في إطار سعيهم إلى بحث مدى أمان أحد أجهزة تسخين التبغ التي تهدف إلى أن تحل محل طرق التدخين التقليدية، توصل باحثون في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) إلى تقنية جديدة تتسم بدقة أكبر لتقييم المواد الكيميائية الضارّة الناجمة عن استخدام تلك الأجهزة بحيث يمكن إضافتها إلى مجموعة الأدوات المستخدمة حالياً في رصد وتحليل السجائر المطورة التي تسمى «منتجات التبغ المُسخّن». ومنتجات التبغ المُسخّن هي منتجات تبغ تخرج رذاذاً يحتوي على النيكوتين ومواد كيميائية أخرى يستنشقها المدخن عن طريق الفم.
تسخين التبغ
كشف بحث «كاوست» الذي نُشر في مجلة «توباكو كونترول» Tobacco Control، أن جهاز تسخين التبغ المعروف باسم «أقلعتُ عن التدخين» (IQOS) يبعث مواد كيميائية قد تنطوي على ضرر أكبر من تلك التي تكشف عنها الشركة المُصنّعة.
وجدير بالذكر أن جهاز IQOS يعمل عند درجة حرارة أقل من السجائر العادية؛ إذ يسخّن أعواد التبغ حتى 300 درجة مئوية تقريباً، في حين تحرق السجائر العادية التبغ عند 900 درجة مئوية. كما يختلف الجهاز أيضاً عن السجائر الإلكترونية التي تعتمد على تسخين سوائل تحتوي على النيكوتين.
وقد طوّرت شركة «فيليب موريس الدولية» Philip Morris International جهاز IQOS وطرحته في الأسواق في عام 2014، وتزعم الشركة أن الجهاز يوفر بديلاً أكثر أماناً للتدخين التقليدي استناداً إلى أبحاث أجرتها الشركة، إلى جانب أبحاث أخرى. وتشير هذه الأبحاث إلى أن الجهاز يقلّص بشكل ملحوظ التعرّض للسموم مقارنة بالسجائر العادية التي تحرق التبغ.
وفي هذا الصدد يقول دراجوس إيليس، طالب الدكتوراة في «كاوست»: «أردتُ تقييم مزاعم الشركة، وهو ما دفعني إلى تقديم اقتراح لمُشرفي الدكتور ماني ساراثي، أستاذ الهندسة الكيميائية المشارك في (كاوست)، بإجراء دراسة مستقلة».
تمحورت الأفكار التي تبادلها طالب الدكتوراة ومشرفه حول المقاربات المختلفة لتحديد المواد الكيميائية التي تنبعث من أعواد التبغ المسخَّنة. ووجد الباحثون نقاط قصور خطيرة في الطريقة المستخدمة سابقاً والمعتمدة على تقنيات جمع العينات وتحليلها لاحقاً، لأن هذه التقنيات لم تتمكن من تحديد جزيئات محتملة الخطورة مثل مركبات الكربونيل القطبية التي تتسم بتفاعليتها وسرعة زوالها.
ابتكر الفريق طريقة آنية لإجراء «التحليل الكروماتوغرافي» للحالة الغازية وتحليل الكتلة بواسطة مقياس الطيف (chromatography mass spectrometry analysis)، لجمع الأبخرة مباشرة من أعواد التبغ المسخَّنة. ويفصل هذا التحليل الخلائط الكيميائية ويحدد المكونات على المستوى الجزيئي، ويقوم على مبدأ أن الخلائط ستنقسم إلى مواد منفصلة عند تسخينها، وهو من أكثر الأدوات دقة في مجال تحليل العينات البيئية.
مركبات سامة
وقد سمحت هذه الطريقة للباحثين برصد جزيئات صغيرة لم تكن لتبقى في الحالة الغازية وقتاً كافياً لرصدها بواسطة التقنيات المستخدمة سابقاً. وقد فوجئ الباحثون برصد 62 مركّباً لم تظهر منها سوى 10 مركّبات فقط في الاختبارات التي أجرتها شركة فيليب موريس الدولية.
ومن بين المواد الكيميائية التي اكتشفها الباحثون مركّب ثنائي الأسيتيل السامّ، و3.2 بنتانيديون، وهيدروكسي ميثيل فورفورال، وفثالات ثنائي إيثيل هكسيل التي ربما تكون أشدّ تلك المواد خطورة، إذ قد تسبب الإصابة بمرض السرطان.
يقول ساراثي معلقاً: «من الضروري رصد وتحديد أي مواد سامة ومسرطِنة تنبعث من هذه المنتجات الجديدة المعتمدة على تسخين التبغ»، ويأمل أن تكون النتائج التي توصلت إليها الأبحاث المستقلة في «كاوست»، دافعاً للتعاون مع شركات التبغ للوقوف على المخاطر الصحية لمنتجاتها الجديدة، والتعرف إلى كيفية الحدِّ من تلك المخاطر.
ويضيف إيليس: «نهجنا الجديد لتحديد المواد الكيميائية الناتجة عن تسخين أعواد التبغ قد يساعد أيضاً على تحسين التشريعات المتعلقة بالتبغ حول العالم، فهي إضافة جديدة لمجموعة التقنيات التحليلية المستخدمة في الكشف عن المواد الكيميائية الضارة التي لم تكشف عنها التقنيات السابقة».
وتجدر الإشارة إلى أن منظمة الصحة العالمية كانت قد أكدت في بيان لها صادر العام الماضي، أن الحد من التعرض للمواد الكيميائية الضارة في منتجات التبغ المسخّن لا يجعل منها منتجات غير ضارة، ولا يفضي إلى انخفاض المخاطر على صحة الإنسان. وأضاف البيان: “وفي الواقع، فإن نسب بعض المواد السميّة التي يحتوي عليها الضبوب الذي يتولّد من منتجات التبغ المسخّن أعلى من تلك الموجودة في دخان السجائر التقليدية، كما أن ضبوب منتجات التبغ المسخّن يحتوي على مواد سميّة أخرى غير موجودة في دخان السجائر التقليدية».
باحثون من «كاوست»: التبغ المسخّن خطر قائم بلا دخان
أحد بدائل السجائر يتسبب في انبعاث مواد كيميائية سامة
باحثون من «كاوست»: التبغ المسخّن خطر قائم بلا دخان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة