رئيس الحكومة اليمنية يعود إلى عدن في مهمة إنقاذ للاقتصاد المتهاوي

زار شبوة وحضرموت وشدد على إسناد الجيش بالمعركة ضد الحوثيين

عبد الملك وقائد المنطقة العسكرية الثانية اللواء فرج البحسني في حضرموت (رئاسة الحكومة اليمنية)
عبد الملك وقائد المنطقة العسكرية الثانية اللواء فرج البحسني في حضرموت (رئاسة الحكومة اليمنية)
TT
20

رئيس الحكومة اليمنية يعود إلى عدن في مهمة إنقاذ للاقتصاد المتهاوي

عبد الملك وقائد المنطقة العسكرية الثانية اللواء فرج البحسني في حضرموت (رئاسة الحكومة اليمنية)
عبد الملك وقائد المنطقة العسكرية الثانية اللواء فرج البحسني في حضرموت (رئاسة الحكومة اليمنية)

عاد رئيس الحكومة اليمنية، معين عبد الملك، أمس (الثلاثاء)، إلى العاصمة المؤقتة عدن، حيث تواجهه مهمة إنقاذ الاقتصاد المتهاوي، ووقف تدهور سعر العملة المحلية (الريال)، وذلك بعد تعذر عودته لأشهر بسبب الخلاف مع «المجلس الانتقالي الجنوبي»، وعدم استكمال تنفيذ الشق الأمني والعسكري من «اتفاق الرياض».
وفي حين استبق عبد الملك عودته إلى عدن بزيارتي تفقد إلى مدينة عتق مركز محافظة شبوة، والمكلا كبرى مدن محافظة حضرموت، يعول الشارع اليمني على أن تتمكن الحكومة من اتخاذ تدابير إنقاذية على المستويات الاقتصادية والخدمية والعسكرية، خاصة مع اشتداد الهجمات الحوثية في مأرب وشبوة.
وأدى تهاوي العملة اليمنية في الأيام الماضية إلى إشعال موجة من الغضب في المدن المحررة، في وقت تواصل فيه الميليشيات الحوثية أعمالها القمعية وتحشد المجندين، على الرغم من المساعي الأممية والدولية لوقف الصراع المستمر منذ 7 أعوام بسبب الانقلاب على الشرعية.
ونقلت المصادر الرسمية عن عبد الملك أنه ترأس في مدينة عتق اجتماعاً للسلطة المحلية والتنفيذية، والقيادات العسكرية والأمنية في محافظة شبوة، لمناقشة الأوضاع العسكرية والأمنية والاقتصادية والخدمية، واحتياجات الانتصار في المعركة ضد ميليشيا الحوثي الانقلابية حتى استكمال استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب.
واستعرض الاجتماع -بحسب وكالة «سبأ»- أولويات الدعم والإسناد الحكومي للمعركة في أطراف شبوة، ضمن الأولويات القصوى لدعم مختلف الجبهات، بالتنسيق مع تحالف دعم الشرعية، بقيادة المملكة العربية السعودية، حتى تحقيق الانتصار في هذه المعركة المصيرية الوجودية لليمن والمنطقة العربية.
وقال عبد الملك إن «شبوة ومأرب تمثل روح اليمن التي لا تستكين، وقلب المقاومة والأمل، ولا مكان للانكسار والتراجع في المعركة مهما كانت التضحيات». وأضاف أن «هذه المعركة ليست معركة شبوة ومأرب فقط، بل هي معركة كل اليمنيين للحفاظ على كرامتهم، وعلى الجمهورية، وعلى الدولة».
وشدد رئيس الوزراء اليمني على «أهمية توحيد الصفوف»، وقال: «مصير هذه المعركة سيحدد مستقبل اليمن لعشرات السنين، فإما حرية ومساواة أو نظام عبودية، وهو ما لن يقبل به اليمنيون». وأشار إلى أن الغاية هي «استعادة صنعاء، وكل شبر لا يزال تحت سيطرة ميليشيا الحوثي»، مؤكداً على «وحدة الصف، ونبذ الخلافات التي أثرت على المعركة، وأعطت مساحات لميليشيا الحوثي للتحرك».
ومع تأكيده على الوقوف صفاً واحداً خلف الشرعية الدستورية لإنهاء الانقلاب واستعادة الدولة، أشار رئيس الوزراء اليمني إلى «أهمية تماسك القوى السياسية»، ولفت إلى أن «اتفاق الرياض» يمثل «خريطة لاستكمال التوافقات، والمساهمة في تحسين الأوضاع».
وتابع قائلاً: «يتمدد الحوثي في مساحة الشقاق داخل القوى المقاومة لهم (قوى الشرعية)، وينتشر داخل مساحات الأوهام التي تغري البعض بخوض معارك صغيرة وجانبية، ويجب أن يعي الجميع أن هناك قضايا لا يجوز أن تكون مساحة للابتزاز أو المماحكات السياسية، فالميليشيا العنصرية والمشروع الإيراني هي العدو، ولا خيار أمامنا إلا النصر، وأي امتداد لهذا المشروع ستكون كارثة للأجيال القادمة، وسنقاتل للحفاظ على هوية وعروبة بلادنا، ولن نستسلم مهما كانت التضحيات».
إلى ذلك، شدد رئيس الحكومة اليمنية على «أهمية المكاشفة والمصارحة» لتجاوز ما وصفه بـ«أي انتكاسات، وعدم تكرارها»، وقال: «لن نتخلى عن واجب، ولن نتهرب من مسؤولية، على الرغم من المعوقات والعوائق والظروف الصعبة التي ليست خافية على الجميع، وعلينا مسؤوليات كثيرة ومهام متعددة، وندعو كل صاحب مسؤولية إلى أن يقوم بمسؤوليته، فالمسؤولية تضامنية تكاملية، ولا نجاح إذا تقاعس البعض أو عطل أو عرقل من يعمل أو يريد أن يعمل».
وتطرق أيضاً إلى الأوضاع الاقتصادية، وما شهدته أسعار صرف العملة من تراجع، والحلول والإجراءات الجاري العمل عليها لوضع حد لذلك، مشيراً إلى الدور المعول على شركاء اليمن، خاصة تحالف دعم الشرعية، بقيادة المملكة العربية السعودية، لدعم هذه الحلول والإجراءات بشكل عاجل، ووفق مسار سريع، بحسب تعبيره.
وكانت الميليشيات الحوثية قد تمكنت، الأسبوع الماضي، من التوغل في 4 مديريات جديدة، هي: بيحان وعين وعسيلان وحريب، في وقت تشهد فيه البلاد تراجعاً اقتصادياً وانهياراً للعملة، في ظل عدم عودة الحكومة إلى عدن بسبب المخاوف الأمنية والصراع مع «المجلس الانتقالي الجنوبي».
وفي خطبته الأخيرة، طلب زعيم الميليشيات، عبد الملك الحوثي، من أنصاره الدفع بمزيد من المقاتلين باتجاه مأرب، حيث يرى أن السيطرة عليها ستمكنه من تعزيز الموارد المالية للإنفاق على المجهود الحربي، وشراء الولاءات، إضافة إلى الأهمية الاستراتيجية لموقع المحافظة التي تجاور شبوة وحضرموت النفطيتين.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.