إطلاق النسخة الأولى من «بيروت للشرائط المصورة»

لقاءات مع 40 كاتباً لبنانياً وأجنبياً ونشاطات مختلفة

ملصق مهرجان «بيروت للشرائط المصورة» من تنفيذ الرسامة اللبنانية رافاييل معكرون
ملصق مهرجان «بيروت للشرائط المصورة» من تنفيذ الرسامة اللبنانية رافاييل معكرون
TT

إطلاق النسخة الأولى من «بيروت للشرائط المصورة»

ملصق مهرجان «بيروت للشرائط المصورة» من تنفيذ الرسامة اللبنانية رافاييل معكرون
ملصق مهرجان «بيروت للشرائط المصورة» من تنفيذ الرسامة اللبنانية رافاييل معكرون

في عام 1964 اتخذت صناعة الشرائط المصورة اسماً خاصاً بها عرف بالفن التاسع. وإضافة إلى الفنون السبعة المشهورة، كان التلفزيون قد استحوذ على تسمية الفن الثامن. من ثمّ جاء كل من المبدعين موريس دو بيفير وبيار فانكير ليطلقا عبارة الفن التاسع على الأفلام المتحركة. أمّا الشرائط المصورة فقد شقت طريقها إلى الشهرة مع بدايات القرن التاسع عشر. وأطلق عليها ويل هسنر أحد أشهر مؤلفيها اسم «التطبيق الرئيسي للفن المتسلسل على الورق»، وهي تندرج على لائحة الفن التاسع أيضاً.
في أميركا الشمالية حيث يطلقون على هذا الفن اسم «كوميكس»، حققت الشرائط المصورة شهرة واسعة في القرن العشرين من خلال شخصية «سوبرمان». ومن بعدها كرّت سبحة أبطال هذه الشرائط لتشمل «تان تان» الفرنسي البلجيكي، لتصل إلى اليابان حيث يعرف هذا الفن بـ«مانغا».
هذا الفن الذي أصبح عالمياً، عادة ما يتوجه بقصصه إلى الأطفال. ومن فرنسا وبالتحديد في عام 1974 كانت الانطلاقة الأولى لأول مهرجاناته الفنية.
اليوم وبعد ازدهار هذا النوع من الشرائط في العالمين العربي والغربي، تشهد العاصمة اللبنانية النسخة الأولى من مهرجان «بيروت للشرائط المصورة».
ينظم هذا الحدث الذي يبدأ في 6 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، ولغاية 10 منه، المركز الثقافي الفرنسي في بيروت. ويأتي بالتعاون مع الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة (ألبا)، ومبادرة معتز ورادا الصواف للشرائط المصورة العربية في الجامعة الأميركية في بيروت.
وبهذه المناسبة دعا «المركز الثقافي الفرنسي» إلى مؤتمر صحافي لإطلاق برنامج هذا الحدث، وذلك في صالته السينمائية مونتاين. وأعلن أنّ نشاطات المهرجان ستقام في أكثر من 20 مكاناً ومؤسسة ثقافية في بيروت ومختلف أحيائها.
يسعى هذا المهرجان متعدد المجالات إلى خلق حوار بين الشرائط المصورة والفنون الأخرى: الموسيقى، والتصوير الفوتوغرافي، والفيديو، والسينما، والترفيه وغيرها. كما يتضمن البرنامج أربعين موعداً ثقافياً مع معارض وعروض فنية ولقاءات وحفلات موسيقية، ونقاشات وتوقيعات. وخلال المؤتمر كُشف عن ملصق المهرجان، الذي نفّذته الرسامة اللبنانية رافاييل معكرون. وهو يصور فتاة تجلس مقابل كورنيش الروشة في بيروت أمام البحر.
«وجدت في هذا المكان علاقة وثيقة لذكرياتي الطفولية مع مدينتي ومع بحرها وشمسها الحامية». توضح معكرون. وعن سبب تصوير الفتاة تدير بظهرها إلى المارة توضح: «رغبت في أن تتطلع نحو آفاق واسعة، وأضواء الأمل من منارة بيروت تغمرها».
