تبادل المخاوف بين اليهود والعرب في إسرائيل بعد حرب غزة

هدوء في مدينة عكا المختلطة في أعقاب التوتر الأخير مايو الماضي (أ.ف.ب)
هدوء في مدينة عكا المختلطة في أعقاب التوتر الأخير مايو الماضي (أ.ف.ب)
TT

تبادل المخاوف بين اليهود والعرب في إسرائيل بعد حرب غزة

هدوء في مدينة عكا المختلطة في أعقاب التوتر الأخير مايو الماضي (أ.ف.ب)
هدوء في مدينة عكا المختلطة في أعقاب التوتر الأخير مايو الماضي (أ.ف.ب)

دلّت نتائج استطلاع أن الغالبية الساحقة من السكان اليهود والعرب في إسرائيل ترفض الفصل والمقاطعة، لكن هناك نسبة عالية (60 في المائة بين اليهود و35 في المائة بين العرب) يشعرون بالخوف من الآخر.
وجاء البحث ليفحص ما هو تأثير الصدامات التي وقعت بين اليهود والعرب في عدد من البلدات، إبان المعركة على الشيخ جراح والتوتر في المسجد الأقصى والحرب على قطاع غزة، في شهر مايو (أيار) الماضي، وبلغت حد الاعتداءات الجماعية من متطرفين يهود على مواطنين عرب أبرياء واعتداءات شبيهة من عرب على يهود أبرياء. وقد أجراه معهد علم النفس الاجتماعي للتغيير المجتمعي «أكورد» في الجامعة العبرية في القدس، ونشرت نتائجه، أمس (الاثنين).
وأشارت النتائج إلى أن اليهود يخافون من العرب بنسبة أكبر، وأن العرب يؤيدون عودة العلاقات بين الطرفين بشكل أسرع، خصوصاً لدى سكان البلدات المختلطة (يافا واللد والرملة وعكا وحيفا). وجاء في النتائج أن 77 في المائة من اليهود و83 في المائة من العرب، يرفضون سياسة المقاطعة بين الطرفين ويدعون إلى إعادة المياه إلى مجاريها.
وجاء أيضاً أن 73 في المائة من اليهود يعتقدون أن العنف انفجر بمبادرة العرب ضد اليهود، فيما رأى 65 في المائة من العرب أن الاعتداءات بدأت من اليهود. وقد عزا 55 في المائة من اليهود و41 في المائة من العرب و55 في المائة من سكان البلدات المختلطة، هذه الاعتداءات، إلى الترويج الأهوج للعداء والكراهية في الشبكات الاجتماعية.
وقال 60 في المائة من اليهود إنهم يخافون من الدخول إلى بلدات عربية بسبب خطر أن تتم مهاجمتهم، وقال 35 في المائة من العرب إنهم يخافون دخول البلدات اليهودية للسبب نفسه. ولكن، ورغم هذه المشاعر، دلّت النتائج على أن 77 في المائة من اليهود و83 في المائة من العرب، يرفضون مقاطعة الطرف الآخر بسبب تلك الأجواء، ويعتقدون أن من الممكن التغلب عليها وعودة المياه إلى مجاريها في العلاقات بين الشعبين.
وقالت الباحثة يارا ناصر، التي شاركت في إعداد هذا البحث، إن أحداث مايو تركت أثرها السلبي على العيش المشترك في إسرائيل بين اليهود والعرب، ولكنهم في البلدات المختلطة يتغلبون بشكل أسرع على جروح الصدامات. والسبب في ذلك لأن العرب واليهود هنا يعرفون بعضهم بعضاً ومصالحهم متشابكة، ويعيشون حتى اليوم كجيران ولذلك يتسامحون بشكل أسرع ويخافون بنسبة أقل. وفسّرت زيادة الخوف عند اليهود ضعفي العرب، قائلة إن اليهود لا يعرفون العرب عن قرب لكن العرب يعرفونهم أكثر، بحكم العمل معهم في بلداتهم والتعلم في جامعاتهم.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.