رواقيّون في القرن الحادي والعشرين

زيادة كبيرة في قراءة أعمالهم في زمن {كورونا}

TT

رواقيّون في القرن الحادي والعشرين

ماذا لو أخبَرَنا صديقٌ ما أنّ معظم معاناتنا في هذه الحياة ليست معاناة حقيقية ؛ أي بمعنى أنها تنبعُ ببساطة من عقولنا وطريقة رؤيتنا للأشياء ؟ لاأقصدُ هنا بالتأكيد المعاناة التي تسببها عوامل مادية مشخّصة مثل الجوع أو الألم الفظيع الناجم عن أمراض محدّدة ؛ بل المقصود عوامل يمكنُها أن تجعل حياتنا تصطبغُ بنزعة سلبية قاتمة ، مثل : القلق ، الإحباط المفضي إلى اليأس والقنوط والخذلان ، الخوف المَرَضي ، خيبة الأمل الشاملة ، الغضب ...
في المقابل لنتصوّر الكيفية التي ستكون عليها حياتنا لو أخبَرَنا فردٌ ( أو جماعةٌ ما ) بأنّ في وسعنا تجاوز كلّ تلك العوامل المعيقة لنا في الحياة ؟ هذا هو بالضبط مافعله الرواقيون Stoics القدماء ، وصار من الواضح أنّهم يتوفّرون على القدرة الكاملة لجعله طريقة حياة رشيدة حتى بالنسبة لنا نحن الذين نحيا عصر الحداثة الفلسفية والتقنيات الفائقة في القرن الحادي والعشرين .
معاناتنا النفسية ليست سوى طريقة نظر مخطوءة لعيش الحياة : هذا مايراه أقطاب الفلسفة الرواقية الثلاثة العِظام ( سينيكا ، إيبكتيتوس ، ماركوس أوريليوس ) الذين عاشوا في القرنين الأول والثاني بعد الميلاد . يُعرَفُ عن سينيكا أنه كان معلّم الإمبراطور نيرون ، ويعرَفُ عن إيبكتيتوس أنه كان عبداً إستطاع إنتزاع حريته ومضى بعدها لتأسيس مدرسة فلسفية له تبشّرُ بالمبادئ الرواقية ؛ أمّا ماركوس أوريليوس فكان إمبراطوراً رومانياً .
قد ندهش للاختلاف الشاسع بين هؤلاء الرواقيين الثلاثة ؛ لكنّ ماوحّدهم هو نزوعهم الرواقي الذي أعلوا من شأنه واعتبروه طريقة مجرّبة في عيش حياة طيبة .
لم يترك لنا هؤلاء الرواقيون الثلاثة – وعلى خلاف أكابر فلاسفة الإغريق – سوى القليل من الآثار الأدبية الدالّة عليهم : ترك لنا سينيكا بعضاً من المقالات تناولت شتى الموضوعات الفلسفية ، ومجموعة من الرسائل التي كتبها لصديقه لوسيلوس ، وعدداً من التراجيديات ، أما إيبكتيتوس فترك لنا عدداً من المحادثات كتبها تلميذه أريان وهي في مجملها تسجيل لوقائع المحاضرات التي كان يلقيها على تلامذته في مدرسته الرواقية ، وقد إختزلها إيبكتيتوس لاحقاً على شاكلة موضوعات رئيسية محدّدة في كتاب ( المختصر ) . الأمر مع الإمبراطور ماركوس أوريليوس كان مختلفاً بعض الشيء ؛ فقد عمد إلى تدوين ( تأملاته ) الشخصية بشأن الأفكار المركزية في الرواقية وكيفية توظيفها في سياق عملي يتماشى مع وقائع الحياة اليومية .
