سلسلة جديدة من الاعتداءات الحوثية بحق قطاع الرياضة

TT

سلسلة جديدة من الاعتداءات الحوثية بحق قطاع الرياضة

عادت الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران لارتكاب سلسلة جديدة من الاعتداءات ضد قطاع الرياضة ومنتسبيه في عموم مناطق سيطرتها، وذلك بالتوازي مع تحذيرات أطلقها ناشطون من أن ذلك القطاع بات يعاني تدميراً شبه كلي نتيجة ما طاله من عبث الجماعة على مدى سنوات الانقلاب المنصرمة.
وتحدثت مصادر رياضية في صنعاء عن تصاعد كبير للانتهاكات الحوثية وأعمال التدمير منذ مطلع العام الحالي بحق معظم الأندية والملاعب والصالات الرياضة الواقعة ضمن مناطق سيطرة الجماعة.
ولفتت تلك المصادر إلى أنه منذ بداية سبتمبر (أيلول) الحالي، تم تسجيل انتهاكات حوثية بالجملة بحق القطاع الرياضي، حيث تصدرت محافظة إب قائمة المدن التي طال مرافقها الرياضية الاستهداف الحوثي، تلتها صنعاء العاصمة التي تعرض قطاع الرياضة فيها لتدمير ممنهج.
وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فقد تنوعت آخر انتهاكات الحوثيين ضد الرياضة بين عمليات دهم ونهب لمقار أندية، وتدمير للملاعب، وتحويل منشآت إلى أماكن للسكن وعقد اللقاءات، إلى جانب السطو على أراضٍ تعود ملكيتها لأندية واتحادات رياضية.
وفي حين تسببت ممارسات الجماعة الانقلابية -بحسب المصادر- في خروج 85 في المائة من مرافق الرياضة عن الخدمة، كان عاملون بإحدى الإدارات الرياضية الخاضعة لسيطرة الحوثيين في صنعاء قد كشفوا في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط» عن أن تلك الممارسات قادت أيضاً إلى توقف 90 منشأة رياضية موزعة على 12 محافظة يمنية.
وطبقاً للموظفين في القطاع الرياضي، فقد توقف نحو 32 اتحاداً رياضياً عن العمل بشكل شبه كلي، في حين واصلت الميليشيات تحويل أكثر من 25 نادياً إلى استراحات لقادتها، ومستودعات وأماكن لتلقين الدروس، ومعسكرات لإعداد المقاتلين.
وبخصوص آخر انتهاكات الانقلابيين بحق الرياضة في صنعاء، تحدثت مصادر محلية في العاصمة لـ«الشرق الأوسط» عن قيام قيادات حوثية نافذة تنتمي إلى صعدة (معقل الميليشيات)، في الأول من يونيو (حزيران) الماضي، بالسطو بقوة السلاح على مساحة كبيرة من الأرض تابعة لنادي الفروسية في منطقة حزيز (جنوب صنعاء).
وأوضحت أن الجماعة باشرت فور عملية السطو على الأرض بالتصرف بها بصفتها ملكية خاصة، من خلال بيع نصف مساحتها لشخصيات حوثية أخرى، بالتواطؤ مع القيادي الحوثي المدعو محمد المؤيدي، المعين وزيراً للشباب والرياضة في حكومة الانقلاب غير المعترف بها.
وطبقاً للمصادر ذاتها، فقد عمدت الجماعة إلى تقسيم بقية المساحة المخصصة للنادي إلى قطع صغيرة ومتوسطة، ويجري حالياً التحضير لاستكمال بيعها بأسعار خيالية.
وتواصلاً للانتهاكات الحوثية، داهم القيادي في الجماعة المدعو محمد المؤيدي، مطلع الشهر الحالي، مقر الطب الرياضي الخاص التابع للمدينة الرياضية في منطقة الحصبة (شمال صنعاء).
وتحدثت تقارير محلية عن مباشرة المؤيدي، فور اقتحام المبنى المكون من 8 شقق سكنية، بطرد العاملين فيه، ومن ثم تحويله إلى سكن له، وتوزيع بقية المرافق مساكن لأتباع الجماعة القادمين من صعدة.
ولم تكن منشآت ومرافق الرياضة في إب (170 كم جنوب صنعاء) ببعيدة عن ذلك المشهد، إذ طالت اعتداءات الجماعة منذ مطلع الشهر الحالي عدداً من الملاعب والأندية الرياضية بالمحافظة ذاتها.
وكشف ناشطون رياضيون في إب لـ«الشرق الأوسط» عن مواصلة الميليشيات احتلال الاستاد الرياضي (ملعب 22 مايو) وملعب الكبسي منذ فرض سيطرتها المسلحة على المحافظة.
وأكدوا أن الجماعة هدفت من وراء ذلك إلى قطع الطريق أمام الشباب والرياضيين لإقامة أي فعاليات أو أنشطة أو مسابقات رياضية، من أجل إجبارهم على الانخراط بصفوفها، والزج بهم للقتال في جبهاتها.
وكان ناشطون في إب قد تداولوا قبل نحو أسبوعين صوراً تظهر مدى الإهمال الذي طال ملاعب «22 مايو» و«الكبسي» و«الشعب»، وغيرها في المحافظة، وما خلفه ذلك من تدمير واسع لها، وصولاً إلى تحويلها من ملاعب رياضية إلى مزارع يقوم المواطنون يومياً بحصد الأعشاب النامية فيها لإطعام مواشيهم.
وأثارت تلك المشاهد وغيرها غضباً واسعاً في أوساط الناشطين والشباب والرياضيين في المحافظة، وعلق بعضهم، خلال تغريدات لهم على منصات التواصل، بأن ذلك هو حال الرياضة وملاعب كرة القدم وغيرها في إب منذ الفترة التي أعقبت الاحتلال الحوثي للمحافظة، وما لحقه من توقف كلي للأنشطة الرياضية.
وحمل رياضيون في إب الانقلابيين مسؤولية ذلك التدهور الذي وصل إليه ذلك القطاع في المحافظة، وطالبوا المنظمات المعنية بالرياضة وحقوق الإنسان بالتحرك لتوفير أبسط الحقوق الممنوحة لهم بصفتهم شباباً ورياضيين، والمتمثلة في إطلاق المخصصات والإيرادات الخاصة بالأندية، وإخراج الميليشيات المسلحة الآتية من صعدة من المنشآت، وإعادة تأهيلها عقب الخراب الذي طالها منذ 7 سنوات.
وكان القيادي الحوثي البارز في إب، المدعو أسامة الحاكم، قد تسبب أواخر أغسطس (آب) الماضي بإتلاف أرضية ملعب رياضي وسط مدينة إب، عندما استدعى آلات حفر لنصب خيام وسط الملعب، بهدف إقامة حفل زفاف لأحد أبنائه، حيث قوبل ذلك التصرف بحالة من الاستياء الواسع في أوساط الشباب والرياضيين، وأبناء المدينة كافة الذين أدانوا فعله ووصفوه بـ«الهمجي».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.