باحثون من «كاوست»: التبغ المسخّن خطر قائم بلا دخان

أحد بدائل السجائر يتسبب في انبعاث مواد كيميائية سامة

تقنية جديدة لتحليل المركبات المنبعثة حددت  أكثر من 50 مركباً لم تكشف عنها التقنيات السابقة
تقنية جديدة لتحليل المركبات المنبعثة حددت أكثر من 50 مركباً لم تكشف عنها التقنيات السابقة
TT

باحثون من «كاوست»: التبغ المسخّن خطر قائم بلا دخان

تقنية جديدة لتحليل المركبات المنبعثة حددت  أكثر من 50 مركباً لم تكشف عنها التقنيات السابقة
تقنية جديدة لتحليل المركبات المنبعثة حددت أكثر من 50 مركباً لم تكشف عنها التقنيات السابقة

في إطار سعيهم إلى بحث مدى أمان أحد أجهزة تسخين التبغ التي تهدف إلى أن تحل محل طرق التدخين التقليدية، توصل باحثون في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) إلى تقنية جديدة تتسم بدقة أكبر لتقييم المواد الكيميائية الضارّة الناجمة عن استخدام تلك الأجهزة بحيث يمكن إضافتها إلى مجموعة الأدوات المستخدمة حالياً في رصد وتحليل السجائر المطورة التي تسمى «منتجات التبغ المُسخّن». ومنتجات التبغ المُسخّن هي منتجات تبغ تخرج رذاذاً يحتوي على النيكوتين ومواد كيميائية أخرى يستنشقها المدخن عن طريق الفم.
تسخين التبغ
كشف بحث «كاوست» الذي نُشر في مجلة «توباكو كونترول» Tobacco Control، أن جهاز تسخين التبغ المعروف باسم «أقلعتُ عن التدخين» (IQOS) يبعث مواد كيميائية قد تنطوي على ضرر أكبر من تلك التي تكشف عنها الشركة المُصنّعة.
وجدير بالذكر أن جهاز IQOS يعمل عند درجة حرارة أقل من السجائر العادية؛ إذ يسخّن أعواد التبغ حتى 300 درجة مئوية تقريباً، في حين تحرق السجائر العادية التبغ عند 900 درجة مئوية. كما يختلف الجهاز أيضاً عن السجائر الإلكترونية التي تعتمد على تسخين سوائل تحتوي على النيكوتين.
وقد طوّرت شركة «فيليب موريس الدولية» Philip Morris International جهاز IQOS وطرحته في الأسواق في عام 2014، وتزعم الشركة أن الجهاز يوفر بديلاً أكثر أماناً للتدخين التقليدي استناداً إلى أبحاث أجرتها الشركة، إلى جانب أبحاث أخرى. وتشير هذه الأبحاث إلى أن الجهاز يقلّص بشكل ملحوظ التعرّض للسموم مقارنة بالسجائر العادية التي تحرق التبغ.
وفي هذا الصدد يقول دراجوس إيليس، طالب الدكتوراة في «كاوست»: «أردتُ تقييم مزاعم الشركة، وهو ما دفعني إلى تقديم اقتراح لمُشرفي الدكتور ماني ساراثي، أستاذ الهندسة الكيميائية المشارك في (كاوست)، بإجراء دراسة مستقلة».
تمحورت الأفكار التي تبادلها طالب الدكتوراة ومشرفه حول المقاربات المختلفة لتحديد المواد الكيميائية التي تنبعث من أعواد التبغ المسخَّنة. ووجد الباحثون نقاط قصور خطيرة في الطريقة المستخدمة سابقاً والمعتمدة على تقنيات جمع العينات وتحليلها لاحقاً، لأن هذه التقنيات لم تتمكن من تحديد جزيئات محتملة الخطورة مثل مركبات الكربونيل القطبية التي تتسم بتفاعليتها وسرعة زوالها.
ابتكر الفريق طريقة آنية لإجراء «التحليل الكروماتوغرافي» للحالة الغازية وتحليل الكتلة بواسطة مقياس الطيف (chromatography mass spectrometry analysis)، لجمع الأبخرة مباشرة من أعواد التبغ المسخَّنة. ويفصل هذا التحليل الخلائط الكيميائية ويحدد المكونات على المستوى الجزيئي، ويقوم على مبدأ أن الخلائط ستنقسم إلى مواد منفصلة عند تسخينها، وهو من أكثر الأدوات دقة في مجال تحليل العينات البيئية.
مركبات سامة
وقد سمحت هذه الطريقة للباحثين برصد جزيئات صغيرة لم تكن لتبقى في الحالة الغازية وقتاً كافياً لرصدها بواسطة التقنيات المستخدمة سابقاً. وقد فوجئ الباحثون برصد 62 مركّباً لم تظهر منها سوى 10 مركّبات فقط في الاختبارات التي أجرتها شركة فيليب موريس الدولية.
ومن بين المواد الكيميائية التي اكتشفها الباحثون مركّب ثنائي الأسيتيل السامّ، و3.2 بنتانيديون، وهيدروكسي ميثيل فورفورال، وفثالات ثنائي إيثيل هكسيل التي ربما تكون أشدّ تلك المواد خطورة، إذ قد تسبب الإصابة بمرض السرطان.
يقول ساراثي معلقاً: «من الضروري رصد وتحديد أي مواد سامة ومسرطِنة تنبعث من هذه المنتجات الجديدة المعتمدة على تسخين التبغ»، ويأمل أن تكون النتائج التي توصلت إليها الأبحاث المستقلة في «كاوست»، دافعاً للتعاون مع شركات التبغ للوقوف على المخاطر الصحية لمنتجاتها الجديدة، والتعرف إلى كيفية الحدِّ من تلك المخاطر.
ويضيف إيليس: «نهجنا الجديد لتحديد المواد الكيميائية الناتجة عن تسخين أعواد التبغ قد يساعد أيضاً على تحسين التشريعات المتعلقة بالتبغ حول العالم، فهي إضافة جديدة لمجموعة التقنيات التحليلية المستخدمة في الكشف عن المواد الكيميائية الضارة التي لم تكشف عنها التقنيات السابقة».
وتجدر الإشارة إلى أن منظمة الصحة العالمية كانت قد أكدت في بيان لها صادر العام الماضي، أن الحد من التعرض للمواد الكيميائية الضارة في منتجات التبغ المسخّن لا يجعل منها منتجات غير ضارة، ولا يفضي إلى انخفاض المخاطر على صحة الإنسان. وأضاف البيان: “وفي الواقع، فإن نسب بعض المواد السميّة التي يحتوي عليها الضبوب الذي يتولّد من منتجات التبغ المسخّن أعلى من تلك الموجودة في دخان السجائر التقليدية، كما أن ضبوب منتجات التبغ المسخّن يحتوي على مواد سميّة أخرى غير موجودة في دخان السجائر التقليدية».