ألهمت هذه الأعمال الفلسفية لكبار الرواقيين الرومان كلّ من تعامل معها ابتداءاً من تلامذة المدارس الفلسفية القديمة وحتى قرّاء النصوص المطبوعة في عهد مابعد اختراع الطباعة . من المثير في هذا الميدان ملاحظة الزيادة الهائلة في الطلب على قراءة هذه الأعمال وبخاصة في زمن الجائحة الكورونية الراهنة ؛ الأمر الذي يكشفُ لنا أنّ الفلسفة الرواقية يمكنُ أن توفّر لنا عزاءات في أوقات الأزمات العصيبة لايمكن أن توفرها فلسفاتٌ أخرى .
ليست المبادئ الفلسفية الرواقية مقتصرة على الأدبيات القديمة أعلاه ؛ بل ثمّة توجّه عالمي لنشر هذه المبادئ وتعزيزها على المستويين الأكاديمي والعام ، وهذا ماتكشفه الزيادة الكبيرة في الكتب المنشورة التي تتناول هذه المبادئ في سياقات مختلفة . سأتناولُ أدناه إثنين فحسب من هذه الكتب المنشورة حديثاً .
الكتاب الأوّل هو ( دروسٌ في الرواقية Lessons in Stoicism ) لمؤلفه الفيلسوف البريطاني جون سيلرز John Sellars ، المنشور عام 2019 عن دار نشر Allen Lane ، وكان سيلرز موفقاً للغاية عندما إختار للكتاب العنوان الثانوي التالي ( ماالذي يعلّمنا إياه فلاسفةٌ قدماءٌ حول كيفية عيش حياتنا ) . يعمل سيلرز محاضراً للفلسفة في جامعة لندن ، كما أنه عضوٌ في كلية ولفسون في جامعة أكسفورد . يعدُّ سيلرز أحد الأكاديميين المختصين بالرواقية الحديثة ، وقد بلغ به الإهتمام العملي بالرواقية حدّ مساهمته مع أعضاء آخرين في تأسيس «الأسبوع الرواقي» ، وهو حَدَثٌ عالمي سنوي تدعى فيه مجموعة من عامّة الناس لممارسة حياة رواقية كاملة على مدى أسبوع بقصد ملاحظة حجم التغيير الذي يمكن أن يطال حياتهم ويحسّنها نحو الأفضل .
بدأ سيلرز كتابه بمقدّمة تمهيدية مقتضبة عن الرواقية ، ثمّ تناول الموضوعات الرواقية الرئيسية في سبعة فصول أعقبتها خاتمة أجملت جوهر الممارسة الرواقية . الفصل الأوّل عنوانه ( الفيلسوف طبيباً ) وتلك إشارة واضحة إلى أنّ مهمّة الفيلسوف هي تطبيب الأرواح الموجوعة واستعادة ثقتها في الحياة قبل الانغماس في فهم الحياة والوجود ؛ إذ كيف لروح معطوبة وخائفة أن تجد مايكفي من الشغف في التفكّر الفلسفي ؟ ثمّ يتناول المؤلف في الفصل الثاني موضوعة ( ماالذي ينبغي السيطرة عليه ؟ ) في إشارة واضحة إلى وجود أشياء في الحياة يمكننا أن نجعلها طوع سيطرتنا ( مثل القلق ، الخوف ،،، ) وأشياء أخرى خارج نطاق سيطرتنا ( الشيخوخة ، المرض ، الموت ،،، ) . المقاربة الرواقية هنا يسيرة واضحة : تعلّم السيطرة على مايمكن السيطرة عليه ، واترك أمر مالايمكن السيطرة عليه . ثم ينتقل المؤلف في الفصل الثالث لتناول ( معضلة المشاعر ) التي غالباً ماتقودنا إلى ردات فعل سلبية ، ثم ينتقل في الفصل الرابع لكيفية ( التعامل مع المحن اليومية والوجودية ) ، وبعدها يتناول المؤلف ( مكانتنا في الطبيعة ) ، ثمّ يفرِدُ فصلاً كاملاً عن المعضلة الثنائية الأزلية ( الحياة والموت ) ، وبعدها يتناول موضوعة ( كيفية العيش مع الآخرين ) . يقدّم المؤلف في نهاية الكتاب قائمة بقراءات إضافية ، وأخرى بهوامش إثرائية للموضوعات التي تناولها في الكتاب . يمتازُ الكتابُ بصغر حجمه ( أقلّ من 100 صفحة ) ؛ وعليه من المتوقع أن يكون ذا فائدة عظمى لمن يبتغي قراءة سريعة ورصينة للفلسفة الرواقية .
