توسع حملة الاستقالات داخل «النهضة» التونسية

الأعضاء المنسحبون حمّلوا الحركة مسؤولية الأزمة

جانب من مظاهرات {النهضة} وعدد من الأحزاب المناهضة للرئيس سعيد وسط العاصمة تونس أول من أمس (رويترز)
جانب من مظاهرات {النهضة} وعدد من الأحزاب المناهضة للرئيس سعيد وسط العاصمة تونس أول من أمس (رويترز)
TT

توسع حملة الاستقالات داخل «النهضة» التونسية

جانب من مظاهرات {النهضة} وعدد من الأحزاب المناهضة للرئيس سعيد وسط العاصمة تونس أول من أمس (رويترز)
جانب من مظاهرات {النهضة} وعدد من الأحزاب المناهضة للرئيس سعيد وسط العاصمة تونس أول من أمس (رويترز)

أكد عبد اللطيف المكي، القيادي المستقيل من حركة النهضة التونسية، تسجيل استقالات جديدة داخل قيادات الحزب بمختلف المستويات، وذلك بعد أيام قليلة من استقالة 113 قيادياً وعضواً من الحزب، مؤكداً أن القائمة الجديدة للمستقيلين أصبحت تضم حالياً 131 قيادياً وعضواً في حركة النهضة، بعد تسجيل 18 استقالة جديدة، أرجعها المكي للأسباب نفسها، التي دفعته وأعضاء الحركة إلى إعلان استقالاتهم.
وبشأن ما يروج له البعض حول إمكانية تشكيل حزب سياسي جديد، بعيداً عن القيادة الحالية لحركة النهضة، التي يقودها راشد الغنوشي، أكد المكي أن يكون بين القيادات المستقيلة «عمل مشترك»، موضحاً أن العمل في إطار حزب جديد، أو شكل آخر من العمل السياسي قد يتحدد لاحقاً، على حد تعبيره.
ونشرت وسائل إعلامية محلية قائمة أسماء المستقيلين من حركة النهضة، وعرضت ألقابهم وصفاتهم، التي تراوحت بين العضوية في المجلس التأسيسي الذي تلا انتخابات 2011، ومجلس النواب (البرلمان) الحالي، وبعض أعضاء مجلس الشورى، وأعضاء من المكاتب الجهوية والمحلية التابعة لحركة النهضة.
وأرجع جل الذين قدموا استقالاتهم من الحزب سبب إقدامهم على هذه الخطوة إلى «إخفاقهم في معركة الإصلاح الداخلي للحزب»، والإقرار بتحمل القيادة الحالية المسؤولية الكاملة فيما وصلت إليه الحركة من عزلة في الساحة الوطنية، محملين المسؤولية للخيارات السياسية الخاطئة لقيادة حركة النهضة، ما أدى حسبهم إلى «عزلتها، وعدم نجاحها في الانخراط الفاعل في أي جبهة مشتركة لمقاومة الخطر الاستبدادي الداهم، الذي تمثله قرارات 22 سبتمبر (أيلول) الحالي».
كما حمل المستقيلون النهضة قدراً كبيراً من المسؤولية فيما انتهى إليه الوضع العام بالبلاد، من تردٍّ فسح المجال للانقلاب على الدستور، وعلى المؤسسات المنبثقة عنه، حسب تعبيرهم.
غير أن بعض المقربين من حركة النهضة يرون أن السبب الرئيسي لهذه الاستقالات المتتالية يكمن في اختلاف التقييم للأمر الرئاسي، الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية قيس سعيد. ففي حين دعت «مجموعة الإصلاح»، التي تضم أكثر من 100 قيادي إلى مواجهة صريحة مع المنظومة السياسية الجديدة، دعا الغنوشي في المقابل إلى التهدئة، وانتظار ما ستؤول إليه الأمور، وهو ما خلق خلافاً حاداً بين قيادات حركة النهضة.
على صعيد متصل، كشف عبد الحميد الجلاصي، القيادي السابق في حركة النهضة، والذي استقال منها السنة الماضية، عن بدء صفحة جديدة في مشواره السياسي، بعد مغادرته مؤسسات الحزب، الذي يمر بأزمة خلافات وانشقاقات حادة، وهو ما من شأنه أن يمثل «لبنة أولى» لبناء حزب جديد يضم المنشقين عن النهضة، بحسب عدد من المراقبين، خصوصاً بعد أن أعلن الجلاصي عن تأسيس منتدى سياسي فكري جديد، يحمل اسم «منتدى آفاق جديدة من أجل إعادة الاعتبار لفضيلة التفكير»، وهي مبادرة اعتبرها مراقبون خطوة نحو «تقديم عرض سياسي جديد لإعادة الاعتبار للتفكير العميق في الشأن العام، ولأن يكون مختبراً جديداً» للعمل السياسي.
في غضون ذلك، اعتبر نوفل سعيد، شقيق الرئيس سعيد، أن جس نبض الشارع، والخروج في وقفات احتجاجية ضد رئيس الجمهورية هو «بمثابة نزهة بالنسبة للرئيس»، على حد قوله. ودعا معارضي قرارات الرئيس إلى استعمال أساليب أخرى للتعبير عن آرائهم.
يذكر أن رئاسة الجمهورية لم تعلق على الوقفة الاحتجاجية، التي نظمتها {حركة النهضة} وعدد من الأحزاب المناهضة للرئيس سعيد، أول من أمس، للاحتجاج على إجراءاته الاستثنائية.
في المقابل، انتقد النائب البرلماني الصافي سعيد عملية حرق نص الدستور في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة، من قبل بعض المتظاهرين، الرافضين لمواصلة العمل بدستور 2014 والداعين إلى إنهاء «منظومة النهضة ومن معها». واعتبر أن مصير الرئيس «بات في الميزان».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».