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

روبوت «ناسا» يأخذ عيّنة من صخرة مريخية قد تدل على وجود جراثيم قديمة

صخرة تسمَّى «شلالات تشيافا» في فوهة جيزيرو على سطح المريخ (أ.ف.ب)
صخرة تسمَّى «شلالات تشيافا» في فوهة جيزيرو على سطح المريخ (أ.ف.ب)
TT

روبوت «ناسا» يأخذ عيّنة من صخرة مريخية قد تدل على وجود جراثيم قديمة

صخرة تسمَّى «شلالات تشيافا» في فوهة جيزيرو على سطح المريخ (أ.ف.ب)
صخرة تسمَّى «شلالات تشيافا» في فوهة جيزيرو على سطح المريخ (أ.ف.ب)

حقق الروبوت الجوال «برسفيرنس» التابع لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا) إنجازاً مهماً بأَخْذِه عيّنات من صخرة مريخية قد تكون محتوية على جراثيم متحجرة، وهي خطوة كبيرة جديدة في مهمته المتمثلة بالبحث عن آثار حياة جرثومية قديمة على الكوكب الأحمر، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأخذ هذا الروبوت المستكشف في 21 يوليو (تموز) من على سطح المريخ عيّنة من صخرة تُسمى «شلالات تشيافا» (Cheyava Falls) على شكل رأس سهم، قد تحتوي على ميكروبات متحجرة يعود تاريخها إلى مليارات السنوات، عندما كان الماء موجوداً على الكوكب.

وكان الكوكب الأحمر القاحل جداً راهناً يضم قبل مليارات السنوات أنهاراً وبحيرات وفيرة، تبخرت ولم تعد موجودة.

وعُثِر على هذه الصخرة الغامضة في وادي نيريتفا الذي كان في السابق موطناً لنهر، وسرعان ما أثارت اهتماماً واسعاً من العلماء.

ويعود هذا الاهتمام إلى رصد ثلاثة أدلة على احتمال وجود حياة جرثومية قديمة على هذه الصخرة. فمن جهة أولى، تمتد الأوردة البيضاء التي شكّلتها كبريتات الكالسيوم على طول الصخرة بأكملها، بحسب ما شرحت «ناسا»، وهي علامة على أن الماء كان يمر عبر الصخرة في مرحلة ما.

كذلك توجد بين هذه الأوردة منطقة مركزية مائلة إلى الاحمرار مليئة بالمركّبات العضوية، وفق ما تبيّن بواسطة أداة «شرلوك» التي تحملها المركبة الجوّالة والمستخدمة لتحديد التوقيعات الحيوية على الصخور.

أما المؤشر الثالث، فهو أن بقعاً ضوئية صغيرة محاطة باللون الأسود، كتلك الموجودة على جلد نمر، لوحظت على الصخرة. وهذه البقع تشبه تلك المرتبطة بوجود الميكروبات المتحجرة، بحسب التحليلات التي أجراها جهاز «بيكسل» الذي يدرس التركيب الكيميائي.

وأوضح عالِم الأحياء الفلكية عضو فريق «برسفيرنس» العلمي ديفيد فلانيري أن «هذا النوع من السمات الموجودة على الصخور، غالباً ما يرتبط على كوكب الأرض بآثار متحجرة لميكروبات كانت تعيش تحت التربة».

وللتأكد من أنها تشكل دليلاً على حياة جرثومية قديمة، ينبغي تحليل هذه العيّنات في مختبر على كوكب الأرض. وتعتزم «ناسا» نقلها بواسطة مركبة أخرى من المقرر إرسالها في ثلاثينات القرن الجاري.