تأجيل إخلاء الخان الأحمر بتوصية أميركية وضغط أوروبي

حكومة بنيت والمحكمة العليا استجابتا للطلب

تصدي أهالي الخان الأحمر والمتضامنين معهم للجرافات الإسرائيلية صيف 2018 (وفا)
تصدي أهالي الخان الأحمر والمتضامنين معهم للجرافات الإسرائيلية صيف 2018 (وفا)
TT

تأجيل إخلاء الخان الأحمر بتوصية أميركية وضغط أوروبي

تصدي أهالي الخان الأحمر والمتضامنين معهم للجرافات الإسرائيلية صيف 2018 (وفا)
تصدي أهالي الخان الأحمر والمتضامنين معهم للجرافات الإسرائيلية صيف 2018 (وفا)

استجابةً لطلب الحكومة الإسرائيلية، قررت المحكمة العليا في القدس الغربية، أمس (الأربعاء)، تأجيل تنفيذ قرارها إخلاء وتهجير أهالي قرية الخان الأحمر الواقعة في الجنوب الشرقي لمدينة القدس المحتلة، لستة أشهر إضافية.
ومع أن حكومة بنيامين نتنياهو كانت قد طلبت هذا التأجيل عدة مرات في السابق، إلا أن الناطقين بلسان حزب نتنياهو وحلفائه هاجموا حكومة نفتالي بنيت، واتهموها «بالرضوخ أمام تهديدات الفلسطينيين وضغوط الدول الغربية».
وقال القاضي نوعم سولبيرغ، رئيس الهيئة التي تبتّ في القضية، إنه لم يكن يرغب في الموافقة على تأجيل الإخلاء، لأن قرار المحكمة صدر في عام 2018 ومنذ ذلك الوقت تتقدم المحكمة بطلبات لتأجيل التنفيذ بدعوى «أسباب دبلوماسية تتعلق بمصالح الدولة الاستراتيجية». وأكد أنه يوافق على التأجيل الآن، لأن التقرير السرّي الذي قدمته الحكومة للمحكمة، يبين أن هناك تقدماً فعلياً في المفاوضات بينها وبين أهالي الخان الأحمر الفلسطينيين، لتنفيذ الإخلاء بالاتفاق، بعد دفع تعويضات لهم وتخصيص أرض في منطقة قريبة يستطيعون بناء بيوت بشكل ثابت فيها وتوفير التعليم لأبنائهم». وحذر القاضي من مزيد من المماطلة. وقال: «في المرة الأخيرة التي وافقنا فيها على التأجيل قلنا لكم إننا لن نتحمل تأجيلاً إضافياً. والآن رضخنا. ولكننا لن نسمح بتكرار طلبات التأجيل، لأن الأمر ينطوي على تحقير لقرارات المحكمة».
يُذكر أن الخان الأحمر هو قرية قديمة تضم حالياً نحو 200 شخص فقط، يعيشون في خيام وأكواخ من الصفيح بجانب الطريق السريع من القدس في اتجاه البحر الميت. وتحاول سلطات الاحتلال الإسرائيلي، منذ عدة سنوات، ترحيلهم من هناك وهدم بيوتهم وإقامة أحياء سكنية للمستوطنين اليهود مكانها. وتتولى هذه المعركة منظمة استيطانية تدعى «رجبيم»، تمكنت من استصدر قرار من محكمة العدل العليا الإسرائيلية عام 2018، يقضي بترحيلهم لأنهم لا يملكون وثائق ملائمة لملكية الأرض.
وقد حظي أهالي الخان الأحمر بدعم وتضامن ليس فقط من الشعب الفلسطيني وقيادته، بل أيضاً من دول الغرب ومن اليسار الإسرائيلي. وتوجهت دول الاتحاد الأوروبي بطلب عاجل لإسرائيل، أن تكفّ عن مطاردة هؤلاء الناس. وأعربت مصادر في البيت الأبيض في واشنطن عن قلقها من تبعات إخلاء القرية. كما أن جهاز الأمن العام في إسرائيل (الشاباك)، أوصى الحكومة بعدم إخلاء القرية في الوقت الحالي، تحسباً لاشتعال توتر في المناطق الفلسطينية.
وعلى أثر ذلك كله، كانت الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو طيلة ثلاث سنوات، تطلب من المحكمة تأجيل القرار بالإخلاء. وكان الموعد الأخير الذي حددته المحكمة، في السادس من شهر سبتمبر (أيلول) الجاري، فسارعت حكومة نفتالي بنيت بتوجيه طلب آخر بتأجيل تنفيذ قرار المحكمة.
اليمين الاستيطاني من جهته، خرج بحملة استنكار لقرار التأجيل، وراح يهاجم الحكومة ويذكّر بنيت بأقواله عندما هاجم نتنياهو في عام 2019 لعدم تنفيذ القرار. الحملة طالت وزير القضاء غدعون ساعر، كونه، في العام نفسه، افتتح حملته الانتخابية لرئاسة حزب الليكود في هذه القرية الفلسطينية، وهتف ضد رضوخ نتنياهو للضغوط. كما ذكّرت الحملة، وزير المالية الحالي، أفيغدور ليبرمان، بتصريحاته ضد تأجيل الإخلاء.
وحسب مصادر سياسية، تتباين الآراء في حكومة بنيت حول هذا الموضوع، فهو والوزراء أيليت شاكيد وليبرمان وساعر وزئيف إلكين، يؤيدون الإخلاء، لكن وزير الأمن بيني غانتس، ووزير الخارجية يائير لبيد، ووزراء حزبي «العمل» و«ميرتس»، والقائمة الموحدة للحركة الإسلامية، يؤيدون التأجيل ويصرون على إيجاد تسوية مع المواطنين الفلسطينيين.



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.