الكتاب الثاني عنوانه ( الدليل الرواقي لحياة سعيدة The Stoic Guide to a Happy Life ) مع عنوان ثانوي ( 53 درساً مختصراً للعيش ) ، نشرته دار نشر Basic عام 2020 ، ومؤلفه الفيلسوف ماسيمو بِغليوتشي Massimo Pigliucci . يعمل بِغليوتشي أستاذاً للفلسفة في كلية ستي بجامعة نيويورك ، وهو مؤلف لثلاثة عشر كتاباً فلسفياً فضلاً عن كتاباته المتواصلة في صحف نيويورك تايمز ، وول ستريت ، وكذلك مجلات فلسفية رصينة ( مثل Philosophy Now ، Philosophers› Magazine ) .
تقدّم بعض الكتب دليلاً عملياً ( أو مختبرياً بلغة المصنّفات الأكاديمية الجامعية ) ، وفي السياق ذاته يمكن إعتبارُ كتاب بِغليوتشي دليلاً عملياً في كيفية عيش الحياة ، ومن المناسب اعتبارهُ كتاباً مكمّلاً للكتاب السابق مع استثناء واحد يتمثّلُ في تركيزه على إيبكتيتوس فقط بين الرواقيين الثلاثة الكبار ، وهذا مايكتشفه القارئ من عنوان الفصل الأوّل الذي إختار له المؤلف عبارة ( المراهنة على الفيلسوف – العبد ) .
أرى في نهاية هذه المراجعة السريعة ضرورة الإشارة إلى الملاحظات التالية :
أولاً : الحياة الطيبة ( أو العيش الطيّب ) تتقدّم على محاولة الفهم والإبحار العميق في لجّة التفكّر الفلسفي . لن تغنينا القراءات العميقة لتأريخ المدارس الفلسفية فيما لو تعكّر صفو حياتنا بسبب الخوف أو القلق أو الجزع من الحياة ، ويمكنُ لنا ملاحظة هذا التوجّه المتنامي في توجيه الفلسفة وجهاتٍ عملية ترتقي بنوعية الحياة بدلاً من اعتبارها اشتغالاً منعزلاً في ممالك فكرية مهجورة .
ثانياً : يمكن ملاحظة أوجهَ شبهٍ كثيرة بين المبادئ الفلسفية الرواقية ومقاربة ( العلاج السلوكي الإدراكي CBT ) السائدة في علم النفس الحديث ؛ الأمر الذي يشير إلى إمكانية تعشيق مقاربات فلسفية قديمة مع توجهات معرفية حديثة على المستويين النظري والتطبيقي .
ثالثاً : من الخطل إعتبارُ المبادئ الفلسفية الرواقية واحدة من ثيمات ( أو موضات ) التنمية البشرية التي شاعت في وقتنا وصار لها دعاةٌ كذبة كثيرون . تختلف الرواقية الحديثة جوهرياً عن أدبيات التنمية البشرية السائدة ، وليس لها من مبشّرين سوى آبائها المؤسسين الثلاثة فضلاً عن بعض الفلاسفة المعاصرين الذين يمكننا تحسّس مدى رصانة أفكارهم عن طريق القراءة المباشرة بدلاً من وُسَطاء يعتمدون وسائل الدعاية الإعلامية المبهرجة ، والأمور بخواتيمها في نهاية المطاف وليست محض انسياقٍ وراء إعلاناتٍ تقودنا إلى مزيد من الخواء.



قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية

قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية
TT

قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية

قانون الآثار الإسرائيلي الجديد «يهوّد» الضفة الغربية

كانت الأراضي الفلسطينية طوال آلاف السنين مقراً وممراً للعديد من الحضارات العريقة التي تركت وراءها آلاف المواقع الأثريّة ذات الأهميّة الفائقة، ليس في تاريخ المنطقة فحسب، بل ومُجمل التجربة البشرية. وقد أصبحت المواقع بمحض القوة بعد قيام الدولة العبرية عام 1948 خاضعة لسلطة دائرة الآثار الإسرائيلية، التي لا تدخر وسعاً في السعي لتلفيق تاريخ عبراني لهذه البلاد، وإخفاء ما من شأنه أن يتعارض مع سرديات الحركة الاستعماريّة الصهيونيّة عنها.

على أن أراضي الضفة الغربيّة التي احتُلَتْ عام 1967 وتحتوى على ما لا يَقِلُّ عن 6 آلاف موقع أثَري ظلّت قانونياً خارج اختصاص دائرة الآثار الإسرائيلية، بينما تمّ بعد اتفاق أوسلو بين الدولة العبريّة ومنظمة التحرير الفلسطينية في 1995 تقاسم المنطقة لناحية اللقى والحفريات بشكل عشوائيّ بين السلطة الفلسطينية ووحدة الآثار في الإدارة المدنية الإسرائيلية، وفق تقسيمات الأراضي الثلاث المعتمدة للحكم والأمن (أ- سلطة فلسطينية، باء: سيطرة مدنية فلسطينية وسيطرة أمنية مشتركة مع الجانب الإسرائيلي، ج: سيطرة إسرائيلية تامة).

ويبدو أن غلبة التيار اليميني المتطرّف على السلطة في الدّولة العبريّة تدفع الآن باتجاه تعديل قانون الآثار الإسرائيلي لعام 1978 وقانون سلطة الآثار لعام 1989 بغرض تمديد صلاحية سلطة الآثار لتشمل مجمل الأراضي الفلسطينية المحتلّة عام 1967، بينما سيكون، حال إقراره، انتهاكاً سافراً للقانون الدّولي الذي يحظر على سلطات الاحتلال القيام بأنشطة تتعلق بالآثار ما لم تتعلق بشكل مباشر باحتياجات السكان المحليين (في هذه الحالة السكان الفلسطينيين).

ولحظت مصادر في الأرض الفلسطينية المحتلّة بأن الأوضاع الأمنيّة في الضفة الغربيّة تدهورت بشكل ملحوظ منذ بدء الحرب على غزة في أكتوبر (تشرين الأول) من العام 2023، وكثّفت السلطات الإسرائيليّة من توسعها الاستيطاني بشكل غير مسبوق منذ ثلاثة عقود، ورفعت من وتيرة هجماتها على بؤر المقاومة، وأطلقت يد المستوطنين اليهود كي يعيثوا فساداً في القرى والبلدات العربيّة تسبب بهجرة آلاف الفلسطينيين من بيوتهم، مما يشير إلى تكامل الجهد العسكري والاستيطاني مع التعديلات القانونية المزمعة لتحضير الأرضية المناسبة لتنفيذ النيات المبيتة بتهويد مجمل أراضي فلسطين التاريخيّة.

ويأتي مشروع القانون الذي قدمه عضو الكنيست عن حزب الليكود اليميني أميت هاليفي، في أعقاب حملة استمرت خمس سنوات من قبل رؤساء المجالس الإقليمية للمستوطنين ومنظمات مثل «حراس الخلود» المتخصصة في الحفاظ على ما يزعم بأنه تراث يهودي من انتهاكات مزعومة على أيدي العرب الفلسطينيين. وتردد الحملة أكاذيب مفادها أن ثمة مواقع في الضفة الغربية لها أهمية أساسية بالنسبة إلى ما أسمته «التراث اليهودي»، وخلقت انطباعاً بوجود «حالة طوارئ أثرية» تستدعي تدخل الدّولة لمنع الفلسطينيين من «نهب وتدمير آثار المواقع اليهودية ومحاولاتهم المتعمدة لإنكار الجذور اليهودية في الأرض» – على حد تعبيرهم.

وكانت اللجنة التشريعية الحكوميّة قد وافقت على التعديل المقترح لقانون الآثار، وأرسلته للكنيست الإسرائيلي (البرلمان) لمراجعته من قبل لجنة التعليم والثقافة والرياضة التي عقدت اجتماعها في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وذلك تحضيراً لعرضه بالقراءة الأولى و«التصويت» في الكنيست بكامل هيئته خلال وقت قريب.

وبينما اكتفت السلطة الفلسطينية والدول العربيّة بالصمت في مواجهة هذه الاندفاعة لتعديل القانون، حذرّت جهات إسرائيلية عدة من خطورة تسييس علم الآثار في سياق الصراع الصهيوني الفلسطيني، واعتبرت منظمة «إيميك شافيه» غير الحكومية على لسان رئيسها التنفيذي ألون عراد أن «تطبيق قانون إسرائيلي على أراضي الضفة الغربية المحتلة يرقى إلى مستوى الضم الرسمي»، وحذَّر في حديث صحافيّ من «عواقب، ومزيد من العزل لمجتمع علماء الآثار الإسرائيليين في حالة فرض عقوبات دوليّة عليهم بسبب تعديل القانون»، كما أكدت جمعيّة الآثار الإسرائيليّة أنها تعارض مشروع القانون «لأن غايته ليست النهوض بعلم الآثار، بل لتعزيز أجندة سياسية، وقد يتسبب ذلك في ضرر كبير لممارسة علم الآثار في إسرائيل بسبب التجاوز على القانون الدولي المتعلق بالأنشطة الأثرية في الضفة الغربية»، ولا سيّما قرار محكمة العدل الدولية في التاسع عشر من يوليو (تموز) الماضي، الذي جدَّد التأكيد على أن وجود إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة برمته غير قانوني، وطالب الدّولة العبريّة بـ«إزالة مستوطناتها في الضفة الغربية والقدس الشرقية في أقرب وقت ممكن»، وألزمت سلطة الاحتلال بتقديم تعويضات كاملة للفلسطينيين بما في ذلك إعادة «جميع الممتلكات الثقافية والأصول المأخوذة من الفلسطينيين ومؤسساتهم».

وتشير الخبرة التاريخيّة مع سلطة الآثار الإسرائيلية إلى أن الحكومة تقوم لدى إعلان السلطة منطقة ما موقعاً تاريخيّاً بفرض حماية عسكريّة عليها، مما قد يتطلّب إخلاء السكان أو فرض قيود على تحركاتهم وإقامة بنية تحتية أمنية لدعم الحفريات، وتمنع تالياً الفلسطينيين أصحاب الأرض من تطويرها لأي استخدام آخر، الأمر الذي يعني في النهاية منع التنمية عنها، وتهجير سكانها وتهويدها لمصلحة الكيان العبريّ، لا سيّما وأن الضفة الغربيّة تحديداً تضم آلاف المواقع المسجلة، مما يجعل كل تلك الأراضي بمثابة موقع أثري ضخم مستهدف.

وتبرر الحكومة الإسرائيلية الحاليّة دعمها مشروع القانون للجهات الأُممية عبر تبني ادعاءات منظمات ومجالس مستوطني الضفة الغربيّة بأن الفلسطينيين يضرون بالمواقع ويفتقرون إلى الوسائل التقنية والكوادر اللازمة للحفاظ عليها، هذا في وقت قامت به قوات الجيش الإسرائيلي بتدمير مئات المواقع الأثريّة في قطاع غزة الفلسطيني المحتل عبر استهدافها مباشرة، مما يعني فقدانها إلى الأبد.

لن يمكن بالطبع للفلسطينيين وحدهم التصدي لهذا التغوّل على الآثار في فلسطين، مما يفرض على وزارات الثقافة ودوائر الآثار والجامعات في العالم العربيّ وكل الجهات الأممية المعنية بالحفاظ على التراث الإنساني ضرورة التدخل وفرض الضغوط للحيلولة دون تعديل الوضع القانوني للأراضي المحتلة بأي شكل، ومنع تهويد تراث هذا البلد المغرِق في عراقته.