى عند منتصف القرن الـ19، ولكن ماذا حدث بعد ذلك في المنطقة؟ من المهم أن يعرف الزائر التطورات في المنطقة».
ونصل إلى الفن المعاصر في المنطقة.. «هناك الكثير من القطع التي يمكننا عرضها في هذا الجزء، اليوم وضعنا مختارات منها تشمل عملا للفنان الأميركي من أصل عراقي مايكل راكوفيك وعملا للفنانة السعودية منا الضويان ولوحتين من مجموعة (الحراس) للمصور السعودي عادل قريشي».
وعن الخطوة القادمة بالبدء في عملية طويلة وعميقة من البحث والتحليل، تعلق: «أنا وزملائي نشعر أننا في بداية رحلة شيقة جدا، سنقوم بأبحاث وسنتحدث مع أكاديميين وأساتذة تاريخ (نحن مختصون بتاريخ الفن فقط) لنستطيع عرض قصة الفن الإسلامي بأفضل طريقة».

برنامج تدريب لخبراء المتاحف العراقية

أعلن المتحف البريطاني أيضا أمس عن إقامة برنامج شراكة مع خبراء المتاحف العراقية لمواجهة التدمير المتعمد وأعمال السلب والنهب التي تتعرض لها المتاحف والآثار العراقية. وقال كبير أوصياء المتحف البريطاني، أمس، إن مجلس الأوصياء اتخذ قراره في ظل الأحداث التي تجري في سوريا والعراق، حيث ستتم دعوة عدد من الخبراء العراقيين للندن، حيث يمكن تدريبهم وإمدادهم بالخبرات التكنولوجية والوسائل الحديثة. وتم الاتفاق مع متاحف بغداد والبصرة والسليمانية لتفعيل البرنامج الذي يستغرق ستة أشهر في لندن، ويأمل الأوصياء أن يسهم البرنامج في تقوية قدرات الخبراء في الفحص وأرشفة وترميم إلى جانب عدد من المهارات الضرورية. ويشير البيان إلى أن البرنامج سيكون له أثر مهم في المدى القصير، وخصوصا في إدارة المناطق الأثرية في المناطق الآمنة. كما ستبرز أهمية المهارات الجديدة عند زيارة الأماكن التي تعرضت للتخريب حال أمكن ذلك.
وسيستفيد البرنامج من أعوام طويلة من التعاون ويبدأ بالاستعانة بخبراء آثار متمرسين يمكنهم إدارة دورة لمواجهة الكوارث وستتم دعوة أربعة خبراء عراقيين لحضور كل دورة. وبعد انتهاء فترة البرنامج سيعود فريق من خبراء المتحف البريطاني بمرافقة الخبراء العراقيين إلى العراق لمساعدتهم على إقامة برامج مماثلة في المتاحف المحلية باستخدام أجهزة تصوير متطورة وكومبيوترات لإعادة إحياء البيانات حول المجموعات في المتاحف العراقية. كما سيقوم الخبراء البريطانيون بالتعاون مع نظرائهم العراقيين بتطوير استراتيجيات للتعامل مع متطلبات إدارة المواقع الأثرية.
وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول إذا ما كان خبراء المتحف البريطاني يتابعون ظهور القطع المنهوبة على مواقع الإنترنت مثل «إي باي»، قال مكروغر: «بالتأكيد، وهذا تحديدا ما يقوم به نائب رئيس قسم الشرق الأوسط جوناثان تاب، فهو وفريق العمل معه بالتنسيق مع البوليس والجمارك في بريطانيا لمراقبة القطع الأثرية المنهوبة. المتحف البريطاني اتخذ هذه الوسيلة للتعامل مع الكارثة، وبالفعل استطعنا التعرف على بعض تلك القطع».
 



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».