الجزائر: عقوبات قضائية جديدة تطال أويحيى وسلال

إدانة أحد أبرز وجهاء النظام مع أبنائه بـ«تهم فساد»

عبدالمالك سلال (غيتي)
عبدالمالك سلال (غيتي)
TT

الجزائر: عقوبات قضائية جديدة تطال أويحيى وسلال

عبدالمالك سلال (غيتي)
عبدالمالك سلال (غيتي)

أنزلت محكمة بالعاصمة الجزائرية، أمس، عقوبات جديدة بالسجن وغرامات مالية كبيرة بحق رئيسي الوزراء سابقاً، أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، تتمثل في السجن ست سنوات مع التنفيذ للأول، وخمس سنوات مع التنفيذ للثاني، بناء على وقائع فساد، كان المتهم الرئيسي فيها حميد ملزي، مسير شركة تهتم بصيانة إقامات كبار المسؤولين، الذي أدانه القضاء بنفس عقوبة سلال.
كما حكم القاضي أيضاً على أبناء ملزي الأربعة، مولود وأحمد وسليم ووليد، بالسجن لفترات تتراوح بين عام وعامين، زيادة على غرامات ثقيلة. فيما حكمت بتجميد الأرصدة البنكية لملزي وأبنائه، ومصادرة أملاك العائلة المتمثلة، خصوصاً في شركات وعقارات.
وتتضمن لائحة الاتهامات «غسل أموال وتحويل ممتلكات عائدة من الإجرام، وسوء استعمال الوظيفة من أجل منح مزايا غير مستحقة، وتحريض موظفين عموميين على استغلال نفوذهم، من أجل انتهاك القوانين والتنظيمات المعمول بها، وإبرام صفقات مخالفة للأحكام التشريعية والتنظيمية، المعمول بها لأجل منح مزايا غير مبررة للغير».
وترتبط الوقائع بمشروعات عديدة، من بينها مشروع تجديد «شاليهات» لفائدة كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين، وإعادة تهيئة حظيرة التسلية الكبيرة بالعاصمة، بغرض بناء فنادق وفضاءات للترفيه. وتمت هذه الصفقات، حسب تحقيقات جهاز الأمن، خلال فترة تولي سلال وأويحيى المسؤولية التنفيذية، أي بين 2012 و2019. وحصل ملزي على المخصصات المالية لإنجاز المشروعات، بفضل أوامر أسداها رئيسا الوزراء سابقاً، باعتبار أن صاحب المنصب هو في الوقت نفسه رئيس «المجلس الوطني للاستثمار»، الذي يؤشر على كل المشروعات الحكومية، وما تتطلبه من اعتمادات مالية.
وتمت إدانة المدير السابق لشركة الطيران المدني الحكومية، بخوش علاش، بالسجن عامين، منها سنة موقوفة التنفيذ وغرامة مالية، وبالسجن سنة مع التنفيذ بحق المدير العام السابق لشركة «اتصالات الجزائر»، أحمد شودار. فيما دان القاضي المدير السابق للإقامة الرئاسية «الميثاق»، فؤاد شريط، بالسجن عاماً مع وقف التنفيذ. وتتعلق هذه الأحكام بعقود وصفقات، تخص أشغال بناء عمارات ومقرات حكومية، تكفلت بها شركات ملزي وأبنائه، ودرت عليهم أموالاً طائلة دفعت من الخزانة العامة.
يشار إلى أن أويحيى يقع تحت طائلة حكم بالسجن مدته 15 سنة مع التنفيذ، فيما يقضي سلال عقوبة 12 سنة سجناً مع التنفيذ، على أساس تهم ووقائع شبيهة، تعود إلى قرارات، وإجراءات تم اتخاذها في مجال تسيير الاستثمارات. كما تنتظر الرجلين محاكمات أخرى عديدة.
كان ملزي، الذي اعتقل في مايو (أيار) 2019، قد نفى أثناء محاكمته أي صلة له بالفساد. وقال للقاضي إنه «خدم الدولة وكبار موظفيها لمدة تزيد عن ربع قرن»، ووصف نفسه بأنه «أحد أنظف الكوادر الذين أنجبتهم الجزائر بعد الاستقلال».
وترأس ملزي مؤسسة تسيير إقامات الدولة لمدة 25 سنة، وكان مقرباً من السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس السابق (مسجون حالياً بتهم فساد)، ومحمد مدين مدير المخابرات سابقاً، الذي غادر مطلع العام الحالي السجن العسكري، بعد تبرئته من تهمة «التآمر على سلطة الدولة والجيش».
وذكرت مصادر من المحكمة لـ«الشرق الأوسط»، أن تهماً في قضية تخص شؤون الجيش لاحقت ملزي، لكن القضاء العسكري أزالها، وتتعلق باجتماعات عقدها سعيد ومدين بغرض تنحية قائد الجيش، أحمد قايد صالح، سابقاً، في مارس (آذار) 2019. وجرت الاجتماعات في إقامة الدولة، التي كان يديرها ملزي. وحاول شقيق الرئيس آنذاك عزل رئيس أركان الجيش، بعد أن أظهر قايد صالح عزماً على تنحية بوتفليقة، استجابة لمطالب الحراك الشعبي المعارض للنظام. ولم يحضر ملزي تلك الاجتماعات، غير أنه كان على علم بما جرى فيها، وهو ما أغضب قيادة الجيش منه.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.