تفجيران في جرابلس... ومسؤول تركي يزور جنوب إدلب

قوات النظام تواصل قصف خطوط التماس شمال غربي البلاد

سوريون قرب موقع أحد التفجيرين شمال غربي سوريا أمس (الشرق الأوسط)
سوريون قرب موقع أحد التفجيرين شمال غربي سوريا أمس (الشرق الأوسط)
TT

تفجيران في جرابلس... ومسؤول تركي يزور جنوب إدلب

سوريون قرب موقع أحد التفجيرين شمال غربي سوريا أمس (الشرق الأوسط)
سوريون قرب موقع أحد التفجيرين شمال غربي سوريا أمس (الشرق الأوسط)

أفاد مصدر طبي سوري بمقتل شخصين وإصابة 20 آخرين في انفجار عبوتين متتاليتين بمدينة جرابلس بريف حلب الشرقي، في وقت استمر فيه التصعيد بريف إدلب المجاورة شمال غربي سوريا.
وقال المصدر في مستشفى مدينة جرابلس لوكالة الأنباء الألمانية: «قتل شخص وأصيب ثلاثة آخرون في انفجار عبوة ناسفة وضعت عند حاوية للقمامة أمام المجلس المحلي، بعدها بدقائق انفجرت دراجة نارية مفخخة وسط سوق شعبية، ما أدى إلى مقتل شخص وإصابة 17 آخرين بينهم خمسة في حالة حرجة». وأكد مصدر في الشرطة الحرة التابعة للمعارضة السورية فرض طوق أمني حول موقع الانفجارين، مشيراً إلى أن كاميرات المراقبة أظهرت وجود شخصين على دراجة نارية وضعا العبوة عند حاوية القمامة وبدأ البحث والتحري عنهما.
وشهدت مدينة جرابلس انفجارات متتالية بسيارات مفخخة ودراجات نارية وعبوات ناسفة سقط خلالها عشرات القتلى والجرحى منذ سيطرة فصائل المعارضة عليها نهاية شهر أغسطس (آب) من عام 2016.
وتواصل قوات النظام قصفها لمناطق «خفض التصعيد»، الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، شمال غربي سوريا، حيث أجرى مسؤول عسكري تركي رفيع، جولة تفقدية على النقاط والقواعد العسكرية التركية في جبل الزاوية جنوب إدلب.
وقال الناشط أحمد الفطراوي في إدلب، إن قوات النظام والميليشيات الإيرانية جددت قصفها بالصواريخ والمدفعية الثقيلة على عدد من المناطق والبلدات في جبل الزاوية جنوب إدلب ضمن منطقة «خفض التصعيد»، حيث استهدفت صباح الثلاثاء 28 سبتمبر (أيلول)، بـ8 صواريخ تسمى «الفيل»، بلدات كنصفرة والفطيرة، بالتزامن مع قصف بقذائف المدفعية على قرى دير سنبل وبينين في جبل الزاوية جنوب إدلب، أحدثت دماراً كبيراً في المباني السكنية والممتلكات، دون ورود أنباء عن تسجيل خسائر بشرية.
وأضاف أنه جرت اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة وقذائف الهاون، بين فصائل المعارضة المسلحة من جهة، وقوات النظام والميليشيات الإيرانية من جهة ثانية، على محاور التماس في جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، ومحاور قرية خربة الناقوس في سهل الغاب بريف حماة الشمالي الغربي، وقصفت الفصائل في غرفة عمليات «الفتح المبين» بعدد من صواريخ الغراد وقذائف المدفعية مواقع لقوات النظام والميليشيات الموالية لها في بلدة أورم الكبرى بريف حلب الغربي، ومواقع عسكرية أخرى في تل بطيخ وسراقب بريف إدلب، وأنباء عن مقتل عدد من عناصر قوات النظام.