ويحمل الملصق شارة مباشرة إلى الحدث المحتفى به في لبنان. وتتابع: «إن الفتاة تضع على قدميها كتاب شرائط مصورة، يحكي عن ثورة 17 أكتوبر، وعن دولة أهملت شعبها وتركته يعاني». كان من المقرر تنظيم هذا المهرجان عام 2020. بالتوازي مع مشابه له يحدث في فرنسا في الوقت نفسه. وقد أُجل بسبب الجائحة والأوضاع المضطربة في البلاد.
تقول ماري بوسكيل مديرة المعهد الثقافي الفرنسي في لبنان: «أردنا أن يكون المهرجان بمثابة جسر تواصل فني بين لبنان وفرنسا، وشددنا على أن يحمل أعمالاً ونقاشات وحوارات ترتبط ارتباطاً مباشراً بالفرنكوفونية، وكذلك بالعربية، فيما بعضها يترجم أيضاً إلى الإنجليزية. لماذا هذا المهرجان؟ لأننا من خلال هذه الشرائط المصورة نسلط الضوء على فن غني وعلى الدور الذي يلعبه في المجتمعات».
وعما إذا هذه المهمة تحمل صعاباً كونها تتوجه إلى جيل شبابي مدمن على وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من القراءة، ترد ماري بوسكيل في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن الشرائط المصورة تلقى شهرة واسعة عند جميع الأعمار في فرنسا كما في أوروبا. هنا في لبنان يتطور هذا الفن سيما أنّكم تملكون مؤسسات ومعاهد أكاديمية تعيره اهتماماً واسعاً كالجامعتين الأميركية و(ألبا). وفي رأيي بين جميع فنون الآداب، تعد الشرائط المصورة الأقرب إلى جيل الشباب، والملصق الإعلاني الخاص بالحدث يشير إلى ذلك بوضوح».
ينطلق المهرجان في الثامنة من مساء الأربعاء 6 أكتوبر المقبل في «متحف سرسق». ويتضمن حفلاً موسيقياً من نوع إلكترو بوب لرومان سانتاريللي يرافقها محمد قريطم في فن الرسم الحي. وفي القسم الثاني من الأمسية سيقدم فريق «أسيد أراب» حفله الموسيقي بعنوان «مناخات»، تواكبه في الرسم رافاييل معكرون منفذة الملصق الإعلاني للمهرجان.
وتستضيف كل من «الجامعة الأميركية» و«دار النمر» في بيروت، نشاطان مختلفان حول الشرائط المصورة في 7 أكتوبر. الأول هو كناية عن لقاءات مع المؤلف الفرنسي ماتيو سابان وهيلين بيكتان. والثاني معرض بعنوان «الشرائط المصورة العربية الجديدة»، يشارك فيه فنانون من لبنان ومصر والجزائر والأردن وغيرها. يتخلل المهرجان لقاءات مع 40 فناناً مدعواً و6 حفلات رسم حي و30 نشاطاً مبرمجاً و10 معارض. بمشاركة بلدان عدّة مثل، كندا وفرنسا وبلجيكا وسويسرا وبريطانيا وغيرها.
معارض أخرى سيشهدها المهرجان السبت 9 أكتوبر وتتوزع بين متحفي «ميم» ولبنان الوطني وحرم المركز الثقافي الفرنسي. تحمل عناوين «الشرائط المصورة ضد المانغا» و«بطلات» و«التاريخ الكبير للرسم بلا نهاية».
أما العروض السينمائية فتنحصر بعملين وهما: «مصاص الدماء الصغير» لجوان سفار و«النساء القبضايات» لبينيلوب باجيو.
ويختتم المهرجان فعالياته في 10 أكتوبر مع الكاتبة الكندية جولي روشتو. وستعرض للجمهور أعمالها في فن الشرائط المصورة التي نفذتها على مدى أسبوع كامل في متحف «ميم». في المقابل يُعرض في «أرت هاوس» في الجميزة مجموعة أعمال لنحو 30 فناناً، اتخذوا من الديمقراطية وحرية التعبير عنوانان رئيسيان لرسومهم.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».