من جهته، قال قيادي في فصائل المعارضة، إن «مسؤولاً عسكرياً تركياً رفيعاً، أجرى برفقة عسكريين أتراك آخرين خلال اليومين الماضيين، جولة تفقدية شملت عدداً من النقاط والقواعد العسكرية في كل من نقطة البارة وكنصفرة والمسطومة لتفقد الجاهزية العسكرية والقتالية والاطلاع على استعدادات القوات التركية في هذه النقاط لأي عملية مفاجئة». وأضاف، أن المسؤول العسكري التركي التقى خلال جولته، مع قادة فصائل معارضة، وجرى النقاش حول التطورات العسكرية والميدانية الأخيرة والتصعيد العسكري من قبل النظام وروسيا الذي تشهده منطقة «خفض التصعيد»، في شمال غربي سوريا، منوهاً بأن المسؤول التركي وقادة في فصائل المعارضة أكدوا استعداد القوات التركية الموجودة في إدلب، بالإضافة إلى مقاتلي الفصائل، لصد أي محاولة تقدم لقوات النظام.
من جهته؛ انتقد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار روسيا والولايات المتحدة بسبب ما وصفه بـ«الفشل في الوفاء بمسؤولياتهما في إطار الصفقات في سوريا التي مزقتها الحرب».
وتطرق أكار، خلال تصريحات عقب اجتماع الحكومة التركية برئاسة إردوغان والذي أعقبه لقاء ليل الاثنين - الثلاثاء مع قادة القوات المسلحة عبر «الفيديو كونفرنس»، إلى تكثيف روسيا والنظام السوري غاراتهما الجوية على محافظة إدلب شمال غربي سوريا في الأسابيع الأخيرة، قائلاً: «نحن ملتزمون بأسس الاتفاق المبرم مع روسيا، وننتظر من الطرف المقابل (روسيا) تحمل مسؤولياته المتعلقة بالاتفاق».
وأضاف أن «الروس يقولون إنهم يستهدفون (المجموعات الإرهابية) في إدلب، إلا إن ضحايا هذه الهجمات ليس بينهم إرهابيون»، موضحاً أن الهجمات المذكورة تعدّ سبباً لازدياد الهجرة وتصاعد التطرف بين سكان المنطقة. وشدد على أهمية استمرار وقف إطلاق النار وضمان الاستقرار في إدلب.
وعن التنسيق بين تركيا وروسيا في المنطقة، أكد أكار «وجود آلية دقيقة هناك، وقنوات تواصل بين الجانبين».
وعن مناطق شرق الفرات، أشار أكار إلى أن لدى بلاده مذكرات تفاهم متوازية مع كل من روسيا والولايات المتحدة، قائلاً: «اتفقنا على انسحاب الإرهابيين»؛ في إشارة إلى «وحدات حماية الشعب الكردية»؛ أكبر مكونات «تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»... «لكن للأسف لا يزال وجودهم مستمراً هناك».
وأضاف أكار أن تركيا لن تسمح بأي خطر أو تهديد لها في جنوب البلاد، مؤكداً احترام أمن حدود الدول الجارة وحقوقها السيادية؛ وفي مقدمتها سوريا والعراق. وانتقد أكار استمرار إمدادات الولايات المتحدة بالأسلحة والذخيرة لدعم «الوحدات» الكردية، التي تعدّها أنقرة امتداداً لـ«حزب العمال الكردستاني» في سوريا. وأضاف أكار أن «(وحدات حماية الشعب) هي (حزب العمال الكردستاني) بالمعنى الدقيق للكلمة»، مشيراً إلى وجود أدلة ملموسة توثق العلاقات بين المجموعتين.
وعن زيارة إردوغان إلى روسيا ولقائه المرتقب مع الرئيس فلاديمير بوتين في سوتشي، اليوم (الأربعاء)، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن اللقاء سيركز بشكل أساسي على ملف سوريا والعلاقات التجارية بين تركيا وروسيا، مشيراً إلى أن «المساعدات الإنسانية إلى سوريا» و«الملف الليبي» يمكن أن يكونا أيضاً على جدول أعمال اللقاء.
وكشفت مصادر تركية أمس عن أن رتلاً عسكرياً تركيا يضم دبابات ومدرعات وناقلات جند، دخل إلى الأراضي السورية من معبر كفرلوسين في ريف إدلب، على الحدود مع سوريا، وتوجه إلى النقاط العسكرية التركية في ريفي إدلب الجنوبي والغربي، حيث نُشر قسم من التعزيزات في نقطة للجيش التركي في قرية بليون بمنطقة جبل الزاوية، وذلك بعد ساعات من لقاء أكار مع قادة القوات المسلحة التركية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم